الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غصصُ الشبابِ الخليجي

عبدالله خليفة

2014 / 5 / 20
الادب والفن



كانت القصة القصيرة قبل عقود من تاريخ الخليج العربي لوحات فنية تعري مظاهر الفقر والبطالة، وتجسد تحولات الرفض والثورة وتغير أجناس الرجال والنساء التقليديين نحو الحداثة، وهذا بسبب زخم المنطقة التحديثي، ولكن هبت رياح التخلف والتعصب الديني تغير كل هذا، وصارت القصة القصيرة ضائعة لم تتحول إلى طلقات بل انحناءات للتخلف والصمت عن التحليل وعدم الغوص في الواقع.
في قصته (شوارع السبيل) نقرأ:
(لوحة يتشارك الكادحون رسمها، هم الذين يعطونها الألوان الإطار، يستيقظون من مجهول إلى مجهول يستقبلهم.
كل الأبواب تـُفتح ليخرج الرجال إلى المساجد ويعود البعض منتصراً بفطوره، والآخرون الذين خسروا المعركة لن يفطروا)، (سيل إذ تبكي السماء، علاء بامطرف، دار فضاءات، الأردن).
لم يعد الكادحون قوى تغير ويقظة اجتماعية بل غدوا متسولين يخرجون في الفجر ويدخلون المساجد من أجل أن يحصلوا على لقمة!
لقد غدت مراكز الثورة الدينية واجهات لغيب وميتافيزيقا، وأساساً للتسول الاجتماعي مع تدفق ثروة النفط!
بل إن هناك من خرجوا فجراً.
(ومن قضوا الليل تسولاً عادوا بالغنائم)، لقد حصلوا على لقمة عيش تمتد لهم من أيدي الإحسان!
الغيبُ، اللاواقع، مهيمنُ على الإنسان المغيّب، لهذا يصير حشرةً ويعود لما قبل التاريخ من أجل مواصلة إنتاج نسله. فهنا إعادة إنتاج الحيوان الميتافزيقي، المتسول.
وهذا الكائن لا يمكن بالتالي أن يسهم في فهم كوارث مجتمعه، وخاصة السيل الذي يهجم على المدينة ويدمرُ أجزاء منها، ويخرب شوارعها، ويقتل الكثيرين!
(تُفتح الأبواب هذه المرة للمياه)، (غريبة نقصت مياهُ الصرف!).
تصيب المدينة كارثة من تدفق مياه الصرف الصحي، ولكن وعي البشر لا يتجه لفهم الظاهرة وتحليلها، بل هو مشغول بالأكل والنوم والتناسل.
وهكذا فإن سائق السيارة يهتم بصب البنزين فيها، وغير معني بمجرى الطريق الكارثي.
(ينصحه العامل وهو يملأ خزان الوقود)، لا يريد نصحه، يريد أن يتكلم بأحاديث يكررها منذ يومين، يخشى أن تأتي سيول اليوم!
وتأتي السيول وتضرب السيارات والأبنية وتغلق الشوارع، والناس قبلها وبعدها يفكرون بوظائفهم، وحركاتهم في السير والعودة إلى البيوت، وفي النظر إلى الطوفان من النوافذ.
فالناس يعيشون في عالم غامض حولهم، المصير فيه متوقف على سكون الطبيعة، وعدم فساد الأجهزة، لأنها لا تملك رأيا ولا تحلل وتجد ما حولهم خارج الفهم وتقرير المصير.
وفي مدينة خليجية أخرى فإن راكب السيارة يريد التوجه إلى مدينة معينة ولكن السائق يقول له إن المدينة التي تنوي الذهاب إليها أصابتها كارثة وتهدمت أجزاء كبيرة منها. أنه ابن البلد ولكن لا يعرف مثل هذه الخوارق الكبرى!
ومع هذا يصر على الذهاب ولكنه لا يصل إلى المدينة، بل يريد أن يذهب إلى مدينة أخرى.
إنه تحول هوائي، وهذه ليست شخصية فنية بقدر ما هي دمية مثل كل أدوات الكاتب.
لكن هذه الشخصية مثل كل شخصيات القصص الجديدة التائهة، هي شخصيات الفقاعات، ومثل الواقع الهش غير المرئي وغير المعروف وغير المحلل، والذي لا يستطيع الإنسان في الخليج أن يعرفه ويطوره ويكون سعيداً فيه!
هكذا يغدو الواقع خارج العقل والسيطرة وهو منفلت والبشر مجموعات من الريش الطائر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر