الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من انتصرَ؟

يحيى غازي الأميري

2014 / 5 / 6
الادب والفن





كنت قد حضرت أمسية لمحاضرة سياسية أقامتها الجمعية الثقافية العراقية في مالمو، بتأريخ 04-10-2003 لشخصية مناضلة سياسية عراقية قادمة من بغداد، محملة بجديد التغيير الذي حدث في العراق في 9 نيسان-2003 عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي الأستاذ (محمد جاسم اللبان)؛ بعد ما يقارب عشرة أعوام عاد الأستاذ (محمد جاسم اللبان) في31-05-2013 لأستمع إليه في الندوة السياسية الأخرى التي أدارها وقدم لها الأستاذ (صادق الجواهري) في صالة مقر الجمعية الثقافية العراقية في مالمو، وقد تحدث فيها الأستاذ (محمد اللبان) بكثير من الصراحة والوضوح عن الوطن المثقل بالهموم والمحن، في نهاية الأمسية التقطت بعض الصورة مع الأستاذ (محمد جاسم اللبان)، بعد أن عرَّفته على نفسي، وتحدثنا قليلا عن ذكريات تنظيم مدينتي (العزيزية والصويرة من محافظة واسط ) للحزب الشيوعي العراقي أيام زمان قبل أحداث 1978!
بعد عودتي من ذلك اللقاء إلى البيت سيراً على الأقدام، وحال وصولي البيت أبدلت الملابس الرسمية التي كنت قد حضرت بها تلك الأمسية، بملابس فيها كثير من الراحة وتساعد على الاسترخاء، وأخرجت من الثلاجة قنينة من الجعة (البيرة) وجلست أفكر، وعلى مهل أحتسي من القدح، سارحاً بما دار في الأمسية؛ تناولت قلمي لأخط ما كان يدور بخلدي من خواطر، رافقتني خلال الأمسية ومسافة الطريق فيما راح القلم يخط :

يكادُ القلبُ ينشطر
والدمعُ يسبقُهُ ممتطر
وصدى عويلِ الجياعِ
يُرعبُ الراقصينَ حتى الفجر
من انتصر؟
وهذه أكوامُ الرفاتِ
والأطفالُ الحفاةُ
وصراخُ ملايينِ الأيتامِ والأراملِ والجياعِ
والمشردينَ والمرعوبينَ
من جموعِ سكانِ بلادِ الرافدينِ الأغر
كانَ
قدحُ البيرةِ بيدي يدور
وثمةَ صوتٌ برأسي يفور
كيف انتصر؟
أهو هذيانُ السهر؟
ليفاجئَني
صوتٌ بداخلي يهدرُ ويثور
(جياعٌ عراةٌ نحنُ أخوةٌ لكم، نحنُ بشر،
قد قسا علينا أخوةٌ لنا من جنسِ البشر،
الفقرُ انتشر،
والريحُ لم تزلْ تعصفُ بالشجر)
من هولِ الصوتِ
قلبيَ انفطر
الدمعُ انهمر
ومع نخبِ الجعةِ برزَ السؤالُ
من انتصر؟
وكيف أنصهر؟
هذا الذي يُعدُّ أصلدَ من الصخر؟
ضجَّ رأسي بين السؤالِ والجواب
وغشت عينيَّ موجاتٌ من الضبابِ من هولِ المصاب
تهتُ ليلتها بأفكاري
وتحرَّرتُ من قيودي
وطرتُ بعيداً بفضائِها
تلاحقُني أصواتُ استغاثةٍ
ممزوجةٍ بين نباحٍ وصياحٍ
في الفضاءِ
تنفستُ البارودَ ممزوجاً برائحةِ الموتِ
عادت بي الذكرياتُ
دويُّ المدافعِ
أزيزُ الرصاص
الإعدامُ أسهلُ أنواعِ القصاص
ينتشرُ في الأزقةِ والشوارعِ رجال بلا رؤوس
تحملُ الفؤوس
نخيلٌ بلا رؤوس
منثورةٌ في زوايا الشوارعِ والحاراتِ مئاتُ الرؤوس
جرادٌ يلتهمُ المباني وينهبُ الثمر
أمٌّ تكوَّرتْ على أطفالِها مدفونةً بين الصخر
الكواتمُ خاتمةُ الأيام
مزارع ُشاسعةٌ من الألغام
وأفواهُ ملايينَ من الأيتام
تنشدُ: بلادي، بلادي، بلادي،
أنتِ عزِّي وجهادي
تردُّ عليهم مجموعةٌ أخرى قد عفَّرَ جبينَها الغبار
هذا هو ما نريد،
هذا وطنُنا السعيد
مجموعةٌ من النساءِ من بيوتِ الصفيح
تبتهلُ إلى اللهِ أن يمرَّ السحابُ
عن ديارِهُنَّ دونَ ضرر
فيما يحتشدُ أطفالُهنَّ أنصافَ عراةٍ
يلعبونَ ويُنشدون
( مطر، مطر، حيل، حيل)
نشراتُ الأخبارِ تشير
فقدانُ 17مليارِ دولارٍ
من فلوسِ النصرِ و الإعمار
ليبرزَ في الشاشةِ إعلانٌ فيه كثيرٌ من التحذير
من خطورةِ انتشارِ داءِ
فسادِ الضمير
ارتعدتْ أوصالي من هولِ الفضائحِ
التي روَّعتْ وأذلَّتْ وقسَّمتْ البلادَ
والعباد
دارَ رأسي بين الجعةِ والسؤالِ والجواب
بعد جهدٍ جهيد
جمعتُ شتاتَ أفكاري
بين معاناةٍ وأحلامٍ وأمل
وكثيرٍ من الهمِّ والغمِّ والألم
وشيءٍ من الندم
بين نعاسٍ وسهادٍ وضجر
واحتدامٍ وسكونٍ وجدل
معللاً كيف انتصر!
لم اهتدِ لحلٍّ مُرضٍ ومقنعٍ
لجوابِ كيفَ انتصر!
بقيتُ هكذا حتى أنبلجَ فجرُ الصباح
وشعاعٌ من النافذةِ لاح
وأنشدتْ الطيورُ ألحانَها الملاح
فتزاحمتْ وتخاصمتْ في رأسي الأفكارُ والألحان
فقلت لنفسي: مالكِ؟
يكفيكِ هذا فقد طالَ بكِ السهادُ وأرهقك السهر
يكفي، اكتمي، واهدئي من الشكوى واللوعةِ
والقلقِ والحيرةِ والضجر
فجاءَ الجوابُ مع خيوطِ الفجر
كما البرقِ
مدد.. مدد
إنه سرابُ حلمٍ طالَ به الأمد
فيه كثيرٌ من الحيلةِ البعيدةِ الأمد
مدد ... مدد


هذيان مع الفجر /مالمو في صباح يوم 2013-06-10








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?