الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تصير القاعدة استثناءا

محمد جميل

2005 / 7 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


منذ زوال الاتحاد السوفييتي على الاقل,وهبوب رياح التغيير الداعية الى الديمقراطية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات ديمقراطية ونزيهة وعادلة,اعتقدت شعوبنا ان رياح التغيير هذه ستهب ايضا على منطقتنا العصية على التغيير دوما والتي تعيش خارج التأريخ,ولكن هذا الاعتقاد والامل سرعان ما تبخر حيث دبجت اطنان من الصحائف التي تبرر خصوصياتنا وازماتنا التي لن تستطيع كل رياح التغيير القادم من خارج رحم المنطقة اقتلاعها ,مرة كونها لاتتوافق مع قيمنا وعاداتناوتقاليدنا الاجتماعية والسياسية التي فطرنا عليها , ومرة كون شعوبنا لن تستطيع هضم هذه الافكار لقصور لديها في التكوين الخلقي السياسي وثالثة كون هذه الشعوب عاجزة عن ادراك المنظومة القيمية التي تستدعيها الديمقراطية و و و الخ.
وليس من الانصاف ان لانشير الى المحاولات الحثيثة والجهود الكبيرة التي بذلتها النظم الحاكمة في بلداننا من اجل ان تأخذ بيد هذه الشعوب كي تعلمها الحبو على طريق الديمقراطية فأخذت بتجريعها مفردات الديمقراطية بالقطارة لكي يتلاءم جسمها شيئا فشيئا مع هذا الدواء المر,في حين تحدت نظم اخرى الديمقراطيات العريقة فبادرت الى اثبات ترسخ الديمقراطية لدى شعبها ففازت بنسب سجلها لها التاريخ ب99,9%وجعلها الدكتاتور المقبورصدام حسين 100% واقلمت اخرى وضعها بأن ابتدعت للبشرية نظام التوريث الرئاسي كي تثبت للعالم قدرتها على الابداع الديمقراطي.
ولد وتخرج من المدرسة وحتى الجامعة جيلا او جيلان في بعض دولنا العربية ولم يسمعوا طيلة حياتهم الا باسم رئيس واحد اصطفاه الله بان منحه صفات لم يمنحها لغيره فتربع على عرش السلطة في بلده لما يزيد عن الربع قرن متعلما من الذين اطاحت بهم الانقلابات العسكرية ممن سبقوه كيف يدرأ عن نفسه خطر غدر زميل له وأخذ مكانه والجلوس محله على كرسي الحكم الذي قد على مقاسه فاطال الجلوس عبر كل الوسائل المتاحة ومااكثرها وكثير منهم صنع احزابا تلهج بأسمه وتنفذ خططه الرامية الى النهوض بهذه البلدان التي لن تنهض بدونهم كما يزعمون ويحققون الانجاز تلو الانجاز لتقدم شعوبهم فلا دساتير ولا اجهزة رقابة ولا تداول للسلطة ولا هم يحزنون لان هذه اولا مفردات وقيم غريبة عن مجتمعاتنا, والقول لهم ,او ان مشاريعهم للاخذ بايدي هذه الاوطان تحتاج الى مدد لاتقل عن خمسين عاما كي تتحقق ولذا فأن مبدأ مثل تحديد زمن ولاية الرئيس سوف يحد من امكانيات عملهم الدوؤب في خدمة اوطانهم ,فضلا عن العقم الذي اصاب هذه المجتمعات وعدم مقدرتها على الاتيان بهكذا قادة تاريخيين يجعل من مسالة التداول السلمي للسلطة مسألة عصيية بجميع المقاييس في بلداننا,بينما حسمت المجتمعات المتقدمة هذه الامور منذ زمن بعيد بأن تفهمت ان الاوطان للجميع وان السلطة ليست الا وسيلة لتحقيق عيش كريم للناس خاضعة دوما للمسائلة والمحاسبة والتنحية على وفق ماتنجزه لشعوبها ,وهكذا نرى دوما التجديد من خلال الانتخابات وتقنين فترة بقاء الرؤساء في الحكم ومحاسبتهم واحزابهم دوما عبر اليات الديمقراطية على ماانجزوه من برامجهم.
هذا المبدأ الذي هو قاعدة في كل الديمقراطيات يتحول عندنا الى استثناء حيث فاجأالرئيس اليمني علي عبد الله صالح الجميع ومنهم اقرب مقربيه بنيته عدم ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة ,بعد ان حكم اليمن 27 عاما كي يعلم اليمنيين ,وهو المعلم المشهود له,على التداول السلمي للسلطة,ولكي يضخ دماء جديدة الى الحياة السياسية اليمنية كي يدرأ عنها خطر الركود وليفتح صفحة جديدة وليجترح سابقة استثنائية في تخلي قائد من قادة هذه الامة الميامين طواعية عن كرسي الحكم.
لقد تلقف الكثيرون هذه البادرة بترحاب شديد واعتبروها بداية مشجعة وبادرة غير مسبوقة من رئيس عربي ,رغم وجوب بديهيتها في الحياة السياسية ,ومع ذلك فلا تزال الخشية قائمة من تراجع الرئيس اليمني عنها نتيجة لضغوط حزبية وشعبية هائلة سيتعرض لها ولايمكنه وهو المحب لشعبه,والذي قاد مسيرته لسبع وعشرون عاما الا الرضوخ لها, فهي قدره الذي لامناص منه انذاك حين يتنادى الشعب والجيش والبرلمان لثنيه عن قراره هذا ,او ربما تعرض ايضا الى ضغط من زملاءه القادة العرب الذين يتعرضون الى ضغوط من شعوبهم كي يواصلوا مسيرتهم المديدة كما يحدث لزميله الرئيس المصري.
او ربما لن يخيب الرئيس اليمني رجاء من راى في هذه الخطوة بداية غير مسبوقة لابد من الترحيب بها.لانها ستفتح عهدا جديدا في تأريخ هذه الامة,ولربما حذا قادة اخرون حذو الرئيس اليمني وبذلك يكون الرئيس الذي دق المسمار في مفهوم ولاية مدى الحياة العربي بأمتياز.
والايام دول








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله: الأحزاب السياسية في لبنان تواصل إصدار بيا


.. صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وشوارع خالية من السكان




.. كيف يبدو المشهد في المنطقة بعد مقتل حسن نصر الله؟


.. هل تنفذ إسرائيل اجتياحا بريا في جنوب لبنان؟ • فرانس 24




.. دخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية بينما تصف مراسلة CNN الوضع في