الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منقوع -يهودية الدولة- لصيف فلسطيني قائظ

عبد اللطيف حصري

2014 / 5 / 21
القضية الفلسطينية


سارعت المؤسسة الصهيونية في العام 1947 إلى قبول قرار التقسيم، مع تقدير مسبق أن العرب سوف يرفضون القرار لما يحمله من ظلم وإجحاف بحق أهل البلاد الأصلانيين، وسرعان ما أزاحت إسرائيل قرار التقسيم كمرجعية للحل من خلال حرب العام 1948 واستيلاء الكيان الصهيوني حديث العهد على نحو ثمانين بالمائة من الجغرافيا الفلسطينية، واستكملت مشروعها في شقه الديموغرافي بالتطهير العرقي لما يربو على خمسمائة قرية وبلدة ومدينة فلسطينية من خلال عمليات الطرد والتشريد والمجازر الرهيبة. وغداة عدوان العام 1967 واحتلال باقي أجزاء فلسطين وتمدد السيطرة العسكرية الإسرائيلية نحو مرتفعات الجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية، اعتقدت المؤسسة الصهيونية أنها حسمت معركتها نهائيا وأنها قادرة على فرض شروطها الاستعمارية للحل، بمعنى أنها قادرة على السيطرة على كامل الجغرافيا الفلسطينية وتقديم بعض الفتات على شكل كانتونات أو على الأصح بانتوستانات (معازل عرقية) لحل مشكلة الديموغرافيا، أو ما عجزت آلتها العسكرية عن القيام به.
يأتي مشروع نتنياهو لقوننة ما هو معمول به، وأعني قانون يهودية الدولة ليؤكد حقيقتين، حقيقة الطابع الاستعماري لدولة إسرائيل، وثم حقيقة الطابع العنصري لهذه الدولة. لكنه في الوقت نفسه يكشف قصور المؤسسة الصهيونية وتكلّسها في عنتريات وغرور غولدا مائير بعيد عدوان العام 1967، ويؤكد أن إسرائيل كدولة وكمؤسسة أضاعت أفضل فرصة تاريخية للعيش بسلام مع الشعب الفلسطيني صاحب الأرض التي تقوم عليها إسرائيل، وتحديدا فرصة إزاحة مرجعية الحل من قرار التقسيم إلى مرجعية جديدة رضي بها الفلسطينيون رغم محدوديتها، وهي نتائج حرب 1948 أو ما اصطلح على تسميته بحدود 67 .
الترجمة الحرفية لقانون يهودية الدولة، هي أن يوقع الشعب الفلسطيني صك الاستسلام للمشروع الصهيوني، الأمر الذي لن يحدث ولا يمكن لعاقل أن يتصوره واقعا. لذا يستطيع هذا النتنياهو أن ينقع مشروعه في مياه باردة ومثلجة عله يشفيه في صيف فلسطيني قائظ، أو بكلمات عربية فصيحة : "يبلّو ويشرب ميّتو".
نعي جيدا أن الصيف الفلسطيني الحار والقائظ هو حقبة ثقيلة وطويلة من سياسة الفصل العنصري، أو النسخة الصهيونية للابرتهايد الحديث، لكن لجوء المؤسسة الصهيونية إلى قوننة ابرتهايدها وتثبيته دستوريا من حيث القانون، وبواسطة من يتربع على رأس حكومتها بشكل مباشر وليس بواسطة "سناجيره" من أحزاب اليمين أو أطراف حزبه الهامشية، فان في ذلك إقرار من المؤسسة الصهيونية أنها ورغم استيلاءها وسيطرتها على الجغرافيا الفلسطينية، إلا أنها أخفقت أمام الديموغرافيا، إذ يعيش اليوم بين الماء والماء، بمعنى بين النهر والبحر نحو اثني عشر مليون نسمة، نصفهم تماما من العرب والنصف الآخر من اليهود، فلا يعقل أن ينعم اليهود بما يربو على تسعين بالمائة من ارض فلسطين وبمائة بالمائة من خيراتها، في حين يتم حشر الشعب الفلسطيني في معازل عرقية وتحويله إلى قوة عمل رخيصة، أو كما أراد لنا آباء المؤسسة الصهيونية أن نكون: "حطابين وسقاة ماء".
أصبح واضحا أن أكذوبة القبول الصهيوني بمبدأ حل الدولتين ليس أكثر من موقف تكتيكي، تسعى حكومة إسرائيل من خلاله إلى حرف الأنظار عن ممارساتها العنصرية ونسف كل إمكانية واقعية لإقامة كيان فلسطيني قابل للحياة، لكنها في ذات الوقت تنسف أيضا أسس وجودها كدولة تدعي "الديمقراطية"، لتجد نفسها مندفعة اندفاعا نحو نظام فصل عنصري سافل قد يتقزّم أمامه نظام الابرتهايد البائد في جنوب أفريقيا.
إن إلغاء مرجعية حل الدولتين، وتفويت "فرصة" قبول الشعب الفلسطيني بدولة على اثنين وعشرين بالمائة من أراضي فلسطين التاريخية، سوف يقود بالضرورة إلى مرجعيات غير حل الدولتين، وسوف يضع حركة التحرر الوطني الفلسطيني بكل فصائلها، وكذلك التيارات السياسية الأساسية للجماهير العربية في إسرائيل، أمام استحقاق إعادة النظر بحل الدولتين، وليس بالضرورة أن يكون البديل المباشر دولة ثنائية القومية، فقد تكون العودة إلى حلم القائد ياسر عرفات بدولة علمانية ديمقراطية فكرة مطروحة بقوة أيضا، ويغدو النضال من اجل إسقاط نظام الابرتهايد في إسرائيل ومحاصرته شعبيا وعالميا، وإسقاط قوانينه العنصرية وخاصة قانون المواطنة، ومن ثم تثبيت حق العودة للاجئين الفلسطينيين، عنوانا للمرحلة بكل ما تحمله هذه المرحلة من مآس سوف تعمد المؤسسة الإسرائيلية إلى صبّها على رأس الشعب الفلسطيني، لكنها في المحصلة سوف تكون وبالا على الشعبين وليس على الشعب الفلسطيني وحده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: القيادي اليميني المتطرف إريك زمور يتعرض للرشق بالبيض


.. وفد أمني إسرائيلي يزور واشنطن قريبا لبحث العملية العسكرية ال




.. شبكة الجزيرة تندد بقرار إسرائيل إغلاق مكاتبها وتصفه بأنه - ف


.. وزير الدفاع الإسرائيلي: حركة حماس لا تنوي التوصل إلى اتفاق م




.. حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم قرب معبر -كرم أبو سالم- وتقول إن