الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيد القمني ووضع المفكر العربي بين رصاص الإسلاميين وسكين الليبراليين

هويدا طه

2005 / 7 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


عندما أعلن د. سيد محمود القمني أنه سيتوقف عن الكتابة نهائيا.. ليمنح الباقي من عمره لتربية أولاده.. بعد أن تلقى رسائل تهديد حازمة من جماعة الجهاد في مصر.. كما قال.. تمهله أسبوعا واحدا للتراجع عن أفكاره الليبرالية.. المرتدة.. وإلا مصيره القتل، حدث جدل كبير.. في مصر خصوصا وعلى الساحة العربية عموما، لم تتطرق الفضائيات العربية إلى ذلك الموضوع الحساس.. على الأقل حتى اللحظة.. لكن قناة الحرة ناقشت الأمر مع ضيوف آخرين من مصر والكويت، واستمر الجدل على صفحات الجرائد المطبوعة والإلكترونية.. بين متشفٍ في الرجل.. ومتهم ٍ له بافتعال الإثارة حول شخصه.. ومتعاطفٍ معه.. ومؤنبٍ له على ما مضى.. ومؤنبٍ له لتوبته عما مضى.. وغير ذلك من ردود الفعل المتباينة، وكان الليبراليون ومدعو الليبرالية.. والتقدميون ومدعو التقدمية.. هم الأشد قسوة على الرجل تأنيبا له على تراجعه، البعض قال بأنه (اختلق) قصة رسالة التهديد للدعاية لنفسه وابتزاز التعاطف المعنوي والمالي، والبعض وصفه بأنه (جبان) ولم يكن صادقا في إيمانه بالتنوير.. والبعض بارك له (التوبة) ساخرا، وغير ذلك مما يصدر من أشخاص بعيدة أيديهم عن النار، ولا تعرف بالضبط كيف سيكون رد فعلهم.. إذا واجهوا فعلا تهديدا بالقتل، فباستطاعتنا دائما أن (نطلب) من الجميع أن يكونوا شهداء.. أن (يضحوا).. لكن كم مرة فكرنا أن نستشهد أو نضحي نحن.. كثيرون يطنطنون بتلك العبارة المحفوظة (أختلف معك في الرأي.. لكنني مستعد للموت دفاعا عن حريتك في التعبير عن رأيك).. لا أصدق هؤلاء كثيرا.. أعرفهم.. وأشك من مراقبتي لمواقفهم أنهم صادقون.. دعهم يتعرضون فعلا لاختبار الموت دفاعا عنك.. غالبا سيفرون حينها بحسم .. يحسدون عليه!
على أن لقضية القمني أبعادا أخرى.. أولا: إذا كان الرجل مدعيا.. ومن يقولون بذلك يحكون (انطباعات واستنتاجات) إذ أنهم لم يعرضوا أدلة على أنه كاذب.. فقد طرح في دائرة الضوء- حتى لو كان مدعيا- قضية من أخطر القضايا التي تواجه الثقافة العربية (القتل مقابل الفكر، السيف أصدق من الكتب)، يكاد يكون هذا التقابل غير موجود إلا عندنا، فهناك مسلحون يتخذون قرار إعدام أحدهم.. لأنه يقول بما لا يقولون، ويؤمن بما لا يؤمنون، ويرى غير ما يرون.. وليس لأنه يرفع عليهم سلاحا، وهذا شيء يحدث في اتجاه واحد فقط.. مسلحون إسلاميون يقتلون أو يهددون بالقتل مفكرا أو أديبا أو فنانا أو ناشطا سياسيا مختلفا معهم.. فلم نسمع حتى الآن أن أديبا أو مفكرا أو فنانا قتل أو هدد بالقتل هؤلاء الذين يختلف معهم فكريا أو دينيا أو سياسيا! هذا شيء مروع.. هذه ظاهرة مخيفة.. تأخذنا إلى حضيض بلا قاع يوما بعد يوم.. قتل فرج فودة ونجا نجيب محفوظ من القتل وما زال نصر حامد أبو زيد مهددا بالقتل.. ومن غير العرب هناك سلمان رشدي وتسليمة ناسرين.. وهناك المخرج السينمائي الهولندي الذي قتل فعلا.. وغير هؤلاء كثيرون، وكلهم وقعوا في هذه المحنة بسبب قولهم أو إيمانهم بشيء (يختلف) عما يقول هؤلاء الرافعون سيوفهم على الناس باسم الدين.. الظاهرة موجودة.. لكن حالة القمني- اختلفنا على مدى صدقها أو لم نختلف- تمنحها تركيزا أكبر لنواجه أنفسنا.. أي مستوىً من البشر نحن؟! وإذا كان الرجل صادقا.. فاللغة التي كتبت بها رسالة التهديد مريعة.. (المجاهدون أيها الكفور يريدون التقرب إلى الله بسفك دمك).. كيف يتراءى لبعض الناس أن التقرب إلى الله هو بسفك دم أديب أو مفكر أعزل؟ ماذا لو انتشرت هذه الفكرة بين مزيد من الشباب.. (يقررون) التقرب إلى الله بسفك دم أحدهم؟ الله الذي نعرف من صفاته المسمى بها (العدل والرحمة والغفران والكرم والصبر والتنزه) كيف يتصوره مجموعة من المهووسين.. إلها متعطشا لدماء عباده؟ لمجرد أن عقولهم التي خلقها هو.. تتساءل؟! لابد أن نبحث ونجند كل طاقاتنا لنعرف.. لماذا شباب العرب والمسلمين دون غيرهم.. من يرون أن الله في حاجة دائمة إلى قرابين يحددونها هم.. قياسا على ما تصل إليه عقولهم هم؟! كيف هو مستقبلنا.. إذا دام هذا المرض الفكري وهذه العلة الدموية في عقول أبناءنا جيلا وراء جيل؟ أي مستقبل هذا؟! وثالثا: حتى بمنطق (حرية الرأي والاعتقاد) التي يطنطن بها الليبراليون.. فإنه (يحق) لأي إنسان أن يعتقد في شيء.. ثم يتراجع عنه! يعيبون على الإسلاميين قتل المفكرين.. ثم يسمحون لأنفسهم بهذا القدر من (السلخ) ضد سيد القمني؟! هؤلاء المدّعون.. لا أصدقهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد- حسن نصر الله.. رجل عاش في الخفاء وحوّل حزب الله إلى


.. عاجل | حزب الله يؤكد مقتل حسن نصر الله في الضربات الإسرائيلي




.. عاجل | الجيش الإسرائيلي: نحن في حالة تأهب قصوى وهذا ما سنفعل


.. القبة الحديدية تعترض صواريخ في سماء رام الله أطلقت من جنوب ل




.. ‏عاجل | حزب الله: استشهاد حسن نصر الله