الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طنطاوى – الرجل الذى لم نعرفه !

شريف عشري

2014 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


فى أحيان كثيرة قد نخطئ الظن ونسيء التقدير بشخص ما أو موقف معين ...وقد يرجع هذا الخطأ في التقدير إلى بدايتنا من افتراض أو من مقدمة خطأ أو إلى قصور بالإلمام بالظروف المحيطة أو إلى قصور في البيانات والمعلومات المتاحة أو لكل الأمور معا ... والحقيقة أن سوء التقدير لموقف أو لشخص - لدى الكثير منا- قد أصبح أسلوب حياة أكثر منه وقوعا في الخطأ من دون قصد ..بمعني آخر أن سوء الفهم وبالتالي خطأ التقدير قد أصبح العرف السائد بين المواطنين المصريين فى معظمهم ..
ما دعاني لكتابة مثل هذه المقدمة هو تحليل تلك الظاهرة التي اصطدمت بها شخصيا في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الكافيهات والمنتديات بل وفى المواصلات العامة وفى الشارع ...
وسوف أتناول موقفا واحدا ينطوي على سوء تقدير لرجل أنا أراه من أفضل الرجال بالرغم من أن العديد ينظرون إليه على أنه خائن وباع مصر للإخوان ...وهذا الشخص هو سيادة المشير / طنطاوى ....
قد يتساءل البعض وينتقد طنطاوى ويقول : لماذا لم يفعل طنطاوى كما فعل السيسي ؟ لماذا لم يهاجم الإخوان كما هاجمهم السيسي ؟ لماذا فضل انه يعطي لهم البلد طوعا إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا ؟
الإجابة بسيطة جدا : وتكمن فى اختلاف الظروف التي عمل فيها طنطاوى آنذاك عن تلك التى يعمل فيها السيسي الآن ...بمعنى آخر : الوقت والظروف لم يكونا أبدا ليسمحا لطنطاوي لأن يتصرف مثل السيسي أو لأن يقول اى شيء أو يفعل اى شىي أفضل مما فعل ...الوقت والظروف دعياه فقط للتحرك على مستوى سري وتطبيق خطط الخداع الاستراتيجي ، بل وتفعيل أسلوب الكر والفر كأسلوب عسكري ينبغى ان يتبع فى مثل هذه الحالات الحرجة .
فسقوط الداخلية واستباحة أمن الدولة ولجوء الشعب إلى الدفاع عن و حماية ممتلكاته بل واستحداث الفجوة الأمنية من قبل الإخوان ولجوءهم إلى نشر الفوضى بطريقة منظمة وممنهجة ، وقتلهم المتظاهرين لإحداث مزيد من الإرباك للموقف ولاستعداء قطاعات الشعب للداخلية وللجيش خصوصا بعد انتشار شعار "يسقط حكم العسكر "..ناهيك عن تجول الأسطول البحري للناتو فى البحر المتوسط ونية أمريكا الواضحة فى دعم الاخوان بل واقتحام مصر تحت اى مبرر ....كل تلك الظروف هي الظروف التي كان يعمل في ظلها طنطاوي فلم يكن أمامه بدائل كثيرة للحل سوي انه يطبق خطة البيدق السام وهى التضحية بشيء فى الأجل القصير فى مقابل الحصول على شىء أكبر فى الأجل الطويل ...فكانت التضحية بالحكم فى مقابل الحفاظ على الدولة ككل ثم استرداد الحكم فيما بعد وذلك بعد تطبيق إستراتيجية للخداع متوسطة المدي استغرقت تقريبا ثلاث سنوات ... إذن الرجل لم يخطئ الرجل ظلم والتاريخ سوف ينصفه وأمور كثيرة سوف يتم كشفها كما تم الكشف عن نشطاء السبوبة وزعيم اليوتوبيا السيد/ البرادعى .... لكن لكل شىء تحت السماء وقت .
الضغوط على مصر سواء فى الداخل او من الخارج كانت فوق الوصف ... طنطاوى ببساطة اتبع سياسة العصا والجزرة مع الاخوان .
تخيل لو أنه تكلم او فعل مثل السيسي .. وانت كانت داخليتك واقعة ومافيش أمن دولة علاوة على وجود عداء بين الشعب وجيشه وداخليته علاوة على وجود فراغ امني كبير ....تخيل لو اصطدم طنطاوى بالاخوان كان ممكن وقتها الاخوان يولعوا البلد ويحرقوا مصر ازاى تخيل مدى الصدام الذى كان ممكن ان يحدث بين الجيش والشعب نتيجة استقطاب الاخوان للشعب وخداعهم له ...تخيل لو الاسطول الامريكي وحلف الناتو هاجموا مصر خصوصا انهم كانوا مرابضين فى البحر ومتأهبين لعمل أى كارثة والدخول لمصر تحت أى حجة كما فعلوا مع ليبيا ...تخيل ....وتخيل ....الخ ....ظروف طاحنة استدعت التروى والتعامل مع الواقع بحكمة وتخطيط وخداع على أمد طويل وقد تم استرداد الكرة فى الملعب تقريبا بعد 30 يونيو وبالأخص بعد استقطاب الشعب نفسه وادخاله فى المعادلة السياسية كغطاء قوى لاسترداد مصر مرة أخرى وسلب الحكم من الاخوان والعهدة به لقبضة الشعب ..هذا الشعب الذى كان يؤمن بالإخوان بل كان يصدق كل لحية وكل جلباب وكل من قال : " قال الله وقال الرسول" ...كان لازم الناس تجرب وتفهم...لذلك فالشعب الذى خدع من قبل جماعات الإسلام السياسي لمدة تزيد عن ثمانين عام هو هو نفسه الشعب الذى فهم اللعبة ودحر قوى الشر بنفسه بخروجه بالملايين يوم 30/6 ... فلولا التجربة والخطأ trail & error ما تعلم الشعب شيئا وظل في تيهه وتخبطه إلى أن يفنى مع سقوط الدولة ...فالتجربة أتاحها طنطاوي والخطأ أدى إلى استفاقة الشعب من غيبوبته الطويلة ..والمحصلة تجريد قوى الظلام من سلطة الحكم واستردادها لحساب إرادة الشعب مرة أخرى .
=====================
شريف عشري – خبير إقتصادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في