الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل انحسر الابداع الفني والادبي؟

مالوم ابو رغيف

2014 / 5 / 22
الادب والفن


ان فكرة انحسار الابداع وعدم تفوق صورته الحاضرة على تلك التي كانت عليه من قبل، خاصة في مجال الادب والموسيقى، كانت دائما محل نقاش متكرر في محافل المثقفين، بل وحتى بين الناس العاديين الذين دائما ما يرددون البيت المشهور
ايا ليت الشباب يعود يوما.. فاعلمه بما فعل المشيب
واعتقد لكن غير جازما، بان فكرة ( انحسار الابداع) لا تعكس رأيا مدروسا انما تعكس حنينا للماضي، انها نوع غير مباشر من الـ Nostalgia.
ارى ان هذا الحنين وهذا الشعور والافتقاد الحزين لزمن جميل او زمن ماض، لا يعكس الافضلية الحقيقية للواقع القديم ، فهو تفضيل افتراضي ليس الا، انه مقارنة بين الماضي في احسن صفاته وبين الحاضر الذي لا يرى فيه المتألم الا سيئاته.
ان هذه المقارنة هي نكوص شخصي لا ترى في الحاضر الا ادنى خصائصه، وتعبير عن شك في ان يكون المستقبل افضل من الحاضر، انه حكم غير حقيقي، تصنعه تفضيلات لحظة او فترة لزمن غير سعيد. زمن قد لا يفوق الانسان منه الى صحوة، ذلك لان الانسان لطبيعته الفيزيلوجية الصائرة الى شيخوخة والى الهزال الجسدي والنسيان وفقدان ثورية التغيير، والهبوط التنازلي الدائم في القدرة والارادة لزمن الحاضر بالاقتران مع عنفوان قوة الشباب في الزمن الماضي، فلا يجد الانسان عزاء اخر الا في معادلات التفضيل، التي تنظر الى الماضي مجردا من كل نواقصه ومن كل مآسيه ومظالمه ولا ترى فيه الا الاجمل.ـ ذلك لان الماضي كان ملك له وحاويا على اغلب اختياراته التي تتلائم و ذوق شبابه.
اتسائل ما هي معايير الجمال والابداع.. هل هي معايير محددة جامدة صالحة لكل زمان ولكل مكان؟
وهل هي اذواق طبقة محددة او شريحة او فئة اجتماعية، ام ان المعايير مختلفة الى حدود التناقض، متطورة باتجاهات متوازية فمنها ما يخص الشباب ومنها ما يخص الكهول؟
هي هي تفضيلات عمرية ام انها تفضيلات تحتكم الى معايير قياسية عامة لتعريفات للاجادة والابداع؟
اليس الفن والادب والفكر هو انعكاس لاخلاق طبقية، اليست الافكار السائدة هي افكار الطبقة المتسيدة؟
ام ان الادب والفن والفلسفة والموسيقى لا تنتمي الى طبقة او انها لا ترتبط باخلاقها او على القل بذائقتها؟ هل الادب والفن لا طبقي؟
هل يبكي الغني المترف عند سماع نشيج ناي حزين؟
هل يحس به؟
وهل يستذوق الكاسب والعامل والفقير سمفونيات الموسيقيين الكبار؟
وهل يصح محاكمة الانتاج العقلي او الفكري او الحسي وفق معايير وقيم طبقة او فئة اجتماعية او دينية، فيُمنع ويُقمع ما يُعتقد انه خادشا للذوق وللشعور السليم ويُسمح بما يتماشى وذائقة الطبقة السائدة حتى لو كان نشازا للادب والفن؟
لكن ما هو للابداع.. هل هو الاكثر اقترابا والاصدق تعبيرا الادق وصفا الواقع، ام انه الانجاز الذي يتوفق على ما هو موجود من اعمال اخرى، انجاز يتفوق على معدلات التطور التي تشهدها الاعمال المحسوسة او الملموسة المرئية او المسموعة.؟
بمعنى ان الابداع في عصر ما يعني التفوق على تطور الانسان في ذلك العصر الى مستقبل ارقى، او ان الابداع هو سابق لعصره! او يكون اعلى درجة في تميزه مقارنة بذلك الزمن وذلك المكان.
لكن الا يعتبر ذلك تناقضا، فاذا كان الماضي في ابداعاته وفي زمنه الجميل افضل من الحاضر، فان الحديث عن التطور يصبح حديثا للبلاهة، اذ ان اي تطور يعني المستقبل الذي يجد في الحاضر قاعدة له.
ان الذي يحصل، هو ان الفنون، الغناء والموسيقى والرقص وحتى الادب العالمي، لم تعد تعبر عن ذائقة الخاصة، اي الطبقات المخملية الغنية او ما اصطلح على تسميته بالطبقات الراقية التي كانت تفرض ذائقتها وتجعل منها اساسا للمدنية والتحضر.
لقد اصبح الفن معبرا عن اخلاق وتقاليد وعلاقات (العامة) في واقعها اليومي، لقد اصبح معبرا عن ميول الطبقات الشعبية وموجها لها.
ان ملاعب كرة القدم والساحات العامة والبلاجات في كبريات الدول تزدحم بالناس لسماع الغناء والموسيقى والتمتع بالرقص، انهم يعطون للحياة جمالا مفعا بالحيوية والسعادة الجسدية، بينما يقبع العجائز بهدوء وكسل في صالات الاوبرا او قاعات المسارح لسماع السمفونيات وتذكر زما مضى وانتهى ولم يبقى من وهجه الا رمادا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النوستالجيا
فؤاد النمري ( 2014 / 5 / 23 - 05:27 )
أن تجيب يا عزيزي على السؤال الكبير بالنوستالجيا فإنك بغير قصد نسخت السؤال
حول هبوط الفنون والإبدان
هل كان الجيل الثلاثيني يحن إلى صالح عبد الحي وعبده الحامولي عندما يستمع إلى عبد الوهاب الذي هو شرعاً ابن ثورة 1919 في مصر
تهبط الفنون ويهبط الإبداع مع هبوط سائر القيم الأخرى نتيجة لهبوط النظام الإجتماعي ووصول الجتمع إلى الأزمة العامة إلى النقطة الحرجة التي تقتضي الثورة
بفعل الثورة الاجتماعية ينطلق الإبداع من جديد وتخلق قوى جديدة قادرة على الإبداع المتعاظم لم تكن موجودة
كل الشكر على هذا السؤال الهام


2 - الزميل فؤاد النمري: لكل جيل قيمه
مالوم ابو رغيف ( 2014 / 5 / 23 - 12:59 )
الاستاذ فؤاد النمري المحترم
تحياتي
احب ان اوضح وجهة نظري مرة اخرى.. انا لا اقول ان الاجيال الحاضرة تحن الى الاجيال السابقة، انما اقصد ان اولئك الذين ادركتهم فترة الشيخوخة في زمن جيل معين، هم الذين يحنون الى اخلاق وفنون واداب الجيل المحسوبين عليه والذي كان فيه قمة عطائهم
محمد عبد الوهاب هو من جيل الثلاثينيات، لذلك لم يكن غريب عن ذلك الجيل كما انه قد طور موسيقاه والحانة لكي تتلائم مع الجيل التالي كان يسمى مطرب الشباب
محمد عبد الوهاب موهوب.ان موهبته لا تمثل قيمة جيل او عصر، انه قيمة فنية خالصة
ومع ذلك لا تجد اقبالا كبيرا على شراء اغانية، ذلك ان الجيل الجديد له ذوقه الخاص، وعندما يشيخ الجيل الحالي قد لا يتذكر محمد عبد الوهاب ولا السيدة ام كلثوم ربما يصف الابداع مرتبطا بنانسي عجرم او تامر حسني.ـ والسبب لانهم يصبحون ذكرى واثر مرتطبا بعصر شباب هذا الجيل.ـ
الابداع يستقي ميزاته من زمنه، لا اقل ولا ااكثر.. انظر كيف تغيرت نظرات المجتمع لقياسات الجمال وكشل وتصميم العمارة.!!ـ
الثورة الاجتماعية عندما تحدث فانها تكون بالضد من العلاقات القديمة، انها تغيرها وفق قيمها الجديدة، الجديد دائما ينتصر


3 - اسرار الفن
ساطع هاشم ( 2014 / 5 / 24 - 04:36 )
نظريات العلم تصبح قديمة بعد فترة من ولادتها ولااحد يستعملها بعدئذ ....والافكار والالات والمكائن وكل وسائل العمل الاخرى يسري عليها الشئ نفسه , اما الفن فهو اقل النشاطات الانسانية تأثرا بهذه الحالة – التقادم - , رغم ذلك فان الفنانين هم اكثر الناس حرصا على تجديد وتغيير مناهجهم واساليب ابداعهم , لذلك فان الاعمال الفنية لا زمان ولا مكان لها , فهي تشيع البهجة والدهشة في النفوس وتلبي الرغبات الجمالية لكل العصور
فمرة سنجد في المقام العراقي ملاذا لنا , وفي تماثيل الاقدمين حافزا لنا ...وقد نجد في سجادة كانت مهملة منذ قرون من الروعة والاتقان ما يجعلنا من اعتبارها منبعا للمسرات...وقد نجد في بعض اعمال الفنانين الاحياء كل هذا مكثفا بعمق وهذا هو السر الدائم في الفن


4 - الجمال والسجادة المهملة
مالوم ابو رغيف ( 2014 / 5 / 24 - 09:14 )
الاخ ساطع هاشم المحترم
تحياتي
كل شيء يدركه التغير والتبدل بنسبة تفرضها شروط قوانين تواجده، النظريات العلمية والآلات والمكائن تحل اخرى محلها افضل صلاحية وانجازا، انه الديالكتيك المترابط الذييفرض هذا التغييرـ
اتفق معك في ان الفن هو الاقل تاثرا بهذا التغيير مع ان في هذه الايام يشهد (الفن) تطورا كبيرا في الاداء وفي التكنيك
لكن السؤال هو لماذا نرى في السجادة القديمة المهملة روعة الصنع ودقة الابداع؟
هل تعني دقة الصنع وروعته عجز الحاضر عن حياكة سجادة توازيها في عوامل الاتقان ان لم تتفوق عليها؟
وسؤال اخر
من الذي يجد نفسه في المقام العراقي ملاذا له، هل هو الجيل الجديد الهائم في الايقاعات السريعة والكلمات المباشرة المعبرة عن اغراضها بشكل صريح، ام هو الجيل القديم؟
جوابا على السؤال الاول اقول ليس الاتقان فقط هو الدافع باعتزازنا بالسجادة القديمة ، ايضا لانها قد تكون جزء من عصر لنا فيه ذكرى، انها قطعة من تاريخ قد نرتبط فيه خيالا وتصورا ان لم يكن فعليا، انه حنين الى ماض ادركه تغيير قد لا ينسجم مع ميولنا.
اما الجواب على السؤال الثاني فانا اعتقد ان الجيل القديم هو من يجد نفسه في المقام العراقي


5 - 1تراث الفن
ساطع هاشم ( 2014 / 5 / 24 - 12:40 )
عزيزي مالوم ابو رغيف
اسئلتك الجديدة بحاجة الى مناقشة الكثير من مواضيع قديمة/متجددة لااعتقد ان بالامكان معالجتها الان , منها علاقة المجتمعات البشرية على مدى التاريخ بتراثها المحلي ومحاولة احيائه في زمن الازمات والنكوص , فمثلا لماذا عاد انسان عصر النهضة الى تاريح اجادده اليونان والرومان واعتبروا مقاييس الجمال التي حددها اولئك الاجداد هي المثل الاعلى الوحيد في الفنون الجميلة عامة البصرية والموسيقية والشعر والمسرح او خذ المثال الاخر : عندما اكتشف الالمان تمثال نفرتيتي في مصر سنة 1925 اصبح على الفور رمزا عالميا للجمال من وجهة نظر الذائقة الاوربية وتأثر به العديد من الفنانين وكتبت عنه القصائد واطنان من المقالات مع انه ينتمي الى زمان وبيئة اخرى ليس لها اية علاقة باوربا في فترة بين الحربين
يتبع


6 - تراث الفن 2
ساطع هاشم ( 2014 / 5 / 24 - 12:42 )
هناك شبه اجماع بين نقاد ومؤرخي الفن بان الفن ليس بالكلية من انتاج الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المحيطة به , بل ان الارادة الفردية للفنان وموهبته وقدرته على مخاطبة النفس البشرية والتعبير عنها تلعب دورا حاسما في ابتكار انماط جديدة من الفن لم تكن مألوفة سابقا وربما استند في ابداعها على تراث قديم او جديد او علم او مبدأ او اي شئ يلهم طاقاتاه الابداعية ويخاطب البشرية من خلالها.
وعلينا ان لانستغرب فقد تظهر مثل هذه الموهبة فجأة في سماء العرب اليوم او بعد حين فتخلق حركة فنية جديدة وذائقة جديدة تربطنا بالماضي البعيد او القريب او المستقبل , فتغير رأيك تماما وتطرح اسئلة جديدة تلائم تلك الحركة الجديدة بالفن , وهذه ايضا من اسرار الفن ومفاجاته.


7 - إنه الفساد
ماجدة منصور ( 2014 / 5 / 24 - 14:34 )
الفساد و الإنحطاط الديني و السياسي..يضرب كل مرافق الحياة
إنه الجفاف العربي يا أستاذي
حيث يقبع الجفاف..فإن الخصوبة تنعدم
وحيث يقبع الدين فإن الشر يتفاقم
طريقنا لإجتثاث هذا العفن طويل و شاق
احترامي


8 - الابداع ، كسر المألوف
مالوم ابو رغيف ( 2014 / 5 / 24 - 14:47 )
الاخ العزيز ساطع هاشم
تحياتي
شكرا للمشاركة الثرية
نحن متفقون بان الابداع الفني والادبي لم ينحسر وانه قد يتخذ له اشكالا اخرى قد لا تكون مألوفة او معروفة اليوم او ربما غير منسجة مع الذوق.ـ
ان الابداع في كسر النمط الرتيب في الفن او الادب والثقافة التي يفرض قوانينها المألوف والمعروف بقوة التعود والذوق العام.،
انا لا انظر الى الابداع على انه التزام بقوانين واطر، او قواعد ونظم وتعليمات، فقد يكون الخروج على المألوف، بتناسق او حتى بفوضى، ابداعا رائعا..ـ اغنية
Happy
لـ
Pharrell Williams
انتشرت بشكل واسع في كل انحاء العالم بفرژن متعدد.. لم تحظ اي اغنية بمثل هذه المحاكات العالمية من قبل.. كلمات الاغنية بسيطة والموسيقى ليس فيها من جديد.. ان الذي جعل هذه الاغنية الرائعة عملا ابداعيا هو ان الناس، بغض النظر عن انتمائاتهم القومية والدينية وجدت فيها تعبيرا عما تبحث عنه، انهم يبحثون عن السعادة
تحياتي


9 - السيدة ماجدة منصور: لقد وضعت الملح على الجرح
مالوم ابو رغيف ( 2014 / 5 / 24 - 15:04 )
السيدة ماجدة منصور المحترمة
تحياتي وتقديري لك
نعم كما تقولين بكلماتك المعبرة التالية
حيث يقبع الجفاف..فإن الخصوبة تنعدم))
وحيث يقبع الدين فإن الشر يتفاقم))ـ
الدين بسماجته ويبوسه ينهي الحب والجمال
فهل يبدع الانسان او حتى يعيش حياة سوية بدون حب
بدون جمال؟
ان العرب ضحية الاسلام
لقد قتل الاسلام كل شيء فيهم واورثهم الخوف والتردد
والمبدع لا يخشى العواقب ولايكترث بالاخطار، كيف بقوم
لا يقومون ولا يقعدون الا بكلمة ان شاء الله وبعون الله؟
كيف لهم الابداع وهم يقراون الشهادة في كل ليلة قبل النوم
خوفا من الموت.!!؟
لقد اصبت ايتها الزميلة ووضعتي الملح على الجروح فاهجتي المواجع والالم بقولك
(طريقنا لإجتثاث هذا العفن طويل و شاق)
اكرر التحية

اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان