الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرح بين نظرية الإلزام و مطلب الإلتزام

سمير الزغبي
كاتب و ناقد سينمائي

(Samir Zoghbi)

2014 / 5 / 5
الادب والفن


مما لا ريب أن المسرح هو أبو الفنون ، فالحضارات رسخت في التاريخ بما شيدت من مسارح ، و كل حضارة عريقة، كانت لها مسارح عبرت من خلالها عما بلغته تلك الحضارة من أفكار كونية ، تلك هي الغايات الأصيلة و السامية التي نشأ من أجلها المسرح الإغريقي و الذي كان مسرحا تراجيديا معبرا عن مأساة الإنسان و همومه الوجودية .

عرفت الحركة المسرحية في تونس منذ السنوات الاولى للاستقلال محطّات هامة إذ تم الحرص منذ ذلك الحين على تقريب الفعل المسرحي من الجمهور التونسي فكانت الدعوة سنة 1964 الى إنشاء جمعيات مسرحية بالمعاهد الثانوية كانت بمثابة المدارس التكوينية في هذا المجال. ساهمت هذه الجمعيات بصفة فعالة في صقل مواهب شباب الستينيات الذي كان يتوق الى تفجير طاقاته الابداعية ورسم الخطوط العريضة الاولى للمسرح التونسي ومن بين هؤلاء الشباب علي بن عياد والمنصف السويسي وحمادى الجزيري. لانطلاقة الفعلية للحركة المسرحية في النصف الثاني من القرن العشرين ظهرت مع انتشار الفرق الجهوية منذ سنة 1967 والداعية الى ايجاد مسرح جوال يعمل على كسب الجمهور وتعويده على متابعة الاعمال المسرحية التي كان اغلبها مقتبسا من الاعمال العالمية ومن بين هذه الفرق فرقتا قفصة والكاف. ببروز العديد من الأسماء والفرق المسرحية في الثلاثينات والاربعينات وخاصة في الخمسينات حيث حرص حسن الزمرلي على تكوين الممثل واسس المعهد الوطني للتمثيل. كذلك شهدت الحركة المسرحية في تونس نقلة نوعية بظهور أسماء ساهمت في اضفاء مسحة تجديدية امثال محمد الحبيب ومحمد عبد العزيز العقربي وعلي بن عياد الذي يعتبر علامة مضيئة في المشهد المسرحي التونسي(المرجع وكالة تونس أفريقيا للأنباء).
إلا أن هنالك إشكال يطرح في هذا المستوى وهو متعلق بالمهام التي يمكن أن يضطلع بها الفن المسرحي، هل أنه من الضروري الخضوع إلى بعض الإلزامات كإرضاء رغبة الجمهور، و الإقتصار على الكوميديا ، بإعتبار أنها تجلب أكثر عدد من الجماهير و تستجيب لرغباتهم ،و تثير لديهم بعض المشاعر من الترف؟ . إن مسرح الكوميديا ليس أفضل أنماط الأداء المسرحي، و لا هو كذلك أسوؤها. المعالجة لا تقف في هذا المستوى ، فكثيرا ما إضطلع مسرح الكوميديا بمهام نقد وفق أداء هزلي ، وإنطلاقا من إبداع فني محدد.
إن الإشكالات الراهنة للواقع العربي المعاصر، تفترض أن يقوم المسرح بمهامه، كرؤية للواقع. ومسؤولية و إلتزام تجاه قضاياه . فالمسرح كفن متصل مباشرة بالجمهور قادر على التعبير على هموم الوطن، بإضفاء بعد جمالي، فني. خاصة أن هنالك تجارب هامة. حفل بها المسرح العربي أثناء تاريخه الطويل . في تونس هنالك أعمال جادة في إتجاه المسرح الملتزم ، تم إنجازها ضمن فرق متعددة ، مثل فرقة قفصة بقيادة عبد القادر مقداد ، لكن لا نعرف لماذا لم تواصل هذه الفرقة إبداعاتها بنفس االكثافة ، و بنفس الحماس . لابد من إعطاء نفس جديد للمسرح ، حيث يعاد الإعتبار للأعمال الجادة، و بالخصوص الناطقة باللغة العربية الفصحى، و التي تطرح قصايا متصلة بواقع المجتمع ورهاناته . كذلك لا بد من تدعيم تدريس فن المسرح ،و إكتشاف المواهب في هذا المجال و في سن مبكرة. .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل