الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليبيا: من يُوقف -شرعية السلاح-؟

نورالدين المباركي

2014 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ما تشهده ليبيا هذه الأيام هو قمة الفوضى الناتجة عن غياب الدولة و مؤسساتها القادرة على بسط نفوذ القانون واحتكار العنف ، وأي تفسير آخر هو من باب الابتعاد عن المعضلة الرئيسية.
دون شك أن أكثر من عامل ساهم في عرقلة بناء مؤسسات الدولة الليبية ، منها ماهو تاريخي ويعود الى مرحلة حكم القذافي التي تميزت بمركزة كل شي حول شخصه على حساب بناء مؤسسات الدولة و الادارة ، كانت " ليبيا هي القذافي " و" القذافي هو ليبيا" . وعوامل مرتبطة بمرحلة ما بعد سقوط معمر القذافي وخصوصياتها البارزة "صراع الشرعيات" ، شرعية المجموعات المسلحة التي تستمدها من دورها في اسقاط حكم القذافي ، وشرعية المؤسسات المنتخبة التي تستمدها من العملية الانتخابية ، الى جانب عامل المجموعات المتطرفة دينيا التي سيطرت على مدن ومعسكرات وهي لا تؤمن بالدولة اصلا و تدفع في اتجاه المثال الطالباني في تسيير ليبيا .
كافة هذه العوامل عرقلت بناء الدولة الليبية وجعلت مرحلة ما بعد سقوط القذافي تتميز بالفوضى و الخطورة التي اصبحت تهدد ليس مستقبل ليبيا فقط إنما دول الجوار أيضا ، تونس و الجزائر و مصر والضفة الشمالية للبحر المتوسط .
*****
في مناخ الفوضى و غياب الدولة تنتشر الجماعات المتشددة و التكفيرية ولا تكتفي بما لها من مساحات ، إنما تعمل على مزيد التوسع لتحقيق أهدافها النهائية وبناء ما تسميه " الدولة الاسلامية". حصل ذلك في افغانستان بعد خروج الاتحاد السوفييتي ، وحصل بدرجة أقل في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين ، وحصل في الصومال وجرت محاولات في البوسنة واليمن و شمال مالي .
واليوم السيناريو ذاته يتكرر في ليبيا، مدعوما من سياسيين في " المؤتمر الوطني العام" تحت عناوين مختلفة منها "شرعية الثوار" والبحث عن التوازنات ، دون أدنى تقدير لخطر هذه الجماعات على مستقبل ليبيا و المنطقة عموما.
ويظهر هذا الدعم في عدم التحرك بإرادة حقيقية للحد من توسع هذه الجماعات و نزع الأسلحة التي بحوزتها ، رغم كل التحذيرات و التقارير الاستخباراتية العربية والغربية التي تؤكد أن ليبيا تحولت الى قاعدة حقيقية لتنظيم القاعدة و الجماعات الجهادية ، وظهر على وجه الخصوص خلال الأيام الأخيرة في الموقف من التحرك العسكري الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد هذه الجماعات في بنغازي و طرابلس، تم اعتبار هذا التحرك "انقلاب على الشرعية" وعلى " الدولة " ( الغائبة اصلا)، وثمة من ذهب أبعد من ذلك معتبرا ان حركة خليفة حفتر هي حلقة أخرى في خطة الانقلاب على الاسلام السياسي" الذي وصل للحكم عن طريق الانتخابات ، في اشارة للإخوان المسلمين في ليبيا الذين يسيطرون على " المؤتمر الوطني العام".
*****
" الانقلاب على الشرعية " هو الشعار ذاته الذي رفعه الرئيس المصري المعزول محمد مرسي عندما تحرك الشارع المصري ونزل يوم 30 جوان 2013 بالملايين ضد خياراته و سياسات الاخوان المسلمين في مصر ، وهو أيضا الشعار الذي رفعته " الترويكا " الحاكمة في تونس وخاصة حركة النهضة عندما طالبت الأحزاب السياسية بحكومة كفاءات وطنية غير متحزبة بعد اغتيال زعيم التيار الشعبي محمد ابراهمي يوم 25 جويلية 2013. في مصر عُزل محمد مرسي بعد تدخل المؤسسة العسكرية ، وفي تونس خرجت "الترويكا" من الحكم بعد الدور الرئيسي لمؤسسة الحوار الوطني بقيادة المنظمة العمالية الاتحاد العام التونسي للشغل ، أما في ليبيا فإن المسار قد يختلف عن المسارين التونسي و المصري بسبب انتشار السلاح وسيطرة الجماعات المتشددة على ثكنات عسكرية ، لذلك يتحدث عديد المراقبين عن سيناريو الحرب الأهلية و هو أخطر السيناريوهات.
ليس في مصلحة الشعب الليبي قيام حرب اهلية ، وليس أيضا في مصلحة دول الجوار خاصة تونس و الجزائر و مصر قيام هذه الحرب لأن تداعياتها الأمنية و العسكرية و حتى الاقتصادية ستكون وخيمة ، الحل هو في ايجاد مخرج لهذه الأزمة يمر أولا من داخل ليبيا :
• توفر ارادة سياسية حقيقية لمحاربة الارهاب و الجماعات المتشددة و الابتعاد عن خيار " الهدنة" غير المعلنة.
• ضبط خريطة طريق واضحة لنزع السلاح من كافة الميليشيات غير المنضوية تحت مؤسسات الدولة .
• الانطلاق في حوار وطني يكون مفتوحا للسياسيين و المجتمع المدني فقط .
و ثانيا من خارج ليبيا:
• مساعدة ليبيا في بناء مؤسسة عسكرية وأمنية محترفة و محايدة كجزء من الدولة .
• تقديم المساعدات اللوجستية و الأمنية لمحاربة الارهاب .
دون ذلك فإن شبح الحرب الاهلية سيبقى يحلق فوق سماء ليبيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين