الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احتمالات الضربة من جديد 2

لينا سعيد موللا

2014 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



الحلقة الثانية

حلف دمشق إيران .. لحظة الحقيقة

يعتمد النظام في تغطية نفقاته على عدة موارد داخلية وخارجية .

فبعد انخفاض عائدات الضرائب والرسوم إثر خروج الكثير من المناطق عن سيطرته، وتبخر عائدات النفط، و توقف إنتاجه وانتقال عائداته لجهات أخرى، يحاول الاتفاق معها سراً وتوارياً لأجل التخفيف من استيراده للنفط ومشتقاته، وتشغيل مصافي البترول .

زراعياً انخفضت إيرادات الدولة إلى مستويات غير مسبوقة، فقد سجل محصول القمح السوري ((المحصول الاستراتيجي )) تدنياً في الانتاج هو الأسوأ منذ 40 عاماً، نتيجة الحرب وآثارها وهو ما يهدد تحول سوريا إلى دولة مستوردة، وبالتالي زيادة الأعباء والعجز على الميزانية .

سياحياً الوضع يستحق الرثاء
صناعياً هو قطاع خاسر بالأصل ومتوقف عن الانتاج حالياً باستثناء ما يتعلق بإنتاج الذخائر.

الحل الوحيد الذي يعتمده النظام لسد العجز هو في اللعب بقيمة صرف الليرة السورية على العملات الصعبة، حيث يقوم بشراء العملة الصعبة من السوق الداخلية عند رفعه لقيمة الليرة السورية، ويعيد طرحها عند إنزال قيمتها، وهي طريقة احتيالية تؤدي إلى إفقار المواطنين خاصة أؤلئك المعتمدين في معيشتهم على تحويلات أقاربهم العاملين في الخارج، وهم يمثلون نسبة عالية من الشعب السوري .

أما عن نفقات تسيير الآلة العسكرية للنظام فهي مكلفة للغاية، تتنوع بين نفقات الأسلحة وما تحتاجه من ذخيرة ومحروقات وصيانة، إلى التعويضات الملزم دفعها لعائلات شهدائه (( وهم تجاوزا عددياً 150 ألف ، وفي أرقام غير رسمية عتبة 200 ألف )) ومن مبالغ مادية تدفع مباشرة إلى ذويهم وغير مباشرة يتكلفونها لقاء تعليم أطفالهم بمدارس الشهداء التي تلقى بعض الامتيازات والتزام أدبي بتشغيل زوجات الجنود الذين فقدن معيلهن كمعلمات أو موظفات في السلك الحكومي المتخم أصلاً بالموظفات الغير كفوءات اللواتي بتن يشكلن كابوساً على الميزانية . إضافة للانفاق على عدد مهول من المرتزقة الذي يقاتلون إلى جانبه .

هذه صورة مختصرة جداً للواقع المالي للنظام، لكن إذا كان هذا هو حال الوضع المؤلم للميزانية، فإننا نتساءل كيف يمكن تغطية هذه النفقات الاستثنائية التي تنهك اقتصاد أكبر الدول، وتؤمن الرواتب لجيش من الموظفين، والاستمرار في حرب مكلفة للغاية .

السبب ببساطة هو في المساعدات الخارجية لنظام الأسد وهي من كل نوع ..
الأكيد ان أغلبها يأتي من العراق الجار النفطي الغني والغارق بدوره في أزمات إقتصادية معقدة !!!! يقوم بذلك بأوامر مباشرة من إيران، أما طهران فتتضطر لسد النقص الحاصل حفاظأ على نظام حليفها الأسد، وهي بالتأكيد تنفق الكثير، ويتسبب ذلك في زيادة العجز على ميزانيتها التي تعاني من مشاكل هائلة تتزايد كل يوم، ناتجة عن مضاعفات العقوبات الدولية و المساعدات السخية التي تقدمها .
نظام الملالي اليوم يرزح تحت ضغط الشارع والتيار الاصلاحي، ويبدو أن الحرس الثوري بدأ يضيق ذرعاً بهذه الضغوط مما اضطره مؤخراً للافصاح عن مراميه للعلن موحياً للشعب الفارسي، بأن حربه في سوريا ومع الأسد هي لأجل بقاء إيران قوية متوسعة تطل على المتوسط وبذلك يخاطب إرثاً توسعياً وحلماً قديماً راود مخيلات الايرانيين جميعهم وعبر التاريخ .

لكن هذه الأحلام تصطدم اليوم بحقيقة فجة، ان أغلب الايرانيين مستائين من وضعهم المعيشي الخانق، ومن تبخر مواردهم لأجل الانفاق الخارجي، شعب بات على أبواب الانفجار .

نحن نلمس اليوم صراعاً قوياً بين الحرس الثوري الايراني وزعيمه المرشد العام للثورة صاحب السلطات المطلقة، وبين الجناح المعتدل الذي يمثله روحاني والذي يحوز على ثقة الشارع، الأخير استطاع خلال الفترة الأخيرة تسجيل بعض النقاط الهامة التي أدت إلى تقويض بعض سلطات خصومه، فلأول مرة يصمت خامنئي عن اتهامات التيار الاصلاحي للحرس الذي يرأسه ويشرف عليه مباشرة، تاركاً لقادته مهمة الدفاع عن أنفسهم، بعد أن كان الانتقاد يمثل خطاً أحمر لا يتجرأ أحد على تجاوزه، لأول مرة يتلقى مرشد الثورة الاسلامية الانتقادات الغير المباشرة من روحاني بصمت مهيب، لأول مرة يشعرالتيار المتشدد والمهيمن على المفاصل الأساسية للدولة بما فيها السياسة الخارجية بثقل الشارع و وضغط الأعباء الاقتصادية، دون أن يتمكنوا من إيقاف دعهم للأسد ولماكينة البطش. لأول مرة يخشى الحرس الثوري من اختفاء دعم المرشد له .
صحيح أن الأسد استبدل آلة الفتك التي يملكها بمواجهة معارضيه بأخرى أقل كلفة، فبات يرسل براميل الموت إليهم بدل الصواريخ البالستية الملكفة، صحيح أنه بات وبإدارة إيرانية يوفر بعض النفقات، لكن الخسائر التي يتعرض لها بالمقابل تتطور، إذ كثرت انقطاعات الكهرباء عن العاصمة وهذا نذير شؤم لما تثيره من سخط وتبرم عامين، عادت الكمائن لتكثر إثر اضطرار المقاومة لخروجها من المدن، وهي عمليات مرهقة ولا يمكن مواجهتها عبر أكبر جيوش العالم، هذا دفع إيران إلى ابتكار سياسة جديدة، بخلق ميليشيا تقاتل مقاومة وطنية مسلحة، و زيادة الاختراقات لصفوف هذه المقاومة عبر حلفاء يأتمرون بأمرها، كداعش وبعض قادة النصرة خريجي معسكرات النظام .

لكن الملفت للنظر أن إيران ونتيجة للضغوطات المذكورة، وعبر وكالة انباء ايرانية Iran Faris، فارس الايرانية قد صرحت وعلى لسان القائد السابق لحرسها الثوري الجنرال حسين همداني وأحد رجالها الأقوياء، ان الحرس الثوري الايراني قد قام بتشكيل حزب الله آخر في سوريا توأم لشقيقه اللبناني، مؤكداً أن بشار الاسد يخوض حرب بالنيابة عن ايران. و أنه مستعد لارسال قوات من الباسيج بتعداد 130 ألف مقاتل إلى سوريا، لكن الملفت بالأمر أنه سرعان ما حذفت الوكالة القريبة من الحرس الثوري والأجهزة الأمنية الإيرانية الخبر الذي كانت نشرته على صفحة "المحافظات الإيرانية" حسب موقع بي بي سي الناطق بالفارسية، مما يعني تراجعاً ناتج عن التخبط والخوف من رد فعل الشارع المستاء من زيادة التورط في المستنقع السوري، وتحمل المزيد من الأعباء المادية .
نعم إيران تستنزف، وهذا ما تريده إسرائيل والكثير من الدول الغربية، فإذا كانوا عازفين عن أي تدخل عسكري مكلف وهذا مطلب ملح لتل أبيب، فهم وبلا شك قد ساهموا في جر حزب الله اللبناني وإيران للتدخل أكثر في سوريا، وتحويل الأخيرة إلى نقطة جذب لقوى التطرف العالمي وتحويلها إلى ساحة تصفيية يقضي كل طرف على الآخر .
مخطط يصطدم اليوم بوعي الشعب الايراني المتزايد نتيجة الضائقة التي يعانيها، ضغط يؤثر على الحرس الثوري وبقفده للمرة الأولى حرية اتخاذ القرار، ويتراجع عن تصريحات رجاله الأقوياء أو يحذفها .

الحرس اليوم يحمل رسالة يتردد في تردادها، يخشى التذمر الشعبي المتزايد على أخطائه ورهاناته، يشعر بالانهاك ويفقد رويداً رويداً دعم المرشد له، إنهاك يذكرنا بما ألم المارد السوفييتي قبل انهياره، عاجز عن التراجع ليقينه بأنه في حال فعل فإنه سيحاسب ويرحل إلى غير رجعة . ومع رحيله تنتقل إيران إلى مرحلة أخرى بتحالفات جديدة، ومعايير سياسية مختلفة .
يصاحب ذلك أمر في غاية الأهمية، هو استياء شعبي سوري عارم من انحراف الثورة عن مسارها، بعد أن دفع لأجلها دماً ومالاً والكثير من الدموع .
هو لا شك سينجح في مرحلة قريبة في ترميمها، سيعيد إصلاح العطب الذي ألم بها نتيجة تكالب القوى الاقليمية على محاربة حراكه لأجل حقوقه المشروعة ..

التدخل الدولي لن يكون عسكرياً بل تحريضياً غير مكلفاً، تدخل لن يكتب له النجاح، لأن السياسة بالنتيجة هي صراع بين القوى والمصالح، صراع تحسمه الشعوب دوماً، لأنها الأقوى والأصدق، صحيح أنها في مسيرتها تتعثر وتتكلف بالكثير من التضحيات لغياب الخبرة، لكن الأخيرة تكتسب من المعاناة، والشعب السوري يلد من جديد من رحم هذه المعاناة .
نعم سننتصر، لأننا أصحاب حقوق وأصحاب إرادة لا تلين .
وإلى الحلقة القادمة ...

قادمون
لينا موللا
صوت من أصوات الثورة السورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز