الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرأسمالية تتج الفقر و الإرهاب

حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)

2005 / 7 / 20
الارهاب, الحرب والسلام


الإرهاب من أبشع مظاهر العصر الحديث ، وأن الصور التي ترينا الأجساد الممزقة لضحايا العملية الارهابية في لندن ، و الناس الأحياء المرعوبين ، لا تعطينا صورة توضيحية كاملة عن الارهاب في العالم اليوم. إن تلك الصور لا بد أن تكتمل مع صور ضحايا الارهاب في العراق و أفغانستان ورواندا و الصومال و غيرها ، لكي تكون أمامنا صورة كاملة مكتملة وواضحة ، للجرائم التي ترتكبها سواء التنظيمات الجهادية أو الحكومات و الأنظمة الرجعية الظلامية . و إن الإرهاب لم يعد حربا ، ولا بسياسة. إنه استعراض للقوة و الجبروت من أطرافه . إنه أيمان بأن كلما كانت الضحايا أكبر عددا ، والجريمة أعظم ، كلما أقترب الارهابيون من تحقيق أهدافهم.
الإرهاب أصبح يستهدف حياة الناس الأبرياء و طموحاتهم و أحلامهم . فالهجمات الإرهابية ليست موجهة ضد الأجساد البشرية فحسب، بل هي بالرجة الأولى تقتل الروح و النفس والعقل والفكر و الشعور في الإنسان . وبعد كل جريمة ارهابية يتم التضييق على الحريات الشخصية ، و تنتهك حقوق الإنسان من قبل أجهزة الأنظمة الرأسمالية ، وتنتاب الجاليات الشرقية ، و المواطنين الغربيين ذوي البشرة المختلفة عن بشرة الأوروبي ، موجة اعلامية عنصرية معادية ، وتنتهك حرماتهم .
وإن الإرهاب تتغذى جذوره في العلاقات الإجتماعية الظالمة للرأسمال ،و التفرقة العنصرية، و الإستغلال و الإضطهاد في المجتمعاتع البشرية. و هو سواء كان اسلاميا ، أو ارهاب دولة ، وليد ظروف اللامساواة و اللاعدالة و الظلم و التصارع الاجتماعي في سبيل البقاء، و انتزاع الحصة الأكبر .
فالمجتمع الرأسمالي مثلما هو منبع العنصرية و الفاشية و الفساد و الادمان والعديد من الأمراض الاجتماعية ، يكون منبعا للارهاب أيضا. وإن القومية التي كما يقال إنها ظاهرة برجزازية ، و الدين هما من أخطر مولدات الإرهاب. الأفكار الخرافية تكون حمالة أكبر شحنات ذات قوة تدميرية و تخريبية . ففي النزعة القومية المتطرفة خرجت النازية الهتلرية.
وقد تعرضت لندن ، تلك الحاضرة الإنسانية السمحاء إلى هجمات ارهابية و تفجيرات من قبل الحركة الإسلامية الإرهابية .. الجهاد _ فرع أوروبا للقاعدة . وقد دبّرت الجرائم التي تنم عن تجرد القائمين بها من أية ذرة من رأفة و إنسانية ،بطريقة يمكن لها أن تحصد أكبر عدد ما أمكن من أرواح الأبرياء ، في وقت تتزاحم الحركة و الناس يهمون إلى أعمالهم و أشغالهم .
إن جرائم الإسلام السياسي ليست بنت اليوم ، بل هي ترتكب منذ عقود في باكستان و أفغانستان والعراق وأماكن أخرى،
وبدعم القوى الإمبريالية سواء مباشرة بتزويده بوسائل القتل والدمار ، أو في أضعف الحالات بالسكوت على جرائمها والتعتيم على وسائل الإعلام المضادة لها ، أو بتبرير تلك الجرائم بذرائع حرية المؤمنين في الدفاع عن دينهم و قتل أعدائه.
فالقتل عند الإسلام السياسي مشرّع عقائديا و دينيا و جزء أساس من إيديولوجيته . لهذ أرى أن قادة الرأسمال الإمبريالي
، و القوى الاهابية الإسلامية و القومية المتطرفة ، كلهم شركاء في جرائم الإرهاب ، وفي مقدمتها الجريمةالتي ارتكبوها في لندن.
أولئك القادة الذين ، قادة الثمانية الكبار ، الذين كبرهم نابع من صغر الآخرين ، أولئك الذين كانوا مختفين في قلاعهم المحصنة فور سماعهم بخبر التفجيرات أطلوا على الناس يعزونهم كعادتعم تعازيهم الكاذبة ، ويناشدونهم تحمل المصائب و الصبر و عدم الخوف و القلق ، و شرعوا يوعدونهم بأن الحرب على الإرهاب ستستمر حتى القضاء عليه باجتثاث جذوره في العالم.
إنني لست ضالعا في الاقتصاد ، و لست بسمير أمين ، لكنني أشعر ، بل أتيقن أن مجموعة الثمانية بادعاءاتهم القضاء على الفقر في العالم كذبة كبرى ، بل يمكن القول إن غناهم من فقر الآخرين ، و كبرهم من صغر الآخرين ، و عزهم من ذل الآخرين ، و شبعهم من جوع الآخرين . إنهم لم يجتمعوا للقضاء على الفقر في أفريقيا و أمريكا اللاتينية وآسيا كما يدعون ، بل التموا لكي يرتبوا من جديد أساليب النهب و طرائقه ، و يعملوا على ادامة ماكنة الاستغلال و الاضطهاد. اجتمعوا لكي يطمئنوا على سلامة عمليات انتاج الفقر الرأسمالية و اعادة انتاجه . ,إنهم امعنانا في افقار الشعوب المضطهدة في أفريقيا و آسيا ، يستمرون في بيع الأسلحة للانظمة المستبدة لاستخدامها في قتل رعاياها.
فكل الدلائل التاريخية لتطور المجتمع البشري تشير إلى أن الحركة الإرهابية تولدت من رحم الرأسماية الجشعة في نهاية القرن العشرين. و قامت القوى الامبريالية الرأسمالية بتمويل الارهاب اليميني المعادي لمصالح جماهير العمال و الكادحين والمستضعفين الواسعة .
فليوفر بلير وبوش رئيس عصابة الثمانية ، و بقية قادة الإمبريالية الثمانية تعازيهم الكاذبة و تعاطفهم المنافق مع ضحايا الإرهابيين ، صنائعهم لأنفسهم. إنهم لا بد أن يكونوا رفاق جريمة لحركة ساعدوا على قيامها و دعموها بكل الوسائل ، بدون مراعاة مشاعر الشعوب الأخرى.
أن الإرهاب الذي يحصد أرواح الأبرياء يوميا في العراق ، يتحمل الثماني الكبار الجزء الأكبر مسؤوليته . لكننا نرى و نشهد أن ثمة جبهة بشرية تقدمية أنسانية تقف في مواجهة جبهة الارهاب و الرجعية والامبريالية .. هذه الجبهة الانسانية كانت تضم أولئك الضحايا ، ضحايا العمليات الارهابية في لندن ، إنها تتكون من ملايين الناس الذين خرجوا يواجهون البوليس الرأسمالي ، ضد الحرب ضد الفقر في أفريقيا ، و ضد الافقار و اضطهاد الشعوب .. هؤلاء بقيادة طلائع تقدمية يسارية هي التي تحارب الارهاب بصدق و جدارة ، وهي القادرة على اقتلاع جذوره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما رصدته كاميرا شبكتنا داخل مستشفى إماراتي عائم مخصص لع


.. تساؤلات عن المسار الذي سيسلكه الرئيس الإيراني الجديد في العل




.. وفود إسرائيلية وأميركية في مصر.. هل الاتفاق بشأن هدنة غزة با


.. مراسلتنا: قصف مدفعي إسرائيلي على أطراف بلدتي حانين وعيترون ج




.. 5 مرشحين يدعمون القضية الفلسطينية فازوا بمقاعد في مجلس العمو