الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم الخروج للنهار أناقة السينما المصرية

احمد عسيلي

2014 / 5 / 7
الادب والفن


وسط الكم الهائل و الهائل جدا من الأفلام الرديئة التي ينتجها القطاع الخاص و التجاري في السينما المصرية ، نجد بين الفترة و الآخرى بعض الأفلام المميزة و الشفافة التي تعرض في دور العرض بمصر ، و غالبا ( إن لم يكن دائما ) ما تكون هذه الأفلام إنتاج مستقل أو بدعم من بعض المؤسسات الثقافية المرموقة ، فقد شاهدنا بالأشهر الأخيرة بعضا من هذه الأفلام كفيلم فرش و غطا من إخراج أحمد عبدالله السيد ، و هو مخرج شاب في حصيلته فيلمين أخرين لهما طابع خاص ، و من بطولة آسر ياسين ،الذي أطربنا بقدراته التمثيلية ، و أيضا فيلم لا مؤاخذة ، بطولة الشابة السورية كندة علوش ، و إخراج عمرو سلامة ، بالإضافة طبعا إلى عدد آخر من الأفلام لا مجال لذكرها جميعا هنا ، و قد كنت محظوظا في الأمس بمشاهدة فيلم الخروج للنهار، فيلم ينتمي لسينما مختلفة ،عززت قناعتي بقدرة الفن المصري على إنتاج سينما راقية جدا ، و مميزة جدا ، إذا توفرت الأجواء للمخرجين و الممثلين في العمل بعيدا عن ضغط الربح و الإغراء في المشاهدة ،
تدور معظم احداث الفيلم في بيت متواضع لأسرة فقيرة تتكون من ثلاثة أفراد ، فتاة تقارب الثلاثين من عمرها ، أم خمسينة تعمل ممرضة في مشفى حكومي ، و أب مصاب بشلل في أطرافه الأربعة ، نبقى في الساعة الاولى من الفيلم داخل غرف المنزل ، الحركة بطيئة جدا تعكس ملل أبطاله من رتابة الحياة التي فرضت عليهم ، فالإبنة لا عمل لها سوى رعاية والدها ، تعيش في حالة عزلة و كبت عاطفي ، تحاول الخروج من هذه العزلة عبر مطاردة شاب يتهرب من لقائها ، و صديقة وحيدة يبدوا أنها مشغولة أيضا ، لم يدخل هذا المنزل سوى شاب واحد ، هو ابن خالة البطلة ، و هو مجند في الجيش ، يتردد بشكل دائم على هذه الإسرة ، و هو شاب خجول مع بعض الإنكسار في تعابيره ، وجوده لا يترك أثرا أو يحدث تاثيرا في جو المنزل سوى تململ الإبنة من زياراته المتكررة ، و تناوله المستمر للغداء معهم ،
و حين تخرج كاميرا الفيلم من فضاء المنزل الصغير ، تتجول قليلا في أحياء القاهرة الشعبية ، و تستعرض بعضا من مشاكل الناس العادية ، و يعرض بأسلوب ذكي جدا و مكثف جدا لكل الهموم التي تشغل بال الطبقة الفقيرة ،
حركة الكاميرا استطاعت صنع صورة سينمائية في منتهى الأناقة ، مع عناية خاصة بلألوان و انعاكسها على المتلقي ،
بدأت لحظات الفيلم مع إشراقة يوم جديد ، و انتهت مع صباح اليوم الآخر ، دون وجود اي نوع من استرجاع للحظات سابقة عن هذا العرض ، فلم نعرف سبب شلل الأب ، لم نعرف المستوى التعليمي للإبنة ، و لم نعرف سر العلاقة التي تربطها بهذا الشاب لذي تحاول الإتصال به عبر الموبايل ،فهذه التفاصيل ليست من اهتمام الفيلم ، بل جاء الفيلم بمجمله صامتا بعيدا عن الخوض في أي تفصيل ، فالحدث بسيط جدا ، لكن الجهود كانت منصبة على خلق صورة سينمائية جميلة و معبرة و قادرة على البوح من خلال نفسها ، مع ترك مساحات شاسعة للمتلقي كي يرسم الصورة كاملة ،
الفيلم هو العمل السنمائي الطويل الأول لهالة لطفي ،التي استطاعت الإمساك بكل تفاصيل الفيلم كأفضل ما يكون العمل الإحترافي ، لينتهي الفيلم بسؤال مأساوي و معبر جدا ،جاء على لسان الإبنة عن مكان مقابر الأسرة ، و كأنها تحاول البحث عن مكان ثابت يربط هذه الأسرة بالأرض ، و هذا المكان ليس سوى المقبرة !!!
الفيلم بمجمله عمل إبداعي فذ ، و مبشر بولادة عبقرية سينمائية من ناحية الإخراج و التمثيل و التصوير ، و يجعلنا نشعر ببريق أمل في وسط هذا الحطام الثقافي الذي نعيشه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة