الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاكراد يبدأون بسرقة النفط

حسين القطبي

2014 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


في العام 1991 قرر الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين سحب ادارات الدولة من اقليم كردستان كأقسى عقوبة ممكن ان تفرضها الدولة المركزية على الاقليم، وكان رهانه بالتاكيد هو على اشاعة الفوضى واصابة محافظات "الشمال" بالشلل التام، وعلى تدخل دول الجوار الاقليمي، مما يعيدها الى احضان بغداد صاغرة.

ولكن رهان السيد الرئيس انذاك كان خاطئا، فقد قامت الاحزاب المسلحة في الاقليم بتنظيم الادارة ذاتيا، فنحجت اولا في تأسيس برلمان محلي، واجرت انتخابات كانت على بدائيتها اكثر ديمقراطية من النظام الحاكم في بغداد نفسه، وربما في المنطقة.

وكانت تلك الخطوة من قبل نظام صدام حسين، في وقتها، هي نقطة عبور حاسمة نحو مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة، فقد ساهمت بتحويل المحافظات الكردية من مجرد "المنطقة الكردية"، كمساحة جغرافية وكتلة سكانية لا تمتلك مقومات الكيان الاداري، الى "اقليم كردستان" كتشكيل مؤسسي اداري له حضور سياسي، اي بمعنى اخر، ان قرار الرئيس صدام حسين هو الذي وضع "كردستان" على الخارطة.

وقرار السيد المالكي بقطع رواتب الموظفين في الاقليم، الذي اتخذه قبل اشهر، ومايزال مفعوله ساريا، هو خطوة لا تختلف في جوهرها كثيرا عن قرار صدام حسين السابق، فقد دفع هذا الاجراء، قيادة الاقليم الى التصرف باخر اوراقها، وهي استغلال الثروات الطبيعية لسد النقص الحاصل في الميزانية، اذ بدأت بتصدير النفط الكردستاني الخام عبر ميناء جيهان التركي دون المرور بالدولة العراقية، كرد فعل اضطراري، ولم تجد اذا ذاك اية معارضة، لا من الطرف الامريكي، الذي كان يعلن موقفه بالضد من تصدير نفط كردستان، ولا من تركيا التي كانت قد اعلنت مسبقا عدم موافقتها على مرور النفط الكردستاني عبر اراضيها، في تفهم واضح لعمق الازمة التي خلفها قرار الحكومة المركزية اللامدروس في المنطقة.

اي ان قرارات السيد المالكي، التي كانت تراهن على ضعف القيادات الكردية بتخطي الحواجز الاقليمية، بدت خاطئة، تماما كخطأ رهان سلفه الاسبق صدام حسين في العام 1991م.

وقرار السيد المالكي الاخير، بقطع رواتب الموظفين في الاقليم، الذي جاء في ذروة التصعيد الانتخابي، لم يكن مفاجئا، فقد جاء تتويجا لسلسلة من القرارات الخاطئة وغير المدروسة، بدأها بالضغط من اجل تخفيض حصة الاقليم من الميزانية، ثم بتعطيل اقرار الموازنة العامة، كحصار اقتصادي على الاقليم، بل الاغرب من ذلك انه بعد كل جولة مفاضات مع اربيل لحلحلة الازمة كان يزيد من شروطه التعجيزية، وصولا الى ذلك الشرط الغريب، وهو ان على حكومة الاقليم تصدير ما يقرب من حاجز النصف مليون برميل (400 الف) يوميا لتغطية نفقاته، في الوقت الذي يعرف هو، والسيد حسين الشهرستاني، عرابه للسياسة النفطية، ان الاقليم لا يمتلك مثل هذه الامكانيات حاليا، ولن يستطيع تنفيذ الشرط العقابي هذا، وليس امامه سوى الرفض وتصعيد الازمة.

في 22 من هذا الشهر (مايس) تحركت من ميناء جيهان التركي اول ناقلة محملة بالنفط الكردستاني باتجاه اوربا، وسط ذهول ادارة المالكي-الشهرستاني، واودعت عوائدها في بنك "خلق" التركي باسم حكومة الاقليم. وهذه خطوة وضعت الاقليم على خارطة الاقتصاد العالمي بعد خطوة الرئيس الاسبق صدام التي وضعت "كردستان" مبدئيا على الخارطة.

وكان من الذكاء ان يعترف السيد رئيس الوزراء وطاقمه الذي يقوده السيد حسين الشهرستاني بخطأ سياساتهم تجاه الاقليم، صرف مستحقات الموظفين، والتخفيف من الشروط من اجل استيعاب المستجدات، الا انهم اتبعوا عادة الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين في عدم الاعتراف بالخطا، ايضا، وبدأت مؤسساتهم الاعلامية، ورهط الكتاب والمحللين العامل فيها، تذيع نبأ "الاكراد يبدأون بسرقة النفط"، وهذا ربما هو اقصى ما يستطيعون فعله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - افعلها يا فخامة الرئيس ولن تندم
هوزان خورمالى ( 2014 / 5 / 24 - 11:27 )
سيدي العزيز يبدو ان طغاة بغداد لم يقروا تاريخ الكرد وهذا خطاهم الاكبر .اولئلك ناكري الجميل الكرد سيدي يمارس لعبة سايسية بصورة صحيحة وقد صرح فخامة الرئيس البارزاني بان قرار تصديرالنقط قرار سياسي لاتراجع عن امابصدد حماقة الحكومة العراقية فقد اخطوا خطا فادح عندما قاموا محاربة الشعب بقطع رواتب الموظفين لكن العقلية السياسة الكردية كانت لهم بمرصاد وندم المالكيون يوم لا ينفع الندم ...كردستان هي موطن الكرد منذو ان جاء ادم الى الارض عاريا كردستان وخيراتها تسرق منذو نشوة مايسمى حكومة العراقية وتنهب ثرواتة على يد اهل الجاهلية وسراق الجزيرة هم منذو نشو البشرية قاموا بسرقة والنهب وهي سمتهم منذو عصر الخيمة والخجنر سيدي اليوم قد صدرة الكرد نفطة وبتحدي كل جرذان وقام اليوم بالبقبض على سراق نفط وثروات كردستان مع صبق الاصرار والترصد ..بتصدير النفط الكرد دخل للعبة السياسية في العالم وتخطى الحدودالمفروضة علية منذو عصور وسياسية يارفيق
ي هوة ادارة الصراع بكل ماهوة متاح وممكن اخيرا وليس اخرا لقد خسر العربان للعبة كاعادتهم خاسرون والكرد على الاستعداد لمواجة اى خطر يريد ان يهدد امن كردستان واهلها تحياتي


2 - لماذا هذه العقلية الإزدواجية؟
زاغروس آمدي ( 2014 / 5 / 24 - 16:53 )
معك حق تقول ذلك، لأننا تركناكم تسرقون نفطنا الكردي وتشترون بتمنه سلاحا وقلتمونا به سنوات طويلة.


3 - شكر
حسين القطبي ( 2014 / 5 / 26 - 14:21 )
الاخ هوزان، الاخ زاغروس
لا شك عندي ان بقاء الشعب الكردي بين الشعوب الحية الى اليوم، مديون لحجم النظال والتضحيات التي قدمها طوال القرون المنصرمة، ولقوة التحدي العجيبة التي يمكن للانسان ان يتحلى بها.
اما ثروات هذا الشعب فهي ملكه وهو الاحق بها وليس السياسيين.
اما خطوة التصدير هذه فقد وضعت كردستان على الخارطة الاقتصادية وهي خطوة نحو الاستقلال بالتاكيد لان مراكز الاقتصاد العالمي بحاجة لجسور تفاهم مع مصادر الطاقة والقوى التي تهيمن عليها.
على سبيل المثال فان اوبلك بحاجة الى تفاهم مع الاقليم على كمية النفط المصدر، والاسعار، الخ، كذلك الشركات النفطية، واذا تم ذلك بمعزل عن بغداد فان ذلك يعني ان من مصلحة العالم استقلال كردستان.

شكرا على التعليق وتحياتي


4 - شكرا
زاغروس آمدي ( 2014 / 5 / 27 - 21:22 )
بصراحة استاذ حسين لم اقرأ مقالك هذ في اول مرة،لأن العنوان كان منفرا لي وحينها كتبت تعليقي.لكن قبل يومين قرأت المقال فوجدته صادقا وامينا في تحليل الواقع. وأسفت على تعليقي، لكن كان الأفضل أن تضع عنوان المقال بين مزدوجتين حتى يعلم المطلع او القارئ ان الجملة منقولة.ودهشت في الواقع بين آراءك في كتاباتك السابقةوبين الجملة المنقولة التي وضعتها عنوانا لمقالك، وهذا سبب لاخر احجبني عن القراءة.
وشكرا ايضا على ردك الذي جاء ليتتم الموضوع،فشكرا لك..

اخر الافلام

.. روسيا والناتو.. المواجهة الكبرى اقتربت! | #التاسعة


.. السنوار .. يعود للماطلة في المفاوضات|#غرفة_الأخبار




.. مطار بيروت في عين العاصفة.. حزب الله وإسرائيل نحو التصعيد ال


.. مظاهرة في شوارع مدينة مونتريال الكندية دعما لغزة




.. مظاهرة في فرنسا للمطالبة باستبعاد إسرائيل من أولمبياد باريس