الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- الانفلات اللسانيّ و التلاعب اللغويّ - حوار مع المفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني في -بؤرة ضوء-- الحلقة الثالثة عشر من - العقلنة والإنعتاق الإنساني -

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2014 / 5 / 5
مقابلات و حوارات


" الانفلات اللسانيّ و التلاعب اللغويّ " حوار مع المفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني في "بؤرة ضوء"- الحلقة الثالثة عشر من " العقلنة والإنعتاق الإنساني "

من رواق الأدب والثقافة

27. : ماتكتبه من شعر ، هل تراه يلامس أخيلة أغلب الأجيال ؟
28. ما الهاجس الذي يعتريك كلّ مرّة و أنت تمارس الكتابة ؟

الجواب:
هذين السؤالين الذين عمدنا, اجتهادا , دمجهما في سياق واحد , قد يبدوان للوهلة الأولي فرعيين أو هامشيين , و لذلك فهما و للسبب ذاته , يمكن إكسابهما من الفاعليّة و النجاعة بالكيفيّة التي أثرنا بها سابقا مسألة تحريك ما يبدو هامشيّا في سياق أصناف الدلالة , التحريك الذي يمنح الهامشيّ من الاقتدار ما به يزيح المركزيّ و يخرّب هيمنته .
و إذ يتحرّك الاستفهام هنا بوجهيه , و جه التلقي ( يلامس أغلب الأجيال ...) و وجه معاودة الكتابة ( الهاجس الذي يعتريك كلّ مرّة ...) , فهو يتطابق بما يشبه الاتفاق مع ما تمّت الإشارة إليه من قلب لاتجاه العلاقة بين الكتابة / النص و القراءة / التلقي , لفائدة الانطلاق من الثانية عوضا عن الأولى , أي التوجّه من القارئ نحو النص و ليس العكس.
أمّا عن القراءة و القرّاء بصفة عامة , فإنّ شبكات نشر و توزيع المطبوعات الفكريّة و الأدبيّة في بلادنا يطلّ مشكلة شديدة التعقيد إلى ذلك الحدّ الذي تتماهى فيه مع الفوضى , و تفتقر للشفافيّة . ليكون بذلك الوسط المثالي الذي تنتعش فيه و تترعرع عصابات الإثراء الطّفيليّ و من بيروقراطيّة وزارة الثقافة و مرّوجيّ الورق . و هو الأمر الذي يجعل من المستحيل على صاحب الكتاب الأصليّ , الكاتب و المبدع أن يتقصى أثر منتجه , أو يعرف مصيره و مدى وقعه و تأثيره في المشهد الثقافي العام . و مع ذلك فإنّه أصبح بالإمكان , منذ اعتماد التداول الرقميّ للنصوص , رسم الملامح العامة لمدى تلقي النصوص و تكوين فكرة أوّليّة عن الحجم الكميّ للقراء و حول تصنيفهم النوعيّ .
و إن كان التركيز في سياق هذه المحاورة سينصبّ على تلقي النص الشعريّ بالخصوص , فإنّ التطرّق بالإشارة إلى ما عداه من النصوص لا يفتقد بدوره إلى بعض الأهميّة , و هو يدخل كذلك في إطار رؤية الجهة الأخرى من الثنائيّة موضوع القلب في شأن العلاقة بين الهامشيّ و المركزيّ .
فالنصوص التي كتبت و التي هي الآن بصدد الإنجاز. و قد بدأت نشرها منذ ما يقارب عن 15 سنة في أشكال مختلفة بالتعاقب و التزامن و هي الصحفيّ فالكتابيّ فالرقميّ, تنقسم إلى ثلاثة أصناف و هي كالتالي:
ـ المقالات الصحفيّة المطوّلة في مناقشة القضايا الكبرى كالهويّة و الامبرياليّة و العولمة و الاقتصاد... و التي يجمع بينها خيط رابط هو مراجعة الثوابت و المسلّمات التي بنت عليها الأجيال السابقة مشاريعها المجتمعيّة , و التي لم تراكم إلى حدّ تاريخ قريب غير الإخفاقات و المآزق النظريّة و العمليّة . و هي مقالات تراوح بين التحليل النظريّ و الوقائعيّ , و الدعاية و التحريض على الإمساك بالحداثة و التقدم من أبعاده المتعددة , التقنيّة الاقتصاديّة و الاجتماعيّة و الفكريّة و الجماليّة , من أجل تجاوز ما شرّعت له اليقظة العربيّة الأولى و ما تلاها من سير أعرج لسياسات بدون فكر و مجتمعات بدون مواطنين ؟؟؟
ـ أمّا الصنف الثاني من النصوص فهو البحوث و المقالات الأدبيّة النقديّة و التأويليّة , في الرواية و الشعر و السينما و الرسم... و منها ما تناول نقد خطاب النقد الأدبيّ نفسه . و قد نشرت هذه المقالات في صحيفة محليّة و في مجلاّت محكّمة مشرقيّة. و قد تطوّر هذا المسار بالتراكم في اتجاه نشر المقالات ذات الوحدة العضويّة في إطار كتاب أوّل " مرافئ أوليس...», و كتابين آخرين في طريقهما للنشر.
هذا و إن كانت المقالات ذات الصبغة السياسيّة و الدعائيّة تجد قرّاءها في واحد من أكثر الصحف التونسيّة انتشارا , فإنّ المقلات الأدبيّة فإنّها بحكم تخصصها فإنها تستهدف بالضرورة نخبة محدودة من القرّاء في أوساط الأدباء بجميع أجيالهم , و هي تلقى عموما صدى إيجابيّا بالتثمين أو النقد لصبغتها التجريديّة أو لجرأتها .
ـ أمّا الصنف الثالث من الكتابات فهو مجموع الشذرات التي تكتب بنسق متواصل على الورق العادي او على صفحات شبكة التواصل الاجتماعيّ , و هي التي تحظى بعدد يزيد أو ينقص من المتلقين , و هي تقريبا القطاع الوحيد الذي يمكن تقييمه بالإحصاء و التصنيف العمريّ و غيره . و هو يشمل طيفا عمريّا واسعا من القرّاء و إن كان بدرجة متفاوتة حسب اختلاف القضايا المطروحة و الاهتمامات .
و تتمثّل هذه الشذرات في ما يمكن أن أسمّيه بـ " ارتجالات الهباء المنثور " , و هي عبارة عن بعض الأسطر من " النثر الفنيّ " التي اخترت لها أن تكون مقتضبة مكثّفة , لتتلاءم مع طبيعة القراءة التداوليّة السريعة , كما أحرص أن أدخل عليها بعض الإيقاع و التنغيم بالسجع أو بالتقفية تنشيطا لذاكرة القارئ و تسهيلا عله بالحفظ و الاستخدام , و زيادة في المفعول و الأثر . و هي التي تستجيب أكثر من مسارات الكتابة الأخرى إلى الوجه الثاني من السؤال المطروح حول «هاجس معاودة الكتابة ".
و إذ تكاد " ارتجالات الهباء المنثور " -ـ و هذا العنوان تم اختياره من إحدى الشذرات النصيّة ـ تختصّ بالانتجاع الكتابيّ في حقول كلّ ما هو عاطفيّ و جماليّ , و بتواتر الخوض في شأن مقولة / قيمة " الحب" بالمعنى الذي يحاول أن يقاربه النصّ التالي :
" و يسألك القارئ الافتراضيّ ـ الرّهيب , الرّقيب ـ : لماذا أنت تكتب دائما عن الحبّ ؟ و لماذا لا تمشي قصصك فيه إلى النهايات السعيدة . أجبه : أنّ الحبّ هو حصانك المسرج بالجموح , لفكّ أسر الحدائق المسيّجة بأشواك المحظور .... لكي تستعيد الورود هويّتها البريّة , و ينفتح للأمل أفق السهوب... ذلك أن نهاية القصص لا تنبت غير أضلاع الحصون " . 23 /03 / 2014 .
أو :
" أعرف أنّني مهزوم في حروب عينيك ...إلاّ أنه قدر أبطال الترجيديا يلزمني بسرقة النّار ".
و عليه فإنّ الهاجس الكامن فيها , و الدافع لها هو تحقيق المتعة باعتبارها المحرّك الذاتيّ النفسيّ , الأعمق و الأكثر إصرارا على البقاء و الاستمرار , و إلحاحا على الظهور أو الانفلات اللسانيّ , بحسب النظريّة الفرويديّة . المتعة بما هي سعي دؤوب إلى الإشباع و التحقّق و الامتلاء بأجمل ما تتوفّر عليه الحياة من أبعاد تنشدها الكينونة . و هو ما تصرّفه الكتابة الإبداعيّة بضرب من " التلاعب اللغويّ" أو اللعب باللغة , مع ضرورة الإشارة إلى ذلك التلازم بين اللعب / الرغبة و اللعب / النزوع النفسي نحو تحقيق الذات . و قد اختارت هذه الممارسة الكتابيّة أن تتوجّه في سياقات تجريبها الابداعيّ نحو إعادة صياغة المفاهيم و المقولات و القيم التي يرد لها أن تكون متعالية , كالحبّ و الحريّة و الجسد و السعادة و الوفاء و غيرها , و ذلك بتخريبها و هدمها , و قلبها و تقليبها, في سياقات من " الامتاع و المؤانسة " , من أجل استعادة انغماسها في صلصال الحياة و إروائها بنسغ الوجود . و العمليّة في حالتنا هذه شبيهة بـ , أو هي تقترب من صورة الاختلاف بين نوعين من اللعب الطفولي : نوع أوّل تقليدي نظاميّ , يقف عند الاستمتاع باللعبة التي تقدّم أو تهدى كما هي و إبقائها للذكرى , أو التخلّي عنها عند استبدالها بأخرى جديدة , أما الثاني فهو ذلك اللعب المسكون بدهشة المعرفة , و الذي يتعاطى مع اللعبة بالتهشيم و التفكيك من أجل التعرّف عن آليات اشتغالها و مكوّنات هيكلها , و الكشف عن مكامن أسرارها و سحرها . ليكون بذلك اللّعب الأوّل تكرارا جامدا لشكل من الاستمتاع النمطيّ و هو يعيد إنتاج التراتب الاجتماعيّ , بينما يكون اللّعب الثاني مجالا لمتعة , هي الشروع في الخلق بالهدم و البناء , باكتساب المعرفة و القدرة على الابتكار و الإعداد للانتقال من مرحلة الاستهلاك السلبيّ للعبة إلى مرحلة صنع " لعبتك الخاصّة " .
و في خلاصة القول , نحن نعتبر أنّ هذه اللّعبة اللّغويّة ـ الطفوليّة , هي بمثابة مضمار حيويّ للتجديد و التجدّد , به نسعى إلى تجاوز المأزق المعرفيّ الذي يتخبّط فيه " العقل العربيّ " من خلال اكتفائه بتقديس المأثور , أو بالتقليد و النقل عن الآخر الثقافيّ المتفوّق , و قبوله بالانسحاب الطوعيّ من حلبة المنافسة الكونيّة حول إنتاج المعارف , و تفويته الفرص على نفسه في الفعل التاريخي الإنسانيّ ؟؟؟


انتظرونا والمفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني عند رواق الأدب والثقافة وسؤالنا " 29.هل برأيك مازال هناك أعلام نقدية رصينة معروفة بمنجزها النقدي وتاريخ أدبها الرصين في تاريخ الحركة الثقافية العربية ؟

"- الحلقة الرابعة عشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الوزراء أتال يقدم استقالته للرئيس ماكرون الذي يطلب منه


.. مدير الشاباك الإسرائيلي يتوجه لمصر لمواصلة المحادثات بشأن وق




.. قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على جنوبي غزة وسط توغل بري وإطلاق ل


.. قراءة عسكرية.. فصائل المقاومة تكثف قصفها لمحور نتساريم.. ما




.. هآرتس: الجيش الإسرائيلي أمر بتفعيل بروتوكول -هانيبال- خلال ه