الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وشاح المحارب وذكرى النكبة

بثينة رفيع

2014 / 5 / 8
القضية الفلسطينية


بقلم : بثينة رفيع
وشاحُ المحارب في ذكرى النكبة !

ليلُ اللاجئين يسافرُ في قفارِ الغربةِ دون جدوى!.... قد يُخذَل ُ العمرُ مرة ولا تعودُ مع السفائنِ حيفا ...غربةٌ أُخرى ، يغيبُ طفل المخيم في لُجّـة البحر نعشاً من صديد .... ليصبحَ العالمُ أوحالَ سرابٍ ويكبرُ أكثر قمر المخيم .
تأخّر فينا وشاح ُ المحاربِ ... فلا الوطن عاد وطن ......ولم تعد الثورة تستنهض ُ فينا غير نباحِ البنادقِ ....وعار المرحلة.... والكلمات الفارغة...
تأخّر فينا كلَّ شيئ .....وأصبحَ وشاحنا بعددِ الخيامِ والمقابرِ والفصائل، سيقاتلُ اللاجئُ طويلاً ...ثم يموت جائعاً محاصراًمع أبنائه في مخيم اليرموك... سيذكرُ قرى المجدل فوق ركامِ مدرسةٍ لوكالةِ الغوثِ بمنتصفِ المخيم .....ويوقدُ نارَ الشتاءِ بمقاعد الدراسة كي لايموت برداً ....سيقاتل اللاجئ طويلاً ......ويصبرإلى أن يقضي جائعا ًتحت التعذيب في معتقله ...إلى أنْ يعودَ مفقوءَ العينين لتقتُلَهُ مرةً أخرى قنبلة مخبّأة في نعشهِ .... سينادي أشباه الرجالِ خلف الحواجز يُقرئهم وصية إخوةِ الدمِ والسلاحِ والقضية قبل أن تصرعهُ رصاصة قناصٍ حاقد ، سيقاتُل اللاجئ طويلاً .....فالنكبة تمتد ُ فينا جيلاً بعد جيل ومازالت فلسطين تقبرُ نبوءةَ أنبياء الظلامِ ، توحدنا في فجرها وليلها وفي محنةِ مخيم يُحاصرُ ويُقتّل أهلُه ويغيٍّبهم التشرّد ُ في ظلمات ِ البحرِ ....تعبرُ ذكرى النكبةِ يتيمةً وحيدةً مثل كلِّ خطايا تاريخٍ تُسقطُ توبتها خيانةٌ فتبقيها كالرماحِ معلّقة ًبخاصرةٍ تلعقُ نزيفَها...كي ندرك كيف هُزمنا مرتين ولم نثأر ؟ . قد يكون أحد أساليبِ تكتيكِ الأملِ المريحةِ أن تمحوَ التاريخَ من ذاكرتك لبرهةٍ ....أو تُلغي تراكمهُ الكمّي من مخيلتكَ مكتفياً بعدمِ رجعية آثارالنكبةِ بوجهها القديمِ القاتم ِ ، فكلُّ شيئ بصورته الاولى يكونُ مؤلماً حدّ الفجيعةِ ويعمّقُ فينا واقعاً رافضاً متمرداً على وعينا حين يباغتنا لأكثرَ من ستٍ وستين سنة، هو الألم ، إختصَرت ترهُّله شجونُ كنيسةِ القيامةِ وساحة المسجد الأقصى وهي تخبّئه دمعةً بين شقوقٍ جدران شوارعِ القدسِ القديمةِ دون أن يمرَّ السلامُ من هنا و يغسل الدّماء عن صليب آلامٍ حمّلهُ المسيح يوماً أمانةَ أنبياء لشعبهِ ....ودون أن يُعيدَ هذا السّلام لأشجارِ الصنوبرِ خطواتَ شعبٍ اقتُلع من جذوره أويردَّ كيدَ من جرَّدتهُ خرافةَ أرض الميعادِ عن براءةِ الضحيةِ وفصلته عن معاناة معسكرات الموت في أوشفيتز وتربلينكا وبلجيتش ليعيدَ إنتاجَ ضحيتهُ في كفر قاسم ودير ياسين وقبية . هو الموت ......... رحلتنا التائهة عَبْرةُ القسطلِ وشموخُ الكرمل في قسماتٍ يتمنطقَ الحقُ بخطوتَها الواثقة وهي تكتبُ تاريخاً يُعيد ظلالَ قصائد القمح والأرض في وصايا شهداء مقابرالأرقام وكلّ من شرّدتهُ النكبةَ لترميه أقدارها بإتجاه بوتقةِ حلم ٍأعادت له صياغةَ لحظةٍ تاريخيةٍ سلبتها منه خرافات العصر القديم ...قد يكون مؤلما أن تتذكّر النكبةَ وكل مايفضلكَ عن فلسطين التاريخية مخيمين ومستوطنة تلتصق بغزة أوبأرضٍ مصادرةٍ قرب جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية، هو خطٌ فاصل بين الحلمِ والحقيقةِ ، وأي كانت صورة حضور هذا الخط في الذاكرة فهوالخلاص لمن يصارع للبقاء على أرضه ..في مخيمات الشتات يختلفُ الأمر كلياً! فستكون مهمتك كلَّ صباحٍ اجتثاث تلك المسافات كي تتنفس فلسطين من إسم قرية على بابِ مدرسةٍ أو شارعٍ في مخيم ،كي لاتغادر حُلمَك وتستعيدُ وعي كل نكبتك وأنت توزّعُ وجوهَ من غابوا في تراب الجليل ولن يعودوا وتبقى واقفاً مثل الحقيقة في واقعك كلاجئ ....يصبح الموتُ على فراشك فلسفةً عبثية إذا لم تترك الرصاصةُ ثقبها وتمتدُ في أصوات من رحلوا لغة للثورة وحق للعودة .....في مخيماتِ الشتاتِ يسقطُ مفهوم الخيمةِ الأخيرةِ لتصبح مجرد رقمٍ يدور في عداد خيامِ غربتك ....تتنقل بينها تاركاً خلفَك كل شيئ ولا تلتفتَ لتلتقطَ ذكرى السنين العابراتِ من صورةٍ ظلَّت معلقةً كالخريف اليابس على جدارِ غرفتك ....تعودُ مرةً أخرى للبحر! فالبحر درب من لادرب له!! تبني وطنا في قوارب الموت فكل الاوطان الآن متشابهة وتظل تلفّٰ-;-ك الارضُ العقيمة دون جدوى !!! فالخيام تلعقها الجراح و تُسقط العالم في عارهِ حين يعجزُ المخيم عن دفن طفلة فلسطينية تنهشها الكلابُ الضاريات على شارع اليرموك ....سيقاتُل الفلسطيني طويلاً وفي كل معركةٍ سيبقى وحيداًوهو يهزم ُ قبح المرحلة ويُذكّر العالم والمفاوض الفلسطيني بأنّ الملايين التي يسكنها حق العودة لقراها ومدنها لن تترك الخيمة لخيمة أخرى ، فالتغيير الديموغرافي الذي يخشاه الكيان الصهيوني بإستحقاق العودة هو الإنتصار الحقيقي للمعركة التاريخية مع أعداء الحق والإنسان ...... دعونا نفتش عن خلاصٍ يُشرقُ من ثلاثين مذبحة ومعاناة خمس ملايين فلسطيني يحملون إسم لاجئ لازالت ظلالهم تمتد في الأرض حتى أصبحت أطول من سهل عكا. .

"سيُقاتلُ الجندي طويلاً من أجل قطعةِ وشاحٍ ملونٍ " نابليون بونابرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يمكن قراءة تصريحات بايدن حول اعترافه لأول مرة بقتل قنابل


.. بايدن: القنابل التي قدمتها أمريكا وأوقفتها الآن استخدمت في ق




.. الشعلة الأولمبية.. الرئيس ماكرون يرغب في حقه من النجاح • فرا


.. بايدن: أعمل مع الدول العربية المستعدة للمساعدة في الانتقال ل




.. مشاهد من حريق ضخم اندلع في مصنع لمحطات شحن السيارات الكهربائ