الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الإخوان؟

محمد حماد

2005 / 7 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم يكن الإخوان وحدهم هم الذين طالبوا بالإصلاح السياسي، ولم يكونوا في طليعة المطالبين بتعديل الدستور، ولم يعرف عنهم مبادأة أهل الحكم بالعداء، وظلوا يلعبون انفراديا طول الوقت، واحتفظوا بالكثير من العلاقات المتوترة مع فرقاء الحركة السياسية في مصر، ونسقوا مع الحكم حتى وقت قريب، ومع ذلك - أو ربما بسبب ذلك - توسع أهل الحكم في القبض على رجالهم، وطال الاعتقال بعض رموزهم، وامتد ليشمل أمين عام مكتب الإرشاد، وواحد من ألمع قياداتهم على الصعيد الإعلامي هو الدكتور عصام العريان، في الوقت الذي لم يقبض فيه على أي من قيادات حركة كفاية التي لا شك أنها تسبب الصداع المزمن لأهل الحكم!
والسؤال المطروح: لماذا؟
لماذا لم تشمل قوائم القبض الموسعة غير الإخوان وحدهم، صحيح أن الأجهزة ألقت القبض على بعض عناصر من الحركة المصرية من أجل التغيير، ولكنهم سرعان ما كان يفرج عنهم، وظل الكثير من الإخوان معتقلين داخل السجون، ويجدد لهم لمدد طويلة بلا مقتضى، ومن دون أسباب أو اتهامات حقيقية، غير التهم سابقة التجهيز لكل معارضي النظام من مثل العمل على قلب نظام الحكم، والانتماء إلى جماعة محظورة، إلى كل هذه الاتهامات التي أصبحت - من فرط سذاجتها- غير مقبولة ولا يصدقها حتى القائلون بها!
لماذا يقبض على الإخوان ولماذا هم وحدهم المحبوسين رغم توقفهم عن التظاهر، ورغم استمرار حركة المظاهرات بشكل دوري كل أسبوع، وتوسع القائمون على هذه المظاهرات في التنقل من مكان إلى آخر حتى وصل التظاهر إلى عقر دار وزير الداخلية والى أحياء شعبية مثل الزيتون وشبرا وإمبابة، ومع ذلك ظل المعتقلون في سجنهم، وبقي المتظاهرون في مظاهراتهم!
الأحزاب تظاهرت، والقوى السياسية تتظاهر، منهم الشيوعيون، ومنهم الناصريون ومنهم فصائل إسلامية من غير الإخوان، ومنهم ليبراليون، ولم يقبض على أحد من هؤلاء إلا ليفرج عنه في أقرب فرصة، ومع نشر أول خبر عن القبض، ولم يقبض على أحد من أساتذة الجامعة من غير الإخوان (الذين ثاروا على التدخلات الأمنية في أمور الجامعات المصرية) رغم أن الكثيرين ممن يقودون هذه الحركة من قوى سياسية متعددة، وحدهم الإخوان الذين بقوا على قائمة القبض طويل الأجل، لماذا؟
السؤال مطروح، وإجابة الإخوان عليه معروفة، وهي – في رأيي- إجابة دعائية أكثر منها إجابة متعمقة، فهم يروجون أنهم الأقدر على مواجهة النظام ما يجعله أشرس في مواجهتهم، ومن ناحية أخرى يقولون إن النظام في حالة ضعف بين، وان تلك الحال تدفعه إلى البطش بمعارضيه الأكثر تأثيرا!
ولعل الإخوان هم المطالبون أكثر من غيرهم بتقديم إجابة صحيحة على السؤال المعلق، ونحسب أنهم القادرون على ذلك، وفي محاولة منا لتسهيل الإجابة نقول أن الأنانية الشديدة التي يتعامل بها الإخوان، وكذلك محاولات التفرد والانفراد تسحب من القدرة على التأثير مقدما، ثم هي تؤدي بالضرورة إلى استفراد النظام بالإخوان، ولكي نبسط المسألة أكثر نتخيل أن الإخوان انخرطوا في الحركة المطالبة بتعديل الدستور، وكونوا - بدون تفرد ولا انفراد – مع جميع القوى الأخرى حركة واحدة بجدول أعمال مشترك أو باتفاق على برنامج الحد الأدنى، لو تصورنا أن ذلك حدث أستطيع أن أزعم أن الإخوان كانوا سيدخلون في حماية القوى المجمعة، وأن هذه القوى ستزيد قدرتها على التأثير بما لا يقارن مع الفرض الذي يحذف الإخوان من القوى الساعية في إطار وطني عام من أجل التغيير!
كان يمكن أن يكون الإخوان إضافة فاعلة من أجل التغيير لو أنهم لم ينكصوا على فرديتهم، وكان يمكن أن يحصلوا على نوع من الحماية المتوفرة للآخرين من بطش نظام لا يصح أن نواجهه فرادى باحثين عن تحقيق برامج خاصة على حساب البرنامج الوطني العام الذي يستفيد منه البلد، وتستفيد- بالضرورة- من تحقيقه كل قواه السياسية الحية.
وهكذا بقيت "كفاية" بلا جماهير تؤمن لها قدرة أكبر على التأثير، وبقي "الإخوان" بلا حماية في الإطار الوطني الجامع، وكان يمكن أن تكتسب كفاية زخما لا تستطيع قوة أخرى غير الإخوان توفيره لها، لو أنهم انضموا إليها، فإما تحقق أهدافها الوطنية العامة، وإما تفرض على النظام التعامل معها بالطريقة التي يتعامل بها مع الإخوان، وساعتها تنكشف اللعبة بجميع أطرافها سواء المحلية أو الأخرى الدولية الممثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن الإخوان - كدأبهم - راحوا يلعبون لعبتهم المفضلة في إثبات الذات والتقوقع فيها، واثبات التفوق، ومحاولة الإنفراد بالساحة في مواجهة النظام، وأتصور أن الإخوان أدركوا أهمية ما نقول، ولكن يبدو أن هذا الإدراك جاء بعد فوات الفرصة التي كانت سانحة من أجل بلورة عمل وطني جماعي وموحد من أجل التغيير!
جاء بحث الإخوان عن العمل المشترك مع القوى الأخرى متأخراً، وناقصاً ويحمل سمات طريقتهم المعهودة، ومن ناحيتي أتمنى ألا تكون الفرصة قد ضاعت نهائياً، وهي في ظني لن تضيع إذا خلصت النوايا!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل