الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( الحلقة الحادية عشر ) يوميات سكين

باسم محمد حبيب

2014 / 5 / 21
الادب والفن


رواية في حلقات
باسم محمد حبيب
كنت قد وعدت زوجتي بزيارة الطبيب ، لكن انشغالي بنفسي حال دون ذلك ، لكنني عزمت على ان البي رغبتها ولو دفعت ثمنا سيلا من الكوابيس ، لكن لم يتسنى لي ذلك إلا في نهاية الشهر ، عندما اصبح لدينا بعض المال الزائد عن الحاجة ، ولم تسفر زيارتنا عن شيء سوى قسط جديد من الوعود ومقدار آخر من العقاقير الطبية ، التي لم اعد افرق بينها وبين تلك التي استخدمها لعلاج ما يسمونه مرضي النفسي ، الذي أخذ بفضل تلك السكين اللعينة يستفحل يوما بعد آخر ، وبينما كنا في العيادة ننتظر معاينة الطبيب للعقاقير ، واجهنا طفل يستجدي ، تبعته امرأة في مقتبل العمر ، ثم اخرى اكبر سنا ، وهم يشكون عوزهم وفقرهم ، شعرت بالأسى لحالهم ، فهممت بإعطائهم شيئا مما لدي من المال ، إلا أن رجلا كان جالسا بالقرب مني ، اعترضني قائلا :
- انهم من الغجر !
لم يعجبني كلامه ، فرددت عليه :
- ولو ؟
أومأ برأسه كأن الموقف لا يعجبه ، فقلت له
- لا يهمني ان كانوا غجرا ام لا ، وان كانوا كذلك فهم مثلنا من لحم ودم ، ولا يختلفون عنا إلا بنمط حياتهم المختلف بعض الشيء ، وبعض العادات والتقاليد التي تنسجم مع ظروفهم وأحوالهم .
نظرت إلى وجهه فلم يبد عليه انه قد تأثر من كلامي ، كما لم يكلف نفسه عناء الرد ، فقط أومأ برأسه كما فعل في المرة الأولى ، الأمر الذي اثار جنوني ، ودفعني إلى ان اخاطبه بشكل اكثر حدة :
- أيا كان موقفك فهذا شأنك
فجاءني الجواب هذه المرة ولكن بنبرة مختلفة بعض الشيء :
- لقد تم اختيارك لتنفيذ الإعدام بتلك المومس
أي أعدام ! هل عدت إلى عالم الكوابيس ؟ بعد ان اعتقت منه لبرهة ، لاشك انني سأخوض تجربة جديدة لن تختلف كثيرا عن تجاربي السابقة ، وهاهم الرجال الملثمون يختارونني لوأد تلك المرأة الفقيرة التي تعيش على جسدها ، فأردت ان ارفض ، لأن أمرا كهذا لم يعد يشرفني ، فقلت :
- اخوان اعفوني من هذه المهمة دعوا غيري يقوم بها
- هل تتهرب من المسؤولية ؟
- لا اريد ان اقتل امرأة تعيش على جسدها
- انها لا تعيش على جسدها بل على شرفها
- هذا شيء نسبي
- بل الشرف شرف ولا يقبل القسمة على اثنين
- قد تكون مضطرة فالفقر يدفعها إلى ذلك
- كثير من الناس يعيشون في فقر مدقع ومع ذلك يحافظون على شرفهم
- الظروف مختلفة
- بل النفوس مختلفة
هممت ان اواصل الكلام ، فأنبرى إلي احدهم بصوت قوي ترددت نبراته في جنبات الغرفة :
- لقد تم اختيارك وانتهى الأمر فنحن نكره الجدال الذي يفرق النفوس
ثم خاطبني آخر بصوت اكثر ودا :
- انك تمقت عملها لذا فهي تستحق ان تموت على يديك
- لكنني لا استطيع
- لا تكن ضعيف القلب فقد عرفناك قويا
لا يبدوا انني سأتخلص من هذه الورطة ، فقد كتب علي ان اخوض تجربة مريرة ، لم يتسنى لي خوض مثلها من قبل ، فسحبت سكيني التي لمعت امام ناظري ، وعندما شاهدت المرأة السكين اصابها الهلع وهي تبكي بكاءا عاليا وتقول :
- ارحموني كنت مضطرة لذلك ، اجبروني اهلي على اقتراف الأثم ، وهم من يستحقون القتل لا انا
خاطبها احد الواقفين :
- نحن سنخلصك من هذه الحياة الخالية من الشرف
ردت المرأة وهي تجهش بالبكاء :
- اعطوني فرصة اعيش فيها بشرف
اجابها الرجل نفسه :
- لقد اخذت فرصتك وانتهى الأمر
ثم كتفوا يديها وأرجلها حتى أصبحت غير قادرة على الحراك ، فجأ توقف صوتها وتسمر جسدها كأنها فقدت الحياة ، فانحنيت متجنبا النظر إلى عينيها حتى لا ترى قاتلها ، قررت انهاء الأمر قبل ان يرتد إلي عقلي فأعود إلى الجدال من جديد ، فأنا لم اعد اطق هذا الحوار الذي يؤلم نفسي ويثير شجوني ، وقبل ان احرك سكيني ، داهمتني زوجتي بصوتها الحنون :
- لقد حان دورنا
لقد اعتقتني من عالم الكوابيس كعادتها كل مرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد عز الفيلم المصري اسمه الفيلم العربي يعني لكل العرب وا


.. انطلاق فيلم عصابة الماكس رسميًا الخميس في جميع دور العرض




.. أوس أوس: هتشوفونا بشكل مختلف في فيلم عصابة الماكس وكل المشاه


.. مؤلفين عصابة الماكس: الفيلم قائم على العائلة وأهميتها.. ومشا




.. لبلبة وأوس أوس ونجوم مسرح مصر يحضرون العرض الخاص لفيلم عصابة