الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتملّقون .. ولاحسي قصاع السلطان

ياسين الياسين

2014 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


وهؤلاء يطفحون على السطح في كل عصر وزمان ، وليس من وجودهم القبيح مهرب ، وليس منهم في ذات الوقت أمان ، وأولائك أشرّ القوم وشرّ البلية في الخلق ، وهم حواشي السلطان وخدمه والمنتفعين منه ، وكبار موظفيه وكادره من الذين إستغنى السلطان عنهم أو أن خدماتهم لسبب أولآخر تم الأستغناء عنها ، ولكنّهم في ذات الوقت لايستطيعون الأستغناء عن السلطان وحفظ مقامه ولايستطيعون الأستغناء حتى عن مجرد الذكر الطيّب له ، وإن كان ذلك في مواطن الفحش والقبح ، والأمر جلي بهذا المقدار بسبب إرتباطهم الروحي والمصيري معه وجعلوا بسببه فجوة كبيرة بينهم وبين الجمهور ، فلايستطيعون عودة طبيعية إلى حضيرة البشر من أقرانهم لأنهم وإن حاولوا جاهدين فلن يجدوا هناك من يرحب بوجودهم ، وهم يدركون تماماً أن وجودهم بين الناس لاشك غير مرحب به بعد اليوم ، وهؤلاء وكرد فعل منهم بائس لحالهم ليس لهم من همّ ولا كرب سوى التهريج لأجل التنفيس عن مأساتهم في إفلاسهم السياسي وخيبة أملهم ، وتراهم ينعقون نعيق الغراب بسبب أوبدونه ليل نهار لايكلّون فيه ولايألون منه جهداً في مديح السلطان وليس غيره وحسب ، ولا همّ لهم سوى التطبيل والتزمير له يذكون في النفوس أنّه القائد والفذ والضرورة ورجل الحكمة والصعاب والمرحلة ، وكأنما الأرض أنجبته هو من الرجال ولم تنجب غيره دأبهم في ذلك دأب أزلام نظام الطاغية البائد حين كانوا ينفخون في صورة قائدهم الضرورة ليل نهار ، وهؤلاء لايقلّون عن أولائك في هذا الشأن من الهمة في النفخ والتزمير ، ولذا تراهم يترجمون كل كبيرة وصغيرة حتى التافهة منه بأنها بادرة من صنع حكيم جليل عالم فهّامة وحبر علاّمة ، وترى أولائك بوضوح وقد إنطلت على عيونهم غشاوة وقد عميت قلوبهم قبل بصائرهم فصاروا عمي القلب والبصيرة ، فيرون في كل قبيح مسؤولهم الفذ حكمة وسداد ، ولاينظرون أبداً إلى نتاج أفعاله وفشله الذريع في ميدان ربما لم يكن له فيه من باع ولادراية من قبل ، وقد أتت به عليه الصدفة فكان من رجالها ، وتراهم ومع كل هذا يراهنون على القادم من الأيام وأن الفشل جاء بسبب تقاطعات غير محسوبة من لدن جهات خارجية لها يد طولى في الداخل ، وهكذا نخسر السنين من أعمارنا نهيم في بحور التأملات الكاذبة والوعود النافقة أصلاً ، وهم قد جهّزوا سلفاً كل المبررات والتبريرات لذلك ، وحين يأتي القابل الموعود من الأيام فلن تكون إلاّ الأسوء والأمرّ والأمضى في أوجاعها وآلامها من ذي قبل ، ويشتد الوطيس ويكثر القتل والذبح والمواطنون صابرون عليه بمضض ، وهم يرون فلذات أكبادهم تجر في مواكب لجثامين باردة ، والقائد الفذ والضرورة يستكثر على الأمة بل ويستخف بها من أن تمارس دورها الحقيقي في الحياة والتغيير ، وكأنه الولي الحميم الأوحد المنصّب من السماء ، وقد قال أحد المعتوهين من الساسة قبل أيام في تجمع لأتباعه : نحن أصحاب سلطة إلهية ولنا حق إلهي في الأرض ، وهؤلاء الطبّالون المحيطون بهم يجهّزون التهم والتقارير المضادة بالأتجاه الآخر لكي يستمرّوا في حبك قصص الغي والبهتان خدمة منهم لأرباب رعاعهم ، وهم مستبشرون في أن يتمّوا رعاعاً لهم ولاحسين لقصاعهم ولفتات مايستخلفون على موائد دسمة مغموسة بحقوق الشعب المضيّعة والمنهوبة والمأكولة سحتاً في بطونهم المكروشة ، ومثل هؤلاء الناعقون المحيطون بالسلطان وحواشيّه من الطفيليين والنفعيين لهم القدرة في التلوّن والمراوغة وحتى المقدرة على التلاعب بمنتج العقل البشري للآخر ويبتعد بالتعريفات لدى الآخر في مفاهيم مطروحة لأبعد مايستطيع ، وأينما تحل ركاب رحلاتهم وأينما ترسو سفن الشيطان ، وكل ذلك لأرضاء السلطان وحسب ، وهم شر بلايا الأمم على مر الأزمنة والدهور ، وهم بارعون في السباب والشتائم ، وفي النيل من خصومهم بل وكل من يختلف معهم في الرأي بكلام نابي هابط ورخيص ربما تأنفه حتى العاهر في بعض مفاصله ، وهم يستسيغونه ويلوكونه بألسنتهم ولهم قصب السبق بذلك على إعتبار أن لهم باع في المنازلات والصولات في الحديث والمحاورة ، وهم من حيث لايدرون أنهم لايفقهون لغة الحديث ولايدركون معنى المحاورة بل هم بارعون في جدل فارغ وعقيم لايفضي إلى شيء في آخر المطاف ولن يفهم منه إلاّ تعظيم السلطان وأنّه الفذ الذي لاينازع ولايجاريه في الحكمة والحنكة أحد ، ولهم كما لسلطانهم القدرة أيضاً في فن ألاعيب الأستحواذ على السلطة ، ويحرّفون الكلم عن مواضعه ، فيتّهمون الآخرين بالعلمانية حيث يصفونها وكأنّها حركة إستبدادية مارست وتمارس قهر الدين وعزله في زاوية نائية ، وهم بذلك يتلاعبون بعقل المواطن البسيط في أعز مايملك وفي أغلى مايعتقد به وصولاً لأهداف دنيئة عندهم ، وهم لايألون جهداً في كل هذا التشويه للعلمانية لصالح المتأسلمين الذين هم أصلاً لايحترمون الدين كما تحترمه الدولة العلمانية من بين ضماناتها لحرية الدين والمعتقد ، وهو من بين أهم مفاصل برامج الدولة المدنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل