الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدكتوراه قبل القيادة و المناصب

خالد قنوت

2014 / 5 / 20
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في بداية سيطرة رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد على مفاصل الدولة السورية قبل نفيه خارج سورية, كانت السيطرة على الجامعات و الكادر التعليمي فيها من أهم أهدافه و كان من المفروض له قبل أن يدخل في هذا المجال أن يجد جواز سفره لعبور بوابة التعليم العالي فما كان منه سوى أن حصل على درجة الدكتوراه و أظن بالتاريخ من إحدى الجامعات المغمورة و قد كتب له رسالة الدكتوراه جار أهل زوجتي في مدينة جبلة, و أظن أنه من عائلة خيربك, بعد ذلك استولى على مركز الدراسات العليا التابع لوزارة التعليم العالي و صار يتحكم بتفاصيل الوزارة و بالتعينات لكل كوادرها العلمية متقصداً التعيين و الإقصاء الطائفيين.
روى لي استاذي و المشرف على مشروع تخرجي الدكتور شوقي البطل أنه عندما كان عميد الكلية جاءه أحد المرشحين من قبل هيثة الدراسات العليا للانضمام للكادر التعليمي في الكلية و كالعادة يقوم عميد الكلية بمقابلته و التأكد من وثائقه العلمية و البحثية ثم يناقشه فيها قبل أن يقبل طلبه كمدرس جامعي. رفض الدكتور شوقي البطل قبول هذا الرجل بسبب عدم ثقته بالوثائق و لا بالجامعة التي أصدرت درجة الدكتوراه له و أكد لي أن أي طالب في كلية الهندسة الكهربائية يفهم أضعاف ما يفهمه هذا القادم بشهادة دكتوراه بالهندسة الكهربائية. في اليوم التالي اتصل به أحد ضباط سرايا الدفاع من مكتب الدكتور رفعت الأسد مهدداً و متوعداً فما كان من الدكتور شوقي البطل إلا أن قبل الطلب و بعدها اكتفى بتدريس مادة وحيدة في السنة الخامسة في قسم هندسة الطاقة بينما كان الدكتور المدعوم يدرسنا مادة أخرى و كان من الممكن لأي طالب أن يكتشف تواضع أدائه العلمي.
حمى درجة الدكتوراه سعرت بوصول بشار الأسد إلى سدة الحكم في سورية مع أنه علمياً هو طبيب و لا يحمل درجة الدكتوراه و صار لأي طامح أو طامع لمنصب وزاري أو أمني أو سياسي في سورية أن يحصل على درجة الدكتوراه قبل أي شيء آخر فكانت جامعات دول أوربة الشرقية ثم الجامعات اللبنانية و السورية أفضل الوجهات للحصول على الدكتوراه عن طريق الضغط أو الرشوة و كذلك جامعات بعض الدول الغربية المغمورة و غير المعترف فيها دولياً عن طريق شرائها بالمال.
يمكن لأي متتبع للمسؤولين السوريين الذين يضعون قبل اسمائهم كلمة دكتور, أن يبحث عن أصل هذه الدرجة العلمية و عن الجامعة التي أصدرتها و البحث العلمي المقدم ليعرف أنها دكتوراه مزورة و هي جريمة موصوفة بحق أي مجتمع يحترم نفسه و يحترم العلم, فعلى سبيل المثال ليس إلا, كان رئيس الوزراء السابق مصطفى ميرو و محافظ حلب الفاسد سابقاً يملك درجة الدكتوراه باللغة العربية من دولة أرمينيا و حسب المعلومات فإنه لم يزر ارمينيا إلا و هو بصفة رئيس الوزراء السوري الدكتور مصطفى ميرو.
الطغمة الكبرى, أننا يوماً بعد يوم نقرأ عن شهادات علمية عالية مشكوك بمصداقيتها لبعض أعضاء ما يدعي أنه قيادة المعارضة في المجلس الوطني و في الائتلاف و كأننا في حالة استنساخ لمسؤولي البعث في سورية القائمين على السلطة؟؟؟
في دراسة تحليلية نفسية, و لو متواضعة, نرى مدى الخراب النفسي الذي نجح النظام في إحداثه حتى في صفوف من يعتبرون النخبة العلمية في سورية و في السوريين في الداخل و في الخارج و صار طبيعياً أن يصدق الجميع ما يقوله أي مسؤول أو معارض عندما يكنى بدرجة الدكتوراه (حتى و لو كان طبيباً فقط), حتى لو كان كلامه غير علمي و غير منطقي. صارت لصفة الدكتور مصداقية و موثوقية أولية قبل أن نقرأ و نحلل ما يقوله صاحبها و قبل أن نتأكد من حقيقة درجته العلمية التي يصر على إظهارها للجميع.
و نتساءل, هل كان أهم ثوريين العالم يحملون بالضرورة شهادات علمية عالية ليكونوا قادة لشعوبهم و يحققون النصر؟ من لينين إلى هو شي منه, إلى ماو تسي تونغ, إلى دانتون إلى سلفادور الليندي و إلى تشي غيفارا الذين كانا طبيبان و لا يحملان درجة الدكتوراه, هذه العقد النفسية و العصابية لا تصيب سوى أصحاب النفوس الضعيفة و التي بالضرورة هي حالة ارتزاقية و طفيلية على المجتمعات فكيف على الثورات و بالتأكيد هم أكثر الأشخاص القابلين للمزاودة و العبث بمصائر الناس و الوطن لأنهم تسعون لصالحهم الشخصية الضيقة.
منذ اليوم الأول كان على أي مؤسسة معارضة سورية تعمل بالخارج أن تصارح السوريين بتاريخ و مهنية و مالية كل معارض يعمل فيها و أن يعرف الجميع مصادر رزقه و تعليمه و تاريخه السياسي بكل شفافية و صدق و دون خجل لأن ما يبنى على باطل فسينتج باطلاً و إخفاقات و هزائم. في أي دولة متحضرة تقوم على المؤسسات و الشفافية يقوم أي مسؤول بتقديم سيرة ذاتية عن حياته و عن كشف بحسابه البنكي في الداخل و في الخارج و على مسؤوليته الشخصية و تحت طائلة المساءلة و الملاحقة القانونية في حال التلاعب أو عدم المصداقية و هنا أذكر لكم بأن هذا ما كانت عليه سورية في خمسينيات القرن الماضي حيث كان على كل مسؤول أن يقدم كشف بحسابه المصرفي قبل استلام المنصب و بعد انتهاء منه, حتى وصول البعث إلى السلطة.
سورية الجديدة التي نريدها جميعاً, دولة متحضرة تقوم على المصداقية و العدالة و على أكتاف أصحاب الكفاآت العلمية الحقيقية و الوطنيين الشرفاء جميعهم بدرجات علمية و بغير درجات علمية, هدفهم بناء وطن عصري و متقدم و فاعل في هذا العالم الذي يقييم كل دولة بما تملك من عمل و علم و علماء و ابحاث علمية و بأصحاب درجات علمية عالية حقيقية و ليس مزيفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عوام في بحر الكلام - الأغنية دي هي اللي وصلت الريس حفني لـ ج


.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين في أورلاندو




.. فيديو: ابنة كاسترو ترتدي الكوفية الفلسطينية وتتقدم مسيرة لمج


.. Vietnamese Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الفيت




.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ