الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار العيون الحلقة السابعة

الرفيق طه

2014 / 5 / 11
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


حوار العيون الحلقة السابعة :


احساس غريب ذلك الذي تملك احمد و هو في سيارة الكادياك السوداء . خوف و فرح ، و نشوة رواىًح العطر الشرقي الممزوج بلطافة المكان ،.جلس في الكرسي الامامي و الى جانبه حسناء تداعب المقود على طريق يشعر و كان السيارة تلتهم الاسفلت . تندفع للامام و تزداد سرعتها شيىًا فشيىًا . اعمدة الانارة تنتهي بضوء خافت تحوم حوله انواع من الفراشات وسط ضباب و ادخنة المدينة . بعد حين ابتعدت اضواء المدينة و ما بقي غير الظلام الذي يتمزق لحظة لحظة باضواء سيارات اختلفت اشكالها و سرعتها .
داخل السيارة راىًحة العطر تعم المكان و تجعل احمد يعيش كل الازمنة و الامكنة ، هنا تجمع الكون برمته ، توقف الزمان و تقزم الكون ، كل النساء حسناء و كل الرجال احمد ، و كان ادم و حواء يبعثان من جديد .
على طول المسار هدوء غريب ، هدوء الانتظار الحرج و سكون ما قبل العاصفة ، الهدوء الشامل بانتظار كلمة من لسان احد الاثنين . و في الباطن سرور خفي مشوب بالقلق المبهم .
سامفونية الصمت تطرب المكان و المسامع .لم ينطق احد من الثلاثة بكلمة ، الاسيوية في الخلف في موقع العدم ، احمد و حسناء اختارهما الصمت له و اختاراه لهما . كل واحد منهما غارق في اللحظة الكبرى . فيروز وحدها و بصوتها الملاىًكي تبعثر الصمت الجميل .
بين الاونة و الاخرى تلتفت حسناء يمينا و تقصف احمد بنظرة خاطفة ، تسرق الروًية و تمزجها بابتسامة حذرة و تعود لتحدق بامعان في الطريق المظلم تجاه الغرب نحو البحر . عينا حسناء تستفز كل من نظر اليها او نظرت اليه ، و تخترق كل دفاع و تجبر الجبابرة على الانحناء . كل العيون ترف و ترتجف امام عيني حسناء ، رغم العتمة فان سهام نظراتها كانت ثاقبة و موجعة .
احس احمد انه لا يستطيع مواصلة حوار العيون ، فرفع البياض منتشيا بالهزيمة الحلوة الرائعة ، تخلى في لحظة عن عناده وانصاع لنداء قلبه ، معترف بغرقه في بحر عيون لا كالعيون .
انطلقت السيارة باتجاه البحر . نظر الى المراة الخلفية للسيارة ، اضواء المدينة تبتعد حتى اصبحت كلها شموع . من بعيد تظهر المدينة بفوانيسها غارقة في نومها ، تمارس بوحشية طقوسها المعتادة ، متسترة بالليل ، في تواطىء غريب للزمان و المكان ، ليلعب الانسان لعبته القدرة على حبل ملمتري رفيع ، لعبة الحياة و الموت .
وحدها حسناء تعرف الى اين تسير ، وحدها تقرر و تنفذ ، وحدها الفاعل هنا وحدها توجه السيارة . وهاهما على هضبة مرتفعة مطلة على البحر. توقفت السيارة وتوقف الزمن ، انبقى في السيارة ام ننزل للشاطىء . كان العطر قويا قاسيا فاجرا، وكانت الكلمات حارقة ساحرة ،
البقاء في السيارة او الانتشار في الارض سيان .بعد برهة من الزمان استحسنا النزول . ترجل الاثنان و اتجها لاقرب نقطة مطلة على البحر ، يسيران و القمر يرعاهما خجولا يغالب الضباب ، مصرا على الحضور لتوثيق الزمن المفقود.
الاثنان معا كالظماًن ، في بيداء ، اقترب من واحة ليرتوي ماء . من يده اليسرى تشد حسناء اطراف اصابع احمد و تلاعب الريح ، كالفراشة . تسير ملتوية تنحني و تقوم ، ترفع وجهها للسماء و تنظر للامام ، تضمه اليها من الخلف ، و كانها عادت لطفولتها . تحت القمر يسيران بين صخور و اعشاب .
بلغا مكانا مطلا على البحر، يعلو كل ما حوله ، جلسا متقابلين . اثنان لا غير . لا صوت غير رقصات الامواج البحرية . وحده القمر يراقب ما يجري . تخلل اصابعه ، تداعبها بلمسات اللطف .
في غفلة منها رحل احمد في زمن الذكرى :
" هي ذات الظفاىًرالشقراء والثنورة القصيرة، ذات الالوان الزاهية ذات السيقان المكتنزة والوجه الممتلىء ، كانت بيضاء متوردة الخدود زرقاء العينين نشيطة ومتحررة . اليوم امامي ارملة ناضجة يانعة مقنعة ."
تعطلت لغة الكلام وعمت لغة الهوى و العيون . الجو رطب بلباس الخوف والرجاء والهواجس . ضاع التاريخ و تزلزلت الجغرافيا في هده الاجواء ، اجهشت الاميرة بالبكاء فاتحة الصندوق الاسود ،بصوت حانق انطلقت تحكي ، يجفف دموعها بين الفينة والاخرى.
رحل راشد الى حيث لن يعود ، توارى الثرى و لم يعد يربطه بالمستقبل غير نطفة تركها تنبض في احشاء حسناء . تلك النطفة التي تكبر في رحمها و يكبر معها انيس داخلي قد يعوض الوحدة التي تعيشها بعد الغياب المفاجىء لابيه . راشد الذي الذي لم يف بوعد قطعه على نفسه انه سيعوضها عن عزلة طال امدها .
حسناء منذ الطفولة لم يكن لها رفيق و لا انيس خاص ، كانت لا ترافق الا دواخلها ، ترسم و تكتب و تغني غاىًبا لم يسبق ان عرفه احد من اقاربها و لا اصدقاىًها . كلما مدحت كان في مخيالها ، و ان حلمت كان هو بطلها . حتى ظن الكثيرون انها مصابة بهوس او اعاقة نوعية .
دخل راشد حياتها على حين غرة ، عم التعجب لذى الكثيرين ممن يعرفونها ، قال بعضهم ان مطامحها ان تكون اميرة ، و قال اخرون انها اختارت الثروة و الجاه ، و ظن اخرون انها فريسة فخ محكم نصبه لها راشد و لذلك تزوجت به .
رغم قصر مدة المعاشرة فان راشد كان الطف من لطيف و اطيب من طيب ، كانت تشعر انها عينه التي لا تمس ، لم يسبق ان احست ان له في الدنيا شيىًا اخر غير حسناء ، كانت تشعر بالضيق حين اصبحت الكل في الكل لديه .
بالرغم من ذلك كله بقيت حسناء وفية لبطل احلامها ، لا تفارق التفكير في ماًله . كان مسيطرا على كل شيء في حياتها .
لا تشعر بيد تداعبها الا اذا تخيلت بطلها ، لا تنظر لعين تبتسم الا في وجهه ، حتى لذة العناق ترسم له قامة و جسدا امامها .
قاومت احاسيسها و واقعها الداخلي من اجل ان يشعر راشد بحبها له . حاولت ان تقابله بمثل حبه . الى ان رحل دون سابق انظار .
ضاع منها رفيق الحياة الذي يسكن بيتها و نطفة منه تسكن احشاءها دون ان تشعر بقلبها خلا من حب دفين للبطل الهلام .
بعد انتهاء كل المراسيم الضرورية للماثم و التعبير عن الحزن لوفاة الزوج ، دخل ابوه في حياة حسناء مثقلا بركام من الاعراف و التقاليد الخاصة باهله و عشيرته .
عاد الاب الى امريكا مرة ثانية بعد الوفاة لالحاق حسناء بمنزل العاىًلة حيث تتواجد الزوجات الثلاث السابقات لراشد . الاعراف العشاىًرية للمشرق تعطي الاب كامل المسوًولية عن زوجات ابناىًه بعد وفاتهم . و الكل يعيش في كنفه و تحت امرته ، الا الزوجة التي لم تلد الذكر فان لها الاختيار بين الرحيل لعاىًلتها او البقاء وسط العشيرة . اما التي لم تلد فعودتها لاهلها هي الاولى .
حسناء حامل ، و مصيرها وفق الاعراف مرهون بمولودها . فان كانت انثى فهي مخيرة بالعودة الى اهلها و ذويها او البقاء في كنف اب راشد ، اذا وافق . و اذا كان المولود ذكرا فان حسناء ملزمة بالعيش تحت امرة والد ابنها .
لم يكن الاب ينتظر من حسناء ردا سوى الاستجابة للاعراف . لكن السيدة اجابته بما لم ينتظر . فقد قصرت له المسافات باعلانها انها ستنتهي من ترتيب مصالح راشد بالولايات المتحدة الامريكية و تلتحق بامارة اب زوجها . اوضحت للاب ان مصالح راشد هنا جد مهمة و لذلك ستقوم بجردها و نقلها الى حيث تقيم العشيرة .اتفق الاثنان و ودعها راضيا مرضيا في انتظار عودتها لكنف العشيرة .
دخلت حسناء في حرج عظيم و حزن عميق . سيطر عليها تفكير بىًيس ، كثرت تساوًلاتها حول وضعها الحالي و مستقبلها المجهول . وجدت نفسها رهن الاعتقال ، سجنها اسواره من اعراف و ابوابه عادات و حاكمه ذكر و ضحيته انثى و شرعه احتقار و غبن و اضطهاد و قهر ، و زمانه ماض . وساىًله استلاب و الغاء للعقل و الضمير .
سيطر الحزن و الالم و الكره و الظلم على حسناء بالتوازي مع الوحم و الانتعاش و الامل المنتظر من مولود سياتي . و رفيق عمر قد يعوض بطل خيالها و احلامها . بدات تشعر بالضعف و الهوان . لكن سرعان ما ثارت على نفسها ، تسلحت بالقوة و الاستعداد للمواجهة و اسست للتحدي .
بدات بجرد ممتلكات زوجها الراحل ، اكتشفت ما لم يكن في الحسبان . لم تكن تعتقد ان زوجها الفقيد من الاثرياء الذين لهم اعتبارهم . كما اكتشفت ان حبه لها حتى بعد وفاته بين . الفنادق الاربعة المصنفة التي يملكها بالولايات المتحدة الامريكية قد كتبها لها بيعا .
اما البقية فقد اصبحت بحكم شرع العشيرة محكومة بارادة ابيه . اذا كان الاتي ذكرا فقد يستعيد النصيب الاهم ، اما اذا كان انثى فلا حق لها الا ما يهب لها جدها . اما الام فان دورها انتهى بالانجاب و لن تعود لها قوة الوجود الا بتزويجها لاحد اخوته .
املاك راشد منتشرة في مجالات متعددة اهمها مجموعة كبرى في اللوجيستيك و الياته و تعمل في العقار و الاشغال الكبرى . كما له شركات في تحويل الاموال و غير ذلك ....
توالت الاتصالات بين الاب و حسناء ، في كل مرة تجد لها عذرا عن التاخر في الرحيل الى بيت عشيرة راشد . الى ان انجبت ابنا سمته اسعد .
حسناء تحكي معناتها و احمد ينسط بامعان و يتذكر امه البكماء التي اخرجت كلمات مفهومة اليوم ، يتذكر معاناتها معه و هو طفل لا يعلم ما كانت تسره و ما تعتصره من الم .
كان يستمع و قد عادت له حيوية الاحساس بالجنس الاخر التي افتقدها لسبب ما منذ زمن بعيد . احاسيسه تشعره بذكوريته . لمسات حسناء له احيت جزءا كان قد فارقه من امد بعيد .
القمر اوشك على المغيب و حسناء لم تنه حكيها الذي تمزجه ببكاء و ابتسامات و ارتياح للحظة و رغبة في تبليغ ما يعتصره قلبها من احزان و ما تحمله من امال . اقترب الفجر ، زمن العودة قبل خروج الملتحي .
سار الاثنين متعانقين نحو السيارة ،
11/52014








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حتى لا تشيطن العيون
عمر ( 2014 / 5 / 16 - 20:52 )
حوار العيون واية عيون انها عيون بورجوازية زرقاء دات السيارات الفارهة شخصيا لا ادري سبب اختيار الرفيق لهده العينة من الشخصيات الغامضة و ما الهدف وراء دلك ايمكن القول ان لهده الطبقة همومها وقهرها رغم الترف المادي وبالتالي فنحن نرضع جميعا من ثدي القهر والفقر والضياع الا يزكي الرفيق بدلك ما تحاول بعض الكتب التعلبمبة ترويجه من ان حياة الفقير اسعد واريح من حياة الغني وبالتالي فالغني مسكين يستحق الرحمة والشفقة الا يجدر بالرفيق بابراز الوجه الاخر للبورجوازية وحياة الخفافيش التي تحياها الا يزيح الرفيق االثام عن عن هدا الحوار ام انه سيشيطن ويبقى مقنعا كحسناء الرفيق وقد لانفاجا باحمد وهو تابع لحواء مطلق للحيته ياكل من الشجرة

اخر الافلام

.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا


.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق




.. إحدى الحاضرات منى الحركة


.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك




.. سلوى جرادات وهي فلسطينية من رام الله