الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقلية الانقلابية وخط النضال الديمقراطي 1/4

اليزيد البركة

2005 / 7 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


أجرت جريدة "الشرق الأوسط" حديثا صحفيا مع السيد عبد الواحد الراضي رئيس مجلس النواب المغربي وعضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، نشر بالجريدة المذكورة بتاريخ 30/04/2005، وذلك بمناسبة تجديد انتخابه كرئيس للغرفة الأولى بالبرلمان، وفي نفس الوقت بمناسبة قرب عقد المؤتمر السابع للحزب والذي جرى في شهر يونيو الماضي.
وقد أدلى السيد الراضي خلال الحديث بعدة تصريحات بصفته المزدوجة: رئيس لمجلس النواب وكمسئول في حزب سياسي يشارك في الحكومة الحالية، خرجت عن ما هو مألوف عن السيد الراضي كرجل للحوار ودماثة الأخلاق خاصة في تهجمه على حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي بدون أي مناسبة، حتى ولو توفرت فكان قيادة الاتحاد يتقدم فيها كمسئول لا يحمل الصفة البرلمانية ولا الصفة الوزارية غي مقدوره التهجم على حزب الطليعة؟.
وقبل أن أتعرض لما جاء في التصريح حول حزب الطليعة أود في البداية أن أتناول بعض النقاط الأخرى التي أخطأ فيها سياسيا وفكريا.
فعن سؤال لجريدة "الشرق الأوسط" حول طول مدة الانتقال الديمقراطي في المغرب أجاب السيد الراضي: الانتقال الديمقراطي لا بداية ولا نهاية له، في فرنسا استمر الانتقال الديمقراطي أكثر من 80 سنة....، واضح من هذا الجواب ان الانتقال الديمقراطي الذي يتحدث عنه السيد الراضي مخالف للانتقال الديمقراطي الذي تتحدث عنه القوى المجتمع المدني وقوى سياسية معارضة خارجة البرلمان. إن الدول الديمقراطية التي أنجزت مهام الديمقراطية أنجزتها بتحول نوعي كبير في لحظة سياسية تاريخية. وهذه الدول تحتفل بهذا التحول الديمقراطي في يوم محدد وهو مسجل في تاريخها السياسي .
أما ما يتبع هذا التحول الكبير من تنقيحات وإغناءات وتصحيحات فإنه خاضع لمنطق تطوير ذلك التحول حسب تطور الفكر السياسي والقانوني للنخب ومجموع الطبقات.
في المغرب لم يحصل بعد ذلك التحول النوعي في العلاقات السياسية والقانونية بالرغم من أن كل الشروط الدولية والشروط المجتمعية بعد تجارب عديدة من انتخابات التشريعية والجماعية الفاشلة والمغشوشة، والتي لم تحرر بعد إرادة الشعب في التقرير والتسيير، إن مضمون التصريح يبين أن قيادة الاتحاد الاشتراكي ما تزال مقتنعة بأن الانتقال الديمقراطي يمكن ان يتم عن طريق تطوير الأشكال في كل قضية من قضايا الديمقراطية: تصويت في الشكل وإنابة في المضمون. ترشيح في الشكل وانتقاء واختيار في المضمون، عملية فرز شكلية وهي تعيين في المضمون، برلمان يمثل الشعب في الشكل وهو يمثل الحكم في المضمون، حكومة منبثقة عن البرلمان في الشكل وهي حكومة مخزنية في المضمون.
إنني متفق على أن إدخال الإصلاحات على هذا المسار "لا بداية له ولا نهاية.." ولو إلى حدود 1000 سنة وليس فقط 80 سنة. والمسار الوحيد الذي يوجد أمام الحركة النقدية المغربية هو مسار الحسم في جوهر الديمقراطية كما هي متعارف عليها عالميا عن طريق النضال الديمقراطي الجماهيري الذي يتوجه إلى الإنسان وليس إلى المقاعد والمناصب بأي طريقة كانت.
النقطة الثانية الخاطئة التي صرح بها السيد الراضي : " في فترة تاريخية كانت هناك الاشتراكية الثورية (الأحزاب الشيوعية) والاشتراكية الديمقراطية (الأحزاب الاشتراكية). وأضاف أن أحزاب الاشتراكية الثورية كانت تأخذ السلطة بالعنف بينما وصل الاشتراكيون الديمقراطيون للحكم بواسطة الانتخابات مثل حالة الدول الاسكندينافية . لقد تم تبسيط الموضوع على حد الرداءة وهذا الكلام ليس إلا ترديدا لأقوال مبسطة جدا لخصوم الحركة الشيوعية لم ترق على درجة نقد قائم على أسس صحيحة وعلمية. إن المجتمعات التي أنجزت الديمقراطية وعبدت طريقا حضاريا للوصول إلى السلطة قد خلقت واقعا سياسيا جديدا وقد أخذت به العديد من الأحزاب الشيوعية مثل الحزب الشيوعي الفرنسي والحزب الشيوعي الإيطالي وكذلك الأحزاب الشيوعية في الدول الاسكندينافية. ولا نعلم ان أي حزب شيوعي في الدول الديمقراطية حمل السلاح للوصول إلى السلطة. وحتى في عدد من البلدان التي لم تصل على الديمقراطية لم تلجأ فيها الأحزاب الشيوعية إلى العنف مثل الحزب الشيوعي المغربي.
بعد هذا أعوذ على بيت القصيد في تصريح السيد الراضي حيث أضاف ضمن كلامه عن العنف قائلا: " وبالنسبة لنا في الاتحاد الاشتراكي فإننا فصلنا في هذه المسألة في المؤتمر الاستثنائي في 1975 (يقصد بالمسألة الوصول إلى السلطة بالعنف أو الانتخابات) الذين يؤمنون بالاشتراكية الديمقراطية وجدوا مكانهم في الاتحاد الاشتراكي، أما من كانوا يؤمنون بأشياء أخرى فكان عليهم البحث عن مكان آخر، وكما كان يقول المرحوم عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله " أرض الله واسعة". وأضاف يحدد من المقصود بكلامه تحديدا دقيقا:" هناك من كان يظن أن الأمر مجرد تكتيك ،لكن مع مرور الوقت وحينما تبين أن الأمر لا يتعلق بتكتيك أصبحوا يرفضون مشاركة الحزب في الانتخابات لأنهم يرفضون أن يصل الحزب إلى السلطة عن طريقها. ولكن الحزب مشاركته في الانتخابات ولما أدركوا الواقع مضوا وشأنهم في اتجاه آخر."
في علاقتنا الخارجية بأوساط اليسار الأوروبي وخاصة اليسار الفرنسي بتوجهاته تطرح علينا أسئلة ترتبط إلى حد ما بهذه الأفكار السالفة. وما كنت اعرف قبل أن أطلع على حديث رئيس مجلس النواب مع جريدة "الشرق الأوسط" أن السيد عبد الواحد الراضي هو كذلك أحد الذين يستغلون مواقعهم العمومية لينشروا عن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي مثل هذه الدعاية الفجة والسخيفة.
ويمكن القول أن هذا التهجم حقق بعضا من أهدافه الرامية إلى قطع صلات حزب الطليعة مع عدد من الأحزاب اليسار الأوروبية وخاصة منها الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية. وهذا يدعنا إلى التساؤل عن الهدف من نشر هذا التهام في جريدة "الشرق الأوسط" وهي جريدة دولية مقروءة في منطقة الشرق الأوسط ، ألا يكون موجها للقوى الديمقراطية الناهضة المشكلة من منظمات سياسية وشبابية ونسائية وحقوقية وإعلامية يسعى حزب الطليعة إلى ربط صلات نضالية معها؟
كيفما كان الحال ، وعودة إلى مسألة العنف، وحتى لا يفهم من كلامي أن حزب الطليعة يتنصل من تاريخه وتاريخ أعضائه ، لابد من التأكيد على أن اللجوء إلى حمل السلاح ضد النظام ليس مسألة إرادية يمكن اختيارها كمن يختار بيان سياسي أو عدم إصداره.
إن العنف إبن شروط سياسية وقانونية واقتصادية واجتماعية: بمعنى أن هذه الشروط القائمة الآن، عندما تتغير إلى شروط جديدة، تتمثل مثلا في تطبيق الشريعة واستيلاء أمراء الفتاوى على السلطة، لا يمكن أن يعتقد أن أعضاء وعضوات حزب الطليعة سيصطفون في طابور طويل يسحبون منه إلى ساحات الذبح من الوريد إلى الوريد، وهذا من ألف باء السياسة ومن ألف باء الاشتراكية. إن وضعا بهذا الشكل يؤدي إلى السرية وهذه الأخيرة كثيرا ما يتولد عنها اللجوء على العنف.
فأعضاء حزب الطليعة بمن فيهم من كانوا بالاتحاد الاشتراكي أو قبل ذلك الاتحاد الوطني للقوات الشعبية عندما قالوا أنهم مقتنعون بالنضال الديمقراطي فإنهم عبروا عن قناعاتهم التي توصلوا إليها ، وعندما تتغير الشروط التي دفعت في الاقتناع بالنضال الديمقراطي وينعدم أي بصيص أمل في عودتها من جديد فإن لهم من الشجاعة ما يكفي بان يعلنوا ذلك صراحة وعلى الملأ، كما يفعلون في عدد القضايا في شروط النضال الديمقراطي نفسها.
على عكس ما يدعيه رئيس مجلس النواب والذي لم يقدم عليه أي دليل، فإن أعضاء حزب الطليعة الذين كانوا أعضاء في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية اقتنعوا بنبذ المغامرة قيل المؤتمر الاستثنائي المنعقد في يناير 1975، ولولا موقفهم المثبت في وثيقة خرجت من سجن القنيطرة سنة 1972 ووصلت إلى عدد من المناضلين ي الجزائر وليبيا وفرنسا والذين هم بدورهم أصدروا وثيقة أخرى بعد أحداث 3 مارس 1973 تعتبر نقدا ذاتيا لتهج المغامرة، لما انعقد المؤتمر الاستثنائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أجواء من البهجة والفرح بين الفلسطينيين بعد موافقة حماس على م


.. ما رد إسرائيل على قبول حماس مقترح مصر وقطر لوقف إطلاق النار؟




.. الرئيس الصيني شي جينبينغ يدعم مقترحا فرنسيا بإرساء هدنة أولم


.. واشنطن ستبحث رد حماس حول وقف إطلاق النار مع الحلفاء




.. شاهد| جيش الاحتلال الا?سراي?يلي ينشر مشاهد لاقتحام معبر رفح