الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غض البصر كيف نفهمه؟

فوزي بن يونس بن حديد

2014 / 5 / 14
كتابات ساخرة


مسألة فقهية ظلت ترن في أذني وأخذت مساحة من فكري، بقيت تراودني وتلح عليّ في الكتابة عنها بكل السبل، بقيتُ في البداية مترددا خوفا من الوقوع في الخلل أو بالأحرى في الخطأ، لأن الخطأ في الحكم في مسألة فقهية ليس بالأمر الهين فلا بد من الرجوع فيها إلى أهل الاختصاص والفتوى لاستنباط الحكم من مظانه الأساسية ومصادره الأصلية، مسألة ذكرها القرآن الكريم في سورة النور المليئة بالأحكام، سماها الله عز وجل نورا على اسمه عندما قال: "الله نور السماوات والأرض" فهي تحمل الأنوار من رب العالمين وكل حكم فيها هو نور للمؤمن في حياته وأخراه، إذا التزم شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
يقول المولى عز وجل مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" وبعدها قال:" وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن" فصَل في الخطاب بين المؤمنين والمؤمنات، بالرغم من أن الخطاب عادة يتوج بياأيها الذين آمنوا إذا أراد إعلامهم بحكم وفي ذلك تنبيه عظيم أن الأمر للرجال يختلف عن الأمر الموجه للنساء، كما أنه أجْمَل في خطابه للرجال وفصّل الحديث عند ذكر المؤمنات، فالرجال مطالبون بغض البصر لأنه أأمن لحفظ الفرج ذلك أزكى لهم وأطهر، بينما أسهب في ذكر التفاصيل المتعلقة بالنساء بالرغم من أن البداية تتشابه في الألفاظ، وفي كل ذلك لفتات قرآنية عظيمة يقف عندها المؤمن ويتأمل ويسبح في بحور التفسير والتحليل والاستنباط ليخرج برؤية واضحة في هذه المسألة.
أمرنا الله عز وجل جميعا رجالا ونساءً بغض البصر، ولم يأمرنا بإغماض العينين عند رؤية أحد الجنسين الآخر، وفي ذلك بيان وسحر، وغض البصر مرتبط بالنظرة الفاحصة التي تتثبت في التفاصيل، أما النظرة العابرة أو غير الشهوانية فإنها لا تدخل ضمن النظر الحرام، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه وجه أصحابه رضوان الله عليهم أن النظرة الأولى لهم وهي العابرة أو الخاطفة والثانية عليهم، ومادام القرآن ميّز بين الجنسين آثرت الحديث عن كل طرف على حدة، فالرجل شهواني بطبعه ولكنه قادر على ضبط غريزته إذا استولى الإيمان على مركز الدماغ الموجه لتهييج هذه الغريزة، فالخوف من الله عز وجل ووعيده من عذاب جهنم يجعل المسلم يفكر ألف مرة قبل الإقدام على فعل يشبع غريزته ويطفئ لهبها، ولهذا فإن النظرة التي تحمل في جوانبها شهوة هي المخيفة لأنها قد تتطور إلى ابتسامة وربما إلى فعل أو جرم يعاقب عليه فاعله في الدنيا والآخرة وبالتالي يخسر صاحبها الحسنيين، أما المرأة فهي مصدر الجذب للرجل غالبا فهي حيية لا تبادر بالفعل إلا إذا طغت عليها وساوس الشيطان وحادت عن الطريق المستقيم، وهي زينة الرجل وريحانته أنى وجدها خفق قلبه وتحركت شهوته، لذلك أمرها الله سبحانه وتعالى بالستر وعدم إبداء الزينة لغير الأصناف التي ذكرها في الآية الكريمة خوفا عليها في المقام الأول من التحرش بها كما يقع اليوم بل خوفا على شرفها من أن ينتهك.
لكن المسألة يجب أن تأخذ بعدا آخر في عصرنا اليوم، فقد عشنا العقود الماضية ونحن نرى نساء قومنا لا يرينّ من أجسادهن سوى العينين ولا يخرجن من بيوتهن إلا لضرورة، أما اليوم وقد تغير الحال وأصبحت المرأة تزاحم الرجل في كل مكان وعدّت ذلك من حقها، ينبغي تأصيل المسألة من جديد حتى تتماشى مع الآية الكريمة، فإذا كان المراد من غض البصر عدم رؤية شيء من جسد المرأة فالأمر بات من الصعب بل من المحال لأنها موجودة أمامك في كل وقت وكل حين، في السوق تزاحمك وفي الكلية تجلس بجانبك وفي الجامعة تبتسم لك، وفي الحافلة والطائرة تختلط بك، وفي دوائر العمل تستأنس بك، بل وصار الأمر عاديا لأن الجنسين تعودا على بعضهما بعض، فكيف يأتي الحكم إذا؟
هناك من يفهم الآية على أنه إغماض للعينين ونقول كيف تفسر ما فعله الفضل بن العباس حينما رأى امرأة جميلة فشاح بوجهه نحوها وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يثنيه عن فعله في كل مرة دون أن يجرمه، ومنهم من أفرط في ذلك بدعوى تغير العصر وتطور الحياة فكيف يفسر ما قام به أسلافنا رحمهم الله فقد روي عن أحدهم أنه وقع نظره على طرف من شعر امرأة فصام عاما كاملا كفارة لما فعل لأنه في نظره جرم كبير وفتنة عظيمة، وبين هذا وذاك يبقى للعلماء كلمتهم الفصل في مسألة باتت من أعظم المسائل في عصرنا الحاضر تستدعي التفصيل فيها حتى يتبين الحق من الباطل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان