الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المراءون يغتالون الوطن

صليبا جبرا طويل

2014 / 5 / 14
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بعض المواطنين في عالمنا العربي مصابين بعقدة نقص تسمى
"عقدة قيادة"، يطمحون للزعامة، يستميتون من أجل الوصول
لمنصب أو لقب أو سيادة...الطموح دليل صحة نفسية وعقلية
جيدين. أما أن تكون مرائي مخادع للناس مجمل نفسه بالفضائل،
يظهر خلاف ما يضمر، وينصب نفسه وصيا وقيم على مصالح
الناس والدولة والمؤسسات، فهذا مصيبة كبرى تتجاوز الطموح.


نتعرف على الإنسان من خصاله، ومن ثمن نحكم عليه من أفعاله. المرائي يوصف ككائن حي، بشر مثلنا، يعيش بيننا، لم يأتي من عالم أو كوكب أخر. أشبه ما يكون بزاحف بشري... ليس حشرة يمكن قتلها بمبيد حشري، أو آفة زراعية أو نبتة ضارة يمكن القضاء عليها بسموم. المرائي كائن حي أصغر من الفيروس يستطيع أن يخترق معظم الأجسام. وأضخم من الحوت يستطيع أن يبتلع المساكين والمعوزين والفقراء. يظهر نفسه ككبير القوم وخادمهم. له قدرة عجيبة خارقة على التلون والتغيير. يجمع في ذاته التناقضات جميعها ويمزجها ببراعة فائقة. صدقا منمقا، وكذبا مجملا، يجمع بين النميمة والتملق. قادر على إحداث الفرقة. يمتاز بالحقد الأعمى والمحبة المبتذلة. فنان هو، يستطيع أن يمزج الألوان بريشته ويرسم النفاق والشقاق والألم، له استعداد عظيم ليصبح حشرة طمعا في مصلحة ذاتية، له قدرة هائلة ورهيبة على التهام العطايا والقرابين من صناديق الصدقة والزكاة، ليوزعها على أقاربه ومعارفه وحاشيته من أمثاله. من صفاته محب للتقدير والتكريم لأدوار لم تسند له أو قام بأدائها. كثير الأصدقاء هو، أحبابه قليلون. كثيرا ما يجمل نفسه بمحاربة الآخرين وتكفيرهم والطعن بهم. أجمل متعه ذم الآخرين والقدح بهم بشكل حضاري ديمقراطي.

يمثل دور المسكين المستهدف، بينما يركن في قوقعته يضمر الشر للآخرين، شكاك في طبعه، متقلب المزاج، يمتلك براعة فائقة في قلب الحقائق. يوعد ولا يفي، يستثمر خبرته في التلاعب بشعور وعواطف الناس. يناصر من يغض الطرف عنه، يعادي من يواجهه بحقيقته الخبيثة، لا يعرف العطاء يفهم الأخذ، وان تصدق لمصلحة وبقطارة. مريضا له شبق قوى للوصول إلي الشهرة والسلطة، لقمة عيشه يكسبها دون عناء أو تعب. لا يؤمن بالتنافس الشريف، لكنه يتغنى به، طيبته مبالغ فيها، يعمل في الليل كلص محترف وفي النهار كلص ظريف. بلا وضوح أو رؤيا ويدعى الكمال. يذكر الله وينساه، يؤمن باليوم والآخرة ويواظب على الصلاة والصيام تصنعا، ليستر قبح عورته وأعماله أمام الناس.

حجر أملس هو لا يلتصق بالأرض، كما لا يلتصق بالأحرار والأفاضل والشرفاء من الناس. التصاقه بالمجتمع يكون لأجل الوسوسة، والهمس مؤمننا بأن ما يسمعه الناس همسا يصدقونه سريعا... إن شارك في أحزان الناس وهمومهم، يبكي عهرا. بقدر وسع الكون تظاهرا، صدره أضيق من خرم إبرة. يتواجد في دور العبادة والمواخير. في رياض الأطفال وبيوت العجزة. بصريح العبارة هذا الزاحف منتشر في كل زاوية من زوايا الوطن. ولا تخلو أمّة من أمثاله، مع قلة عددهم فان ضررهم كبير ولسعتهم كالعقرب ان لم تقتلك تترك فيك ذكرى سيئة لا تنسى.

المرائي يتلقف كل ما تجود به أيدي الخيرين الكرماء، ولا يوفر فلس الأرملة. إن سألته عن الحب يطربك متغني باسمه، وان سألته عن التسامح يقول عنه قيمة راقية عظيمة....ولا يمارسها. تطلعاته كبيرة تشتم منها رائحة الخبث المقرفة المتعفنة. لا يتورع عن الطعن بالشرفاء وتدبير الدسائس الماكرة بالأبرياء. انه أكثر خبثا من الذئاب وداخله أسوأ من جيفة في معدة ضبع. هو أكثر وداعة من الحمام، رمال متحركة نواياه ومساعيه غير واضحة، حثالة هو يسير على رقاب الشرفاء والضعفاء. خطواته غير معروفة، إعماله غير واضحة، كثير الكذب والرياء، يحلف باطلا بالأرض والسماء، يصنع أمجادا من حطام الآخرين، يبني انتصارات وهمية في مخيلة المساكين، يعيث في الأرض فسادا، بارع في التغرير وإسقاط النفوس البريئة. شيطان كبير هو، يرقص على ألام المنسحيقين، همه بطنه، والانا المتضخم عنده ذاته، والطوفان من بعده يغمر غيره، طهره عهارة، يخدم باسم المجتمع وفي حقيقته لا ينتمي إليه. قد يتوب المجرم أما هو لا يعترف باخطاءه ولا يتوب، لا ضمير له، لا يحتمل النقد والعتاب، يعطي كي يسرق كرامة الآخرين، يتواضع كي يسمو بحقارته، بريشة الشر المزيفة يرسم مبادئه وطموحاته وخططه، بكلامه المعسول يخدر العقول المهمومة المسكينة الفقيرة، يدعى النبوة ولا يستطيع أن يقوم ذاته.

المرائي ينتمي للجنس البشري المقنع المجمل نفسه بالإنسانية، هو ليس أفضل من مومسا دفعت للوقوف على قارعة الطريق لعلّة شريفة وهي غياب العدالة الاجتماعية. لا يخجل من العيوب، يحقر نفسه، يدوس على كرامته، يبيع ضميره ومجتمعه وعرضه مقابل منصب مرموق، يخلق الطائفية والعنصرية، ويناصر الشيطان يتاجر بالأرض والإنسان والوطن من أجل تحقيق ذاته المريضة، بشر هو محتقر مبتذل يفتقد الكرامة..

اسأل كل منكم أن لا يرتعب من هذه اللوحة البشعة، المملوءة بالحقائق، أو يشعر بالقنوط والهم، والغم، والتراخي. على العكس، علينا أن نتسلح بقوة المعرفة والمحبة ونتشجع لمقاومة هذه الآفات فكرا وقولا و عملا لأنها لا تبني وطنا أو إنسان. لنستأصل هذه المخلوقات الغريبة التي تعبث بمستقبلنا وتدمر مجتمعاتنا ومصائرنا دون خوف أو خجل، من أجل كرامة وقيمة الإنسان ومستقبل أبناؤنا وما يدعي بوطن أرض الآباء والأجداد.

الفيلسوف اليوناني سقراط (469 ـ 399 ق.م) قال: " اعرف نفسك"... بالتالي من لا يعرف نفسه وقدراته، يكون حجر عثرة يعطل مسيرة التطور والبناء. من انتمى لوطن، فليخلص له، وأولى واجباته أن ويعمل على إقصاء المرائين المدسوسين وتنحيتهم جانبا ... قبل التقدم لمنصب ما فكر وبعمق أيها المرشح بمقولة عمر بن عبد العزيز(681 – 720م):" رحم الله امرئ عرف قدر نفسه"، كي لا تكون شريكا في اغتيال الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من أجمل ما قرأت
جهاد علاونه ( 2014 / 5 / 14 - 14:40 )
يا رجل أنت بهرتني جدا,سحرتني,كنت أظن أنني وحدي من يسحر الناس وإذا بك ساحر عظيم وأنا سأصبح منذ هذا اليوم تلميذك النجيب,من أجمل ما قرأت منذ 15 عاما, أنت عندي في رتبة(الصادق النيهوم) لك اسلوب ساخر جميل جدا جدا جدا, لي الشرف أن أقرأ وأعلق على مقالاتك.

اخر الافلام

.. البنتاغون: أنجزنا 50% من الرصيف البحري قبالة ساحل غزة


.. ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟




.. المقاومة الفلسطينية تصعد من استهدافها لمحور نتساريم الفاصل ب


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل لاتفاق وعلى حماس قبول ال




.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منزلا في الخليل