الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنك للمأسورين محرر

امال طعمه

2014 / 5 / 5
الادب والفن


إنك للمأسورين محرر..
تلك جملة من ترتيلة تقال في عيد القديس جاورجيوس ..لاحت تلك الكلمات بخاطري فغدا عيد الخضر مار جريس حسب التقويم الشرقي، يقام في هذه المناسبة قداس احتفالي في مقام الخضر ببلدة ماحص الأردنية وغيرها ..تعودنا على الذهاب الى المقام في عيد الخضر ..حيث يأتي اليه أعداد هائلة من المسيحين(وغير المسيحين!) في هذا اليوم .. وينتهي احتفالنا بالعيد برحلة في الربوع الخضراء القريبة ..وقد اشترينا ضمة وأكثر من الحاملة (حمص) لنأكلها تحت ظل الأشجار..

مقام الخضر غرفة صغيرة فيها بابان صغيران وقليلا الارتفاع واحد للدخول وواحد للخروج، داخل المقام يوجد ايقونات للخضر ومكان اضاءة الشموع .. شموع تحترق .. ويتعانق نورها من بعيد مع أمل أو رجاء حار لشيء ما في قلب ما يتحقق! في العيد وأنت خارج من المقام بعد أن تتلو صلواتك ونذورك ! يهدونك شريطة صغيرة خضراء ترمز الى الخضر.

لدي في منزلي العديد من تلك الشرائط ..تجمعت عبر السنين.

بعد الإنتهاء من الصلوات ..يحين وقت التسوق ! فالعديد من الباعة يعرضون بضاعتهم أمام السور الأمامي للمقام ..تذكارات دينية ..فاكهة الموسم..وورق الدوالي(ورق العنب) والذي اعتاد أهلي شراءه من هناك في كل سنة.

تعودت الذهاب مع أهلي الى أنه في الثلاث سنوات الماضية لم أتمكن من الذهاب للأسف، رغم كل التحضيرات المسبقة!

استذكر أحداث أخر مرة ذهبت فيها الى هناك منذ ثلاثة سنين ، صوت التراتيل وضجيج الناس والباعة والحر الشديد، واحداهن تسألني عن حال أمي التي رحلت! أوالتي انفك أسرها من هذي الحياة ولم يكن لها زمن كثير بعد أن تحررت روحها من جسدها!
كنت حينها في ضيق شديد ..فغصة الألم والحزن للفراق مازالت في أوجها ..وخواطر الأسى سطرها الموت المفاجئ في مخيلتي .

ذلك اليوم ..أحببنا ان نمضي فيه كالمعتاد..وكأنه ليس هنالك حزن ولا أسى!
كان أخي يحاول تغيير الأجواء ..وعدنا كلنا بتحضير تلك الأكلة الإيطالية الشهية التي أحبها والتي يتقن صنعها ..كان موجودا في الاحتفال لكنه لم يكمل المراسيم التي اعتدنا عليها معنا فأثر أن يذهب لتحضير ما يلزم لتلك الأكلة !
غادرنا منطقة الاحتفال ولم تغادر الذكريات قلوبنا!


تفاصيل أخر الأيام وأخر ليلة وبداية نهار أمسى الى وداع..أخر الكلمات ..أخر الإشارات..أخر حلم له معنى غريب..ندم وأسى وحرقة .. كل هذا واكثر استذكرناه..فكانت العيون تفيض ألما والقلب يدمع ..هل يجب أن يأتي الموت هكذا دونما سابق اخطار..أم أننا لا نفهم الإشارات! فكأنما الحياة نفسها تشير الى ضدها، الموت!

جاء موعدنا مع ذكريات أخرى ..تأتي وألم أخر! في نهاية يوم الاحتفال بعاضد المساكين ومحرر المأسورين!
كان الوقت قد صار مساءا وكنا نرتشف القهوة هذه المرة على شرفة منزلنا أنا وزوجي..حين رن جرس الهاتف الخلوي ..وأحسست باضطراب لم أدر حينها لماذا؟
مين ..ليش؟ مستشفى ..خدر في رجله ..إيده ..طيب أنا جاي!
نهض زوجي لارتداء ملابسه استعدادا للذهاب الى ذلك الصرح الطبي للإطمئنان على المريض الذي خدرت يده أو رجله ! لم تتوضح حالته بعد ويرفضون اعطاء معلومات..
وما كان أن استعد حتى رن الهاتف مرة أخرى وسمعت ماقاله أخي ..
خلص مفيش داعي للإستعجال ..تعيش إنت!


لقد تحرر أسر شخص أخر في هذا اليوم ..هذه المرة شاب بكامل عافيته ..هادئ الطباع طيب القلب..
ذهب الى الطبيب على قدميه وغادر على حمالة!
قالت أخته لو أني كنت هناك حينها لعرفت أن ما أصابه هو أعراض الجلطة ولكان اختلف الأمر ..ولو ..ولو! سكت رغم أني وددت أن أقول لها : لكنك لم تكوني وتلك هي النهاية المحتومة ،وربما لو كنت.. لن تفعلي شيئا ولن تعرفي ولن تستدلي وإن عرفت فإن الوقت حان وأزفت الساعة، ساعة الفراق الأليمة ..فالمكتوب مكتوب ..هكذا يقولون!

كان العيد يحمل ذكريات الإحتفال والأن أصبح يحمل ذكريات وداع أخير.

خرجنا من بوتقة حزن لم يمض عليه الزمن بعد ..إلى شرنقة حزن أخر مفاجئ غير متوقع رغم أن الموت في هذي الحياة هو الحقيقة الأكيدة والنهاية الحتمية في هذي الحياة!

في القداس الإحتفالي بالعيد ..يرتلون ترتيلة خاصة بالقديس جاورجيوس (الخضر) تقول كلماتها:
بما انك للمأسورين محرر ومعتق وللفقراء والمساكين عاضد وناصر وللمرضى طبيب وشاف وعن الملوك مكافح ومحارب أيها العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر تشفع الى المسيح في خلاص نفوسنا.
فهل بموته تحرر من الأسر ..أسر الحياة ..هل تحررت روحه ذلك اليوم من صخب الحياة والشوق الى المجهول! واللهث وراء اللاشيء!

في الموت تحرر وانعتاق من سيطرة جسد للأبد..فكأن الموت حرية مفروضة ..لا نريدها!

وتمضي الأيام كما تشاء ..ويأتي في كل سنة العيد ..حاملا معه ذكريات نحِنُ لها..وذكريات نحزن لها..هكذا هي الحياة مشاهد ألغيت من فيلمها الى الأبد ..ومشاهد تعاد كل يوم بممثلين جدد وقدامى ..ونفس الخلفيات رغم اختلاف الألوان والمناظر!يتحرر بعض ممثليها من خدعة الحياة ويؤسر الباقين لدراما الحزن رغم بعض الأوقات الكوميدية المستقطعة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التهجم على كنيسة الخضر في بيت لحم
محمد بن عبد الله ( 2014 / 5 / 7 - 15:05 )
التهجم على كنيسة الخضر في بيت لحم أثناء عيد الكنيسة

https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=mQUPp2jKi_U

لا تعليق !

اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة