الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة العاشرة ( يوميات سكين )

باسم محمد حبيب

2014 / 5 / 21
الادب والفن


رواية في حلقات
قضيت النهار جالسا في بيتي انتظر مساعدة الآخرين بعد ان كنت المبادر بالمساعدة ، لمحت اطفال اخي وهم يلعبون مثل كل يوم بالقرب من البيت ، لكن على غير العادة لم تعد ضحكاتهم تثير نشوتي ، بل لم اعد اطيق رؤيتهم يتحركون حولي كأنهم الجراد المنتشر ، كانت زوجتي اكثر المنزعجين منهم ، فما ان تراهم يقتربون حتى تهاجمهم بشتامها ولعناتها التي لا تتوقف إلا بانصرافهم أو تدخلي لصالح الأطفال ، فتصمت على مضض بعد ان تكتم غيضها وغضبها ، لم اكن أعي ما يحصل لها ، وما تشعر به من يأس من عدم تحقق تلك الوعود والآمال العراض التي كان الأطباء يسبغوها علينا في مراجعاتنا المتكررة لهم ، فقد اخذ اليأس يتسرب إليها كما أخذ يتسرب لي ، من الحصول على طفل تقر به اعيننا ويملأ دنيانا بالصخب والسرور ، زاد شغب الأطفال بعد أن لمسوا صمت زوجتي وسكونها المطبق ، فأكثر ما أثار انزعاجي هذه المرة ليس طرد زوجتي للأطفال بل صمتها واستسلامها لهم ، فتمنيت شيئا لم اكن اتمناه من قبل ، تمنيت ان تنبري زوجتي لطردهم كما كانت تفعل من قبل ، إلا أن الصوت الذي سمعته لم يكن مألوفا كفاية ، سمعت أحدهم يقول لي :
- ستكون ضمن المجموعة التي ستكلف بمهمة بنسف مجموعة من بيوت الضالين
باغتني هذا الكلام ، فمن هم الضالين الذين سنقوم بنسف بيوتهم ؟ وهل هذه البيوت فارغة ام بها عوائل واطفال ؟ اردت الإستعلام عن ذلك ، لكن ذلك الصوت بادرني من جديد :
- لا تأخذك بالحق لومة لائم وبالضالين رأفة أو رحمة ، انسفوا البيوت على من فيها ، فهذا جزاء المعاندين لله ولرسوله .
- ولكن اخي قد يكون هناك اطفال وهؤلاء لا ذنب لهم في ضلال آبائهم
- لا بل انهم امتداد لهم وقتلهم جزء من العقوبة التي حقت بهؤلاء الضالين
- ولكن ..
- اسمع اخي أمامك أمرين : أما ان تشارك وإما ان تقول لنا انك غير مستعد للمشاركة ؟
قلت في نفسي : و هل لدي الخيار حقا ؟ ام انني في حقيقة الأمر مخير بين الموت والحياة ، لا بل و ربما يكون اطفال اخي اكثر من يكونون عرضة للأنتقام ، بعد ان اغدو ضالا مثل هؤلاء ، عاد الصوت إلى مناداتي من جديد :
- هل انت مستعد ؟
- نعم اخي انا بأتم الأستعداد لأداء المهمة .
- حسنا لقد اخترت الصواب
كان الوقت ليلا عندما تحركت المجموعة التي كان يقودها دليل من اهل المنطقة إلى اهدافها المحددة ، علمت من الدليل ان البيوت أهلة بالساكنين وبينهم اطفال وعجزة ، فما كان مني إلا أن قدمت هذا الاقتراح :
- لماذا لا نخرج العوائل قبل نسف البيوت ؟
ألتفت الجميع إلي لفتة واحدة ونظروا بعيون ملؤها التساؤل والشك ، لكنني وبعد أن ادركت خطورة ما قلت صححت الموقف بإبتسامة صغيرة ، ثم رددت :
- طبعا انا امزح فقط اردت ان اعرف ردود افعالكم
خاطبني قائد المجموعة :
- توقف عن المزاح فنحن في الجد
فصمتوا وواصلوا عملهم مستغلين ظلام الليل الذي جعلنا مستورين عن الانظار ، قسمنا العمل بيننا ، احدنا يراقب الطريق خشية من ان يلمحنا احد ، وكلفت انا بإستراق السمع من البيوت التي نقوم بتفخيخها حتى لا يشعر ساكنيها بنا ، فيما انشغل الآخرون بوضع المتفجرات عند جدران البيوت حتى يسهل تدميرها ، وبينما كنت اؤدي مهمتي ، سمعت بكاء طفل رضيع ونهوضه أمه لإرضاعه ، وهي تهدئه بأغنية جميلة مثلما كانت تفعل أمي ، وفي بيت آخر كان احدهم يواضب على صلاة طويلة ، فيما قضى احد افراد البيت الآخر ، وكان طاعنا بالسن وقته وهو يسعل من شدة مرض ألم به ، انهى الجميع مهامهم ، وقررنا الأختباء خلف ربوة عالية بأنتظار إجراء اللازم ، لفنا صمت طويل ونحن نرنو إلى قائد المجموعة الذي اخذ يعد جهاز النسف ، تساءلت وقتها : هل انهت المرأة ارضاع طفلها ؟ وهل انهى المصلي صلاته ؟ وماذا للرجل المريض هل هدأ سعاله وسكنت آلامه ؟ اخفض الجميع رؤوسهم خشيه ان يصيبهم رذاذ الأنفجار ، فيما استعد القيادي لضغط الزر ، لحظها راودتني امنية غريبة ، وهي ان يتعطل الجهاز فتفشل المهمة التي جئنا من اجلها ، فتكمل الآم ارضاع طفلها ، وينهي المصلي صلاته ، وتتوقف اوجاع المريض وآلامه ، لكن امنيتي تبددت على صوت الأنفجار الذي حول البيوت إلى انقاض ، عندها تسللنا عائدين إلى مقرنا ، فبعد قليل سيمتلأ المكان بالناس ، وسيغدو وجودنا غير آمن ، وبينما انا اسير مع الآخرين ، سمعت الأم تردد تلك الأغنية التي سمعتها قبل قليل ، عندها أدركت ان الطفل قد نام ، وسمعت الرجل يناجي ربه عندها علمت انه قد انهى صلاته ، أما الرجل المريض فلم اعد اسمع صوت سعاله وانينه عندها شعرت انه قد تخلص منهما نهائيا ، وبينما انا كذلك ، اذ سمعت صوت زوجتي وهي تزجر الأطفال بصوت عال ، فيما اخذ الأطفال يحملقون بي كأنهم ينتظرون معونتي المنتظرة مثل كل يوم ، لكنني خيبت أملهم هذه المرة ، وبدلا عن ذلك ابتسمت لزوجتي ، التي اخذت تنظر إلى بإستغراب ، فهذا أمر لم تألفه مني ، عندها هرع الأطفال عائدين من حيث اتوا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف