الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان بين هيغل و ماركس(1)

شوكت جميل

2014 / 5 / 23
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


لا يمكن التقدم كثيراً في طريق حقوق الإنسان،و محاولة فهمه فهماً أكثر عمقاً،إلا إذا اصطدمنا بمفهوم الدولة في كل ثنيةٍ من ثنياته،فإذا أمعنا النظر،وجدنا أن كليهما قد ارتبط بالآخر ارتباطاً جذرياً و في علاقة جدلية لا فكاكاً منها،و حينها يبات من العسير علينا،الحديث عن أحدهما منفرداً و في معزلٍ عن الآخر.

و حقيقة الأمر،أن الدولة لم تظهر في تاريخنا الإنساني إلا مع شروع الإنسان في استغلال أخيه الإنسان،و نمى و تطور و تعقد مفهوم الدولة،بقدر إيغال الإنسان في سلب الإنسان حقوقه ،و ليس من قبيل الصدفة إذن،أن لا تكون ثمة حاجة للدولة في المجتمع البدائي الأول أو حياة الشركة الأولى،فحينها لم يكن مفهوم الملكية الخاصة قد عرف سبيله إلى الإنسان أو عرف الإنسان سبيله إليه،إنما كانت علاقات الإنتاج قائمة على الملكية المشتركة،و لئن كانت هناك التقاليد و العادات التي تحترم سلطة الرئيس و التي انتقلت من الأم في هذه المجتمعات البدائية إلى الأب فيما بعد،غير أنه لم يوجد قط طائفة من الناس تفرغوا لحكم الآخرين لردهم قسراً إلى الحدود التي يرونها،بالاستعانة بالقوة المسلحة التي نعهدها في الدولة....بيد أنه لمّا بزغت علاقات جديدة للإنتاج قائمة على الملكية الخاصة،و سلب الآخرين حقوقهم،بات لزاماً أن تظهر الدولة إلى الوجود كقوة مسيطرة تخضع إرادة المستغَلين للمستغِلين.

فإذا عدنا للوراء بعض الشيء و إلى دولة الرق مثلاً، يظهر جلياً أن العبيد في مثل هذا المجتمع لم يكن ليرضوا أن يساقوا طوعاً إلى أسواق النخاسة،فلا مفر إذن،من استخدام القوة المسلحة للطبقة الأسياد المسيطرة من ناحية،و حرمان العبيد من حوزة السلاح من ناحية أخرى،فتعدم الطبقات المستغَلة من وسائل النضال، و في هذا يكمن مفهوم الدولة،و لبابه كما هو إلى يومنا هذا،و هو إن بدا بصورة و آلياتٍ أكثر نعومة الآن، فليس بأقل و حشية عمّا كان!.

و إيجازاً نقول،أولاً:الدولة لم توجد دائماً،ثانياً:لا تظهر الدولة سوى في المجتمع الطبقي،من مستغَلين و مستغِلين،فحسب رأي ماركس،لم تكن الدولة _و لن تكون:_(سوى منظمة للسيطرة الطبقية،و لاضطهاد طبقة على يد طبقة أخرى)(*)

و أحسب أنه بات واضحاً الآن، أن مفهوم الدولة على أهميةٍ،هذه قدرها في مقاربتنا و محاولتنا لفهم قضية حقوق الإنسان،لذا وجب علينا إلقاء المزيد من الضوء عليها،كمفهومٍ فلسفي و كنهها من وجهة نظر "الجدل الهيغلي "إزاء وجهة نظر "الجدل الماركسي"،و تجليات مفهوم الدولة في مستقبل حقوق الإنسان _من الحرية و الأمن و المساواة..ألخ_في الناحيتين.

...يتبع
.................
(*)لينين:الدولة و الثورة ص13








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بعض المعارضة
طريف سردست ( 2014 / 5 / 24 - 12:33 )
لايوجد مايدل، تاريحيا، على ان الدولة ظهرت قبل استغلال الانسان لاخيه الانسان، على شكل العبودية او العمل المأجور، في حين ان الدلائل تشير الى ان الدولة، كتنظيم اجتماعي، ظهرت مع ظهور الاستحواذ على الاراض لغرض الزراعة مما تطلب استنباط نظام حماية فعال وتطلب تتدخل الالهة لتشريع اغتصاب الارض من المشاعية الاولى. الدولة الاولى ظهرت لحماية العائلة في جهدها لزراعة الارض بما يعني ذلك من اغتصاب للارض من المشاعية. عندما ننظر الى الصحف السومرية نرى ان السؤال الاول ليس من الذي خلقنا وانما لماذا نحن نختلف عن الانسان البري، ومن علمنا الزراعة ولماذا من حقنا الارض ولماذا علينا ابقاء الانسان البري بعيدا. هذا الامر هو الذي اجابت عليه الديانات الاولى: انها اعطتنا الحق في سرقة الارض وفي قتل الانسان البري، ولهذا كانت هناك ضرورة في نشوء الدولة لتنظم ذلك


2 - سعيد بالمعارضة
شوكت جميل ( 2014 / 5 / 24 - 14:34 )
الإستاذ/طريف سردست
تحية طيبة و بعد
مرحبا بك،و سعدت بتعليقك و معارضتك،و لكن يخيل لي أننا متفقان:
تقول في تعليقك:(لا يوجد ما يدل ،تاريخيا،على ان الدولة ظهرت قبل استغلال الانسان لاخيه الانسان)،و اقول في المقال:( أن الدولة لم تظهر في تاريخنا الإنساني إلا مع شروع الإنسان في استغلال أخيه الإنسان)..
تقول في تعليقك:(ان الدلائل تشير الى ان الدولة كتنظيم اجتماعي،ظهرت مع ظهور الاستحواذ على الارض)،و أقول بالمقال:(لمّا بزغت علاقات جديدة للإنتاج قائمة على الملكية الخاصة،و سلب الآخرين حقوقهم،بات لزاماً أن تظهر الدولة إلى الوجود كقوة مسيطرة تخضع إرادة المستغَلين (للمستغِلين
و لنا أن نفهم الملكية الخاصة(كالارض..أدوات انتاج...الخ).
أما ظهور أبنية فوقية لهذا الوضع الطبقي من (دولة أو أديان أو كهانة ..الخ)للتكريس الإضطهاد فلا يجادل به ماديا.
تحياتي و ممنون لمرورك الكريم

اخر الافلام

.. اعتداء الشرطة الهولندية على متظاهرين متضامنين مع فلسطين


.. الألعاب الأولمبية: تحقيق حول مدى التزام الحكومة الفرنسية بوع




.. شرطة مكافحة الشغب الهولندية تعتدي بالهراوات على متظاهرين مؤي


.. أخذ ورد بين مذيعة CNN وبيرني ساندرز بشأن ما إذا كانت إسرائيل




.. أون سيت - لقاء مع صبري فواز | الجمعة 26 أبريل 2024 | اللقاء