الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سأصدق أن صديقتي -الراهبة- انتحرت

عبدالحق فيكري الكوش

2014 / 5 / 18
الادب والفن


25/01/2012 (18:06)
و أَنَا أَمْشي .
تَغَيًرتْ تَضَاريسُ الأَرْضِ منْ حَوْلِي..
وَ فَجْأَةَ..
كَالْقَدَرِ امْتَدً أَمَامِي وَادِ عَمِيقِ
شَق الأرضَ نِصْفَيْنِ
و فَصَلَ بَيْنَ ضفًتًيْن
انْتَصَبَ عَلى الشمالِيةِ سِيَاج عال بعْلو بناياتِها
تَهيأَ لي أن أشباحَا تتعقبُني ..
ثمً تغيبُ في البَعيدِ البعيدِ..
الحلمُ المولودُ في هذَا المكانِ موؤودُ
و الزمنُ غيرُ الزمَن ..
فعَقَاربُ الساعَةِ ترجعُ الى الوَرَاءِ
و الولادةُ اجهاضُ لحَوَاء..
القلوبُ هُنَا تتَجَرُعُ مرارةَ الْخَوْفِ قَطْرةَ قَطْرَة ..
وَ الليلُ شَاقُ وَ طَوِيل
فِي هَذَا المَكان لمْ يبقَ غيْر الصمتِ يتكلًمُ

هذا النص أو الحلم الكابوس أو الولادة الإجهاض، هذه المسودة الموجعة التي غفلت عن تفسيرها وفك ألغازها.. هذا الحلم المزعج الذي قصصته علي ذات مساء وأنت حزينة جدا وتتوجعين دون أن أدري أنها نبوءة موت سابقة لآوانها..
حينها لم أكن مدربا على تفسير الأحلام والنبوءات، ولا على قراءة ما خلف الرموز والنصوص والإشارات.. قلت ربما شهقة مؤقتة خارج النص، و خطأ فرشاة تعمدت اللعب خارج الإطار تماما كما يفعل التشكيلي المبتدئ وهو يجرب فرشاته ..

يصرخُ و يصرخُ
فتَتَشابَكُ كلُ الصرخاتِ
لتَكُونَ صرخةَ مُدويَةَ
تُعلنُ عَنْ بدايةِ الحياةِ..
صرخةُ قويةُ فتحتُ اثْرَها عينيً..
و انتفضَ جَسَدي..
نظرتُ الى الساعةِ..
فعرفتُ أن غفوتي لمْ تَتَجاوَزْ بضعَ دَقَائِق..

لأعترف أني كنت حينها طفلا قليل الفهم والإدراك، لم أشاهد الحبل في نصوصك ولم أشاهد أنك كنت تنسجين من الحروف المشنقة ولا أدركت تشابك الصرخات في منسوجاتك، ولم أسمع صرختك المدوية و لا انتظرت أن تأتي غفوتك في شكل وصيغة من بضع دقائق.. غفوة ما بعد الحبل والحلم... تلك التي قالت عنها "مارتا لينش" : الموت وحده يتيح لنا ان نعيش مرة اخرى..
ربما...
إلى أن تلقيت رسالتك الأخيرة بعد عام وما يزيد، تلك التي تطلبين فيها مني شيء صغيرا وثمينا يليق بي، عمل صغير على طريقة المارد"هرقل" بأن أعيد عقارب الساعة لما قبل لقائنا، وتأملتها هذه الرسالة بنفس المزاجية التي تدرين.. وتعاملت معها ببرودة ولا مبالاة وأهملتها ليس عن قصد..، بل لأني صرت أنظر بكل غرابة لهذه الرسائل التي توجد في بريدي الالكتروني، على أنها تشبه الوساوس .. ولأني أيضا متعب ومنشغل بقتل أبطال قصصي المتعددين.. وكنت أتخلص منهم واحدا، واحدا... وكنت تعرفين درجة هوسي بتصفيتهم وتنويع طرق التصفية وإشباعهم موتا و قتلا وتصفية أحيانا دون قصد وأحيانا مع سبق الإصرار والترصد، وما جدوى وجود أبطال للقصص في عهد الطحانين؟ أبطال مثلي ومثلك في قصص غير ذي قيمة ومعنى..؟؟؟؟
و قلت لا حاجة لاقتلاع محطة اللقاء وورودها وأشجارها وزهورها...، ولم يتسع لي الوقت لتنفيذ ما طلبته فورا، نسيت تماما أننا كنا أكثر من أصدقاء، وأني عرفتك يوما وإن من عزلتي صرت غريبا فكيف بأصدقائي ألا أصير غريبا بهم وعنهم؟..
هي الحياة صديقتي كالحمى بمجرد زوال الأعراض عن طريق حبة أسبرين حتى ننسى بسرعة أننا كنا محمومين وأننا كنا نرتعش قبل هنيهة... وكذلك عندما يأتي الموت ننسى بسرعة أننا كنا أحياء قبل هنيهة...
و لم أفكر أنها رسالة وداع غامضة مثل غموضك سيدتي أنت أيتها المليئة بالأسرار والمثقلة بالألغاز .. مثل غموض نشأة هذا الكون ومثل غموض تعويذات السحرة...
غامضة كشعورنا بالسعادة وشعورنا بالألم...
وكنت غامضة جدا، وكنت واضحا جدا.. لكننا التقينا في مدار طرق غريب.. كنا متألمين، وطبيعة الشعراء هو الألم..
وكنا أيضا حزينين ومزاجيين.. وطبيعة الشعراء هي المزاجية والحزن..
هي رسالة قصيرة من سطر ونصف كنت أرسلتها تطلبين شيء صغيرا من كريم وابن أصل كريم.. لم أفهم حينها أنك يائسة وأنك تودعينني بنفس الغرابة التي التقينا بها، وقررت أن تنفذي شيء تراجيديا وقاسيا ومؤلما بحق نفسك، وأنك ستشترين حبلا وسترسمين مشنقة ...
بكل بهذه البساطة على طريقة ما يكوسفسكي، وان عوض الحبل الرصاصة..
لم تودعيني برسالة طويلة تشرحين لي فيها لما ستنتحرين، ولا عن طريقة الانتحار، ولا حتى قرارك أنك ستنتحرين..
لم تحدثيني على أنك اشتريت الحبل، لتلعبي لعبة غميضى مع الحياة القاسية..
عفوا لا أحاكمك يا صديقتي، لكن عندما يتعلق الأمر بموت الأصدقاء تعبر الذكريات بكثافة وتعود الى الحياة وتتراقص أمامنا حتى أننا نعتقد كل شيء وهمي بغيابهم أي الأصدقاء..
كنت أعرف أنك كنت مريضة ومتعبة ويائسة..، وكنت أعرف أنك أيضا تدمنين على الصلاة ومتصوفة وخشوعة بالحب ، وشفافة مثل الماء وبيضاء وأنقى من زهر الياسمين، وأنك شديدة الحرص على السبحة وعلى السجادة والصلاة و الفجر خاصة وعلى قراءة الشعر والكتابة والاستماع الى زقزقة العصافير وتغاريدها، وأنك كالمعتاد رفقة "الحسون" الذي عوذتني على صوته كلما استيقظت لأداء صلاة الفجر مدة عامين.. وكنت أعرف أنك شديدة البكاء في حضرة السماء..
وكنت أعرف أنك مؤمنة وطيبة و استثنائية... وكنت مثل شجرة خضراء ترتدين خضرة الراهبات... فهل تصوفت كما الشاعر الأردني "تيسير السبول" الذي اعتقد أن هناك حياة بعد الموت لا يعرفها أحد"..؟
وهل أنا أوجعتك بالعقاب؟ وأنا الذي لم أعاقبك قط... فعاقبتني بغيابك هذا للأبد...
وهل أوجعتك بالصمت، وأنا لم أصمت قط... فعاقبتني بصمتك للأبد..
أم بكل بهذه البساطة وعلى طريقة ما ياكوسفسكي، هزمتك الخيبة والندم وان عوض الحبل الرصاصة..
وفيما كنت تفكرين ليلتها قبل أن تقرري الغياب؟ وفيما كنت تحذقين؟ هل في أعلى السقف أم زوايا البيت؟ وهل نمت تلك الليلة أم أوجعك الليل وهل كنت خائفك؟ وهل قرأت كتابا عن العشق؟ وكيف كانت بنبضات قلبك؟ وهل تقلبت في الفراش مرات ومرات..؟ وهل فكرت في صديقك القديم ؟ وهل هاجمتك الوساوس والأوجاع وانهزمت؟ وهل نفذت من نوافذ القلب كوابيس أزعجتك وأرغمتك على الانصراف دون أن تقولي لصديقك وداعا؟ أم أنك قررت الغياب لتنسي إساءتك إلي.. كما كنت تعتقدين وتتوهمين، وما أسئت لهذا الكوشي قط؟ ؟ وهل قرأت رسائلنا الطويلة التي من الصعب ومن المستحيل إنهاء قراءتها وفهمها في ألف ليلة وليلة أو حتى مائة ألف ليلة ليلة؟ أم أنك فعلت ذلك، لأنك كانت يائسة وحزينة وشاردة..؟
ثم هل شربت كوب قهوتك المعتاد ذاك المساء؟ وهل قرأت قصائدك وقصائدي التي كنا نكتبها بتلقائية وعفوية؟ وهل استمعت الى صوت الحسون كما المألوف والمعتاد؟ وهل بسطت سجادتك و صليت الفجر ؟ وفيما كنت تفكرين وأنت تشترين الحبل وتعدين المشنقة؟
يا ترى، أهي خيبة أمل كبرى في الحياة؟ أم أنك قرأت ما كتبه الإيطالي تشيزاره بامنيزه لصديقته: ( كلما فكرت في الانتحار بدا لي انه أمر هين ، حتى النساء الضعيفات يملكن القدرة عليه )
ولم ودعتني برسالة قصيرة، بعد عام من الصمت ، ووصية من كلمتين..؟
يا صديقتي، غيابك مؤلم وحضورك كان ألما..
ولا جواب بعد موتك لأسئلتي..؟
لكني وإن غضبت ، نسيت تماما إسائتك إلي..
غفر الله لك، صديقتي.. وإنا على فراقك لمحزنون...

---------------------------------------------------------------------------------
رسائلنا:
وكتبت لها وهي تتحدث يائسة عن الحب : "سيدتي لا تمسحي الحب من مذكرتك، فتسعون في المئة من مادة القلب هي الحب
الحب شيء آخر غير ذلك الذي ندونه في شكل رسائل حمقاء.."

وكتب هي:
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه أو تطلب الشمس في كفيك أرميها
أنـا أحبك فوق الغيم أكتبهــا وللعصافيـر والأشجـار أحكيهـا
أنـا أحبك فوق الماء أنقشهــا وللعناقيـد والأقـداح أسقيها
أنـا أحبك يـا سيفـا أسال دمي يـا قصة لست أدري مـا أسميها

وكتبت أنا:
الحب أنبل و أسمى
وحسب ما جاء في الموسوعة العالمية فالحب مشتق من
الحُباب وهو الذي يعلو الماء عند المطر الشديد. فكأنَّ غليان القلب وثوراته عند الاضطرام والاهتياج إلى لقاء المحبوب يُشبه ذلك. وقيل : مشتقة من الثبات والالتزام، ومنه : أَحَبَّ البعير، إذا برك فلم يقُمْ، لأن المحبَّ لزم قلبه محبوبه. وقيل : النقيض، أي مأخوذة من القلق والاضطراب، ومنه سُمى (القرط) حبّاً لقلقه في الأذن،
26 juin 2010, 23:36
الحب كما قالوا . أسمى مظهر لتجلي الوجود لا يخضع مسبقا للوعي الأخلاقي أو لإجتماعية الأخلاق بل يشكل في ماهيته الشعورية نوعا من الإحتضار الإيجابي للسوسيوس الأخلاقي . الحب هو علاقة ذاتية صرفة مع الحرية في نوع من اللامنطق العقلي .
26 juin 2010, 23:38 •


وكتبت هي:
اخي فكري اهديك أعذب مافي ينابيع الروح من نمير الود ..
لك انهار شكر لما اضئت به من معان سامية للحب..
ولكن اعلم اخي اننا حين نعيش في عالم يتناقض فيه الخطاب الثقافي مع الخطاب السياسي او يتناقض فيه الخطاب برمته بالممارسات فإننا ننتقم من هذا الوضع المتعفن بركل مشاعرنا واحاسيسنا ونولي وجهنا شطر الواقع سعيا وراء النجاة بضميرنا من خلال خنق عالمنا الداخلي لنعيش عالمنا الخارجي بسلام
اخي فكري اهديك أعذب ما في ينابيع الروح من نمير الود ..
لك انهار شكر لما اضات به من معان سامية للحب

وكتبت هي : هذا النص بعنوان " بعد التعديل"
26 juin 2010, 20:44
سأعيد الان تشكيل قسماتي
كي تتناغم مع لحظة الفراق
سألغي البسمة من قاموسي
حتى لا أوسم بعار النفاق
سأكبل يدي الان لانهما كلما
لاقيتك سارعتا اليك بالعناق
اعتذر لك عن رسائل تحكي
ثورة حب كان لي كالانعتاق
كوشم رسمته على جسدي
كسطور دونت في ذاك الميثاق
اعتذر عن دموع وبسمات
من فرحتي بك كانت
في استباق
سأمحو الحب من مذكرتي
قد أصبح يشعرني بالاختناق...


وكتبت:


شهادة في حق رجل؟؟؟
شهادة أولى :
شهادة أولى
ما كنتَ يوماً تحني للريح "راسك"
ما كنت تناى لو استبدَّ بك بؤسُك
أبيةٌ دومًا " نفسك"
وسَتبقى كذلك
شهادة ثانية
اشهد انك ستبقى دوما شهريار
ومهما حكيت لك من الحكايا
لن تتراجع ابدا عن القر ار
ومهما لبست ثوب عفتي
ستراني دوما ملطخة بالعار
الوهم يسكنك انت
شهادة ثالثة
لك الحظ شاء
ان تتهادى امامك الظلال والاضواء
ان يمتزج بحبك في قلبي الفرح والشقاء
ان تتوالى في سمائي صفو ها والانواء
ان تتعالى صيحاتي في الاجواء
اعلنت الان لك العصيان
شهادة رابعة
انت ايها الرجل!!
كيف تستبيح دموعي؟؟؟
تنزل امامك كالغدير؟؟!
انت ايها الحبيب
غريب قلبي في دنياك غريب
ساعترف لك
في لقائي الاخير
انني ما احببت غيرك
شهادة اخيرة
حملت متاعك واخترت الرحيل
لا تأبه ببكائي بعدك والعويل
ستبقى ايها الرجل السندبادي
نجما متلالئا في عتمة سمائي
اذهب حيث شئت
لك حبي ووفائي
سأرضى عيشي في ظلام
ما دامت معك كل انواري وأضوائي
وكتب أيضا:
ما ان تحررت من شرنقة حقيبتي ، حتى وجدتني أقف عند عتبة الحاسوب ، وثمة نداء خفي يهمس لي : إخلعي وجعك ، فأنت الان في روض الفرح المقدس ... حتى إذا دخلتُ حجرة صفحتي ، فوجئت بضـَوْع رحيقك ... فكيف لا تغدو مسامير قصيدتي قرنفلا ً ما دامت قد تخضـَّبت بنداك ونفحك ؟
رغم ان قراءتك أعمق من معاني ما كتبتُه فان ما أخبرني به الشاعر علي الرباوي ,من وجود مسافة بين النص وكاتبه قد تطول او تقصر وقد يكون القارئ أحذق, قفز الى ذاكرتي الان..

هذا نموذج من مئات الرسائل والقصائد بين شاعرين وأديبين، وهو يحدث...
لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم،
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وان المصيبات بعض الكرم.
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا