الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة الغذائية – مشكلة كونية شاملة : مظاهرها ، أبعادها ( 1 - 4 )

كريم شكاكي

2014 / 5 / 19
الصناعة والزراعة



كمدخل:- ماهية المشكلة الكونية الشاملة و ماذاتعنى !؟
حققت البشرية عبر قرون طويلة من تطورها الديناميكى المتواصل منجزات علمية و تكنولوجية عظيمة لا سابقة لها .قبل بزوغ فجر الراسمالية فى منتصف القرن الخامس عشركانت البلدان الأوربية تعيش فى ظلمات النظام الأقطاعى الذى ساد هذه البلدان منذ القرون الوسطى ومؤسساته و احكامه و قيمه و علاقاته الإجتماعية , الذى كان قائما على الإستبداد و الإسعباد للإنسان.و خلال هذه الفترة كانت الشعوب فى اوربا الغربية تشهد حركة نشطة من الرحلات و الاكتشافات لأسواق جديدة و ذلك ابتداءا من عصر النهضة ، عصر اليقظة فى الفكر و الفلسفة .

فبدأت خلال النصف الثانى من القرن الثامن عشر تظهر الأفكار الليبرالية كما بجانبها الإقتصادى و هكذا الإجتماعى و السياسى ولتعبرعن المتطلبات و الشروط الموضوعية لبناء العلاقات الراسمالية لتحل محل العلاقات الإستعبادية – للنظام الإقطاعى القائم بمؤسساته و قيمه الإجتماعية على استعباد الفرد و حرمانه من حقه و حريته الطبيعية كفرد..كان الفكر الليبرالى الناشىء يستند بالأساس على الحق الطبيعى للإنسان و حريته و بهذه الصورة يكشف قدرة الإنسان للتطور و الإرتقاء ، بحيث يكون قادرا على التأثير على الطبيعة ، .تحققت منجزات هائلة فى العلوم و الفنون و الأخلاق و الأدب و الفلسفة و فى مجال الفكر الإحتماعى- السياسى و القانونى . و فى نهاية الأمر تمتلك البشرية وبالتحديد البلدان الراسمالية المتطورة ثروة هائلة من المعارف و الخبرات والمهارات العلمية و التقنية و التكنولوجية , التى هى ثمرة ثلاث ثورات صناعية منذ 1750 - 1850 حتى الوقت الراهن حيث يستمر التقدم العلمى- التكنولوجى فى جميع نواحى المجتمع المعاصر.بما فى ذلك فى منظومة العلاقات الإحتماعية و الإقتصادية و اشكالها التنظيمية القائمة بين الناس من خلال منظومة عملية الإنتاج- الإستهلاك النهائى للمنتوج المحقق . فنتيجة عملية جتمعة الإنتاج و العمل لم تعد ملكية الراسمال الفاعل و المنتج متمركزة فى الأقلية الإحتكارية. فقاعدته الإجتماعية لتملكه قد توسعت من خلال منظومة الأسهم التى تشكل هذا الراسمال المنتج , يحق للعمال و العاملين الآخرين ان يمتلكوا هذه الأسهم للمشاركة فى الرأسمال الفاعل . فيحصل حاملى الأسهم على حصة من الأرباح المحققة فى مؤسستهم العاملة . كما حققت الرأسمالية المعاصرة مكتسبات إجتماعية و حقوق اقتصادية و اجتماعية فى مجال خدمة العمل و التأمين الصحى و التقاعد . ان التطورات والتغيرات الإرتقائية الجارية فى طبيعة الراسمالية المعاصرة فرضتها الحركة النضالية الجماهيرية فى ترسيخ المنظومة الديمقراطية فى ادارة المجتمع و الدولة فى سبيل احترام حقوق الأنسان و توفير ظروف حياة امنة و هادئة.
بالرغم من ان الراسمالية المعاصرة فى العديد من جوانبها الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية , تتمسك بالقيم و المعايير و المثل الإنسانية, و هذا لا يعنى انها قد حققت العدالة الإجتماعية و ازاحت عنها التمايز الطبقى العميق فى التملك و الأنتفاع من ثروة المجتمع . فالراسمالية المتمثلة بالرأسماليين الكبار , الذين يسيطرون على مفاتيح الإقتصاد و المالية يستغلون ظروفهم لزيادة ثرواتهم على حساب إسغلال الآخرين . فالتمايز الإجتماعى الطبقى فى ظل هذه الرأسمالية التى اشرنا اليها, يزيد من صرخة و أنات و آهات خارجة من افواه ثمانمائة و اربعة و خمسين مليون شخص فى العالم و بالإضافة الى 200 مليون طفل جائع , الى جانب آلاف المشردين بدون مأوى و المصابين بعاهات إجتماعية مزمنة . كما نشاهد و عبر قنوات العولمة و غيرها كيف أن بلدان رأسمالية متقدمة لم تتخلى عن نزعتها الإستعمارية فى إستعباد البلدان , مستغلة قنوات العولمة الإقتصادية لتنقل بعضا من صناعاتها الملوثة للبيئة لتستوطنها فى بلدان نامية مثل كوريا الجنوبية و تايوان و هونغ كونغ و سنغافورة و البرازيل. وان اغلب هذه الصناعات متميزة بكثافة قوة العمل الحى فيها , فنقلها يصبح اكثر إقتصاديا بسبب انخفاض مستوى الأجور فى مناطقها الجديدة .
الجدير بالإشارة الى ان العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين بدأ إنتشار ظاهرة الإرهاب متعدد الأبعاد و تحت واجهات دينية و اثنية و قومية ، الى جانب الجريمة المنظمة و انتشار المخدرات و غسيل الأموال . أ ن هذه المظاهر لم تعد تشكل تهديدا خطيرا على الأمن الوطنى و الأستقرار فى بلد معين فقط ، و أن مسألة الأمن و الإستقرار ليست محصورة فقط فى حدود جغرافية معينة ، بل أنها تتكامل إقليميا ودوليا. و بالإرتباط بهذه المسائل و المعضلات الأخرى المذكورة اعلاه ، فمسالة الد يمقراطية و سيادة القانون و احترام حقوق الإنسان و حرياته الطبيعية ، و مبدأ حق الأمم و الشعوب فى تقرير مصيرها كجزء من حقوق و حرية القوميات و الأقليات القومية و الأثنية و المذهبية فى الدول المتعددة القوميات و الطوائف أصبحت من العوامل الهامة فى تامين الأمن و الإستقرار و تحقيق التنمية الشاملة المستديمة ليس فقط قطريا و بل اقليميا و دوليا. ولهذا فان خرق و انتهاك حقوق و حريات الفرد و لأية مجموعة قومية و اثنية كانت و باي شكل كان لا يمكن النظر اليه كمشكلة داخلية مجردة تخص هذا البلد او ذاك ، بل ينبغى معالجة المشكلة هذه من خلال التعاون الدولى و فى إطار منظمة الأمم المتحدة . لأن إقامة الديمقراطية و وترسيخها عامل هام فى فتح المجال امام التنمية المستديمة
ولكن لاتزال مصالح و أهداف متناقضة لأطراف دولية و أقليمية مختلفة تقف عائقا كبيراً فى إقرار وتنفيذ الحلول الصائبة لأية مشكلة من هذه المشاكل فى الأمد القريب و المتوسط .
لقد إهتمت اوساط علمية مختلفة كل واحدة حسب تخصصها لدراسة هذه المشاكل واسبابها و عواملها التاريخية و عواقبها الإجتماعية و الإقتصادية و وضع حلول حسب رؤيتها المنهجية لها ،تنشرها فى ابحاث و دراسات منشورة او تطرحها فى عقد ندوات محلية و إقليمية و دولية يشارك فيها علماء و خبراء من مختلف الإختصاصات العلمية . ونتيجة لهذا الإهتمام الواسع بالبحث العلمى ، صيغت تسمية علمية اصطلاحية " غلوباليزم" أو " غلوباليستيكا "لهذا النشاط البحثى العلمى .

و اطلق على الخبراء و الباحثين - العلميين فى هذا المجال اسم " غلوبا ليستسك ". أصبحت هذه الدراسات جزءأ هاما من الإرتقاء النوعى الموضوعى للفكر الإجتماعى و الإقتصادى و حتى السياسى المعاصر ، فى دراسة المسائل المتعلقة بمشاكل و آفاق تطور الكون و مجتمع البشرية جمعاء ، يعكس رؤى منهجية علمية ، بالمشاكل الكونية الشاملة من حيث جوهرها و و مضمونها الإجتماعى و الإقتصادى و السياسى و اسباب نشأتها ، وسبل و وسائل معالجتها . و اغلبها تجد منشاءها فى التفاعل المتبادل بين العوامل الثلاثة القائمة موضوعيا – البيئة الطبيعية – المجتمع – الإنسان . و على هذا الأساس تصنف الخبيرة الروسية ماكسيموفا هذه المشاكل الكونية الشاملة الى مجموعتين اساسيتين :-
1- المشاكل الكونية الشاملة الناجمة من التفاعل المتبادل بين العوامل الثلاثة – الطبيعة- المجتمع- الإنسان. كما هى مشكلة الموارد الطبيعية المستهلكة غير قابلة لتجديد الإنتاج – منها الموارد الطاقية و بعض الخامات المعدنية . و ثمة موارد طبيعية قابلة تجديد الإنتاج بمساعدة الإنسان مثلا المواد الغذائية ، المياه العذبة حماية البيئة الطبيعية ، الإستخدام العقلانى الفعال لموارد البحار و المحيطات . إن هذه المجموعة لها اهمية متميزة بإرتباطها المباشر مع الحاجات المتنامية للإنسان ككائن حى لضمان استمرار نشاطه الحيوى المعتاد .
2- المشاكل الكونية الناجمة من التفاعلات الجارية داخل المجتمع . وهى مشاكل معقدة و متناقضة مع مصالح هذه الفئة الإجتماعية او الأخرى داخل المجتمع ، أو بين دول مختلفة. كما هى مشكلة إنتاج وإنتشار الأسلحة الفتاكة ، مشكلة السلم و الإستقرار فى العالم ، مشكلة التخلف العام فى البلدان النامية ، مشكلة التحضر و النمو السكانى ، و التعليم و الرعاية الصحية .*
*2- -مجلة الإقتصاد العالمى و العلاقات الدولية- موسكو 1981 –العدد الأول-
و البعض الآخر يحصر اسبابها فى تناقضات منظومة –" الطبيعة – الإنسان ". ويظل الفكر الإجتماعى والإقتصادى و خاصة فى الغرب فى مجال البحث العلمى ، حول تفاقم هذه المشاكل الكونية و آثارها المزمنة على البشرية ، يتخبط بين أمواج التصورات الرؤية التشائمية المهلكة ، و التصورات التفاؤلية. فالتصور الأول يستند على تنبوءات متشائمة عن إمكانية إستنفاد الموارد الطبيعية الضرورية لإدامة حياة الإنسان و خاصة تلك غير قابلة تجديد إنتاجها ثانية ، و بالتالى وقوع كوارث هائلة تصل الى حالة الدمار الشامل للحضارة العصرية ، أو الى إندلاع نزاعات شاملة تكون عواقبها مدمرة على البشرية . هذه الرؤية تعكس رؤية مالتوس بمدارسها المختلفة. اما الرؤية الثانية تستند على تصورات و موديلات تكنوقراطية ، بما انجزته الثورة العلمية-التكنولوجية و آفاقها المستقبلية من إيجاد وسائل فعالة لحل المشاكل الكونية .
فى اواخر عقد الثمانينات عقدت ندوة علمية تحت رعاية الأكاديمى الروسى غفيشيانى ، لقد شخصت الندوة مجموعتين من المشاكل الكونية ذات الأهمية المشتركة و حددت كالأتى:-
1- المشاكل العمومية:- تعنى الظواهر والتفاعلات الخاصة و الجارية فى اطار بلدان معينة ، يمكن ضبطها و إدارتها على المستوى القطرى ، كما هى مشكلة التحضر و بدرجة معينة مشكلة الموارد المائية و بعض جوانب مشكلة حماية الموارد البيولوجية، و مشكلة حماية و إستخدام الثروات فى باطن الأرض .
2- المشاكل الكونية الشاملة - تحمل جميع خصائص المشاكل العمومية ، و لكن عواقبها لا تنحصر فى الحدود المحلية ( القطرية) فحسب ، و بل تتجاوزها إقليمياً و دولياً . بعضها تعود الى عوامل و أسباب تأريخية لحقبة النظام الإستعمارى الذى ساد عقود طويلة مناطق واسعة من العالم ، كما هى البلدان النامية .
إن الحلقة المركزبة التى تربط المركب الإجمالى للمشاكل الكونية تتمثل فى المدى البعيد فى الإنسان نفسه ، مستقبله و تطوره. ترى القوى التقدمية و الديمقراطية فى ظروف حماية حقوق و حرية الإنسان- يعنى ترسيخ منظومة الديمقراطية فى إدارة المجتمع والدولة ، الضمان الأكيد لمعالجة الظواهر الخطرة التى تهدد مسيرة التقدم . لأن سيادة الديمقراطية تعنى سيادة الأمن و الإستقرار الإجتماعى و السياسى كما على المستوى الوطنى و هكذا الإقليمى و بالتالى الدولى . وهذا يتوقف على إيجاد التضامن الدولى فى إطار منظمة الأمم المتحدة مع توفير توازن مصالح جميع الأطراف الموجودة .
تتطلب دراسة و بحث المشاكل الكونية الشاملة أن تحدد المنهجية ( ميتودولوجيا) العلمية لكشف وتحليل ماهية كل مشكلة بانفراد ، حتى يمكن أن تبين جوانبها الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية . ثمة مراكز علمية و إجتماعية مختلفة تتباين او تتقارب و تتشابه فى رؤيتها بكل المسائل المتعلقة بمشكلة من هذه المشاكل . ولكنها بخصائصها و عوامل نشاتها و اثارها السلبية مختلفة النواحى تجعلها ان تعتبر كمشاكل كونية شاملة بشكل مباشر او غير مباشر تمس البشرية ككل للأسباب التالية :
1- أن ميزة الكونية الشاملة للمشاكل المذكورة تحددها خاصية العالم المترابط كمفهوم معرفى إستخدمه ماركس و إنجلز فى تفسيرهما لعملية تطور المجتمع البشرى ، و أشارا الى ما سميت " التبعية الكونية الشاملة" التى تجسد العلاقات الإجتماعية و الإقتصادية و حتى المصالح المتبادلة التى تنشأ بين الناس خلال عملية الإنتاج المادى والذهنى . فالعالم المعاصر يمر بتغيرات ديناميكية عاصفة ناجمة من الثورة العلمية-التكنولوجية الهائلة تتطلب تعميق هذا الترابط ، هذه التبعية المتبادلة بين مختلف اجزاء عالمنا ، كنظم إجتماعية وإقتصادية و سياسية مختلفة و حتى متناقضة ، ولكن فى حركتها و وجودها ليست ذاتيات منعزلة عن بعضها تعيش لذاتها ، او فى ذاتها ، بل أنها تتواجد فى تفاعل متبادل اي فى تبعية متبادلة مع بعضها البعض .هذه الخاصية المميزة التى رافقت تكوين المجتمع الإنسانى تمتد على طبيعة الكثير من الظواهر و العمليات و المشاكل التى يواجهها المجتمع .
هذه المشاكل التى تعتبر كونية شاملة بمخاطراثارها ليست منعزلة عن بعضها البعض بل تاريخيا و هى مترابطة كمفهوم السبب- النتيجة بجوانبها الإجتماعية و الإقتصادية ، و عوامل نشأتها و تفاقمها .
2- ان التصور السائد لأسباب و لعوامل نشأتها و إستمرارها يعكس المصالح السياسية و الإقتصادية لأطراف محلية أو بوجه خاص دولية ، يجنبها تحمل مسؤوليتها التاريخية، لإيجاد حلول جذرية لها .
3- بحكم طبيعتها المعقدة و خطورتها الشاملة يعتمد حلها على توحيد جهود جميع البلدان و الدول فى العالم ، بأعتبار أن حلها ينصب فى مصلحة جميع البلدان و الشعوب تتوفر الأمكانيات لظروف مناسبة لتوجيه مواردها نحو تنمية مستديمة لبناء حياة مزدهرة لأجيال المستقبل .
4- يكمن الأساس المادى لحل كل واحدة من المشاكل الكونية فى تطبيق مبدأ " نزع السلاح الشامل من أجل التنمية" .يعنى ذلك توجيه الموارد المخصصة فى صناعة الأسلحة و تسويقها و تجارتها الى استثمارها فى التمية الإجتماعية و الإقتصادية .
المشكلة الغذائية:
رغم كل المنجزات التى تحققت فى مجال العلم و التاكنيك و التكنولوجيات المعاصرة ، فلا تزال البشرية تواجه مجموعة مشاكل خطيرة لم تنحصر عواقبها فى حدود قطرية أو إقليمية معينة ، بل تجاوزت و إكتسبت طابعا كونيا شاملا تشكل معضلة خطيرة على البشرية جمعاء . بالرغم من إنتهاء الحرب الباردة فلا تزال مشكلة إنتاج و إنتشار مختلف انواع الأسلحة التقليدية و الجديدة قائمة بشكل واسع ، بحيث اصبحت تجارتها الرسمية و غير الرسمية تشكل إحدى الفقرات الهامة فى التجارة الدولية للبلدان المنتجة وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية و البلدان الأوربية و روسيا و الصين . و تشير دراسات جدية الى ان ما تنفقه الأوساط العسكرية فى الولايات المتحدة الأمريكية على بعض برامجها لإنتاج أسلحة جديدة ، لو استثمرت فى مجالات مدنية ، تستطيع أن توفر التعليم لحوالى 700 مليون أُمى ، و زراعة مساحات واسعة لإنتاج المحاصيل الغذائية تلبى حاجة 500 مليون شخص ، و بناء سكن حديث لـ200 مليون إنسان ، من الأحياء الفقيرة، و توفير الأغذية الضرورية لـ 200 مليون طفل جائع. . و من سخرية القدر هى أن البلدان النامية إضافة الى جميع مشاكلها الخاصة و الكونية المزمنة ، تستورد كميات كبيرة من الأسلحة و التى تشكل عبء كبير على دخلها الوطنى وعلى ديونها المتزايدة بإستمرار، بدلا من إنفاق هذه الموارد المالية على تطوبر التعليم و الخدمات الصحية و معالجة أسباب الفقر السائد فيها . كما هناك مشكلة صيانة البيئة والإستخدام العقلانى للموارد الطبيعية و بوجه خاص تلك غير قابلة تجديد الإنتاج ، مشكلة التخلف الإجتماعى والإقتصادى و حتى السياسى فى بقاع واسعة ، و مشكلة التخلف الإجتماعى و الإقتصادى و حتى السياسى فى بقاع واسعة من العالم ومشكلة الديون المتفاقمة للعديد من البلدان النامية . كما تشير بعض الدراسات الى مشكلة ازمة نقص المياه فى مناطق واسعة من العالم حيث كما يشير بعض الباحثين بان القرن الحادى و العشرين سوف يشهد نزاعات مائية بين بلدان مختلفة .
بعد أن تمكنت البشرية من تلافى خطر نشوب حرب عالمية ثالثة باستخدام الأسلحة النووية ، رغم إيجاد بؤر توتر أخرى فى بقاع مختلفة تهدد الإستقرار و الأمن فيها ، إلا أنه اصبحت البشرية تواجه بإستمرار المشاكل الكونية الشاملة التى اشرنا اليها فى المقدمة. و كهدف لبحثنا نركز الإهتمام على المشكلة الغذائية كإحدى أكثر القضايا خطرة ومعقدة ومتعددة النواحى والأبعاد و المظاهر ولا تزال تتفاقم بشكل حاد بين حين و آخر، فتترك آثاراً مأساوية على البشرية تتجلى فى آرتفاع عدد ضحاياها من الوفيات والمرضى تصل الى الملايين من الأطفال و المسنين. و لهذه الأسباب تختل مكانة هامة من إهتمام الرأي العام الدولى من خلال منظماته المحلية و الإقليمية و الدولية و الأمم المتحدة لدراسة أسباب وعوامل هذه القضية بجوانبها الفنية ، الإجتماعية ، الإقتصادية والسياسية .
توجد مراكز و أوساط علمية وإجتماعية تعتمد فى تفسيرها لظاهرة المشكلة الغذائية على رؤية تشائمية الى آفاق إمكانية إيجاد حل جذرى لها . يستندون على آراء المالتوسية و المالتوسية الجديدة القائمة على الحتمية الديموغرافية- أي أن المشكلة الأساسية هى فى الوتائر السريعة للنمو السكانى التى تفوق كثيراً إمكانية نمو و زيادة وسائل العيش . و بسبب عدم قدرة الأنسان ان يسيطر على هذا الأختلال التناسبى فيؤدي ذلك الى كارثة انسانية على شكل حروب جماعية شاملة بالأسلحة الفتاكة.
استنادا على افاق منجزات الثورة العلمية- التكنولوجية ، تؤكد الدراسات العلمية ذات النزعة التفائلية عن المستقبل على افاق أزدهار المجتمع البشرى دون مظاهر التخلف و المجاعة و انتشار الأمراض و النقص فى مصادر الطاقة و المواد الأولية و المواد الغذائية الضرورية لحاجات المجتمع و الإنسان . و يمكن تحقيق ذلك بالتنمية المستديمة أي " التمية التى تلبى حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة فى تلبية حاجاتهم. و هى تحتوى على مفهومين اساسيين:-
مفهوم الحاجات و خصوصاً الحاجات الأساسية لفقراء العالم ، والتى ينبغى أن تعطى الأولوية المطلقة .
و فكرة القيود التى تفرضها حالة التكنواوجيا و التنظيم الإجتماعى على قدرة البيئة للإستجابة لحاجات الحاضر والمستقبل . لذلك ينبغى أن نحدد أهداف التنمية االإقتصادية و الإجتماعية بمفهوم الإستدامة فى جميع البلدان- نامية و متطورة."*3
*3 اللجنة العالمية للبيئة و التنمية " مستقبلنا المشترك بالعربية الكويت 1989 ص83
ان التنمية المستديمة ببعدها الإقتصادى و الإجتماعى و الإيكولوجى تمثل عملية ديناميكية فى الإستخدام العقلانى للمنجزات العلمية و التكنولوجية المعاصرة فى مجال البيئة ليس فقط فى الإطار القطرى وبل الإقليمى و العالمى كأهداف ستراتيجية محددة . و من أجل تحقيق ذلك ينبغى تركيز الجهود المشتركة نحو المهمات التالية:-
1- توجيه الموارد البشرية و العلمية و المالية المستثمرة فى إنتاج و إنتشار الأسلحة الفتاكة والتقليدية المتطورة نحو تطوير الإنتاجات المدنية التى تؤمن وسائل الحياة الأفضل للإنسان المعاصر فى جميع البقاع العالم. لكن لا نزال الدول الرأسمالية الكبرى و روسيا الإتحادية تضخ إستثمارات هائلة فى صناعاتها العسكرية لإنتاج منتوجات حربية حديثة لدفعها الى الأسواق العالمية . و على سبيل المثال تعتبر منطقة الشرق الأوسط من الأسواق المهمة لتصريف المنتوجات العسكرية فخلال " فترة 1979-1988 إستوردت المنطقة أسلحة لا تقل قيمتها عن 154 مليار دولار . و فى عقد الثمانينات كان الشرق الأوسط هو الجهة التى ذهب اليها ما يقرب من ثلث جميع الأسلحة التى جرت المتاجرة بها"*4
* 4- يحى .م. صادوسكى " الصواريخ أم الخبز" القاهرة 1994 ص.18
2- إن تحقيق هذه المهمة يعنى إزالة التخلف و القضاء على مظاهر الفقر والمجاعة والأمراض المزمنة التى تجسد أقسى مثال للجور الصارخ لفقدان العدالة الإجتماعية الإنسانية فى توفير ظروف الأمن و الإستقرار و القضاء على العديد من عوامل الإجرام و الإرهاب فى العالم.
3- وعندئذيمكن تطبيق سياسة متوازنة لضبط العملية الديموغرافية غير المنظمة ، خاصة فى المناطق التى تواجه مخاطر الإنفجار السكانى ، بسبب فقدان أو ضعف التعليم و الوسائل الصحية والمعرفة بالتخطيط العائلى .
ولكن المعطيات العلمية تدحض التصورات غير العلمية فى معالجة المشكلة الغذائية فى العالم و تشير هذه المعطيات الى انه وبفضل التقدم العلمى- التقنى " ينتج العالم اليوم غذاء لكل فرد من السكان اكثر من اى وقت مضى فى تأريخ الإنسانية"*
*5-اللجنة العالمية للبيئة و التنمية "مستقبلنا المشترك" الترجمة العربية- الكويت 1989 ص-179
( يتبع ) الدكتور / كريم شكاكي - صوفيا - بلغاريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة