الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتحول البئر اللاديمقراطي الذي حفره المالكي لإياد علاوي عام 2010 إلى نافورة ديمقراطية ؟

حسين كركوش

2014 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


النتائج الأولية حتى الآن تؤكد على أن المالكي حصد أصوات كثيرة لم يحصل عليها غيره من المرشحين و أن قائمة دولة القانون التي يتزعمها تكتسح جميع القوائم، كل على انفراد. إذا تأكدت هذه المعلومات رسميا فأن من حق المالكي تشكيل الحكومة الجديدة.
لكن: ماذا لو أن القوائم الانتخابية من غير دولة القانون شكلت كتلة داخل البرلمان تتمتع بالأكثرية و سدت الطريق أمامه وحرمته و قائمته من الفوز ؟ هل هذا جائز؟
ديمقراطيا لا يجوز ذلك. فما دامت قائمة المالكي حازت على ثقة الأكثرية فالأولى أن تقوم هي بتشكيل الحكومة الجديدة. أما من الناحيتين القانونية والأخلاقية فمن الجائز سد الطريق أمام قائمة دولة القانون رغم فوزها، وحرمان المالكي من ولاية ثالثة. والمالكي يعرف ذلك أكثر من غيره. فالكتلة الأكبر لن تفعل (هذا إذا تشكلت ونجحت في حرمان المالكي من الفوز) سوى ان تدفع المالكي وتوقعه في نفس البئر اللاديمقراطي الذي حفره بيده لإياد علاوي في انتخابات 2010 استنادا لفتوى قانونية انتزعها من المحكمة الاتحادية.
لكن السؤال هو: أيهما أفضل للعراق، أن يستمر المالكي لولاية ثالثة أو أن يوكل أمر تشكيل الوزارة لشخصية أخرى ؟
نعرف أن بديل المالكي سيتم اختياره من الائتلاف الشيعي، وفقا لعُرف أصبح مقبولا (أقله حتى الآن). شخصيا، لو قارنت بين المالكي وبين الآخرين المرشحين من داخل الائتلاف، فسأختار المالكي، رغم أني لم أصوت له.
الأسباب، بعيدا عن العناد والرغبات والعواطف الشخصية هي كالتالي: أولا، حصول المالكي وقائمته على أكثرية أصوات الناخبين. ثانيا، أن استمرار رئيس حكومة أو رئيس جمهورية لأكثر من ولايتين ليست بدعة عراقية (المستشارة الألمانية مثلا) ولا تسبب ضررا للديمقراطية لكن شرط وجود دولة مؤسسات راسخة. ثالثا، اكتناز المالكي لخبرات كثيرة في إدارة الدولة خلال السنوات الثمان السابقة. رابعا، رغم أن قائمة دولة القانون لم تطرح برنامجا واضحا، ألا أن القوائم المنافسة لدولة القانون داخل الائتلاف الشيعي هي الأخرى لم تطرح برامج وطنية أفضل و أكثر تقدما ووضوحا من قائمة المالكي. وإذا استندنا على خطابها الانتخابي الذي سمعناه فأن كل القوائم في الائتلاف الشيعي تقف على يمين دولة القانون و رئيسها المالكي، وليس على يسارهما. ناهيك عن أن هذه الأطراف تتحمل مع المالكي مسؤولية الكثير من المشاكل الكبرى التي تواجهها البلاد، خصوصا أن معظمها أو كلها شاركت في العملية السياسية الجارية منذ 2003 وشاركت في مجلس الحكم، وساهمت في كتابة الدستور الحالي، ثم شاركت في جميع الانتخابات التي جرت. وبعض من هذه الأطراف شاركت في حكم ولايتي المالكي وتتحمل مثله مسؤولية انعدام الخدمات وتدهور الأوضاع الأمنية، بالإضافة للمشاكل الكبرى الآخرى. خذ المحاصصة الطائفية، مثلا. جميع أطراف الائتلاف الشيعي بدأت تتحدث، الآن وبعد كل ما حدث في العراق طوال السنوات العشر الماضية وبعد أن زال التهميش عن كل المكونات العراقية وأخذ كل ذي حق حقه من العراقيين، عن تحويل الائتلاف إلى ( مؤسسة) بدلا من تفتيته تدريجيا وصولا إلى خلق أحزاب وائتلاف عراقي وطني عابر للطوائف. والنقد اللاذع الذي بدأت توجهه أطراف الائتلاف للمالكي هو أنه أضعف الائتلاف ولم يخدم مصالح الشيعة كما ينبغي !
على أي حال، وبما أن الأمور لم تحسم رسميا بعد، سواء فيما يتعلق بنتائج الانتخابات أو تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر فأن الاحتمالين واردان. وسواء فاز المالكي بولاية ثالثة أو أُبعد عنها وعُهد لشخصية أخرى من الائتلاف الشيعي لتشكيل الوزارة فأن أولى المهمات الكبرى أمام من يقود الحكومة يجب أن تكون تدشين (عهد جديد) قولا وفعلا، وأحداث قطيعة مع التجربة السياسية الماضية.
والعهد الجديد يجب أن يبدأ بردم البئر اللاديمقراطي الذي حفره المالكي عام 2010 ، واستمر يتعمق يوما بعد آخر طوال سنوات الولاية الثانية للمالكي.
البئر اللاديمقراطي الذي بدأت به الولاية الثانية للمالكي شجع على حفر آبار لاديمقراطية كثيرة أُستخدمت مياهها المرة المالحة اللاديمقراطية لسقي الديمقراطية فكادت أن تقتلها وهي ما تزال نبتة لم يقو عودها بعد. فقد كان طعنة قاتلة للديمقراطية الخطاب الذي ألقاه السيد المالكي ولم يمر عامان على ولايته الثانية وأعلن فيه، ليس رفض التداول السلمي للسلطة، وإنما رفض وجود قوة معارضة أصلا: (هو يكدر واحد ياخذها حتى ننطيها). ثم جاءت الطعنة الثانية القاتلة للديمقراطية عندما عبر المالكي عن إزدراء قاس للبرلمان العراقي، أبو الديمقراطية وحاميها. فقد رفض المالكي، على طريقة القائد الأب الوصي، الحضور أمام ممثلي الشعب. رفضه برره بالقول بأن حضوره وكشفه عن ملفات سيدفع نواب الشعب أن (يتعاركوا بالبوكسات) !!
وقبل هاتين الطعنتين وبعدهما رافقت الولاية الثانية الكثير من الممارسات اللاديمقراطية: الهجوم على متظاهري ساحة التحرير واعتقال بعضهم. عدم تعيين وزراء للدفاع والداخلية. إيكال تسيير شؤون مؤسسات الدولة لوكلاء من حزب رئيس الوزراء. إغلاق مؤسسات إعلامية. الحكم بالسجن على إعلاميين وسياسيين وملاحقتهم بسبب مواقفهم السياسية المعارضة. تحويل القناة التلفزيونية المملوكة للدولة إلى أداة للترويج والدعاية لرئيس الوزراء دون غيره، ناهيك عن معارضيه السياسيين. إعلان الحكومة بشخص رئيسها بأنها (ولية دم) العراقيين وهذه بادرة شؤم حقيقية لأنها تذكرنا بالطريقة التي قتل بها حسين كامل. تسهيل هروب مقربين من حزب رئيس الوزراء متهمين بسرقة المال العام إلى خارج العراق بدلا من إجبارهم على المثول أمام القضاء. حرمان شخصيات عديدة، ( بقرار قضائي ! ) من الترشح للانتخابات الحالية. إذكاء النزعة العسكرية من جديد والتهديد بل حتى استخدام المؤسسة العسكرية في حسم النزاعات الداخلية. تراكم صلاحيات واسعة متعددة وخطيرة عند شخص رئيس الوزراء وحده.
هذه ليست مجرد أخطاء ولا هي سوء إدارة. هذه فلسفة متكاملة لكيفية إدارة الدولة. وهي بداية لظهور نزعة بونابارتية قد تكون في بداياتها الخجولة. لكنها تتحول، إن لم تُلجًم فورا، إلى غول لن يموت يلتهم الديمقراطية، وفي أحسن الأحوال يحول الديمقراطية إلى مجرد أداة شرعية مقبولة، لكن فقط للوصول للحكم والبقاء فيه.
صحيح، أن المالكي رئيس الوزراء الحالي والقائد العام للقوات المسلحة ( والمشرف على إدارة وزارتي الداخلية والدفاع ورئيس حزب الدعوة ورئيس كتلة دولة القانون) لم يصبح ديكتاتورا بعد. وسيكون مصيبا لو قال: إنني لم انتزع هذه الصلاحيات انتزاعا إنما خولها لي الدستور. وقد قال ذلك مرارا. والمالكي سيكون مصيبا، أيضا، لو قال: إنني لم استخدم هذه الصلاحيات لتنفيذ ثورة ثقافية أو أضطهادات جماعية لأصحاب الرأي المخالفين لي أو تنفيذ مجازر جماعية مروعة، على غرار ما فعل بعض الديكتاتوريين في القرن العشرين ,كما فعل صدام حسين.
هذا كله صحيح. لكن التاريخ يخبرنا أن نابليون ضرب بعرض الحائط المؤسسات الدستورية القائمة عندما أصبح القنصل الأول ومن ثم أمبراطورا يمسك وحده بكل مقاليد البلاد، وعادت فرنسا في عهده إلى الحكم المطلق تقريبا كما كان عليه الأمر مع ملك فرنسا قبل سنة 1789.
وحتى لا يظهر نابليون عراقي جديد سواء كان أسمه صدام حسين أو فلان أو علان فعلى من يريد التغيير، سواء ظل المالكي أو جاء شخص آخر أن يدشن، كما قلنا، عهدا جديدا حقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليتك استعملت ميزانا تقليديا وليس الكترونيا
البدراني الموصلي ( 2014 / 5 / 12 - 12:50 )
عزيزي استاذ حسين
حسنات المالكي التي اوردتها لم تتجاوز الاربعة فقط , وقد تضيف اليها اخرى لكنها ستبقى اقل من اصابع اليدين .بينما وبقلمك خططت سيئاته وقدمتها بطعنتيه للديمقراطية , وكل منهما في رايي تعادل الحسنات الاربع جميعها , ثم اضفت اليهما مجموعة المساؤي اللاحقة , وكل منها ايضا تعادل الحسنات الاربع وتفوقها ثقلا وتأثيرا
لقد كان ميزانك الكترونيا ومن الصناعة الصينية الرديئة التي يستوردها تجارنا منذ التغييربدعوى ان شعبنا فقير لا يحتمل سعر البضاعة الرصينة حتى الاجهزة الطبية لقياس الضغط والسكر والحمى وغيرها مما يعبث بالصحة بدل صيانتها , ومن الواضح ان ميزانك الالكتروني هذا قد تعطل عن العمل فأعطاك قراءة مغلوطة بها رجحت المالكي على غيره- هذا رأيك لا اعتراض عليه -لكنني التمسك ان تستعمل ميزانا تقليديا من كفتين لتضع معطيات المالكي الايجابية على احداهما وسلبياته على الاخرى , فتحصل على الكفة الراجحة ببساطة ودون تعقيدات الالكترون والتقنيات الرديئة القابلة للخطأ ويؤسفني ان اقول ان في مقالك وان لم تقصد عمدا ,تلميعا لصورة المالكي وغبنا للعراق الولود بالرجال ذوي المواقف والهامات السامقة
تحياتي

اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها