الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذكاء السياسي لجبهة النصرة

احمد عسيلي

2014 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مع كل اتفاقية بين النظام الأسدي و جبهة النصرة يخرج هذا النظام بوجه أكثر سوادا ، و يظهر أمام العالم ، و أمام السوريين ، بشكل ضعيف ، و مهتز ، و غبي ، ولتكن لدينا الجرأة للقول : إن هذا الأمر لا يحدث أبدا إلا مع جبهة النصرة ، فهي القوة الوحيدة التي ظهرت إلى الأن بشكل يفوق النظام من ناحية التكتيك السياسي ، و أهانت النظام بأماكن عديدة ، و كلنا يذكر صفقة تبادل الراهبات و التي كان يتوقع النظام من خلالها نصرا إعلاميا مدويا باعتباره حامي الأقليات ، و المتاجر الأكثر ذكاءا بهذه الورقة ، و كيف ارتد الأمر عليه بشكل مثير للسخرية ، و آخر هذه الصفقات كانت إمداد مناطق النظام في حلب بالكهرباء مقابل وقف القصف ، فمن مدلولات هذه الصفقة
1ـ عجز النظام عن إعادة سيطرته على مناطق توليد الكهرباء ، و بالتالي فهو عاجز عن حماية مناطقه التي ما زال يسيطر عليها ، و رغم صمت العالم المطبق عن كل جرائمه في محاولاته للسيطرة على حلب ، فقد أقر النظام بإخفاق قواته عن التقدم على الأرض ، و من ناحية ثانية أظهرت شجاعة قوات النصرة في منع النظام في التقدم إلى أماكن يستيمت من أجل السيطرة عليها
2ـ إن النظام يستعمل كل الوسائل الوسخة من أجل إثبات هيبته ، و لا يتورع عن قصف السكان الذين هم حسب أعرافه و قوانينه ، مواطنين تابعين لدولته ، و بتوقيعه على معاهدة عدم القصف ، يظهر عاريا من كل خطاب أو تبرير آخر لتصرفاته ، فقهو يقصف بالبراميل ، و يقصف الأماكن المدنية ، و يقوم بوقف القصف مقابل اتفاقيات ،
3ـ اعتراف النظام بجبهة النصرة كطرف عسكري و سياسي ند ، ومجبر على التعامل معه عن طريق أطراف ثالثة ، والإعتراف بسيطرة هذا الطرف على ثاني المدن السورية ، و ليس السيطرة على مجرد طرف هامشي من البلاد ، و بالتالي لا يستطيع الإدعاء بعد اليوم أنه يحارب مجموعات إرهابية خارجة عن القانون ،
4 ـ من الملفت للنظر بيان جبهة النصرة ، الذي جاء بلغة رقيقة و تحمل قدر عالي من الدبلوماسية و الإحساس بالمسؤولية ، فنص البيان على ( نرجو من أهالينا في مناطق النظام أن يكونوا مدركين لضرورات قيامنا بهذا التصرف ، لحماية إخوانهم في المناطق المحررة من الأطفال و الشيوخ و النساء من براميل الحقد النصيرية )
5 ـ رغم العنف و الوحشية التي يحارب بها النظام أهالي حلب ، من خلال البراميل التي تتساقط على رؤوس الناس يوميا ، لم يقم المجتمع الدولي بأي تصرف لحماية المدنيين و إجبار النظام على التوقف عن هذه الوحشية ، بل جاء رد الفعل الدولي باهتا و سخيفا ،و مقتصرا على بيانات الإدانة و القلق ، و منعوا وصول الأسلحة المضادة للطائرات ،و التي كان من الممكن أن تحمي المدنيين في حلب من براميل الحقد هذه ، ثم جاء الإنقاذ الوحيد عن طريق جبهة النصرة ؟؟!! ألا يتحمل هنا المجتمع الدولي عبئ الدفع بمزيد من الشباب نحو التيار السلفي الجهادي ، ألا يندفع الإنسان تلقائيا للجهة التي تدافع عنه و ترعى مصالحه ؟؟
ألم يكن بمقدور المجتمع الدولي الذي أجبر النظام على التعري تماما أمام اسرائيل و التخلص من أسلحته الكيماوية ، ألا يستطيع إجباره على التوقف عن القصف بالبراميل ، و لا نقل إيقافه عن الحرب و محاولته السيطرة على حلب ، فهو أصلا عاجز عن هذه المهمة رغم الدعم الكبير من قوات حالش و الميليشيات الشيعية في العراق ، لكن فقط التوقف عن قصف المدنيين بالبراميل ؟؟؟
و قبل أن أنهي المقال أود أن أقف قليلا عند كلمة النصيرية التي وردت في البيان ، فالكثير من العلمانيين ، ينظرون إلى هذه الكلمة بشكل سلبي جدا ، و هو أمر لا يخلو من بعض الصواب ، لكن علينا تذكر الحقيقتين التاليين
1ـ جبهة النصرة جزء من التيار السلفي بشقه الجهادي ، والتيار السلفي بشكل عام يعتمد على الكتب التراثية إلى جانب القرآن و السنة في التأصيل لكن معاركهم و حروبهم ، و كلمة النصيري هي الكلمة المتداولة في الكتب التراثية التي تشير إلى الطائفة العلوية ، فكلمة العلويين كلمة جديدة نوعا ما و ترجع إلى عشرينيات القرن العشرين ، و بالتالي فهذه الكلمة جزء من لغة و عقلية التيار السلفي دون أن تحمل أي معنى سلبي (بالمطلق و ليس ضمن صيغة البيان )
2 ـ هناك رؤية سياسية لجبهة النصرة قامت على أساس تحليل عقلية النظام الأسدي و طبيعة المعركة الدائرة في سورية ، فالنظام الأسدي استعان بكل الميليشيات الشيعية من حالش و الحرس الثوري الإيراني و غيرهم من أجل القضاء على الثورة السورية ، مما دفع بالسلفيين الجهاديين أن يروا فيما يجري معركة دينية ، و هذا الأمر هو الذي دفعهم للتوافد إلى سوريا من أجل الدفاع عن السوريين ، و أطلاق اسم جبهة النصرة لأهل الشام على تجمعهم هذا ، و بالتالي نحن لا نستطيع لوم السلفيين الذين هيأ النظام لهم التربة الصالحة لإقامة الجبهة من خلال أسلوب تعامله مع الثورة ، بل نحمل النظام كل تبعات هذه الإثارة للنعرات الطائفية. من خلال تسريباته المقصودة و من خلال تصويره بنفسه لجرائمه ، و إضفاء الطابع الطائفي عليها ، و بالتالي الحل لا يكون بالقضاء على هذه الجماعات المتطرفة ، فهي صدى لتصرفات النظام ، و إذا كان الصدى مزعج ، فلا يكون الحل إلا بإخراس منبع الصوت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكوفية توشح أعناق الطلاب خلال حراكهم ضد الحرب في قطاع غزة


.. النبض المغاربي: لماذا تتكرر في إسبانيا الإنذارات بشأن المنتج




.. على خلفية تعيينات الجيش.. بن غفير يدعو إلى إقالة غالانت | #م


.. ما هي سرايا الأشتر المدرجة على لوائح الإرهاب؟




.. القسام: مقاتلونا يخوضون اشتباكات مع الاحتلال في طولكرم بالضف