الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يساريون وليبراليون وعلمانيون مع الجنرال

محمد سيد رصاص

2014 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


عندما حصل الانشقاق بين الولايات المتحدة والحركة الاسلامية العالمية،عقب هزيمة "العدو السوفياتي" المشترك بينهما في أفغانستان عام1988ومن ثم ساهم ذلك في هزيمة السوفيات بالحرب الباردة التي ختمت بانهيار (الكتلة السوفياتية)بخريف1989 وبعدها تفكك الاتحاد السوفياتي نهاية 1991،فإن هذا انعكس عربياً في بداية مجابهة،بعد وئام،حصلت بين الأنظمة الموالية لواشنطن والاسلاميين،بدأت في قاهرة حسني مبارك عام1990ومن ثم تونس1991وبعدها جزائر مابعد انقلاب11يناير1992لمامنعت هناك دبابات الانقلابيين اكمال المسار الانتخابي في جولته الثانية بعد أن أظهرت الجولة الأولى فوز كبير ل(الجبهة الاسلامية للانقاذ).
في القاهرة انحاز ليبراليوا (حزب الوفد) ويساريوا (حزب التجمع) إلى نظام مبارك وتركوا الاسلاميين لمصيرهم ولكن من دون تحالف مباشر مع النظام،بعد أن كان (الوفد)في تحالف انتخابي مع(الاخوان)بالثمانينيات.في تونس دخل الكثير من الماركسيين السابقين في نظام بن علي بعد انقلاب7نوفمبر1987،مثل الدكتور محمد الشرفي الذي أصبح وزيراً للتربية عام1989،بعد انتخابات نيسان البرلمانية ذلك العام التي أظهرت قوة(حركة النهضة)الاسلامية، ليقود حملة ضد كل ماهو اسلامي ثقافياً وتعليمياً في برنامج علماني يذكر بأتاتورك والعلمانية الفرنسية،فيماأصبح الماويان السابقان زهير الذوادي مستشاراً للأمين العام للحزب الحاكم،ومنصف خوجة رئيساً لتحرير جريدة "التجديد" الناطقة باسم حزب بن علي.عندما بدأت الحملة الأمنية على اسلاميي(حركة النهضة)في أيار1991لم يقتصر الأمر على ملتحقين ماركسيين سابقين بالنظام تولوا مناصب رسمية رفيعة وإنما امتد الأمر إلى أمين عام(حزب العمال الشيوعي التونسي)حمة الهمامي الذي أصدر كراس بعنوان:"ضد الظلامية"،فاتحاً النيران الفكرية- السياسية على الاسلاميين الذين سيقوا للزنزانات والسجون،قبل أن يأتي الدور عليه وعلى حزبه من قبل نظام بن علي الذي بدأ بضرب (حزب العمال)في أعوام1993و1994ووضع أعضاءه في السجون ،فيماقام النظام بتدجين المعارضين الآخرين،ومنهم الحزب الشيوعي الذي كان موالياً لموسكو وليبراليي (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين) الذين مزجوا ليبراليتهم مع ديموقراطية اشتراكية على طراز أحزاب(الأممية الثانية)،ووضعهم في قفص مغلق من نموذج"الديموقراطية المحدودة"السقوف،وهو مارأينا مثيلاً له عند حسني مبارك. في الجزائر كان شيوعيو (حزب الطليعة الاشتراكية) ضد انفتاح نظام بن جديد على الاسلاميين والسماح لهم بالنشاط في فترة مابعد انتفاضة أوكتوبر1988وعندما جرى انقلاب11يناير1992ضد بن جديد والاسلاميين هللوا له واعتبروا "الخطر الأصولي"هو الخطر الرئيسي ولماأراد الرئيس زرول في عام1994فتح حوار مع قادة (الجبهة الاسلامية لللانقاذ)في السجن ،بعد أن أدى الانقلاب إلى حرب أهلية دموية،كان الشيوعيون معارضين للحوار ومع استئصال الاسلاميين أمنياً،هم والعلمانيون وأيضاً بربر(التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية) بقيادة سعيد سعدي حيث اجتمع هذا الثالوث الشيوعي- العلماني- البربري على خلطة سياسية - ثقافية امتزج فيها العداء للاسلاميين ومناصرة الانقلاب العسكري مع العداء للتعريب والميل للفرانكوفونية.
استمرت هذه المعادلة من دون تغيير في البلدان الثالثة حتى بداية"الربيع العربي" عام2011الذي افتتحت فصوله في تونس مع سقوط بن علي ثم تبعه مبارك:ظهر تقارب ظرفي بين الاسلاميين والليبراليين والعلمانيين واليساريين في أثناء عملية اسقاط رأس النظامين التونسي والمصري،ولكن سرعان ماعاد التفرق في تونس،فيماأخذ زمناً أطول بالقاهرة حتى انتخابات الرئاسة المصرية بدورتها الثانية في يونيو2012لماكان تجيير ناصريي حمدين صباحي وليبراليي الوفد وأنصار البرادعي واليساريين الأصوات لمرشح(الاخوان)محمد مرسي سبباً في فوزه على مرشح بقايا أنصار النظام السابق الفريق أحمد شفيق. في نوفمبر2012مع "الاعلان الدستوري"الذي أصدره مرسي اتجه ليبراليوا الوفد والبرادعي واليساريين الناصريين بقيادة حمدين صباحي واليساريين الماركسيين في (حزب التجمع)،بعد أن تجمعوا تحت خيمة(جبهة الانقاذ)،إلى معارضة نظام مرسي،وقد رأوا أنفسهم في تحالف موضوعي مع بقايا النظام القديم ضد الاسلاميين الحاكمين،وعندما بدأ الجيش يمد أيديه لهؤلاء المعارضين لمرسي لم يظهروا ممانعة أوتمنع أويتملكهم أي وسواس،وقد كان واضحاً من مظاهرة 30يونيو2013أنها غير قادرة لوحدها على اسقاط مرسي،وعندما استغل وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي تلك المظاهرة كذريعة لانقلابه العسكري في3يوليو كان رموز(جبهة الانقاذ)كلهم مؤيدين للانقلاب على الرئيس المنتخب الذي كانت أصواتهم مصعداً له قبل عام،وبعضهم كان،مثل صباحي والبرادعي وأحمد ماهر قائد (حركة6ابريل) ذات الخليط الليبرالي واليساري ،في المنصة خلف السيسي لماأعلن خطاب الانقلاب. في تونس ،وحتى نهاية عام2013عندما استقالت حكومة الترويكا بقيادة(النهضة)لصالح حكومة جديدة وفاقية وتم الاتفاق على دستور جديد، ظهر الكثير من التوق إلى"سيسي تونسي"عند يساري مثل حمة الهمامي وعند علمانيين وليبراليين وبالطبع عند بقايا النظام القديم الذين تجمعوا في(حركة نداء تونس)بقيادة الباجي قائد السبسي.
رغم وضع السيسي لأحمد ماهر في السجن وإقالته للبرادعي من منصب نائب رئيس الوزراء ومن ثم اجباره على المنفى خوفاً من محاكمات تفبرك ونبذه لصباحي،فإن ليبراليي (الوفد) والماركسيين في(التجمع)قد وقفوا،هم وكثير من العلمانيين والليبراليين واليساريين،مع السيسي ضد صباحي في حملة انتخابات الرئاسة المصرية المقررة في مايو2014،في انشقاق وتفكك لتحالف(جبهة الانقاذ) الذي كان يضم الليبراليين واليساريين الناصريين والماركسيين ،وفي اعلان مشهدي بأن ليبراليي(الوفد) ويساريين ماركسيين موجودون في (حزب التجمع)،ومعهم بالتأكيد كثير من الليبراليين والماركسيين والعلمانيين وأيضاً ناصريون ليسوا بعيدين عن رأي حسنين هيكل وعبدالحليم قنديل الميال للسيسي،يرون في الجنرال المصري الذي قاد انقلاباً عسكرياً ووضع عشرات الآلاف في السجون،وقتل آلاف المتظاهرين والمعتصمين،بديلاً أفضل وأكثر مواءمة من عملية ديموقراطية أثبتت من خلالها خمسة جولات رئاسية وبرلمانية واستفتائية - دستورية بعامي2011و2012بأن الاسلاميون هم القوة الاجتماعية الأكثر تمثيلاً عبر مرآة الصندوق الانتخابي الاقتراعي.
كتكثيف،هذه ظاهرة أصبح عمرها في مصر وتونس والجزائر مايقارب الربع قرن من الزمن،وهناك الكثير من الارهاصات لهذه النزعة في بلدان عربية أخرى،عندما تفضل قوى سياسية القوة العسكرية على العملية الديمقراطية لأنها تخشى صندوق الاقتراع ونتائجه التي لم تولد حتى الآن عربياً سوى أحزاب اسلامية فائزة،حتى في المغرب الذي كان حتى انتخابات برلمان 2011يتفوق ليبراليوا(حزب الاستقلال)ويساريوا(الاتحاد الاشتراكي) ثم أعطت انتخابات 27نوفمبر2011الفوز الانتخابي لاسلاميي(حزب العدالة والتنمية) ،ويبدو أن القصر الملكي مازال هو الضامن هناك للتوازن بوجه الاسلاميين،فيما (الجنرال) مازال هو في هذا الموقع في القاهرة والجزائر ،فيماتونس على مايبدو بعام2014تتجه عبر توافق وطني عام يشمل الاسلاميين وغيرهم نحو عملية ديموقراطية لن يشوبها السيسي ولاالجنرال خالد نزار قائد انقلاب11يناير 1992بالجزائر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلاميون
nasha ( 2014 / 5 / 15 - 03:08 )
لا يُفهم كيف يقبل السياسيون اليساريون والليبراليون ان يدخلو في تحالف او صراع ديمقراطي مع الاسلاميين.
اهداف الاسلاميين هي دولة الخلافة وجميع الاطراف تعلم علم اليقين انهم غير ديمقراطيين وهدفهم من الديمقراطية هي الوصول الى السلطة مرة واحدة والى الابد بعدها ان امكن.
وسيظل السياسيين المنافقين ــــــ من جميع الاتجاهات ـــــــ يتحايلون على بعضهم ويستغلون بعضهم والمجتمعات تدفع الثمن.
والسبب واضح وجلي لكل منصف وهو استخدام العاطفة الدينية وابتزاز الخصم بها.
سوف لن تقوم قائمة للمجتمعات الاسلامية الاّ بالمصارحة والصدق حتى لو كان على حساب الدين ، يجب عدم التستر على عيوب الدين وفضحها بدون تحفظ.

اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا