الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بل التوقيت الآن! عن اليمن والقاعدة

إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ

2014 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كان اعتراضه متوقعاً.
الشيخ عبدالوهاب الديلمي.
كتب معترضا على حملة الدولة على عناصر القاعدة الإرهابية في أبين وشبوة.
يتساءل في صفحته على الفايس بوك "من الذي يقود اليمن إلى الهاوية؟"
كالقاتل يقف في جنازة القتيل ويتساءل، من الذي قتله؟


لكنه سؤال مهم وفي الصميم.
لعل الشيخ لم يلاحظ أنه والشيخ عبدالمجيد الزنداني جزء من منظومة فكرية جرجرت اليمن إلى الهاوية من عقود.
منظومة تطرف فكري ديني.
تطرف سلفي أدى إلى تطرف زيدي، وعائلات أنقسمت بين مؤيد لذاك ورافض للأخر.

والدولة، كي نكون أمينين في التحليل، الدولة هي التي غذت ذلك التطرف خلال العقود الأربعين الماضية، لأسباب سياسية، من أجل لعبة البقاء في الحكم، الدولة ونخبتها السياسية هي من غذت هذا الفكر وتطرفه.
والنتيجة أن مجتمعنا تمزق.
عندما نصل إلى مرحلة يرفض فيها السلفي حضور زواج اخيه، لانه لازال زيدياً، والعكس ايضاً، نعرف أن هذا الفكر بشقيه يجب أن يواجه.

لكن الديلمي لا يرى ان هناك علاقة إرتباط.
وأن الفكر الذي يمثله هو والزنداني هو الذي افرخ لنا تنظيم القاعدة، وهو الذي افسح المجال لها كي تشن حرباً بشعة تروع الانسان في وطنه.

الديلمي يذكرنا بالأزمات الخانقة التي تمر بها اليمن.
كأننا لانتذكر.
أزمات اقتصادية، وبترول وديزل وكهرباء منقطعة. ثم إنعدام الأستقرار وعدم بسط الدولة هيبتها على البلاد، وإنقسام الجيش.
كأننا لانعرف كل هذا.
ثم يتساءل "في هذا الوقت العصيب تزج الدولة بنفسها وبالجيش مع حرب مع القاعدة. وهل هذا التوقيت تمليه الحكمة الصائبة والمصلحة الوطنية؟"
والله؟
الحكمة الصائبة والمصلحة الوطنية مرة واحدة؟

الرجل لايستطيع أن يكشف وجهه.
يخاف في الواقع.
يدرك أن عليه ان يلتزم "التقية".
هو والزنداني يدعمان فكر القاعدة.
فكيف يفرحان بجيشِ دولة قررت اخيراً مواجهة تنظيم إرهابي زعزع إستقرارها؟
ولذلك يعترض على التوقيت.
هل ننتظر أيها الشيخ إلى أن تدخل القاعدة إلى صنعاء؟

بل وقت المواجهة الآن.
الآن.

والمواجهة لايجب ان تقتصر على دحر المليشيا العسكرية للقاعدة. يجب أن تمتد لتشمل الفكر الذي تمثله والرموز التي تدعمها، واولهما الديلمي والزنداني.

المواجهة يجب أن تقوم على إستراتيجية مدروسة.
----

عن هذه الإستراتيجية تحدثت عبر السكايب في ندوة نظمها في أواخر ابريل الماضي "صالون" اليمن في السويد، والذي عرض فيه فيلم المخرجة اليمنية سارة إسحاق "الكرامة لاجدران لها"، الذي رُشح لجائزة أوسكار للأفلام الوثائقية. كانت المخرجة سارة إسحاق والناشطة افراح ناصر ضيفتا الندوة، ومعهما انا من خلال السكايب.
فيلم رائع، وحوار حضاري، لكن ليس هذا موضوعنا.
جاء حديثي رداً على سؤال وجهته لي صحافية سويدية مخضرمة.

قلت لها أن مواجهة ينابيع الإرهاب تتطلب منا أن نضع خطة مدروسة.
خطة تعتمد على أربع خطوط متوازية:
خط المواجهة العسكرية، للقضاء على مليشيا القاعدة، لكن في الوقت ذاته تسمح بإستيعاب من يقرر ترك القاعدة ورمي السلاح.
وخط التنمية، من خلال تحديد إحتياجات المناطق المتضررة التنموية، وأولويات تغطيتها.
وخط الحكم المحلي، من خلال بناء مؤسسات محلية بكفاءات من أبناء وبنات المناطق المتضررة، كي يتمكنوا ويتمكن من تلبية إحتياجات مناطقهن ومناطقهم.
وخط المواجهة الفكرية، من خلال توفير الفكر الديني البديل، الذي يواجهة لغة الإقصاء والكراهية القائمة في خطابنا الديني اليوم، بشقيه السلفي والزيدي.
أن نكف عن لعن "غير المسلمين" في خطب الجمعة سيكون بداية مناسبة.
أن نغير مناهجنا المدرسية هو ضرورة أساسية للبدء في التغيير.

كل ذلك يحتاج بالطبع إلى دولة قادرة على فرض هيبتها.
كل ذلك يحتاج بالطبع إلى نخبة حاكمة ذات رؤية.
نخبة تحب اليمن.و تخاف على اليمن.
نخبة ذات شرعية.
----

لو لاحظتن ستجدن اني كففت عن التعليق على ما يحدث في اليمن.
اعلق على ذلك ببحوث تنشر بين الحين والأخر، وكتاب أبدأ فيه قريباً.
لكني كففت عن التعليق متعمدة.
لم أرد أن اكون كمن لاهم له سوى الشكوى والنقد.
التغيير يحتاج إلى وقت كي يحدث.
ورغم قناعتي أن النظام لم يتغير فعلا في اليمن، الوجوه تغيرت، لكن النمط نفسه لازال قائما.
رغم ذلك، فإن شريحة الشباب والنساء ممن قابلتهم وقابلتهن في شهر نوفمبر الماضي في صنعاء جعلتني أدرك أن هناك حراكاً قائماً. وأن هذا الحراك يقوم في جو يسمح بالجدال والمواجهة.
وان علي لذلك أن اراقب واتابع، لعل تشاؤمي يكون في غير محله.
----

كما لااخفيكم أني سعدت بحملة الدولة القوية على عناصر القاعدة الإرهابية في اليمن.
كان هذا ضروريا.
وكان هذا وقته.
لكنه ليس كافياً.
بقي أن نتبنى خطة مدروسة كي نبني اليمن بأسرها. كتلك الخطة التي اقترحتها قبل قليل.

بقي أن نحمي الانسان في الوطن، وأن نحمي كرامته.
بقي أنأن نواجه الفكر الذي يدعو إلى قتل الانسان.
بقي أن نواجه الشيوخ المروجين لهذا الفكر.
ولذا، سأرد علي سؤالك يا شيخ الديلمي: من الذي يقود اليمن إلى الهاوية؟
يقودها إلى الهاوية أمثالك ممن يروجون للفكر الديني المتطرف بشقيه السني والشيعي.
ولذا فإن "الحكمة الصائبة والمصلحة الوطنية" تتطلب مواجهة تنظيم إرهابي يزعزع إستقرار بلدنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برنامج متكامل
حليم الاطرش ( 2014 / 5 / 9 - 21:33 )
ان ما طرحته لهو بحق يمثل الطريق الاصوب لمعالجة مشكلات اليمن العويصة بشرط توفر الارادات الطيبة وآليات العمل المناسبة عشت وعاشت كل الاقلام الشريفة

اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن