الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اخر النذور قصة قصيرة

محمد عبد الله دالي

2014 / 5 / 22
الادب والفن



استفزته ،بكلمات ناعمة جميلة أرادت أن تقوض
فيه روح الشباب ،التي فقدها منذ سنيين، عندما كَبا على وجهه في أول الحروب وخرج منها مكسور الجناح ،وكم كان يمني النفس ، بالرغم عصارة الألم ،من حرقةِ شمس الحياة .. حَملَتها الذكرى ، عندما زفت له بشرى هذا البرعم الجديد .. طارَمن الفرحِ ،تمتم بالدعاء رافعاً يدَه للسماءِ ،قبَلَها على جبينها قائلا الآن أصبحنا عائلة .. شغلهما فترة من الزمن .. وطَوتهم الأيام والسنون ، فأصبحوا ولدين وبنت ، اتفق معها أن يحددوا الإنجاب ،كانا فرحين بهم ،وهم يكملون دراستهم ، دارت الثماني سنوات ،أفجعتهم بابنهم الكبير أحست يومها أن هَزةً أرضية رجَتْ كيانَهما ، نار اشتعلت وأكلت كل بذور الخير التي زرعتها ،طول هذه السنين ، ما إن كاد النسيان يدلي بستاره عليهم ،وأزهرت الدنيا في عينيهما .. وامتلأت وروداً رائحتها تملأ المكان ، وَصَفتْ السماء من الغيوم ،وبدت نجومها تتلألأ.. كان يشم عطرها وهو يضمها إلى صدره في حديقة المنزل المتواضعة ، وآماُل كبار تأخذهما بعيداً ،كالسند باد وهو يجمع الأخبار ،وجني الثمار وينشر الحب والحكايات الجميلة ،يوزعها ، عندما يعودالى بلده ،فرحاً ، وفي ليلةِ مقمرة عصفتْ يهما رياح الخريف ، وطوت السنون الثمان العجاف صفحة ٍ من حياتهما وأخذت حبهما الكبير .. وما إن انسحبت غيوم الخريف حتى نسجَ دخان الخليج غيومه معلناً ظلاماً ،أمطر عليهم غضباً لم تشهده البلاد من قبل ،امتد الظلامُ إلى كيانهما .. فتقطعت أغصانها الجميلة ،فلم يبقى إلا غصن صغير ، فتاة بعمر الزهور تزيل عنهم وحشة الحياة .... !!
كل ما جرى نزوة ُ من نزوات القائد الملهم .. فارقت الابتسامة شفتيهما ، وَ ًلَدّ ذلكَ انكسارا واضحاً في علاقتِهما .. حتى شخصيتَه ، تغيرت انطوى على نفسه ،في العمل ، لم يكلم أحدا ثَبّتَ نظرهُ على الأرضِ عند سيرهِ . فقد القدرة على المجاملة أو النطق أحيانا ، حاول الأصدقاء ،أن يغيروا من حالته فلم يفلحوا .. أما هي .. كانت لها القدرة على التكيّف مع الحياة ، بالرغم من غضبها لأبسط الأسباب ،ويحتضن أحدهما الأخر .. فيجهشا بالبكاء .. كان لوقع الأيام ،أثر في تغيير مجرى حياتهما ، حتى جاء القدر ، وانزاحت الغمة التي تسببت بنكبة ألاف من البشر .. طافت في سماءهما سحب الربيع ،مبشرةً بالخير والعطاء ، تحركت الحياة في خلايا الجسد المُتْعبْ ولأول مرة ارتفعت الأعلام بكل الألوان والأطياف ،في الشوارع والبيوت ، وفي أحد الصباحات نادتهُ .
ــ انهض .. عليً نذرُ أُريِدُ وفاءَه .
ــ ماذا تقولين يا امرأة ؟
ـــ أقولُ نذرتُ نفسي لهذا الطريق الطويل ... عسى السماء أن تمنَ عليً بعطائها .
ــ يا حبيبتي .لقد جَفت فيكِ الحياة .!
ــ تمنطقت بحزامِ أخضر وحملت رايتها .. قائلةً إنٌ السماءَ لا تبخل على الأرض بأمطارها .. ومشتْ لتفِ بآخر النذور ، لعل هناك في آخره نور ..! يغريها بمواصلة العطاء


محمد عبد الله دالي الرفاعي
في /10/ صفر/ 1424








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع