الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوجود المشوش وانعكاسة علي سردية -كلب بلدي مدرب- للروائي محمد علاء الدين

أماني فؤاد

2014 / 5 / 15
الادب والفن


الوجود المشوش وانعكاسه علي سردية
"كلب بلدي مدرب"

في رواية " كلب بلدي مدرب " الصادرة عن "دار العين" للنشر يناير 2014 م تُنسج مشاهد الرواية من شأن أفراد خاص للغاية ، لكنها تومض أحيانا لتلقي أضواء علي قضايا ذات شأن خطير في تطور مسيرة وطن بأفراده ، وغموض مصيره ، وتحوله إلي العنف أو الضياع .
يضرب الروائي بصفعة لا تقترح بديلا ، أو تدعي لذاتها النبوة ورغبة إصلاح ، فقط تنبيه موجع ، كيانه المادي حاضر بقوة ، لكن دون أن يعلن عن ذاته بفجاجة الوضوح والصخب ، دوامات من السيولة والحيادية تفكك منظومة مؤسسات الدولة وتعريها ، تسخر من قيم المجتمع التي تنسال بين الافتراضي والعشوائي ، العنيف والمبتذل.
نشعر مع النص كأننا نسبح في فضاء لا قيم جاذبة تشده ؛ لتجعل له كيانا متماسكا ، هناك وصف وتعرية عنيفة حيادية لكل الظواهر المحيطة بنا ، فليس هناك استياء من عوالم الجنس سواء ميكانيكي الاداء الخالي من أية عاطفة ، أو من أفلام البورنو علي الإنترنت ، ولا القصص الجنسية علي المواقع ، لا نقد يقدم لشخصية المدمن والبيئة التي أفرزتها ، لا غضاضة من الفتوة الذي يعبد ملذاته ويؤمن بمنطق البلطجة ، لا اعتراض علي الفنان المخرج الذي يقدم عالم الدعارة المقنع ، لا استياء ولا رسائل موجهه ضد الخيانة أو علاقات المحارم ، لا رسائل مباشرة للسلطة بأنواعها سياسية أو اجتماعية ، فليس من دور الفن أن يصرخ برسائل مباشرة أو أن يقدم هو البدائل و الحلول ، ربما المرجو منه فقط فتح مساحات جديدة من الوعي العميق ، فجوات تحفز علي نوع من التأمل والنقد ، وهنا اتسائل إلي أي مدي حقق النص هذه الرسالة من خلال تراكبية بنائه ؟

ــ 1 ــ
الرواية والتحولات :
وكعادة "محمد علاء الدين" تقدم نصوصه " المابعد حداثية " مغامرة التجريب الصادمة للذوق التقليدي ، وتلقي جديدا مغايرا فنيا وفكريا ، في " أنجيل آدم " ضرب الروائي في تابوه الدين ، وقدم أنجيلا جديدا للقرن الواحد والعشرين ، في نصه " في اليوم الثاني والعشرين " يتعامل الكاتب مع قيمة الزمن وجوديا ، وفي " الصنم " يقدم عالم السحر مع التوحد الإنساني في علاقات التوجس مع العالم ، في النص الأخير "كلب بلدي مدرب" يخترق الروائي تابوه الجنس .
تتبدى اللعبة الفنية الجديدة دائما في الأفق الذي يصبو إليه سعي الروائي ، مجددا في مفهومه الفكري والجمالي ، أو طارحا لكل مفهوم فكري بحسبان أن كل الحكايات الكبري الوجودية والفلسفية قد ولى زمانها ، فنحن في زمن شاشات العرض المفتوحة علي كل أنواع السلع الفكرية ، متصنعين لحيادية مقيتة .
وربما هنا أود أن أطرح أحد أهم التساؤلات التي أرصد تجلياتها منذ سنوات ، هل يمر الأدب العربي والرواية علي الأخص بسلسلة من التحولات والتغيرات الفكرية والجمالية ، اللغوية والبنيوية ؟ يتجلى أهمها في الرؤية المعرفية ، والتقنيات السردية للنص المتأثر بعوالم الإنترنت وتجلياته المتنوعة .
أثير هذا التساؤل علي خلفية معرفية اجتماعية ــ سياسية ، وتكنولوجية ــ اقتصادية ، متشابكة ومعقدة , وأتصور أن الدراسة النقدية التحليلية البنيوية لهذا النص "كلب بلدي مدرب" يمكن أن تهبنا بعض هذه السمات التي أشير إليها وأعمل علي رصدها .
يحكي هذا النص عن "أحمد" خريج كلية الآداب الذي كان يحلم أن يكون كاتبا يحصل علي نوبل في الآداب ، لينتهي به الأمر أن يتكسب من كتابة القصص الجنسية المستقاة من أفلام البورنو ، أو من الظواهر التي ،، أو من الظواهر التي تحكي خبايا العلاقات الشائكة ، غير الشرعية في المجتمع ، وينشرها علي أحد منتديات الانترنيت ، يتعرف علي إحدي الفتيات "نيفين" وهي زوجه لاهية متعددة العلاقات ، شرهة للجنس ، فيقيم معها علاقة ، ثم تورطه في مساعدتها في إحدى مغامراتها الجنسية ، التي يستولي فيها "علي لوزة" علي سيارتها ، وكل ما كان في حوزتها ، فتتراكم حوله وأصدقائه مجموعة من الأحداث والمشكلات .
يتنامى سرد الرواية من خلال بطلها أحمد ، وشخوصها " نيفين ، عبدالله ، علاء اللول ، محمود جوافة ، علي لوزة ، الخالة سمية ، سوسن الراقصة ، وباقي الشخوص الثانوية . تشف السردية عن قدر من الغضب والعنف ، عن مساحات من الوهم والخدر مختلف الأنواع ، الحياة تحت وطأة الدعاية والاستهلاك ، أحداث موزعة بين واقع عبثي مجهض ، وعالم افتراضي شاسع ومفتوح ، شرائط ممتدة من الصور المتوالية المصنوعة ، التي نحلم بحياة من خلالها ، لكنها في النهاية افتراضية غير مادية ، أعني أنها حياة لا نستطيع أن نعش أحداثها وانفعالاتها بالفعل ، لا نرى شخوصها في الواقع أو نلمسهم ، حتى وإن كان لهم وجود ما .
العيش تحت وطأة فلسفة الإستهلاك ، كأننا في إعلان مصور نشاهده بعيدين عنه بمسافة ، لكننا نتوهم أننا بداخله ، أو داخل مشهد مصور في أحد الأفلام التجارية ، يقاس مدى نجاحه حين نتوهم بدرجة قصوى أننا بداخل هذه المشاهد ونتمتع بأحداثها . ص 70 ،71 ، 68 ، 81.
يقدم الروائي سردية تنتمي للنص التفاعلي الافتراضي رغم نشرها الورقي ، تجسد الهروب إلي الغرائز بكل أنواعها ، حتي الشاذ منها .
أقصد أن الرواية توميء وتحكي عن انفعالات تحدث ميكانيكيا ، لكنها لا تحرك الوجدان البشري إلا قليلا ، كأنها خارج النفس ، عن ذوات يعيشون وكأنهم يعيشون ، أحداث تخلو من وقعها الإنساني الذي كنا نعرفه ، حتى الحدث ذاته يبدو كأنه مفرغ من الحقيقة الداخلية ، وربما ترسلنا هذه المشاهد الخاصة بأفراد النص وطبيعتهم النفسية إلي عصر الاستربتيز السياسي ، الذي نحياه منذ فترات ، فالجميع ــ بمن فيهم من يطلقون علي أنفسهم النخب السياسية ، وجميع التيارات الفكرية ــ يمارسون التعري ، ولكل وسائله في الإغراء ، ووسائل العرض ، فتسقط كل الأيديولوجيات المتاجر بها واحدة تلو الأخرى حين تتكشف المصالح والأقنعة ، وينفضح كل أنواع الشذوذ ، وعلاقات المحارم بين سلطات الدولة المختلفة ، كأن المشاهد الخاصة لكل شخوص النص العادية واليومية ، ترسلنا لما يتوازى معها سياسيا واجتماعيا و ثقافيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا