الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد ان اصبح العراق مصدراً للأمراض والأوبئة ، هل سنبقى صامتين ؟

جاسم عبدالله الصالح

2014 / 5 / 23
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


بينما ينشغل السياسيون في العراق بنتائج الانتخابات والتحالفات وكيفية الحصول على قطعة من كعكة السلطة ، يعاني ابناء الشعب من ازمات ومشاكل حقيقية لم تقتصر على الانفجارات المتكررة والاستهداف المنظم بل اتسع ذلك ليشمل الصحة العامة وبما اننا نتحدث عن الصحة العامة فهذا يعنى انا نتطرق لموضوع في غاية الاهمية .

تعددت الوسائل التي تستهدف المواطن وتهدد صحة المجتمع اولها شلل الاطفال الذي لم يظهر في العراق منذ 14 عاما ، حيث كانت السلطات تعزز الدور الرقابي من خلال رصد الحالات وتوفير اللقاحات وتحصين الاطفال بالشكل المطلوب وكان التنسيق بين وزارة الصحة والمنظمات الدولية المختصة ممتاز ما ادى الى انجاح عملية التحصين ضد المرض وعدم اصابة أي طفل رغم وجود حرب مستمرة و يبدو ان الازمة في سوريا لها تأثير كبير على دول المنطقة ذلك ما لمسناه من خلال ظهور حالات شلل اطفال لعدد من الاطفال السوريين بسبب النزاع المسلح في ذلك البلد وانتقاله الى العراق بالسرعة القصوى رغم وجود لجنة صحة في مجلس النواب العراقي ووجود وزير صحة وأكثر من لجنة رقابية اضافة الى ممثلو المنظمات الدولية .

لم يكن لأحد ان يدرك بان العراق من الدول التي تحتوي على مرض شلل الاطفال لولا اعلان منظمة الصحة العالمية عن تلك الدول التي يهدد اطفالها ذلك المرض بما فيها سوريا والكاميرون وباكستان وغينيا وأفغانستان .
ظهرت الاصابة بشلل الاطفال في العاصمة بغداد والمخاوف من انتقال الفيروس لآخرين اربك السلطات ، اصابة احرجت المسؤولين وأظهرت مدى اهمالهم وعجزهم عن حماية اطفال هذا البلد الغني ، لم يعد البلد محاصر اقتصاديا ولا منعزل دوليا كما كان في السابق رغم ذلك اثبتوا فشلهم في حماية المجتمع ، بلد تجاوزت ميزانيته السنوية 145 مليار دولار وتتجاوز صادراته النفطية اكثر من 3 مليون برميل يوميا لكل برميل 100 دولار ورغم كل ذلك ما زال يعاني ابنائه من الاضطهاد والعوز .
دول لا تملك ما يمتلكه العراق تخصص ملايين الدولارات لحماية المجتمع كبارا وأطفال وأثبتت نجاحها في تحمل المسؤولية وأكدت للعالم تقدمها وتطورها واحترامها للانسان و تؤكد ذلك بكل فخر " من حقها ان تفتخر بما تقدم لشعوبها " .
وزارة الصحة اسرعت لمعالجة الموقف وذلك من خلال تخصيصها جولة لقاحات طارئة ضد شلل الاطفال بالتعاون مع منظمة اليونيسيف شملت المدن والقرى العراقية ولم تكن تنجح لولا جهود منتسبي وزارة الصحة الذين يعرضون حياتهم للخطر وخصوصا في المناطق التي تشهد اعمال مسلحة لكن في النهاية هو " واجب انساني ووطني " .
مع انشغال وزارة الصحة بكارثة شلل الاطفال التي فضحت المسؤولين العراقيين وأظهرت اهمالهم ظهرت مشكلة صحية جديدة " الازمة السورية" من جديد ، ومدى تأثيرها على الوضع في العراق والذي لا يختلف عنها من حيث المعاناة ، العراق صاحب اطول حدود مع سوريا تأثر بالأزمة السورية بشكل كبير و استخدام الغازات السامة على الاراضي السورية اثر بشكل اكبر على الشعب السوري وجيرانه ، ما زالت شاحنات البضائع السورية تتدفق للعراق عبر البوابات الحدودية حاملة انواع الفواكه والخضر التي يتناولها المواطن العراقي طرية او جافة ، الاسلحة الكيميائية وسحب الدخان وبارود القنابل تغطي تلك المحاصيل التي يتم تصديرها للعراق دون اكتراث المسؤولين او متابعة احد المختصين بالشأن الصحي ، الطماطم والخيار والبطيخ السوري يغرق الاسواق العراقية واغلبها ملوث ويحتوي موادا كيميائية تهدد صحة المجتمع العراقي يقابلها صمت حكومي مريب ، وزارتي الصحة والتجارة لم تعلنان موقف من البضائع السورية التي يشتبه بسلامتها للاستهلاك ومواطنون لا يدركون حجم الخطر الذي يهدد المجتمع بأكمله وهنا السؤال الذي يطرح نفسه " لماذا يستمر استيراد بضائع مختلفة من دولة تم فيها استخدام اسلحة كيميائية محرمة دوليا " .
وبين ازمة شلل الاطفال واستيراد المواد الملوثة كيميائيا اضيفت معاناة جديدة للمواطن ، اذ ان الفيضانات المفتعلة التي استهدفت مناطق اطراف بغداد وتحديدا ابو غريب اثارت الذعر في نفوس الكثيرين " وانا واحد منهم " .
هناك صور تم التقاطها لأطفال اظهرت امراض جلدية غريبة لم نشاهدها من قبل في حين حذر مختصون في الشأن الصحي من الكوليرا والبلهارزيا وأمراض وأوبئة خطيرة تنتشر عبر المياه الملوثة .

اما في عدد من قرى ونواحي محافظة ديالى شمال بغداد فقد ظهر داء الجدري المائي والحصبة ، حيث تمنع القوات الامنية فرق الرش الجوالة المختصة بمكافحة الافات والحشرات من اداء واجبها في عدد من قرى ناحية السعدية شمال ديالى دون سبب مقنع .
الازمة الصحية في العراق بدأت تتفاقم وصحة المجتمع اصبحت على المحك اذا ما استمرت الازمات الثلاثة دون رادع او خطة تنسيق مشتركة بين جميع الاطراف المختصة ، المبالغ التي تخصص لحملات شلل الاطفال تختلس ويقال انها لا تكفي وأجور الفرق الجوالة لا تتجاوز 3 دولار يوميا ولا يتم تسليمها في الموعد المحدد وهي رمزية لا تساوي شيئا مقارنة مع الجهود والمخاطرة التي يواجهونها في العراق او الوطن العربي المضطرب عموما ، وازمة مياه الفيضانات مستمرة ولم تتخذ الحكومة أي اجراء لتحصين المواطنين او توفير مكان لهم لحمايتهم من الاوبئة الخطيرة ، اما البضائع الملوثة مازالت تتدفق الى العراق دون اجراءات مختبرية او فحوصات اشعاعية ولم تذكر وزارة الصحة أي بيان تحذير او تطمين لأفراد المجتمع و تتعدد وسائل التدهور الصحي .
عدم المسؤولية والإهمال يفاقم تلك المشاكل اذ انها بحاجة الى عمل حقيقي دؤوب يستند على الانسانية والإخلاص والوطنية والتواصل والتنسيق بين المجتمع الدولي اذا اقتضى الامر .
ان العمل الانساني ليس بحاجة الى متابعة ومراقبة وهذا ما دفعني وغيري الى رصد هذه الحالات التي تهدد مجتمعنا وتتوعد الاجيال القادمة وهذا التهديد لا يخص فئة دون غيرها او يستثني شخصا دون اخر بل انه يستهدف المحتمع الدولي برمته ، حماية المجتمع مسؤولية كل مواطن ونحن كبشر تحتم علينا مبادئنا وغريزتنا في الدفاع عن حقوق الاخرين وخصوصا ان مواطنون بسطاء او اطفال ابرياء لا يدركون ما الذي ينفعهم او يضرهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24