الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات حول: عمل الحزب الشيوعي والجبهة بين الأجيال الشابة

رجا زعاترة

2005 / 7 / 22
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


*لا أحد يطرح بديلا للشبيبة الشيوعية، وليس بالضرورة ان نتفق مسبقا على وجود أو عدم وجود حاجة لإقامة إطار مكمّل ومساند للشبيبة من أجل مواجهة تراجع التأييد للجبهة بين الأجيال الشابة، ولكن من الضروري جدا ألا نحكم مسبقا عدم اقامة إطار كهذا قبل إجراء بحث جدي لأسباب هذا التراجع، وقبل مناقشة المسألة بشكل متعمق وموضوعي، بعيدا عن الإتهامات الديماغوغية حول "التصفية" أو "الإحتكار"*
تشير تحليلات نتائج الانتخابات البرلمانية في العقد الأخير إلى تراجع في تأييد الأجيال الشابة بشكل عام لقائمة الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة. ويضاف إلى ذلك معطى خطير آخر وهو ان نسبة التأييد للجبهة بين الناخبين الجدد (المقترعين للمرة الأولى) تراجعت هي الأخرى. مع العلم ان تيارنا تميز تاريخيا بجذب الأجيال الشابة، تصويتا ونشاطا وعضوية.
لا بد ان تقرع هذه الحقائق ناقوس الخطر لأسباب عدة، أهمها النوعي وهو ان هذه الأجيال هي المحرّك البشري لأي تيار سياسي وغالبا ما تؤشر توجهاتها السياسية على المجتمع ككل، ولا يقل أهمية السبب الكمي الناتج عن ان المجتمع العربي في إسرائيل هو مجتمع شاب نصفه تقريبا دون سن الثامنة عشر وحوالي ثلاثة أرباعه دون الخامسة والثلاثين، وهذا يعني انه إذا ظلت الوجهة على ما هي عليه اليوم فان قوة الجبهة الانتخابية ستأخذ في التقلص مع كل معركة انتخابية. لذا من الضروري ان نجري بحثا جديا وعميقا لأسباب هذا التراجع.

(1)
لا شك ان انهيار الإتحاد السوفياتي والمنظومة الإشتراكية كان ضربة قاسية، فعلى الصعيد السياسي-العقائدي انتشرت بين الجماهير نفسية مخطوءة تزعم ان الشيوعية اندثرت وانه لا مجال لمناهضة الغرب الرأسمالي وما إلى ذلك، ونشأت أجيال شابة كثيرة كانت لقمة سائغة بين انياب الدعاية الرأسمالية المضلـِّلة. كما أدى الانهيار إلى فقدان عامل جذب أساسي بالنسبة للجيل الشاب، وأقصد طبعا المنح الدراسية التي بفضلها حصل الآلاف من أبناء وبنات الجماهير العربية على التعليم العالي وتخرجوا أطباءً ومحامين ومهندسين.
بالمقابل، طرأت تغيّرات على الخارطة السياسية بين الجماهير العربية، ولم تعد معالمها مقتصرة على محور الحزب الشيوعي وحلفائه من جهة ومحور السلطة وأعوانها من جهة أخرى، ونشأت بين هذه الجماهير حركات وأحزاب جديدة تبنت أجزاء واسعة من برنامج الجبهة ولكن بخطاب إسلامي أو قومي، غالبا ما يكون موجها (في سياق الشباب وسواه) إلى المشاعر والعواطف لا العقل والفكر.

(2)
كانت وتبقى الشبيبة الشيوعية القوة الثورية الطلائعية التي لا غنى عنها ولا بديل لها بين الأجيال الشابة. فرغم الظروف الصعبة تمكنت الشبيبة الشيوعية مؤخرا من إعادة إصدار مجلة "الغد" الناطقة باسمها، وما زالت القوة الشبابية الأولى في الشارع العربي وما زالت نشاطاتها المختلفة ومخيماتها الصيفية الانجح والأكثر زخما في مدننا وقرانا، كما نجحت الشبيبة في السنوات الأخيرة في تحقيق تقدّم نوعي في الشارع اليهودي، تجسد في انخراط مجموعات جديدة جدّية في فروع مختلفة. ولا يمكن إغفال الدور المميز الذي لعبته الشبيبة عشية مؤتمر الحزب الأخير (الرابع والعشرين)، حيث ساهمت في التصدّي لمحاولات "تأبين" الحزب الشيوعي وأكدت على حيوية وجود الحزب واستمراريته. ولكن هذا – على أهميته - لا يعني ان كل شيء على ما يرام، ولا يعني ان أداء الشبيبة (المشتق بدرجة كبيرة من أداء الحزب) يرتقي إلى مستوى التحديات الجسام أمامنا.

(3)
ان النقاش حول العمل بين الشباب ذو شقين، الأول يتعلق بالشبيبة الشيوعية، بما تمثله وتمارسه، ولا بد من تدعيم عمل الشبيبة وتكثيف دورها، إذ لا تحظى الشبيبة اليوم بالدعم المالي الكافي من قبل الحزب، وإدراج قضية الشباب في الموقع الذي تستحقه فعلا على سلم أوليات الحزب يتطلب ترجمة التصريحات إلى موارد مادية وبشرية. أما الشق الثاني، الأكثر حساسية ربما، فيتعلق بشرائح لا تقع ضمن جمهور هدف الشبيبة الشيوعية. فمن حيث الفئات العمرية، ينص دستور الشبيبة على ان العضوية هي حتى سن الخامسة والعشرين. وفيما بعد، يرفـّع رفيق الشبيبة إلى الحزب. صحيح انه في الواقع غالبا ما تكون السن المذكورة مجرّد توصية غير ملزمة لكن ليس هذا المكان الملائم لهذه المسألة.
ماذا عن مع الفئة العمرية من 25 إلى 35 أو 40 عاما؟ هذه هي الحلقة الأضعف بالنسبة لنا ميدانيا وانتخابيا، مع ان الجبهة هي القوة الأولى والرائدة في الحركة الطلابية أي في أجيال ما دون الثلاثين، ومع ان الجبهات الطلابية في الجامعات تنجح في استقطاب وتنشيط شباب لم يولدوا في بيوت شيوعية ولم يرثوا الفكر الماركسي أبا عن جد، ككاتب هذه السطور مثلا، الذي ولد في بيت وطني غير شيوعي وانضم للجبهة الطلابية في جامعة حيفا ومن ثم إلى فرع الحزب في مدينة حيفا.

(4)
ولكن الصراحة تستوجب القول ان المسألة ليست عمرية وحسب. فالشبيبة الشيوعية هي إطار يتطلب التزاما فكريا وسياسيا وتنظيميا حازما، قد لا يقدر عليه حتى من هو/ هي دون الخامسة والعشرين. أتذكر الان زملاء لي من فترة الدراسة والنشاط الطلابي، كانوا جبهويين ناشطين جدا، ساهموا في إعادة بناء الحركة الطلابية وفي إحراز الانتصارات والانجازات الجبهوية لكنهم لم يكونوا شيوعيين، وهذا حقهم، ولذا أقام حزبنا الشيوعي الجبهة; كي يستقطب القوى الوطنية التقدمية اليسارية ويتحالف معها على أساس برنامج حد أدنى مشترك. أتذكر أولئك الزملاء وأتساءل: أين هم اليوم؟ الإجابة المشتركة والمؤسفة هي ان الجزء الأكبر منهم انقطع كليا عن النشاط السياسي وقليلون هم الذين واصلوا نشاطهم في فروع الجبهة. غالبيتهم الساحقة ما زالوا أصدقاء للجبهة في مدنهم وقراهم ومخلصين لتيارنا رغم الجفاء التنظيمي، لكن ما الفائدة من الإخلاص إذا لم يترجم إلى عمل ونشاط؟
لقد فشلت غالبية الجبهات المحلية في استيعاب الطلبة الجامعيين الجبهويين، ولم يفلح الحزب في ضمهم إلى صفوفه. هذه حقائق، وهي مرّة حقا.. لكن لا يمكن انكارها، يمكن إما مواجهتها وإما كنسها تحت السجادة ومواصلة التعذّر والتذرّع فيما نرى السجادة تنسحب من تحت أرجلنا شيئا فشيئا.

(5)
من المؤسف، لا بل والمعيب، ان تغيـَّب الموضوعية عن هذا النقاش. يجب ان يكون واضحا للجميع: لا أحد يطرح، ولا نسمح لأحد ان يطرح، بديلا للشبيبة الشيوعية. والإدعاءات من نوع "يريدون تصفية الشبيبة" لا تقل ديماغوغية عن تلك التي مفادها ان "الشبيبة تحتكر العمل الشبابي". ليس بالضرورة ان نتفق مسبقا على ان الآلية الأصح والانجع هي إقامة إطار شبابي جبهوي محلي أو قطري، ولكن من الضروري جدا ألا نحكم رأسا انه لن يقوم إطار كهذا قبل مناقشة المسألة بشكل متعمق وموضوعي. وأعتقد ان صدور حكم كهذا، وان حمل في طياته انحيازا مشروعا للشبيبة الشيوعية، هو ضار للحزب الشيوعي وللشبيبة الشيوعية وللجبهة الدمقراطية. لا أقول هذا فقط لانني أعتقد انه ثمة فعلا حاجة موضوعية لاجتراح آليات جديدة مكمّلة ومساندة لنشاط الشبيبة، بل أقولها أولا وأخيرا كشيوعي ربما لم يكن ليحظى بطرق باب الحزب لو لم يجتز بوابة الجبهة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب