الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام حكم الأسد واستمرار تجييش بسطاء الطائفة العلوية والأقليات ضد الشعب السوري

سفيان الحمامي

2014 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


مع بداية إنطلاق الثورة السورية ، وإنتشارها في المدن والأحياء والقرى السورية الواحدة بعد الأخرى ، سيما بعد وصولها إلى بانياس في الساحل السوري حيث التجاور الطائفي بين السنة والعلويين والمسيحيين عبر العصور ، فقد عمل النظام عبر ( الأجهزة الأمنية )على إطلاق شعارات تثير البغضاء والكراهية والشحن الطائفي بين مكونات الشعب مثل(العلوي في التابوت والمسيحي إلى بيروت )، معتقدا أن هذا الشعار سيحشد أبناء تلك الطائفتين معه ضد بقية الشعب في سوريا ، وأن الثورة ستشعل الطائفية وستكون هاتان الفئتان ضحايا أهل السنة ، طالما أمّن النظام العلمانية خلال وجوده بالحكم وفق شعاراته المتكررة .
وسعى نظام بشار الأسد بكافة السبل الإستفادة من نشر الشعارات الطائفية التي كانت أجهزته الأمنية وراء نشرها في وسائل الإعلام وغيرها ، وكان يغذّيها على الدوام لإستثمارها في إدعاءاته أن ما يسمى ثورة شعبية تمثل فقط فقط مجموعات إرهابية سنّية متطرفة ومسلحة تريد قلب نظام الحكم العلماني ، بما يعيد إلى الأذهان إنتفاضة الإخوان المسلمين في الفترة 1978 – 1982 ،حيث قتل خلالها أفراد من الطائفة العلوية نظرا إلى إنتمائهم الطائفي فقط بعد أن قتل النظام عشرات الآلاف من أبناء الطائفة السنية آنذاك ، لكن نظام الحكم العائلي والطائفي لم يتمكّن من ترسيخ هذه المقولات إلا بأذهان أتباعه ولم يقنع أحدا في العالم كله إلا إيران وحزب الله وفنزويلا وروسيا والصين وكوريا الشمالية ، لأن هذه الأنظمة توأمه في الممارسة والأفعال والسلوكيات الإجرامية مع شعوبها الثائرة عليها كحال الشعب السوري .
لماذا التجييش بعد هيمنة العلويين المطلقة على نظام السلطة والإدارة ؟
تشير الإحصاءات الفعلية غير المنشورة نظرا إلى حرص النظام السوري على إخفائها كونها تكشف الطابع الطائفي للنظام ، إلى أن أبناء الطائفة العلوية يشغلون في منطقة الساحل السوري نسبة 80 % من وظائف القطاع العام ، وتحقّق لهم ذلك لهم من خلال إنشاء مؤسسات حكومية في ظل حكم حافظ الأسد في تلك المنطقة لتأمين فرص العمل في القطاع الحكومي لأبناء الطائفة فقط وسيطرتهم على المنطقة تماما ، وعزّز ذلك تركيز شركات صناعية دون مبرر موضوعي لوجودها في الساحل كونها ليست مناطق مرتبطة بالإنتاج ، وعمّم نظام حكم آل الأسد ذلك على مستوى سوريا وهذا ما أوصل إحتلال أبناء الطائفة العلوية نسبة 20 % من عمال القطاع الصناعي على مستوى سوريا ،وقدّمت تلك السياسة الطائفية في الحكم إلى منح أبناء الطائفة العلوية نسبة 25 % من المدراء وقادة المؤسسات المدنية ، وحوالي 50 % من العاملين في القطاع الصحي و80 % من العاملين في قطاع الإتصالات و90 % من العاملين في قطاع الإعلام على مستوى سوريا لتعزيز الهيمنة الطائفية على ذلك القطاع ، في حين أن المساحة الجغرافية لمنطقة الطائفة العلوية تبلغ نسبة 2 % من مساحة سوريا،ونسبتهم من السكان حوالي 10 % بما يصل الى(3 .2 ) مليون نسمة من عدد سكان يبلغ 23 مليون نسمة .
أثار هذا الوضع حفيظة أبناء الأغلبية السنية وأبناء المكونات الأخرى للشعب السوري جراء حرمانهم من حقوق العمل والحياة وتقديمها لأبناء الطائفة العلوية بشكل خفي وتحت السلطة القاهرة لأجهزة الأمن وملحقاتها في حزب البعث .
لقد استخدم حافظ الأسد مثلا ردّده وطبّقه في التمكّن من الحكم : ( إذا أردت أن يحمي كلبك القطيع فلا تطعمه جيدا ) ، وطبّقه على أبناء طائفته من الفقراء المساكين قبل غيرهم من مكونات الشعب السوري كي يهرولوا وراءه باستمرار ليخدموه ويكونوا أدواته الرخيصة في حكم سوريا ، معتبرا أن التبعية تتحقّق مع تلبية الحاجات اللامنتهية والمتجددة باستمرار ، وقد أكمل بشار الأسد مثل أبيه وطبّقه فعلا وسلوكا بأخذه مسلّمة وحقيقة ( أن العلويين مفروض عليهم دعمه إذا أرادوا الحفاظ على مكاسبهم التي حصلوا عليها بفضل حكم والده وحكمه ).
لذلك وجد كثير من أبناء الطائفة العلوية الفرصة حاليا للعمل وإمتلاك الثروات بفعل الإبتزاز و النهب والتهديد بالقتل حين إنخراطهم بالعمل ( شبيحة النظام ) لقمع الثورة السورية بأية وسيلة .
خوف غالبية العلويين من سقوط نظام حكم عائلة الأسد والطائفة هل له مبرر ؟
شارك غالبية أبناء الطائفة العلوية بتأثير زعماء الطائفة وقادتها والمتنفذين فيها ، إلى جانب نظام بشار الأسد خلال الثورة السورية بخلاف مواقفهم السابقة في عقدي ( 1970 – 1980 ) حين شارك كثير من أبناء الطائفة في صفوف عصبة العمل الشيوعي وكمستقلين ضد النظام الطائفي الذي انطلق به حافظ الأسد في سنوات 1970 نظرا للحسّ الوطني والمواطنية التي كانت سائدة لدى أبناء الطائفة في تلك المرحلة ، وتمّ قمع تلك المواقف الوطنية التي أظهرها أبناء الطائفة العلوية بشدة إعتقالا وقتلا وتهجيرا من قبل نظام آل الأسد .
لكن ، مع إنطلاق الثورة السورية في 2011 ، أشهر غالبية أبناء الطائفة العلوية مواقفهم إلى جانب نظام عائلة الأسد حتى ما يسمى بالمفكرين والمثقفين ( الأمر الذي دفع المفكر صادق جلال العظم إلى وصف حالتهم بالرجوع إلى مرحلة ما قبل الثقافة أي مرحلة الغريزة )، وتمّ إستثمار شحنهم طائفيا من قبله إلى درجة القيام بقبولهم بأي فعل قتل أو تعذيب دون مبرر لأبناء الأغلبية السنية والمعارضين من أبناء المكونات الأخرى للشعب السوري ، ومعبرين عن إستعدادهم لخوض حرب طائفية إلى ما لا نهاية لإبقاء النظام كون السلاح بأيديهم في الوحدات العسكرية وقوى الأمن التي تواجه الثائرين السوريين ، أي أنهم إرتضوا أداء دور الحطب في النار التي يشعلها ويغذيها بشار الأسد وعائلته بإستمرار .
لقد وجّههم نحو ذلك السلوك العدائي لكل معارضي نظام آل الأسد ، تصوّرهم بتأثير الدعاية الطائفية من قبل أركان النظام بأنه حين سقوط نظام الحكم الطائفي في سوريا ، فإن قادة الوحدات العسكرية والقوى الأمنية والجنود ،ومدراء المؤسسات وموظفيها ، المتواجدين في المحافظات السورية الأخرى لن يبقى أمامهم سوى العودة إلى منطقتهم في الساحل وقراهم في المحافظات الأخرى ، وهم يتخوفون من الإنتقام والعقاب على مافعلوه بأبناء وطنهم من المكونات السورية الأخرى طيلة 40 عاما ، كما حصل مع أبناء السنة في العراق بعد سقوط الحكم الطائفي لنظام صدام حسين الذي استظل بحزب البعث مثل نظام آل الأسد .
هذا الشعور المضلّل الذي تغذيه السلطة الطائفية لنظام آل الأسد ، دفع كثير من أبناء الطائفة البسطاء والمخدوعين بالدعاية الطائفية إلى الخوف على مصيرهم والإستمرار في أداء دور القتلة للثوار ولأبناء بقية الشعب السوري حتى النهاية ومهما كلفهم ذلك ، إضافة إلى بعض أبناء الطوائف الأخرى المنتفعين من نظام آل الأسد القاتل .
للأسف ، لم يلعب المثقفون والنخبة من أبناء الطائفة العلوية دور الحكماء ( إلا في حالات نادرة )، أليس فيكم رجل رشيد ؟ يحاكم الأمور ويفكّر فيها بمنطق وعقلانية لحثّ أبناء الطائفة على الوقوف على الحياد أو الإلتحاق بالثورة والتخلص من نظام الحكم العائلي الذي يستخدم فقراء أبناء هذه الطائفة المكوّنة للمجتمع السوري عبر التاريخ كوقود في ناره التي تأتي على كل سوريا بما فيها الطائفة العلوية الكريمة ، لأن الطائفة أكبر من عائلة الأسد ، ووجودها في الوطن حق لها كما هو حال بقية مكونات الشعب السوري .
يأمل كل مواطن سوري عاقل أن يظهر حاليا ( ولو بعد فوات الأوان )، من الطائفة العلوية أشخاص يهمّهم الوطن والمجتمع السوري والعدالة الإجتماعية والحرية والمساواة والكرامة ، كما أظهر ذلك بعض الشجعان من أبناء الطائفة في فترة 1970-1982 حين وقفوا ضد حافظ الأسد الذي سعى لإستغلالهم وقودا لعداوة وقتل إخوانهم من مكونات الشعب السوري الأخرى ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية في فرنسا: اكتمال لوائح المرشّحين وانطلاق ال


.. المستوطنون الإسرائيليون يسيطرون على مزيد من الينابيع في الضف




.. بعد نتائج الانتخابات الأوروبية: قادة الاتحاد الأوروبي يناقشو


.. ماذا تفعل إذا تعرضت لهجوم سمكة قرش؟




.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد على الجبهة الشمالية