الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتنة - الكشح السورية - : هل يمكن للديكتاتوريات والأنظمة الشمولية أن تكون إلا طائفية و عنصرية !!؟؟

المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية

2005 / 7 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


16.7.2005
شهدت بلدة القدموس السورية ( 35كم شمال شرق ميناء طرطوس ) يوم الثلاثاء الماضي (12 تموز / يوليو ) حدثا يعتبر الأخطر من نوعه منذ حوالي ربع قرن ، إذا وضعنا الهبة الشعبية الكردية التي حدثت ربيع العام الماضي ، والتي تقع على خلفية أخرى ، رغم أنها في المحصلة النهائية ليست خارج السياق العام لتجليات الاحتقان العام الذي تعيشه سورية منذ سنوات عديدة نتيجة لممارسات الأوليغارشية الديكتاتورية الحاكمة.
فطبقا لأكثر الروايات تحفظا ، لكن أكثرها دقة ، قام عشرات المسلحين المنحدرين من الطائفة العلوية في القرى المجاورة لبلدة القدموس ( وبشكل خاص قرى : حمام واصل ، مشيرفة ، عين حسان ، الشعرة ، الطواحين ) بشن هجوم على البلدة المذكورة أسفر عن إحراق أكثر من عشرين محلا تجاريا وأربعة منازل تعود ملكيتها لأبناء البلدة المنحدرين في معظمهم من أبناء الطائفة الاسماعيلية ( إحدى الفرق الشيعية التي تشارك الطائفة العلوية المذهب الجعفري نفسه !!) . ووفقا لما رواه المناضل فائق المير أسعد ( وهو سجين سياسي سابق على ذمة حزب الشعب الديمقرطي السوري ، ومن أبناء الطائفة الاسماعيلية بحكم الولادة لا الانتماء) ، فإن بعض سكان البلدة من الطائفة العلوية بادر إلى الدفاع عن جيرانه الاسماعيليين ، الأمر الذي أدى إلى فقدان أحدهم حياته متأثرا بالضرب الوحشي الذي تعرض له على أيدي أبناء طائفته المعتدين !
وأكدت مصادر متطابقة على أن مدير ناحية القدموس ، ورموز السلطة الآخرين ، انحازوا بشكل سافر إلى صفوف المعتدين . الأمر الذي فاقم المشكلة وجعلها تتطور لتأخذ بعدا طائفيا سافرا قذرا بعد أن كانت على خلفية يعتقد أنها ذات طابع تجاري محدود . وقدرت هذه المصادر قيمة الخسائر بأكثر من مئة مليون ليرة سورية ( أكثر 2 مليون دولار ) . وجريا على عادته الدارجة والمزمنة في نشر الأكاذيب وتضليل الرأي العام داخل البلاد وخارجها ، وفي تغطية الشمس بغربال والسموات بالقبوات ، ادعى الإعلام السلطوي أن ما حدث " مجرد مشاجرة ... و حوادث شغب لبعض الشباب الطائش (استدعت) تدخل قوى الأمن الداخلي التي أوقفت مسببي الشغب .. " . علما بأنه ، وحتى ساعة إعداد هذا البيان ، لم يتم توقيف أي معتد . بل لجأت السلطة إلى إقحام المخابرات الجوية في الموضوع وكأن ما حصل محاولة انقلاب عسكري يقوده طيارون حربيون !!
وكانت مدينة مصياف ( 25 كم شرقي القدموس ) قد شهدت حوادث مشابهة في نيسان / إبريل الماضي على خلفية لا تختلف كثيرا عن خلفية الحدث الراهن . كل ذلك بعد عام وبضعة أشهر من الهجوم الدموي الذي تولاه الحرس الجمهوري وأجهزة المخابرات ضد عشرات الألوف من المواطنين الأكراد المحتجين على الاضطهاد الشوفيني ـ العنصري الذي يتعرضون له منذ عشرات السنين ، والذي أسفر عن اعتقال أكثر من ألفي مواطن وقتل وجرح وتشويه المئات منهم بالرصاص المتفجر المحظر استخدامه دوليا !
لقد حاول البعض ربط ما حصل في القدموس بعناصر سابقة من سرايا الدفاع التي كان يقودها رفعت الأسد . وذهب البعض الآخر إلى الإيحاء بأن هذا الاعتداء الهمجي يمكن أن يكون من تدبير المذكور في سياق التحشيد الطائفي الذي يقوم به " تمهيدا لعودته " ! وبغض النظر عن حقيقة أن تاريخ المذكور ارتبط بأكثر الممارسات الطائفية وحشية ودموية في تاريخ سورية المعاصر ، وأن " شمائله " لا تختلف عن " شمائل " أولئك الهمج الذين مارسوا هذا السلوك البربري ضد مواطني البلدة المذكورة ( فمدينة حماة لم تزل في البال !) ، فإن اتهامات وإيحاءات من هذا القبيل ، فضلا عن كونها غير صحيحة ، تصب بشكل مباشر في طاحونة الدعاية الرسمية وأكاذيبها عن " الأيادي الخارجية التي تعبث بالوحدة الوطنية الراسخة " !! وهو ما يشبه إلى حد كبير ، وليس بمحض المصادفة ، ادعاءات الأوليغارشية المصرية على خلفية أحداث بلدة " الكشح " في الصعيد المصري !
إن ما حصل في القدموس ، وما حصل سابقا في مدينة مصياف ، وقبلها في كردستان سورية ( الجزيرة وعفرين وغيرهما ) ، وما يمكن ( بل ومن المؤكد ) أن يحصل في المستقبل من مواجهات طائفية وقومية جوالة فيما بين المدن والبلدات السورية ، هو نتيجة منطقية وطبيعية جدا لعشرات السنين من تسلط النظام الديكتاتوري . بل من غير الطبيعي أن لا يحصل !
لقد عملت الديكتاتورية الحاكمة ، وكأي ديكتاتورية أخرى ، على مسخ الوطن وتحويله إلى مجرد فيدرالية أو اتحاد طوائف ومذاهب ، عبر أشكال دنيئة ورخيصة من سياسة التمييز الطائفي والمذهبي والقومي السافر في شتى مناحي الحياة العامة التي لا تبدأ في التعليم ولا تنتهي في إشغال المناصب المدنية والعسكرية . وقد تفاقم هذا الأمر مع تحول هذه الديكتاتورية إلى حكم أوليغارشي مخابراتي سافر ( حكم زمرة من اللصوص والقتلة ) ، يضع أيديه على مقدرات البلاد المادية والمعنوية ويجرد المواطنين ليس من حقوقهم المادية وحسب ، بل ومن صفتهم كمواطنين أيضا . وذلك إلى الحد الذي بات معه هؤلاء ينظرون إلى أنفسهم باعتبارهم مسيحيين ومسلمين ، أو علويين واسماعيليين ودروز ، أو عربا وأكرادا ، طالما أن ما يربطهم بالطائفة أو العشيرة بات أقوى مما يربطهم بالوطن ، وطالما أنهم لا يملكون من هذا الوطن شيئا .. باستثناء الزنزانة أو القبر !
إن ما حصل في القدموس وغيرها يقرع ناقوس الخطر وينذر بوضع كارثي يسير بالبلاد إلى الهاوية . ومن المؤكد أن الديكتاتورية الحاكمة هي آخر من يعنيه إيجاد الحلول المنطقية لذلك ، بالنظر لأن استمرارها بات مرهونا أكثر من أي وقت مضى بتعميق تفسخ المجتمع و تذرير مكوناته إلى عناصره الأولى السابقة لوجود الدولة والوطن ، وتفجير الصراعات الجانبية فيما بين هذه المكونات للحيلولة دون انصرافها إلى التفكير بالصراع مع السلطة الأوليغارشية الغاشمة .
وإذا كان ما حصل يدعو للأسف والقلق البالغين ، فإن استمرار جزء كبير من قوى المعارضة على أوهامها ، لا بل ومساهمتها في نشر هذه الأوهام القائمة على الاعتقاد بأن " النظام تخلص من الحرس القديم تماما وأصبح بإمكانه استئناف برنامجه الإصلاحي " ، كما كتب أحد مثقفي ونصّابي النظام العضويين من " اليسار الديمقراطي " مؤخرا ، هو ما يشكل الأخطر الأكبر على توجهات الرأي العام ووحدته باتجاه إحداث تغيير حقيقي في البلاد .
لقد آن الأوان ، وقبل وقوع الفاس في الراس ، أن يفهم هؤلاء أن بيوض الأفاعي لا تفقس حماما ولا عصافير !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغارديان تكشف نقاط ضعف في استراتيجية الحرب الإسرائيلية


.. تراجع مؤشر الاستثمار الأجنبي المباشر في الصين للمرة الثانية




.. حركة نزوح عكسية للغزيين من رفح


.. مصر تعتزم التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام -الع




.. ديفيد كاميرون: بريطانيا لا تعتزم متابعة وقف بيع الأسلحة لإسر