الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذه أسرار إقالة بندر بن سلطان من رئاسة جهاز المخابرات

رياض الصيداوي

2014 / 5 / 5
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


رياض الصيداوي : هذه أسرار إقالة بندر بن سلطان من رئاسة جهاز المخابرات

سؤال: الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز أعفى الأمير بندر بن سلطان أمس من مهامه كرئيس للاستخبارات السعودية وتعيين يوسف الإدريسي مكانه، ما هي الأسباب المرجحة لإعفاء الأمير بندر من هذا المنصب الحساس داخل المملكة؟

جواب: السبب الأول بدون شك، وقطعا ويقينا هو فشل بندر الذريع في سوريا، لأن بندر استثمر وأخذ من ميزانية الدولة السعودية مليارات الدولارات لزعزعة الأمن في سوريا ولإسقاط نظام بشار الأسد وكان ذلك كهدف استراتيجي للعائلة الحاكمة في السعودية، وشكلت داعش وجبهة النصرة وتم تجنيد مرتزقة وإرهابيين عربا وغير عرب من جميع أصقاع العالم بالمال السعودي من أجل إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.

الآن دارت الدورة بالاتجاه المعاكس بحيث انتصر الجيش العربي السوري وحقق انتصارات كبيرة جدا، وعادت سوريا إلى المحفل الدولي ثم حتى أنه تم استبعاد الائتلاف من الجامعة العربية عندما انعقدت مؤخرا في الكويت، وأن العلم السوري الأصلي أي علم الوحدة هو الذي وضع في المكان الشاغر.

هذا يعني أنه يجب أن يكون في السعودية داخل العائلة الحاكمة كبش فداء، وبندر بن سلطان هو كبش الفداء. وكما هو معروف أن أمه جارية، أي ليست لديه قبيلة من ناحية الأم قوية لكي تدافع عنه، وقوته كانت من مدى التصاقه بإدارة جورج بوش حيث أنه سمي أيضا ببندر بوش لشدة علاقته بجورج بوش الابن، فكانت هذه قوته الأساسية، ومن ثم سلم جهاز المخابرات الذي يتحكم بأموال طائلة ومهمته في السعودية هو الإشراف على العمليات الخارجية. ذلك أن العمليات الداخلية يقوم بها محمد بن نايف صاحب وزارة الداخلية وقوات الأمن الداخلي.

أما المخابرات الخارجية فهي تمتلك سيولة نقدية هائلة لزعزعة أمن دول عربية والتدخل في شؤون العالم. ومن المعروف أن المخابرات السعودية تدخلت في أماكن كثيرة في الوطن العربي وحتى في غير الوطن العربي، ونذكر تدخلها حتى في أمريكا اللاتينية حينما مولت حركة "الكونتراس" المعادية للجمهوريات الديمقراطية المنتخبة، أيضا في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي، وفي كل مكان تقريبا، في لبنان وفي العراق واليوم في سوريا.

إن فشل بندر الذريع في تحقيق أي نصر كان في سوريا أدى به لأن يكون كبش فداء للعائلة. نذكر أيضا أن بندر بن سلطان أبوه سلطان هو من جناح السدارى في العائلة الحاكمة. وجناح السدارى في السعودية يتلقى الآن ضربات كبيرة جدا حسب مخطط خالد التويجري مهندس سلطة عبد الله بن عبد العزيز وابنه متعب بن عبد الله.

نرصد اليوم خطة واضحة لضرب جناح السدارى وخاصة بعد تعيين مقرن بن عبد العزيز كشخصية ثالثة في النظام، أي بعد الملك عبد الله يأتي سلمان ولي العهد وهو مريض جدا ومن ثم مقرن. وهذا الأخير أمه جارية أيضا وكان رئيسا للمخابرات. وكما نعرف فمسؤول المخابرات يعين مباشرة من قبل الملك. وأم مقرن جارية وبالتالي ليست لديه قوة تذكر من ناحية الدعم القبلي من جهة الأم، وتعيينه شكل مفاجأة كبيرة. وحسب رأيي ربما هذا أهم بكثير من استبعاد بندر بن سلطان لأنه يعني أن المخطط أصبح واضحا وهو إيصال متعب بن عبد الله رئيس الحرس الوطني كولي للعهد، وكسيناريو بعد وفاة الملك الذي هو مريض جدا ويعيش اليوم بالأوكسجين، وسيكون سلمان لفترة قصيرة، وسيكون مقرن ولي العهد الذي لا يمتلك نفوذ الحرس الوطني ولا قبيلة تدعمه باعتبار أن أمه جارية ولا يمتلك قوات مسلحة، لذلك سيمهد الطريق للإتيان بمتعب بن عبد الله أي وزير الحرس الوطني الحالي وابن عبد الله بن عبد العزيز.

سؤال: إن قراءتك تلتقي مع ما تعتقده أوساط مقربة من السلطات السعودية بأن الأمير بندر استاء من سحب الملفين السوري والايراني منه، الأمر الذي دفعه إلى مغادرة المملكة ولم يعد منذ ذلك الحين، كما لوحظ أنه كان غائبا عن اللقاء الذي تم مؤخرا بين العاهل السعودي والرئيس الأمريكي باراك أوباما. سوريا اعتبرت بأن إعفاء السعودية للأمير بندر من مهامه كرئيس استخبارات يشكل إشارة على تهاوي ما اعتبرته التحالف الشيطاني ضدها، وإن ما وصفته بالبيدق الأمريكي وأمير الظلام الوهابي فشل في مهمة إسقاط دمشق وانتهى على غرار أمير قطر ويلتقي أيضا مع ما طرحته حضرتك، برايكم بعد هذا التغير هل يمكن أن نشهد تحولا ما في الدور السعودي في السياسة الإقليمية وتحديدا فيما يتعلق بالأزمة الدائرة في سوريا حاليا؟

جواب: أنا أعتقد أولا للتذكير أن بندر بن سلطان كان صاحب مشروع زعزعة سوريا قبل بكثير من اندلاع أحداث الربيع العربي، ووفر مليارات الدولارات لهذا المشروع لضرب أمن واستقرار سوريا. ولكن المخابرات السورية كشفت ذلك، وأعطت معلومات للملك عبد الله، آنذاك كانت علاقاته جيدة جدا مع الرئيس بشار الأسد، وعلى ضوء ذلك غضب الملك عبد الله وطرد ابن أخيه بندر الذي كان وزيرا للأمن القومي وعاش مهاجرا في أمريكا متمارضا بعيدا عن أي مسؤولية، لأن الملك عبد الله غضب منه غضبا شديدا، حيث كان دائما يقول الملك عبدالله إن بشار الأسد صديقي، والآن مرة ثانية يتم الغضب عليه بشدة ويعتبر أنه فشل في مشروعه القديم الجديد الذي أخذ فرصة بضغط أمريكي ولكنه فشل مرة أخرى، مما جعل قوة أخرى متربصة به تطفو على السطح.

بالتأكيد الآن السعودية ستراجع حساباتها في سوريا، وليست فقط السعودية من يفعل ذلك حيث نرى أن فرنسا أيضا بدأت تراجع حساباتها، وبريطانيا وأمريكا، وأيضا قطر نفسها التي غيرت أميرها لأنه يعتبر أكثر عداوة، والأمير الجديد تميم أرسل أكثر من وسيط للرئيس بشار الأسد حتى يتم الصفح ومن أجل أن تطوى صفحات الماضي وتقام علاقات جديدة بين سوريا وقطر.

وأعتقد أن السعودية وجزءا من العائلة الحاكمة وصلت إلى قناعة أن كل رهاناتهم وأموالهم الطائلة التي ضخت من أجل إسقاط النظام في سوريا فشلت فشلا ذريعا، وداخليا لا بد أن يدفع أحد هذه الضريبة ليكون هناك كبش فداء وهو بندر بن سلطان. ولكن لا بد من التأكيد أن ما يحدث الآن داخل العائلة السعودية هو حالة صراع شديد، وارتباك شديد جدا في تنظيم فترة ما بعد عبد الله، وثمة من يتنبأ بإمكانية أن يخرج الصراع إلى العلن ويصبح صراعا مسلحا بين الأجنحة القوية للنظام، أي بين جناح السدارى وعلى رأسهم محمد بن نايف الذي يمتلك قوات الداخلية وجناح عبد الله بن عبد العزيز الذي يمتلك وزارة الحرس الوطني.

سؤال: بالعودة إلى بيان إقالة الأمير بندر، حيث صيغة القرار الملكي تشير إلى أن تولي الإدريسي لهذا المنصب سيكون بشكل مؤقت، حيث نص الأمر الملكي ينص على أن يكلف بالقيام بعمل رئيس الاستخبارات العامة وليس كرئيس للاستخبارات، لكن أيا يكن تطور الظروف لاحقان فبرايكم ما دلالة تعيين رئيس الاستخبارات السعودية من خارج الأسرة الحاكمة منذ 37 عاما؟

جواب: كان تركي الفيصل المقرب من الملك هو الذي يمسك جهاز المخابرات، هذا الجهاز الذي كما قلنا يمتلك أموالا طائلة ويستطيع أن ينفق مليارت الدولارات عبر مشاريع تآمرية في دول عربية وأجنبية وإلى آخره، أي أنه يمتلك سيولة نقدية كبيرة، وهو من أنشأ على سبيل المثال القاعدة في أفغانستان، ومول ونظم التنظيمات الجهادية في أفغانستان، ونفس الشيء تتهمه السلطات العراقية بالوقوف وراء التفجيرات في العراق، ونفس الشيء يتهمه النظام السوري بذلك وفي لبنان أيضا، وحتى في الجزائر، ثمة من اتهم المخابرات السعودية بالوقوف وراء العشرية الحمراء في الجزائر، وقد قالت الزميلة حدة حزام مديرة جريدة الفجر بصراحة للسفير السعودي نعم أنتم من مولتم الإرهاب في الجزائر.

هذه أول مرة يأتي شخص من غير العائلة الحاكمة ليستلم جهاز المخابرات، وهذا يعني ثمة صراع شديد جدا أيضا بين طموحات الأمراء على من يأخذ هذا المنصب ومن يرث هذا المنصب من بندر بن سلطان. لقد كان مقرن أيضا مسؤول المخابرات وقبله تركي الفيصل مسؤول المخابرات، إذاً الصراع حاد، وفي هذه الحالة يأتون بشخص غير معروف إلى أن يحسم الصراع. ولكن الصراع ليس فقط على منصب رئيس المخابرات وإنما الصراع أشمل بكثير، وهو بين الأجنحة بهدف من سيسيطر نهائيا على الدولة السعودية ويرسخ نفوذه.

فهل يستطيع أن يستعيد جناح السدارى نفوذه وقوته أو يواصل خالد التويجري في ترسيخ هيمنة جناح عبد الله بن عبد العزيز وخاصة بإيصال متعب بن عبد الله قائد الحرس الوطني السعودي حاليا حتى يكون وليا للعهد وبالتالي ملكا قادما على السعودية. الوضع معقد جديا وهناك حالة صراع كبير جدا بين الأجنحة والأمراء، ويجمع كل المراقبين على أن الوضع السعودي كارثي وعلى حافة الانفجار، وفقط الأيام والأسابيع القادمة ستبين لنا أي هذه الأجنحة سيرسخ نهائيا نفوذه ضد الجناح الآخر.

سؤال: منذ بدء الحرب على سوريا وبندر بن سلطان هو عنوانها، بعد إقالته من هذا المنصب كيف ستكون ملامح السياسة السعودية الجديدة تجاه سوريا؟

جواب: أعتقد أن السياسة الانتحارية التي مارسها بندر وهي الأرض المحروقة ونشر الخراب والدمار في سوريا وتجنيد المرتزقة من كل أنحاء العالم وإرسالهم إلى سوريا ودفع أموال طائلة من أجل تدمير سوريا، كل هذا فشل أمام انتصارات عسكرية قام بها الجيش السوري. وحتى محاولة شراء ضباط واللعب على الوتر الطائفي السني الشيعي العلوي المسيحي فشلوا بذلك لأن الضابط السوري بقي وطنيا مخلصا لوطنه ومدركا لحجم المؤامرة الدولية التي حصلت على دمشق. أنا أعتقد على الأقل أن جناح عبد الله والتويجري ومتعب بن عبد الله يفكرون في إيجاد نوع من إعادة العلاقات مع سوريا وترميمها، وخاصة أن جناح عبد الله لا يعتبر نفسه معاديا لسوريا مثل جناح السدارى الذي تورط أكثر من غيره في معاداة سوريا.

الملك عبد الله كان يعتبر نفسه صديقا للرئيس بشار الأسد ونفس الشيء طلال بن عبد العزيز والوليد بن طلال الذي لديه استثمارات في سوريا، أي الأمراء غير السدارى بشكل عام لم يكونوا حاقدين على الأقل أو معبأين ومجيشين مثل جناح السدارى ضد دمشق.

الآن حسب رأيي السعودية إن أرادت أن تلتجأ إلى الواقعية السياسية فمن المفترض أن تفعل مثل قطر، أي أن تنسحب خطوة إلى الوراء بل خطوات أخرى إلى الوراء تجاه ما فعلته في سوريا حيث شكلت خرابا كبيرا ومولت دمار كثيرا في هذا البلد. ولكن سوريا تنتصر، ولكن كما قلت من البداية لا بد من كبش فداء داخليا حتى تبرر السياسة الجديدة السعودية وهي البحث عن نوع من التراجع وربما في مرحلة أولى، وربما في مرحلة ثانية للتصالح مع النظام في سوريا.
حاوره: فهيم الصوراني لإذاعة صوت روسيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم