الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة من حرير!!!

يحيى رباح

2014 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ذاكرة من حرير!!!
يحيى رباح

صديقي العزيز زياد عبد الفتاح الذي التقيت به اول مرة في نهاية الستينات ، في مقر اذاعة صوت العاصفة في القاهرة ،وامتدت بنا قافلة فتح ، قافلة الثورة الفلسطينية المعاصرة ،قافلة فلسطين حتى يومنا هذا ،اهداني قبل ايام كتابه الجديد "ورق حرير "الصادر عن مؤسسة الرعاة للدراسات والنشر في رام الله ، وعن دار اليازوري للنشر والتوزيع في عمان ،والكتاب عبارة عن انثيالات من الضوء الناعم للذاكرة عن تجربته كما عاشها في وكالة الانباء الفلسطينية "وفا "التي هو مؤسسها الاول ، وكذلك عن تجربته في الاذاعة ، وفي مصلحة لاستعلامات ، وفي جريدة المعركة التي كانت تصدر يوميا خلال حصار بيروت الاسطوري عام 1982 ،وعن الامتداد والتفرعات والمالات التي وصلت اليها تلك التجارب المدهشة التي ارتادها جيلنا بشغف عظيم على امتداد قرابة خمسين سنة ،حيث تقودك الخطوة الاولى الى رحلة الالف ميل ، وحيث تذهب بك الاطلالة السريعة الى زمن كامل جديد لم يكن موجودا من قبل ، زمن تنبلج فيه صباحات من الدهشة والجنون ويعربد فيه الموت ،وتتداخل فيه الانتصارات الانكسارات والانتصارات ، وتشتبك فيه لحظات الحب والوفاء والامل مع قسوة الخيبات ووجع الطعنات الغادرة !!! لكن يبقى بعد ذلك نجم لا يغيب ، وسؤال لا يخبو ، وحلم لا ينطفيء اسمه فلسطين ، هل ما كتبه زياد عبد الفتاح هو رواية ؟؟؟هل هو تقرير تفصيلي عن بعض ما حدث ؟؟؟ هل هو انطباعت فردية او مساهمة في ذاكرة جماعية ؟؟؟ لاتهم الاسئلة ولا قيمة لمعاير النقد النمطية ، المهم انه شيء رائع ، وزياد عبد الفتاح مععروف عنه في اوساط جيله انه يملك ذاكرة متصالحة ، هادئة ، ودودة ،تميل ميلا متاصلا الى الموضوعية ، ذاكرة ثمينة وناعمة ودقيقة ومفعمة في الجمال ، ذاكرة حريرية .
كلنا في زمن فتح الاول ، زمن الثورة الفلسطينية المعاصرة ، سواء جيل التاسيس الاول ، جيل الفكرة الملهمة ، الذي عش النكبة باعمق معانيها واقسى فصولها ، او جيل البناء العملي ، بناء تجربة الفدائيين والمقاتلين ،وبناء القواعد العسكرية والقوات المسلحة والمؤسسات بكل انواعها على ارض متحركة لانها ليست لنا ، وفوق بساط الريح الذي لا يستقر بمكان .
كلنا بدون استثناء اخذتنا احلامنا الوطنية المشروعة الى مالم نكن نتوقع ، الى ما هو اشد غربة من كل خيال ،والى ما هو اشد ابداعا من اي ابداع ، انماط من الحياة الواسعة ، المحاصرة بما يفوق الحصار ، العالية فوق مساطب الغيوم المليئة بالفرح الغارقة في ينابيع الدموع !!!
من كان يظن ان اصحاب العبوة الصغيرة في نفق عيلبون ، سيصبحون جيوشا بالوية مشاة ومدرعات وصواريخ ثقيلة وقوات بحرية وجوية وصناعات سلاح ؟؟؟من كان يتخيل ان هذا الفدائي على حافة النهر سينفى بعد ذلك الى الابيض في اقصى الجزائر ، الى سنكات في ابعد مسافة في السودان والى السارة في الصحراء الليبية ،والمسيب في جنوب العراق والى باب المندب وراء عدن ؟؟؟ كل ذلك عقاب لهذا الفدائي على رفضه للهزيمة حين خاض معركة الكرامة ، وانه اخذ على عاتقه ابتداع حرب الاستنزاف ، وصولا الى صمود خارق في بيروت وانتفاضة بالحجر بعد استحالة الرصاص .
ولان الثورة ههي فعل يتجاوز الواقع وحلم يتجاوز السقوف المحددة سلفا ، وقيامة شاملة من اعماق الموت الكامل ، فان الحياة والتجارب والمعايير في هذه القافلة كانت مختلفة ، مفاجئة ، عاصفة ، قلقة ، مرة على سطح هاديء ومرة على فوهة بركان ،
ادعوكم الى قراءة "ورق حرير "لزياد عبد الفتاح ، فسوف تستيقظ مشاعركم حين تدخلون معه الى هذه الانثيالات الضوئية الناعمة ، عن تجربتنا الفلسطينية التي ما زلنا نخوضها صعودا الى الحق والحق له معنا واحد وهو فلسطين كيانا وعنوانا وهوية ، وميراثا لا ينضب ، وكفاحا لا يتوقف وشمسا لا تغيب .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل