الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء من الماضي قصة قصيرة

محمد عبد الله دالي

2014 / 5 / 20
الادب والفن


شيء من الماضي قصة قصيرة
محمد عبد الله دالي
عصا ، رجل من مخلفات الحرب العاليه الثانية ، إختار قريتنا عندما مرت منها جيوش الحلفاء للاختفاء فيها ،هرباً من الحرب ، واسمه الحقيقي هو عاصي ، الناس البسطاء في قريتنا كانوا يتندرون باسمه فيقولون ، ( عصا) ومشت عليه هذه الكُنية ،لأنه عصا الأوامر وتمرد عليها ، وعصا هذا ذو أنف طويل بعض الشيء وله حاجبان كثان من الشعر ، كأنهما مظلة تغطي عينيه الصغيرين وجسم كبير مترهل . كنا صغاراً ، نركض وراءه ، ونقول ( عصا ـ عصا طمشه خشمه طويل ) فيركض وراءنا ، ونحن فرحين ، وهو يلعن، ويشتم بلغة أشبه بالفارسية ، لأنه من منطقة ( بلوش إستان ) ومضت على إقامته مدة من الزمن ،تعلم من خلالها اللغة العربية الدارجة ، عمل عصا ،بواباً عند صاحب احد المكابس التمور ،وهو يهودي واسمه روبيل نسيم قضى فترة ليست بالقصيرة في هذه المهنة ،حيث ،اتخذ من المكبس سكناً لهُ ، حتى جاء اليوم الذي استغنى اليهودي عن خدماته .. لجأ إلى أحد الحوانيت الآيلة للسقوط ،للسكن فيه بعد إجراءات تصليح بسيطة قام بها بمساعدة الخيرين،تقدم بنا العمر .. ونحن نتابع عصا ، فتغيرت علاقتنا به فنال عطف أهل القرية ،وأخذوا .. يساعدونه ،ونحن بدورنا نلتف حوله ، ليسرد لنا بعض الحكايات الشعبية ،بلكنته المعروفة .. وفي أحد أيام الصيف القائظ ..حدث اصطدام مرعب بين سيارتين أمام بيته الفريد من نوعه،والذي أسميناه صندوق عصا ..
نهض عصا من فوره ،وبهمة ،قام بإسعاف الجرحى ، حيث أجرى عملية صغرى ،لفت أنظار الناس المجتمعين .. أنقذ جريحاً أُصِيبَ بالاختناق .. طَلَبَ عصا أنبوبة بلاستيكية دقيقة ، أحدثَ ثقباً في القصبة الهوائية للرجل ،بسكينة بعد تسخينها بالنار ،لتعقيمها ،وأدخل الأنبوبة فيها ،وعاد التنفس للرجل ،ريثما يصل المسعفون .. ،
ـــ سألناه ،عن هذا العمل البطولي قال :ــ
ــ كنت أعمل معاون طبيب في جيش الحلفاء ، وقد صادفتني حالات كثيرة ، مثل هذه ..سأله رجال القرية ،عن سبب تخلفه عن جيوش الحلفاء قال :ــ
سئمت الحرب ،ورفضت القتال لما رأيته من أهوال ترتكب ضد الإنسانية .. فلا للحرب لأنها دمار الشعوب المغلوبة على أمرها .
سكتً عصا ،وانهارت دموعه بدون استئذان ،ودخل صندوقه ،والتحفَ بأسماله ،البالية التي تصدقَ بها أهل القرية عليه وفي صباح اليوم الثاني .. تعودنا أن نُعرجَ على صندوقه ليحكي لنا ،حكاية من التراث الشعبي ، حاول أحدنا إيقاظه فلم يجب .. استنجدنا بأهلنا .. قال أحدهم بعد فحصه .. البقاء لله ... بكينا جميعا لأنه لا يوجد من يقصُ علينا قصصاً من التراث ..وكأن تاريخ الحرب العالمية الثانية قد انتهى الآن...!!؟


محمد عبد الله دالي
في /تموز / 1971
Emil_ [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة