الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روسيا والصين تُعْلِنان الحرب على الدولار!

جواد البشيتي

2014 / 5 / 18
الادارة و الاقتصاد


جواد البشيتي
من "القرم"؛ ثمَّ من شرق وجنوب أُوكرانيا، بدأ، ويبدأ، التأسيس لنظام دولي جديد، به، وفيه، نرى "العولمة"، أو "القرية العالمية"، وقد شَرَع يخالطها، ويَمْتَزِج بها، كثير مِمَّا خِلْناه ذَهَب وانقضى؛ فإنَّ "أسواقاً إقليميةً"، تشبه "الاقتصاد السياسي" أكثر مِمَّا تشبه "الاقتصاد (الصَّرْف)"، هي الآن قَيْد النشوء والتَّكَوُّن في قَلْب "السوق العالمية"، وبما يجعل "العولمة" تجنح لاستبدال "الاعتدال" بـ "التَّطَرُّف"، في اتِّجاهاتها الاقتصادية.
روسيا والصين قرَّرتا التأسيس لسوق جديدة في القَلْب من آسيا، وإحياء "طريق الحرير (البرِّي عَبْر آسيا)"؛ وقد تنضم إليهما، عمَّا قريب، بقية دول "بريكس" Brics، أيْ البرازيل والهند وجنوب إفريقيا؛ ومستقبلاً، يمكن أنْ نرى انضمام دول أخرى تَشْعُر أنَّها متضرِّرة اقتصادياً وسياسياً من نظام دولي سياسي واقتصادي تُهَيْمِن عليه، وتتحكَّم فيه، الولايات المتحدة.
وهذا القرار وُصِف بأنَّه "قنبلة"، فجَّرَتْها روسيا والصين، ولسوف تصيب مقتلاً من الدولار بصفة كونه العملة الدولية الأولى، والعملة التي بها وحدها يُسعَّر النَّفْط وغيره من السِّلَع الاستراتيجية؛ فالعملات القومية (وفي مقدَّمها العملتين الروسية والصينية) ستَحِلُّ محل "الورقة الخضراء" في التجارة بين دول هذه "السوق الإقليمية (أو شبه الدولية)"؛ و"الضربة الكبرى" ستُصيب نظام "البترودولار"؛ فتجارة النفط والغاز بين هذه الدول لن تكون بالدولار؛ أمَّا الرئيس الصيني فاقترح، في الوقت نفسه، أنْ تتعاون ألمانيا (قاطرة الاقتصاد الأوروبي، ورابع أكبر اقتصاد في العالم) والصين في إعادة فتح (وفي تطوير) طريق الحرير الذي يربط تجارياً بين ألمانيا (ومعها أوروبا) وبين روسيا والصين.
القرار الروسي ــ الصيني قد يُفْهَم ويُفسَّر على أنَّه قرارٌ فيه من "السياسة" أكثر بكثير مِمَّا فيه من "الاقتصاد"؛ لكن ما أنْ نُمْعِن النَّظر فيه حتى نَجِد أنَّ له حيثيات اقتصادية (عالمية) موضوعية؛ فثمَّة بَوْن شاسع بين ما يَزِنَه اقتصاد الولايات المتحدة (وصادراتها الصناعية على وجه الخصوص) بالميزان الاقتصادي العالمي وبين بقاء الدولار متربِّعاً على عرش العملات الدولية، واستبداده بالنّظام الاقتصادي والنقدي العالمي.
مِنْ قَبْل، وبعد أنْ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها على وجه الخصوص، كانت الغالبية العظمى من دول العالَم يمكنها شراء كل ما تحتاج إليه (تقريباً) من الولايات المتحدة، التي كانت ملتزمة، في الوقت نفسه، أنْ تُبدِّل بالذهب عملتها الورقية؛ فكل دولة كان يُمْكِنها أنْ تَحْصَل من الولايات المتحدة على الذَّهب عند إعادتها "الورقة الخضراء" إليها. ومع تراجع الحصَّة العالمية للولايات المتحدة من الصادرات الصناعية، وإعلانها التوقُّف عن تبديل الدولار بالذهب، انتفت (أو تضاءلت كثيراً) الحاجة لدى دول العالَم إلى الدولار، في التجارة الدولية، وفي الدَّفْع والاختزان؛ فتفتَّق ذهن القوَّة العظمى في العالَم عن حيلة "البترودولار"؛ فالنفط هو سلعة عالمية استراتيجية، كل دول العالَم في حاجة إلى هذه السلعة؛ والسعودية، سنة 1973، كانت أكبر دولة مُصَدِّرة للنفط في العالَم، فاتَّفَقَت معها الولايات المتحدة على أنْ تُسَعِّر نفطها بالدولار فحسب؛ فتولَّدت لدى كثير من دول العالَم حاجة جديدة إلى اقتناء الدولار؛ ولقد كان بيع النفط، عالمياً، بالدولار امتيازاً للولايات المتحدة، التي كانت دولة مستوردة للنفط (وتطبع الدولار في حرية تامة).
الآن، توشِك الولايات المتحدة أنْ تتحوَّل إلى دولة مُصدِّرة للنفط والغاز؛ والاقتصاد العالمي يميل إلى الغاز أكثر من ميله إلى النفط؛ وأهم مصادِر الغاز في العالم تَقَع في روسيا وإيران وقطر وبحر قزوين؛ وحصَّة السعودية من النفط المُنْتَج والمُصَدَّر، عالمياً، تضاءلت كثيراً؛ وهكذا تهيَّأت الأسباب الاقتصادية الموضوعية لهذا القرار الروسي ــ الصيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم يعد الدولار عملة أميركية
فؤاد النمري ( 2014 / 5 / 19 - 05:09 )
الصين تبيع لأميركا بضائع بقيمة 500 مليار دولار سنوياً وروسيا تبيع النفط والغاز لأوروبا الغربية بأكثر من مثل هذا المبلغ من الدولارات
حياة البلدين متعلقة كلياً بهذه المبادلات التجارية والاستغناء عنها يعني مباشرة انتهاء حياة البلدين روسيا والصين
لقد غدا الدولار يحكم العالم ومنه أميركا نفسها التي لا تستغني عن الإقتراض بالدولار وخدمة ديونها بالدولار أيضاَ
لو أن للدولار قيمة رأسمالية كما يقضي القانون الدولي للنقد لما احتل مركزه الحالي كقوة مستقلة تتحكم بالعالم كله

بفعل حربها على فيتنام أفلست الولايات المتحدة وتعالت تحذيرات الأخصائيين ومنهم وزير الخزانة لإدارة نكسون من أن النظام الرأسمالي في أميركا هو في معرض السقوط
تنادى رؤساء الدول الرأسمالية الخمسة الكبرى إلى مؤتمر في رامبوييه/باريس في نوفمبر 1975 وحين لم يجدوا استشفاء لنظامهم قرروا سحب عملاتهم من السوق وتثبيت قيمتها بقرار سياسي وألا يكون إنتاجهم البضاعي هو ما يقرر قيمة نقودهم
هذا القرار وحده يؤكد اعتراف زعماء الدول الرأسمالية الأغنى بانهيار النظام الرأسمالي
وأصبح بمقدور السويد أن تنعم بالرفاه وتستدين ضعف ما تنتج وبريطانيا 3 أمثال

اخر الافلام

.. عيد الأضحى في ظل حرب السودان.. غياب للمظاهر ونزوح وأزمة اقتص


.. بموازاة الحرب في غزة.. -حرب اقتصادية- إسرائيلية تخنق الضفة ا




.. أوضاع اقتصادية صعبة تعيشها الأراضي الفلسطينية بعد حرب غزة


.. خسارة تاريخية تنتظر حزب المحافظين في بريطانيا.. والأزمة الاق




.. ما تداعيات حرب غزة اقتصاديا على الأراضي الفلسطينية خلال عيد