الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس عندنا فساد.. عندنا تمويل ذاتي

كريم كطافة

2005 / 7 / 20
كتابات ساخرة


من البركات التي أورثنا إياها معجزة الأمة (صدام حسين)، مصطلح اقتصادي دعاه بـ(الترشيق). أراده ترشيقاً لدولته. كان الترشيق ذا شقين، أولهما ترشيق الكروش، وهذا يشمل المسئولين من درجة مدير عام إلى الوزير. الأمر الذي دعا متكرش نموذجي مثل (طه الجزراوي) أن يكون قدوة مثالية، لقد نجح المسكين وفي ظرف ثلاثة أشهر من مسح كرش دائري مهول أخذ منه ثلاثة عقود. والشق الثاني كان ترشيق ميزانية الصرف النازل من فوق، باعتماد مبدأ (التمويل الذاتي).
من تداعيات ذلك الإنجاز الاقتصادي الهائل، ظهور مفاهيم اقتصادية من نمط جديد، من قبيل الخفة والشطارة والسمسرة والدرجة الحزبية وموقع مسقط الرأس في مدى قربه من (عوجة) الأمتين العربية والإسلامية. في المحصلة كان على الموظفين من الفطاحل والكتاكيت أن يتسلحوا ببعض أو كل تلك المفاهيم، ليمارسوا صولاتهم الوظيفية على جيوب المواطن وجيوب اللي خلفوه، لتفريغها من كل ما خف وزنه وغلى ثمنه وبرضائه ودعائه لهم بطول العمر والرقبة. هذا ما كان من شؤون وشجون الجمهورية الأولى، تلك التي بدأت بانقلاب عسكري وانتهت باحتلال أجنبي.
أما في الجمهورية الثانية التي بدأت باحتلال أجنبي والله وحده يعلم كيف ستنتهي، لكني أدعو الله جل وعلا صباحاً ومساءاً وبشفاعة كل من له شفاعة، أن تكون نهايتها هذه المرة اندماجاً فدرالياً أو كونفدرالياً اختيارياً بالاتحاد الأوروبي، حالنا حال مالطا وقبرص.. قولوا آمين يا ولد الحلال..!! هذه الجمهورية الوليدة، واجهت ومنذ صرختها الأولى في ساحة الفردوس، على مشهد سحل التمثال، معضلة تساقط مفاصل دولة التمويل الذاتي كما تتساقط قطع الدومينو. الأمر الذي جعل القائمين عليها يتجشمون عناء البحث عن تلك المفاصل بين الأنقاض والركام، علهم يحصلون على قطع دومينو لم تزل شريفة وتصلح لبناء الهيكل الجديد للدولة. لكن، ولأسباب لوجستية تخص إرهاب وأحباب بدأت تزودنا بهم الأمتان العربية والإسلامية من باب النصرة والجهاد، على هيئة كائنات مفخخة مجاهدة جاهزة للتفجير بالريموند كونترول ومن كل الماركات بقائمتين وبقوائم. اضطرت تلك الأسباب قادتنا الجدد على الإسراع في عمليات النبش والتنقيب دون اعتماد مقاييس الجودة والنوعية. بل برز من بينهم من يدعو وبالعراقي الفصيح: يا جماعة أعيدوا كل شيء إلى سابق عهده بلا تمحيص وبلا بطيخ.
هكذا تكون جمهوريتنا الثانية قد أعادت قطع دومينو التمويل الذاتي إلى سابق عهدها، ومن درجة فراش إلى درجة ما تحت الوزير بشبر. الوحيد الجديد واليتيم في العملية كان الوزير. ولأسباب تخص نظام التوزير الاستثنائي التحاصصي التوافقي، أصبح من النادر أن تجد وزيراً يرتدي وزارة على مقاسه. تكون الوزارة أما أصغر أو أكبر من مقاسه. قيل أن ضغط الاحتلال والإرهاب لم يسمح للجميع أخذ المقاسات بالاعتبار.
ميزة وزراء الجمهورية الثانية، كلهم مستجدون، وعليهم العمل وسط طواقم قطع الدومينو القديمة، الطواقم إياها العليمة والخبيرة بكل شؤون وشجون التمويل الذاتي. عليه، من كان من الوزراء ذا خلفية مهنية وعلمية على مقربة من مبدأ التمويل الذاتي، تراه انسجم واندمج مع وزارته دهن على عسل، وحصل من العسل والدهن في ظرف شهور قليلة ما يحصل عليه أي وزير طبيعي في سنين. أما من كانت خلفيته نضالية مبدأية ومتورطاً بمفاهيم من قبيل الشرف ومصلحة الوطن والمواطن والمسؤولية التاريخية وغيرها من المفاهيم التي لا علاقة لها بالتمويل الذاتي، تراه خرج من وزارته كما دخلها بنفس الحذاء. أو كما تقول العرب (خرج بخفي حنين). كان شعار طواقم التمويل الذاتي واضحاً ولا يرحم: حصة الوزير محجوزة، إن قبلها فبها وإن رفضها هو الخسران.
إلى لحظة كتابة هذه السطور ولعدم صدور مفاهيم اقتصادية وعملياتية جديدة، تحل محل التمويل الذاتي، يعتبر المفهوم فقهاً وشرعاً حلالاً زلالاً. وبسبب القدرات الفذة لقطع الدومينو على خلع الزيتوني القاتم وارتداء الأسود القاتم وخلع البيرية والكاسكيتة واعتمار الكشيدة والعمامة دون الحاجة للمرور بأية مدرسة فقهية أو حوزوية، نستطيع القول وبالفم المليان: لا يوجد في جمهوريتنا الثانية فساد.. بل يوجد تمويل ذاتي.. وكان الله في عون المواطنين..!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو