الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا نقرأ ... ( 7 ) ... نتائج الإنتخابت العراقية ... المنتصرون والمنهزمون

حكيم العبادي

2014 / 5 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق




أللهم إجعل عدوي أحمقا ً :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دعا أحد الحكماء ربه فقال : أللهم إجعل عدوي شريفا ً !!!! .
سمعه الحمقى فظنوا بالرجل الظنون ، و وصموه بالجنون ... فهو يدعو بالخير لعدوه ، وهذا ما يخالف المنطق ، ويرمي صاحبنا بالغباء ... لكن الحقيقة على غير ما يتوهم هؤلاء ... فحين يكون عدوك شريفا ً ستأمن أنت ... لأن الشريف لايغتال ، ولا يكذب ، ولا يشتم ، ولا يخدع ، ولا يخون ، ولا يمارس الرذائل ليصل إليك ... وشواهد التاريخ كثيرة لما قام به بعض الخلفاء والحكام والقادة من ممارسات يندى لها جبين الإنسانية ، وتشمئز منها طيبات النفوس ، و ليس أقلها من دعوة الغريم لوليمة وإغتياله ، أو إعطاء المواثيق ونقضها ، أو قتل الحاكم لأبيه او أخيه أو ولده ، أو رشو الزوجة وخداعها لتقوم بتسميم زوجها ، مرورا ً بتفخيخ الناس وإختطافهم وتفجير السيارات للنيل من خصمك بزعزعة الأمن ... حتى صار التأريخ العربي منجما ً لغرائب الشذوذ الاخلاقي !!! .
لكنني لو كنت مكان حكيمنا هذا لأضفت لدعائه : ( وإجعله أحمقا ً ) !!! ... فحين يكون شريفا ً ستأمن غدره ، لكنك لا تضمن الإنتصار عليه ... أما حمق الخصوم فليس مثله ضمانة ً للفوز !!! .
فوز المالكي لم يكن لمنجزاته ... ولا لمواصفاته العبقرية في الزعامة ... ولا لنزاهة حكومته ... ولا لأنه من يصلح للمرحلة .... لكنه كان محظوظا ً بحمق خصومه وبلا أخلاقيتهم ... وقد قطف في سلته حصيلة هذا الحمق كاملا ً ... هكذا وببساطة !!! .

منتصرون ومنهزمون :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من هم منتصروا الإنتخابات العراقية ، ومن هم منهزموها ؟؟؟؟ .
إيتداءا ً يجب القول : إن هذه الإنتخابات لم تفرز إلا منتصرا ً وحيدا ً هو الشعب بجميع مواقفه !!! ... كما إن نتائجها كانت متوافقة ً بشكل كبير لحالة التخندق الطائفي وتعقيدات الوضع الإقليمي والعالمي ولا تمثل شأنا ً عراقيا ً منفصلا ً أبدا ً ... ويعني هذا انها لا يمكن ان تكون إلا هكذا !!! ، بل من غير المنطقي أبدا ً ، أن ننتظر نتائجا ً مختلفة في ظروف سياسية و إقليمية و دولية كهذه .
دعونا نفكر بهدوء :
1. كانت قائمة دولة القانون هي الفائز الوحيد ظاهريا ً ... وحقيقة الأمر أنها اكبر الخاسرين !!! ، رغم الفائدة الكبيرة التي جنتها من حمق خصومها ... فالقائمة لم تحقق سوى زيادة مقدارها ستة مقاعد فقط عن الإنتخابات السابقة ، بعد ثمانية أعوام من الحكم ، وما رافقها من توظيف هائل لإمكانيات الدولة لصالح القائمة ، ومن تجاوزات ، وما سبقها من توتر ، ومن إستغلال لقضية سد نهر الفرات ، ولدوامة العنف ، ولغباء الخصوم ... كل هذا بستة مقاعد فقط !!! .
2. تراجعت جميع القوائم الاخرى ، رغم تحالفاتها الحمقاء واللا اخلاقية ، ولجميع الأحزاب .
3. تدخلت بعض القوى الدينية لصالح فئات بعينها ، وكان هذا من أسوء ما حصل في هذه الدورة ... وجاءت النتيجة لغير ما يهوى هؤلاء ، ولغير ما يرغب به محركوهم ، وتركت آثارا ً سيئة أضرت بالجميع إلا بدولة القانون ... فقد منح البعض صوته لدولة القانون نكاية ً بغباء هؤلاء ... فالمرجعيات عليها ان تعصم نفسها من هذه القذارة ، ومن التدخل السافر في شؤون السياسة ... وعليها ان تكون لجميع العراقيين ، بغض النظر عن دينهم أو طائفتهم أو قوميتهم ... وكان على الحكمة ان تطغى ... والغريب في هذا الموقف هو إستجابة شيخ كبير لرأي غلام يافع مغرور ، لم تعركه السياسة ، ولم تهذبه الحياة ، ولم تصقله الحكمة .
قراءة موقف المرجع الشيعي في هذا الصدد ، أثبت ان ما بين الشيعة والشيعة ، أسوء بكثير مما بين الشيعة والسنة حين يتعلق الأمر بكرسي الحكم !!! .
يقول جورج برناردشو :
An election is a moral horror , as bad as a battle except for the blood -;- a mud bath for every soul concerned in it .
وترجمتها بتصرف كالعادة : ( الإنتخابات عبارة عن رعب أخلاقي كالحرب تماما ً ، والفرق الوحيد هو ان حمام الدم في الحرب سيستبدل بحمام من القذارة تتلوث به أرواح جميع من يهتم لأمرالإنتخابات ) .
وعلى هؤلاء أن يعيدوا التأريخ إلى الوراء ، ويقرأوا هذه العبارة ، ويفهموها جيدا ً ، عسى ان يحفظوا بعض كرامتهم ، وطهارة أرواحهم ... ويجنبوا البلد الكثير من المزالق التي ستحصل لاحقا ً ... والتي بدأت بوادرها فعلا ً في النجف ... ولكن هيهات !!! .
4. عاقب الشعب العراقي الرائع ، وبوعي جميل ، جميع الوجوه البرلمانية السابقة ... فأخرج الكثيرين ، بمواقف رائعة هي للمفاجأة أقرب ... وتقلصت أصوات الجميع ما عدا ثلاثة فرضتهم المرحلة ، و فرضتهم حالة التمترس الطائفي التي رافقتها ... أما الأصوات الواعية التي إنحسرت عن قوائم الأحزاب الدينية والطائفية والمليشيات والأجندات الخارجية فقد إنقسمت إلى قسمين :
أولا ً - من إمتنع عن التصويت وفضل التحشد في ساحة مفترضة للوعي الوطني القادم ... وهم ثمانية ملايين ناخب ، أو ربما أكثر قليلا ً ، حيث كانت نسبة المشاركة كما اعلنتها المفوضية 60% من عدد الناخبين الذي يتجاوز 20 مليونا ً...وهؤلاء أغلبهم ممن لا تؤثر عليهم الطوائف ، ولا تحركهم العصابات ... ولا ينساقون كالقطعان بالفتاوى والتحريض الإعلامي الرخيص ... والدليل هو عدم قدرة الأجندات بمختلف إتجاهاتها على التاثير بهم ... وستتجه هذه الملايين - بمساعدة من إختار منها عدم الإنتخاب عن وعي كامل - نحو هدفها حين يرتفع مستوى وعيها ... وحين يتوفر البديل الوطني الملائم - الذي يجتمعون عليه - ولا يتفرقون فيه ... وحين تسمح الظروف بإنتخاب الوطن ... وليس الطائفة ، ولا العشيرة ، ولا الشخص ، ولا القومية ، ولا الأجندات الخارجية .
هؤلاء من أرى فيهم بذرة الخير ... وبشارة الغد ... شرط أن تسمح الظروف بذلك ... وأستغرب ممن يصفهم بالغباء واللا وعي !!! ... فكيف يوصف بالغباء من يقاوم كل الضغوط الطائفية ؟؟؟ .. ويقاوم كل الإغراءات وعمليات شراء الذمم في بلد يعاني الأمرين من الفقر والبطالة ؟؟؟ ... ولا يستجيب لرأي مرجع او رجل دين في بلد متدين محافظ ؟؟؟ ... ولا يتأثر برأي شيوخ العشائر في بلد عشائري بإمتياز ؟؟؟ ... هل أدركتم الآن أن هؤلاء هم فجر الوعي القادم ، شرط توفر الظروف الملائمة ؟؟؟؟ . .. وتوفر اليد التي تمتد إليهم ، واللغة التي تحسن مخاطبتهم .
ثانياً – من أعطى صوته لأسماء أو تيارات مستقلة أو لأحزاب لاجماهير لها ، ولا يمكن ان تفعل شيئا ً في هذه الظروف ، ولقد خابت سهام هؤلاء من الناخبين ... وقد تطرقنا لمرشحيهم بالتفصيل في المقالات السابقة ، حيث أثبت هؤلاء فشلا ً سياسيا ً كبيرا ً بخطابهم الإنتخابي ، وإنحدارا ً أخلاقيا ً رهيبا ً بتوجيههم شتائم غريبة للناس لانهم لم ينتخبوهم !!!! .
وعلى الجميع أن يدرك انه من الخطأ ان نطالب هذه الجماهير بفعل شيء في هذه الظروف ... ومن الخطأ ان نطالبها بأن تمنح اصواتها لهذا المستقل او ذاك ... أو لهذا التيار أو ذاك ... فمن تعرفه انت لا يعرفه غيرك ... ومن تزكيه أنت لا يزكيه الآخرون ... والموضوع بحاجة إلى الكثير من التحضير والعمل والوعي المشترك للسباحة في تيارات السياسة الهائجة في المنطقة حاليا ً ، وليست بالبساطة التي يتصورها البعض أبدا ً .
نعم لقد عاقب الشعب المفسدين ، وأخرج الكثير منهم ، لكنه أذعن لمنطق المرحلة !!! .
5. عمليا ً - لاحسابياً - خسرت دولة القانون الكثير من مؤيديها منذ الإنتخابات السابقة ، شأنها شأن القوائم الأخرى ، بسبب فساد الحكومة الكبير... صحيح انهم إشتركوا جميعا ً في الفساد ، لكن القوائم الاخرى تفوقت في الغباء والأخطاء الأخلاقية ... ولذلك ربحت دولة القانون أصواتا ً بديلة عوضت بها ما خسرته من أصوات نتيجة الهفوات التي لا تغتفر لخصومها ... وهذا يدل على وعي الناس الجميل ، الذين وازنوا بصعوبة بين منطق المرحلة وبين ضرورة محاسبة الفاسدين .

على عنق مَن ْ عَـلـَّـقَ الشعب قلادته ؟؟؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنتهت أغرب إنتخابات في العالم !!! .
فاز فيها المالكي ولم يفز !!!!!!! ... ولا أعتقد أن حكومته سترى النور إلا بشروط وإملاءات الخصوم ، و بتنازلات لا وطنية و لا تحفظ للإنسان كرامته ... كما انه لن يتنازل عنها بسهولة ... خصوصا ً بعد الحماقات الكبرى التي قصمت ظهر بعير الشيعة ، الذي هو بلا ظهر ٍ أصلا ً بسبب نظام تعدد المراجع !!! ... وهذا يعني أن العراق سيعيش 4 سنوات أخرى من عدم الإستقرار وانعدام الأمن والفساد الذي لا نظير له .
الناخب في الأمم المتقدمة ينتخب الأحزاب لميله لأفكارها السياسية ، أو لبرامجها طويلة المدى ... و ربما ينتخب حزبا ً لاينتمي إليه في مرحلة حرجة من تأريخ الأمة ، لأنه يقدم حلا ً ناجعا ً لأزمة خانقة يمر بها البلد ... كما ينتخب المرشحين لأسباب شتى قد يكون بعضها تافها ً وعاطفيا ً ، كوسامة المرشح ، أو أناقته ، أو ثقافته ، أو لباقته ، أو حتى روحه المرحة !!!! .
يقول الشاعر السكوتلندي روبرت برنز ساخرا ً :
Democracy is being allowed to vote for the candidate you dislike least .
الديمقراطية تمكنك من إعطاء صوتك لأقل المرشحين كرها ً لديك !!!! .
وهذا يعني انهم سيئون جميعا ً ... ومكروهون جميعا ً .
في ظروف كهذه ، و حين لا تتمنى أن يفوز أحدهم لأنهم جميعا ً لصوص وفاسدون وأبناء حرام ... حينها ، ستفرض عليك الحكمة أن تختار اقلهم سوءا ً إذا كنت مضطرا ً على الإنتخاب !!!! .
هذا بالضبط ما حصل مع الناخب العراقي مع إستبدال الكره بالغباء والحمق ، فقد فرضت عليه الحالة ان يختار فاسدا ً أو مجرما ً ، لكنه عاقب الغبي بالهروب نحو الأقل غباءا ً !!! .
والغريب ان المرشحين جميعا ً ، لصوصا ً و نصابين ، دخلوا المنافسة يتعكزون على فساد من قبلهم ، وبغباء لم تعهده أسواق السياسة ولا عوالم الغباء من قبل ... وما أسعدني حقا ً ان الشعب قد أدرك هذا ، واعيا ً أو غير واع .
خلاصة القول ، أن الشعب لم يعلق قلادته على عنق أحد ... وقد عاقب الجميع ... و لقد ذهبت القلادة لعنق دولة القانون لأنهم في السلطة أولا ً .. ولأن الباقين كانوا أكثر حمقا ً وغباءا ً بممارساتهم ... فقتل العراقيين ليس سياسة ولا منافسة شريفة ... وقطع الماء عنهم ليس سياسة ولا منافسة شريفة ... وتدخل المراجع من رجال الدين ليس سياسة ولا منافسة شريفة ... و التحالف مع رموز ساقطة وتافهة في محاولة لكسب أصوات الناس غباء ما بعده غباء ... وإختطاف الشارع العراقي من قبل البعض ليس سياسة ولا اخلاق ... والتعكز على صور النساء وأشكالهن رغم عدم الإنسجام الفكري مع هذا التوجه نفاق ما بعده نفاق ... ولغة الخطاب السوقية و الهزيلة للبعض من المرشحين كان حمقا ً ما بعده حمق ، حتى وصل الأمر بأحدهم ان يكتب على صفحته ، وبكل وقاحة ( تف على الشعب العراقي ) لأنه لم ينتخبه ... و لا أدري هل والداه مشمولان بهذه (التف ) ؟؟؟ ... أم أنه واثق من إنتخابهما لقرة أعينهما الذي زرعا فيه كل ما يتمناه الأبوان لإبنهما من تربية حسنة و ثقافة وأخلاق !!! .
آخر القول ... سيرى العراقيون أربعة سنين عجافا ً كسابقاتها ، فسادا ً وفقرا ً في العمل ، ومزيدا ً من السرقة واللصوصية ، حتى لو تشكلت حكومة مشاركة وطنية !!! ... أما لماذا ؟؟؟ ... فببساطة لأن الأوطان ليست كالعربات ، تقاد قيادة ً ولا تُجّرُّ جَرَّاً بأكثر من حمار !!! .
العربات يمكن جرها بحصانين أو حمارين أو حتى بثورين ، شرط أن يكون سيدهما واحدا ً ... أما الأوطان فلا يمكن قيادتها بأكثر من حمار ، ولا بأكثر من بعير ، ولا بفيل وبعير !!! ... الأوطان يقودها الزعماء ... ولا يقودها إلا زعيم واحد ، يحيط به الآخرون من منافسيه وأعوانه ، ويشدون من أزره ... سيدهم الوطن ، وسوطهم وعي الشعب !!! .
من مباديء الديمقراطية الأساسية أن المتنافسين حين يغادرون صناديق الإقتراع ، ينسون خلافاتهم ، ويتذكرون ما يوحدهم ، وما ينفع الوطن الذي سيعيش فيه أبناؤهم ... وهذا لن يحصل في العراق ... فالغنيمة كبيرة ، وكلهم لصوص ، وسادتهم متفرقون .

ملاحظة :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
نزاع اللصوص يحين عند إقتسام الغنائم ، لا في تنفيذ الجريمة .

الدكتور حكيم العبادي
https://www.facebook.com/hakim.alabadi








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح