الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتابات مبعثرة من مفكرة احزاني

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2014 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


كتابات مبعثرة من مفكرة احزاني
جاسم الصفار
بغداد 24/05/2014
في ثمانينات القرن الماضي كنت مهتما بدراسة الوثائق التاريخية الدينية، وخاصة تلك التي لها علاقة بالديانات الابراهيمية. فقرأت القران والاحاديث بالعربية، اما الانجيل (انجيل لوقا) والتوراة فقرأتهما بالروسية. ولم اعثر وقتها في المكتبة الروسية ولا في ليبيا، فترة اقامتي فيها، على نص موثوق للتلمود. ولم اوفق في العثور عليه الا في بداية التسعينات في مكتبة خاصة بالدراسات الدينية في دمشق.
وبينما انا منهمك في قراءة التلمود في قاعة المكتبة الدمشقية، ووضع ملاحظاتي على بعض نصوصه في كراستي الخاصة، اقترب مني رجل في العقد الخامس من العمر واستأذن بالجلوس الى جانبي. وبعد ان اذنت له بادرني بالسؤال عن سبب اهتمامي بالتلمود. وبما اني لا احب تدخل الغرباء في شأن يخص مصادر معرفتي، اجبته باقتضاب اني لا اجد في ذلك ما يخالف المعتاد في هذه المكتبة المتخصصة بكتب الديانات.
وبعد مرور ثوان طوال بادرني جليسي الثقيل الظل بعرض مساعدته علي في مواصلة "الدراسة" في هذا الاتجاه، ودس بين صفحات كراستي قصاصة ورق، قال انها عنوان لشخص في بيروت سيستقبلني ان رغبت الذهاب الى هناك ليعرفني "بأصدقاء" يهمهم مساعدتي. وودعني على عجل، مغادرا المكان بسرعة دون ان ينتظر ردا مني.
اسفت وعجبت وقتها لدول تحصي انفاس مواطنيها وتغض النظر عن نشاط شبكات مشبوهة على اراضيها. وتحسبا من تبعات هذا العرض الغريب، تخلصت من القصاصة في سلة مهملات المكتبة بعد تمزيقها. وغادرت المكتبة حانقا على ما فقدته من الوقت هنا وعلى فرصة جميلة للقراءة اضعتها بسبب هذا الغريب الثقيل. ولم اعد بعدها الى المكتبة لإكمال قراءتي خوفا من مصادفات اخرى غير سعيدة.
بعد بضع سنوات غادرت المنطقة العربية كلها وعدت الى موسكو لألقي فيها رحالي حتى عودتي الى العراق عام 2012. وصادف ان التقيت في موسكو بمحلل سياسي روسي مهتم بالوضع في الشرق الاوسط في الفترة بعد الاتفاق مع الحكومة العراقية على الانسحاب الكامل للقوات الامريكية من الاراضي العراقية. وبادرني المحلل السياسي بسؤال فيه الكثير من الاستغراب من التصرف الامريكي. فعدا فيتنام، امريكا لم تغادر اي منطقة قد احتلتها دون ان تترك فيها قواعد عسكرية، بهذه الصورة او تلك، فكيف ستغادر العراق ذا الاهمية الاستراتيجية الجيوسياسية بصورة كاملة دون ان تترك قواعد لها.
اجبت محدثي وقتها، ان لا جديد في تصرفات امريكا. انها تغادر العراق لتترك فيه نقاط ارتكاز اكثر اهمية من القواعد العسكرية. امريكا وبالتعاضد مع حليفتها اسرائيل، تركت في بلادنا شبكات ورموز سياسية مؤثرة وقادرة لسنوات طوال على ضبط والتحكم في وضع العراق السياسي والاقتصادي والعسكري.
وليس غريبا بالتالي ما نشرته بالأمس بعض وكالات الانباء عن مسؤولين امريكيين يرفضون فيه مبدأ تشكيل الحكومة العراقية على اساس الاغلبية السياسية ويطالبون السياسيين العراقيين(المقصودين هنا- القواعد السياسية الامريكية الاسرائيلية في العراق) بان يشكلوا حكومتهم وفق مبدأ الشراكة الوطنية، وهي الترجمة المرائية لمبدأ حكومة المحاصصة الاثنية والطائفية.
واخيرا، فماذا تبقى لنا نحن اليساريين الوطنيين العراقيين ما نفعله غير ان نتطلع في النجوم حتى وان غرست اجسادنا (بتعبير اوسكار ويلد) بوحل المستنقع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ