الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة القيادة الخائنة لتسليم الوطن - عائلة الأسد وإدارة الائتلاف والحكومة المؤقتة نموذجا

سفيان الحمامي

2014 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


عائلة الأسد وإدارة الائتلاف والحكومة المؤقتة نموذجا
لعل صناعة قيادات خونة يسلمون بلادهم للغير ويخربونها من أصعب المهام وأكثرها خطورة ، كونها تحتاج إلى انتقاء دقيق وتدريب خاص واختبارات عصيبة ومبررات،هذا ما عاشته سوريا.
إذ عندما أدركت القوى الكبرى في سنوات 1950 أن سوريا بلد له موقع استراتيجي محوري وشعبها يمتلك حس الوطنية والعزة ومؤسساتها التعليمية تصنع كفاءات عالية لها والدول الأخرى في كافة المجالات، كان لا بد من وضع خطة لتحويل ذلك البلد إلى خراب بأيدي حكامه ومرتزقتهم.
لذلك ، شرعت مراكز الأبحاث والدراسات في وضع خطة جهنمية لصناعة حكام خونة يحيط بهم مرتزقة من المأجورين لتولي تلك المهمة في الواجهة بدلا عن القوى العالمية التي تعمل في الخلف عبر توجيهاتها وتعليماتها لهؤلاء الخونة لتنفيذ المطلوب منهم بدقة .
تمثلّت الخطة باختراع حزب البعث الطوائفي من البداية للقيام بنشاطات التعبئة الشعبية لتنفيذ الخطة وبناء جيش من الأقليات الطائفية للسيطرة على القرار والحكم بأدوات القوة والقتل والقمع .
وانطلقت الخطة في تنفيذ الإنقلابات العسكرية المتتالية ، ثم عبر خلق الصراعات بين مكونات الشعب السوري ، وأخيرا رست الخطة على تقوية نفوذ الطوائف الصغيرة ودعمها بالمعلومات الاستخباراتية والمشورات التخريبية للوطن والمجتمع حتى تحققت بواكير إنجازات الخطة في إنقلاب 8 آذار عام 1963 .
قاد الإنقلاب كما ذكرت في مقالي السابق ( إعادة إنتاج النظام الطائفي من خلال إدارة الإئتلاف والحكومة المؤقتة ) زمرة من الضباط الطوائفيين بواجهة من ضباط أبناء الأغلبية السنية إرضاء للمزاج الشعبي القومي والقوى الإقليمية النافذة لا سيما مصر جمال عبد الناصر ، وعندما تمكّنت تلك الزمرة الطوائفية من السيطرة على أدوات الحكم كشّرت عن أنيابها وأعلنت جهارا أنها بصدد بناء نظام حكم الطوائف الصغيرة ( النظام الفاطمي ) ، وكان المخدوع الأكبر من أفعال تلك الزمرة الضباط من أبناء الطائفتين الكريميتين الدرزية والإسماعيلية الذين تم القضاء عليهم بالضربة القاضية من قبل الضباط من أبناء الطائفة العلوية بعد استكمال تنفيذ أدوارهم وبالفرصة المناسبة .
آنذاك ، كان لا بد من صناعة قيادة خائنة لتتولى نظام الحكم في سوريا بأكملها ، واتجهت أنظار القوى الكبرى بترشيحات أجهزة مخابراتها نحو حافظ الأسد الذي بنى شبكات من العلاقات المخابراتية مع حكام الإتحاد السوفياتي ومنظومته الإشتراكية الإجرامية بحكم إدعائه اليسارية والإشتراكية ، ومع أجهزة المخابرات الإنكليزية حين زيارته لندن بعد انقلاب 1963 بمهمة عسكرية لمدة 3 أشهر وساعده على ذلك ضابط صغير برتبة ملازم أول آنذاك كان في بعثة إلى لندن وهو محمد خير دياب من قرية بسيرين/ ريف حماه الذي عينه حافظ الأسد بعد استلامه الحكم في سوريا رئيسا لفرع الأمن الخارجي وهو برتبة نقيب مكافاة له على خدماته ولضمان سكوته عن فعلته الخيانية مع المخابرات الإنكليزية ، وكذلك مع المخابرات الأمريكية عن طريق حكمت الشهابي الذي اتبع دورة عسكرية في أمريكا وعقد شبكة علاقات مع وكالة المخابرات الأمريكية ، ومع أجهزة مخابرات أخرى في الدول العظمى عن طريق شخصيات لها علاقة مشتركة مع الطرفين.
كان الاختبار الأول لضمان خيانة حافظ الأسد لوطنه قبل تسليمه نظام الحكم في سوريا مقابل صناعته كقائد لسوريا هو تسليم مرتفعات الجولان لإسرائيل دون قتال وقبض ثمنها ،عبر التظاهر بمشاركة الجيش المصري في شن حرب على اسرائيل وبعد ذلك توريط عبد الناصر بالحرب ونتائجها من ثم تركه وحيدا بالحرب والإنسحاب منها والهزيمة من مرتفعات الجولان وإعلان الخسارة في الحرب لتبرير الفعل الخياني المشؤوم .
وتمثل الاختبار الثاني في الامتناع عن نجدة قوات منظمة التحرير الفلسطسنية عام 1970 إبان حربها مع الملك حسين في الأردن .
وتتالت الاختبارات بالسعي لشرزمة منظمة التحرير الفلسطينية ومنعها من قتال اسرائيل من الحدود السورية ، ثم التعهد بحماية حدود اسرائيل بعدم اطلاق رصاصة واحدة عليها من الحدود السورية ، ثم القضاء على قوات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ، ثم القضاء على القوى الوطنية في لبنان،ثم تخريب بنى المجتمع والدولة السورية طيلة أربعين عاما ، وتكرر ذلك مع وريثه بشار !!!
لكن ، بعد اندلاع الربيع العربي في الجمهوريات الملكية وشبه الملكية العربية ،بدأت النار تقترب من حكم عائلة الأسد في سوريا ، على الرغم من تطمينات القوى الكبرى لعائلة الأسد بأن رياح التغيير التي حصلت ونجحت في تونس وليبيا ومصر واليمن لن تقترب من نظام العائلة و حكمها .
لكن الشعب السوري الثائر فرض واقعا جديدا على القوى العالمية الكبرى لم تكن تتوقعه ولم تأخذه بالحسبان وكذلك على عائلة الأسد وأذيالها في السلطة وأنصارها الاقليميين ، مما جعل الجميع مرتبكا وحائرا حول كيفية التعامل مع امتدادات الثورة السورية ضد نظام آل الأسد وتدفقات تلك الثورة ومساراتها . وحينذاك لم تتمكن كافة القوى الكبرى والاقليمية التي صنعت نظام عائلة الأسد الطائفي من الاستمرار في إعلانها التأييد لنظام حكمه لأن الأمور أصبحت مفضوحة ومكشوفة للجميع إضافة إلى تصاعد تأثير الرأي العام العالمي الشعبي الذي شاهد فظاعات ذلك النظام المجرم بحق الأطفال والنساء والشيوخ والعجزة والمرضى ذات الطبيعة الإجرامية المفرطة بالهمجية والوحشية ، وشرع ذلك الرأي العام بالمطالبات من المنظمات الدولية والإنسانية والصحافة ذات الوزن الدولي بالوقوف مع ثورة الشعب السوري ومطالبها، الأمر الذي دفع تلك القوى العالمية والإقليمية التي صنعت قيادة عائلة الأسد الخائنة لوطنها إلى إعلان مواقف معادية لها على استحياء وتتالت الاتهامات لها بالتعسف بممارسة السلطة والقمع ثم القتل والجريمة وغير ذلك .
هنا ، بدأت تلك القوى العالمية والإقليمية بالبحث عن صناعة قيادة سورية جديدة لتؤدي الأدوار نفسها لعقود قادمة تحت مظلة الثورة السورية ونضالاتها ضد حكم نظام عائلة الأسد الاجرامي .
انطلقت تلك القوى العالمية والإقليمية بتشكيل المجلس الوطني السوري واختارت قيادته بنفسها أملا بتنفيذ ذلك المجلس ما يؤمر به كما حصل مع نظام آل الأسد ، لكن مواقف بعض قيادات المجلس الوطني لا سيما الدكتور برهان غليون والدكتور عبد الباسط سيدا الوطنيين بامتياز فاجأت القوى الكبرى وجعلتها تمتعض من تصرفاتهم الوطنية المؤيدة بإصرار لمطالب الثورة السورية ، فبدأت تلك القوى تشيع حالة ضعف تمثيل ذلك المجلس لمكونات الشعب السوري وطوائفه وروجت لتأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أملا مرة ثانية بإيجاد قيادة تنفّذ ما نفذه نظام آل الأسد من خيانة وجرائم طيلة 40 عاما بحق الوطن والمنطقة العربية ، ورشحت تلك القوى شخصيات وصولية انتهازية تقبل أداء أدوار الخونة كما فعلت عائلة الأسد ، وفوجئت القوى الكبرى والإقليمية بقيادة الشيخ معاذ الخطيب الذي أعلن أنه لا يقبل عن تحقيق الحد الأدنى من مطالب الثورة السورية ، فما كان من تلك القوى إلا السعي لتوسيع تشكيلة الائتلاف مرة أخرى لضم شخصيات بالونية تنفخها وتنفسّها حسب الحاجة وكما تريد .
لسوء حظ الشعب الثوري وثورته التي قلّ نظيرها في التاريخ البشري ، اختارت القوى العالمية والمحلية أحمد الجربا الذي كان شخصا لا يعرفه أحد من سوريا سوى أسرته ليصبح القائد الرمز المفدى الزعيم العالمي والاستراتيجي الثوري العالم المفكر المبدع الشجاع المقدام إلخ ... وكأنه أسطورة النضال عبر تاريخ العالم كما فعلت تماما مع حافظ الأسد .
ولاستكمال تلك اللعبة القذرة ضمت إليه شخصيات كرتونية كومبارسية لإضفاء الصفة الجماعية على ممارسة الخيانة، كانت في معظمها من صغار الموظفين لدى نظام عائلة الأسد من المرتزقة اللصوص،لتولى أعمال الهيئة السياسية في الائتلاف ووزارات الحكومة المؤقتة وهيئاتها وإداراتها العديدة الوهمية،وأغدقت عليهم شخصيا بالأموال تحت ستار الدعم والإغاثة وتمويل مستلزمات حياة الشعب السوري الثائر،وانتقل هؤلاء المرتزقة من واقع موظفين صغار لدى أجهزة حكم عائلة الأسد لا يتعدى راتب الواحد منهم 200 دولار شهريا إلى واقع منح كل واحد منهم 10000 دولار شهريا،أي بزيادة 50 ضعفا كي لا يفتح هؤلاء أفواههم ولا ينطقون بأي كلمة وينفذون بما يؤمرون من أعمال الخيانة والتخريب والنهب .
تمثّل الاختبار الأول لقيادة الائتلاف والحكومة المؤقتة وأجهزتها الكرتونية الوهمية ، وللشخصيات المسماة قيادية التي تم صنعها ( للنجاح في وظيفة خيانة الوطن ) ، بتنفيذ أوامر منع إمداد الثوار والجيش الحر في منطقة القصير بالعتاد والمؤن لتؤول إلى سلطة آل الأسد ثانية .
وكان الاختبار الثاني بمنع إمداد الثوار بالعتاد والمقاتلين في منطقة السفيرة وخناصر لتسقط في أيدي نظام الأسد تحت مبرر تمرير السلاح الكيميائي من معامل السفيرة إلى مستودعات نظام الأسد في الساحل ، ثم تتالت الاختبارات في منطقة الغوطة الغربية والشرقية ، ثم في معركة الساحل الأولى ، ثم في يبرود وجبال القلمون ، وكذلك في منع الإمدادات للثوار في معركة الساحل الثانية .
لكن أنجح اختبار لهؤلاء الخونة تمثّل في منع إمداد الثوار في مدينة حمص المحاصرة منذ أكثر من سنتين بأي عتاد أو طعام أو غير ذلك ، وتسليم تلك المدينة لنظام حكم آل الأسد على طبق من ذهب وذلك كما سلّم حافظ الأسد مرتفعات الجولان ومدينة القنيطرة في عام 1967 ، مع عدم جواز المقارنة كون مدينة حمص تزيد سكانا ومساحة 100 ضعف عما كانت عليه القنيطرة حينذاك .
والمثير للدهشة ، أن هؤلاء الخونة لم يعلق أحد منهم على تسليم حمص والخيانات السابقة مطلقا وكأن شيئا لم يحصل . ما حدا أشطر من حدا ، هؤلاء الخونة في ماراتون ، الأشطر هو الذي يسبق بالخيانة وبتسليم المدن لإعدائه كي يرضى عنه أسياده الآمرين في الدول الكبرى والأقليمية .
يا لها من خيانة كبرى أيها الخونة المرتزقة ، يا لها من نذالة أيها الأوغاد ؟؟؟
صحيح أنكم تمّت صناعتكم كقيادة للثورة السورية ، وكسبتم صفة القيادة من قبل آمريكم ، لكنكم خسرتم كل شيء : وطنكم وشعبكم وأرضكم ولا أقول ضميركم لأنكم لا تمتلكونه !!!
لقد تمّت صناعتكم أيها الخونة لتولي إدارة الائتلاف والحكومة المؤقتة لتمرير مشروع التقسيم في الوطن السوري وها أنتم تشرعون بتنفيذه بأمانة الخائن عبر زياراتكم للغرب والشرق، وتمت صناعتكم لمشاركة عائلة الأسد الحكم حين رفض الشعب السوري الثائر ذلك المشروع القذر مثلكم.
لكن لن تمر مشروعاتكم الخائنة القذرة، وها هو الشعب الثائرعليكم وعلى نظام عائلة الأسد في المرصاد، سيكون أبطال الثورة ضدكم وأنتم والثوار والزمن طويل .
رحمة الله عليكم أيها الشهداء الذين رويتم بدمائكم تراب وطنكم المقدس دفاعا عن أرضكم وعرضكم ومالكم وأهليكم ، لقد دافعتم وقاتلتم بشرف وشجاعة قل نظيرهما في حمص والقلمون والسفيرة والغوطتين وفي كافة أرجاء سوريا مدنها وأحيائها وقراها ومزارعها ، كنتم وستبقون نبراسا لنا وللشرفاء من أبناء سوريا الغالية عليكم وعلى الشرفاء من أمثالكم .
الخزي والعار لكم أيها الخونة الأنذال الذين ارتضيتم أداء أدوار الخيانة والقذارة والوضاعة لقاء تسمية لا تستحقونها وهي القيادة والزعامة للثورة السورية فلا تستحقون سوى البصق عليكم .
أيها الأخوة الثوار والنشطاء الأبطال،والجرحى والمرضى،والمهجرين واللاجئين في أصقاع الدنيا ، والأمهات الثكالىوالأطفال اليتامي وما أكثركم : في كل ثورة شعبية هناك خونة يتسلقون على حبال نضالاتها ويتعاونون مع أعدائها لنيل بعض المزايا والمكاسب الزائفة ، اصبروا على ما فات.
لكن لا تصبروا على هؤلاء الخونة الذين سلّموا مدنكم ومناطقكم وقراكم للنظام المجرم ، الذين فرضوا عليكم لتولي إدارة ثورتكم .اكنسوا هؤلاء الخونة كالوسخ من أرض الثورة، فهم لا يستحقون سوى الإزالة حاليا وبعد ذلك المحاسبة اللائقة حين تأتي الفرصة المناسبة .
سفيان الحمامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية في فرنسا: اكتمال لوائح المرشّحين وانطلاق ال


.. المستوطنون الإسرائيليون يسيطرون على مزيد من الينابيع في الضف




.. بعد نتائج الانتخابات الأوروبية: قادة الاتحاد الأوروبي يناقشو


.. ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟




.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد على الجبهة الشمالية