الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخواجة عبد القادر تحفة الدراما المصرية لهذا العام

عالية خليل ابراهيم

2014 / 5 / 17
الادب والفن


موسم 2012 للدراما المصرية الرمضانية يعد بحق كرنفالا فنيا مبهرا وبهيجا للعقول والقلوب،الدراما المصرية صاحبة الخبرة والتجربة والتاريخ بأستنادها الى موروثها الممتد تاريخيا وابداعيا وبأستثمارها لايجابيات التغيير السياسي وغياب رقابة الدولة عن الاعمال،وطاقة الحراك الجماهيري اثناء وبعد نجاح الثورة المصرية تقدم اعمالا تستحق المشاهدة والاشادة في ذات الوقت.
من تلك الاعمال المهمة مسلسل الخواجة عبد القادر،اهمية المسلسل الرئيسية تكمن في موضوعته الجديدة والمهمة،ومن ثم جاءت العناصر الفنية الاخرى لتكمل وتعزز ثرائه الفكري ورسالته الانسانية القيمة،فبينما تضج الدراما الرمضانية في كل عام بصور الدم والصراعات العنيفة والحروب وتستمد من عوالم الخراب الاجتماعي وتجار المخدرات والمهربين والقتلة والمزورين موضوعاتها وشخصياتها،وهذا ما يتناقض مع حرمة الشهر الفضيل والذي يحتاج فيه الانسان للصفاء الروحي والتأمل الصوفي في الحياة والموت وتهفو فيه النفس للعطاء والتوبة والهداية،من الصفاء الروحي والتأمل الصوفي استمد الخواجة عبد القادر موضوعه المميز الذي شكل مفارقة ذكية لما يطرح من موضوعات اغلبها ان لم يكن كلها مستهلكا في التناول.
ترى ماذا تبقى من فكرة الله رمزا للرحمة والمحبة والامان والسلام بعد كل هذا الكم المتقاتل والمتناحر من الاديان والطوائف والملل والنحلل؟ هل ضاع الايمان الحق وسط هذا الزحام من التجاذبات الدينية والمذهبية المتضاربة،الكاتب {عبد الرحيم محمد} مؤلف المسلسل طرح رؤيته الخاصة في هذا الموضوع او الازمة التي تعصف بالعالم وبشعوب الشرق على وجه التحديد. الايمان عند الكاتب خفقة نور يوقدها الله في قلب من يشاء من عبادة،والقلب يظل الهادي والدليل على هذا الفيض ،الفيض الالهي الذي موطنه الشرق المفعم بالدهشة والالغاز والاسرار،الخواجة عبد القادر والذي كان اسمه هربرت مواطن بريطاني يهودي الديانة يعيش جميع ايجابيات المواطنة البريطانية في العمل والسياسة والاقتصاد لكنه مع كل ذلك يشعر بخواء روحي وملل قاتل من كل ما يدور حوله في الحياة فينغمس في متعة شرب الخمر ويظل غارقا في نشوتها لايصحو ليل نهار،يلجأ للشرق للخلاص من ازمته تاركا الغرب من حيث لا عودة،وفي الشرق يكتشف ذاته الاخرى ويعلن اسلامه على يد شيخ صوفي سوداني يدعى عبد القادر ويأخذ اسمه ،يشرق قلبه بنور المحبة والايمان ويشعر انه قد اهتدى للطريق الذي كان يبحث عنه في زوايا روحه.
في صعيد مصر يكتشف الخواجة عبد القادر شرقا اخر،شرقا موصوفا بالقسوة والظلم ،الشرق المظلم يمثله عبد الضاهر الاقطاعي الانتهازي المتحالف دائما مع الحكومات المستبدة ليحمي مصالحه واملاكه التي شيدها على انقاض عرق الفقراء،يدخل الخواجة في صراعات متكررة مع عبد الضاهر،وكان اخر تلك الصراعات ،عشقه الطاهر لزينب شقيقة عبد الضاهر وحين يخطبها تكون نهاية الخواجة بالحرق ،والانبعاث مرة اخرى وليبنى له مقام في تلك المنطقة من الصعيد.
المسلسل رحلة بحث عن النقاء والطهرانية الروحية بعيدا عن التخبط في ظلمات التعصب والظلم والكراهية ورحلة بحث عن الانسان في الانسان.
ولا تقل الناحية التقنية للعمل عن الناحية الموضوعية بل ان الفصل بين الناحيتين يعد فصلا تعسفيا لان الدراما لاتسير الا بقدمين هما السيناريو والاخراج لكن يمارس الفصل بدوافع شرح التفوق وابرازه ساطعا للعيان.
لطالما عد يحيى الفخراني من اصدق واشف الفنانين الذين انجبتهم الدراما والسينما المصرية،فالدكتور الفخراني هجر الطب ليبحث عن ذاته في فن التمثيل وقد وجدها بالفعل،فنان موهوب حد الافتتان بأدواره وصادق حد اختفاء ذاته وبقاء الشخصية التي يجسدها.في الخواجة عبد القادر كان يحيى الفخراني يعد للجمهور مفأجاة اخرى بالاضافة الى اداءه المميز،هذه المفاجأة هي ابنه{شادي الفخراني}مخرج المسلسل
شادي الابن يوقع تجربته الاخراجية الاولى مع والده بقلم مخرج متمرس بدأ من حيث انتهت جميع تجارب المخرجين الذين سبقوه،وكان التصوير اهم تحديات العمل،فكان مبهرا بمدياته وافاقه وقد استثمر بشكل فاعل الاماكن المفتوحة لتتناسب مع الاجواء الروحية والصوفية للقصة،فالتصوير تم في مواقع مختارة ولم يصور في مدينة الانتاج الاعلامي مثل الاعمال المصرية الاخرى.ادارة التصوير كانت اجنبية للحصول على افضل النتائج ، الاهتمام بأدق التفاصيل سمة هي الاخرى ميزت العمل الذي تدور احداثه في احدى قرى الصعيد بين زمنين،الاربعينيات اثناء الحكم الملكي والتسعينييات اثناء الحكم الجمهوري ويتم الانتقال بالتفاصيل والاحداث من تلك الحقبة الى الفترة القريبة من المعاصرة حيث الهدم لحواجز الزمن الذي تغير في بعض التفاصيل ولم يتغير في جذوره ما بين من يسلكون طريق الله الخواجة عبد القادرويكمل طريقه كمال وولده الذي يتصور ان الانتماء للتيارات الدينية السلفية هو من يوصله بحقيقة الايمان، وبين من يسلكون طريق دنيا الفناء والكراهية عبد الضاهرومن بعده ابنه.ما يثير الجدل هو اعتداد النص بالدعوة الصوفية للوصول الى النقاء الروحي وهذا ما يعيد الى الاذهان الطريقة او المذهب الصوفي بكل سلبياته وايجابياته ويدعو لاثارة السؤال عن الحل المناسب للمأزق النفسي والروحي الذي تعيشه شعوب الشرق وينعكس سلبا على الواقع السياسي لتلك الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07