الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم مع الدفءِ

أسماء الرومي

2014 / 5 / 24
الادب والفن


ــ يوم مع الدفءِ ــ
وهو الصيف بكل شعاعاتهِ ، بكل الوجوه ِ الضاحكةِ الراكضةِ قربي ،بالصيحاتِ تنطلقُ فرحاً
مع الأراجيح التي كأنها تمسكُ بخيوطِ الشمسِ المتلاعبةِ وأيادي الأطفالِ والأغصانِ .
هذا اليوم الذي جاء بالشمسِ ليُلبِسَ بدفئهِ كل ما حوله من أشجارٍ وأزهار ووجوه ألبسَ حتى الريحَ
دفئاً فصارتْ بسخونةِ الشمسِ ،بألوانِها الطربةِ وصارت تدور تغني ويغني الصيفُ فرِحاً ، تغني
الزقزقاتُ المتراقصةِ للعشبِ .
قبل أيامٍ قلائلٍ وفي يومٍ بدتْ فيه نسائمُ دفءٍ والذي جاء بعد أيامٍ متتاليةٍ من المطر ، كنتُ أسيرُ
مع الدفءِ وأنظرُ للسائرين إذ تجذبني بعض الأكتافِ التي خلعتْ ما عليها لتتعرض لبعضِ الشمسِ
كنتُ أبتسم ,إنهن الجميلات يلبسنَ الصيفَ على أكتافِهن ، وكنتُ أنظرُ لأكتافي المتشبثةِ بالجاكيتة
وأضحك ، هي ضريبةُ السنين التي تُحَمل أكتافنا بكل أنواعِ الحملِ . لكني اليوم أنظرُ لأكتافي
صرتُ أكثرُ جرأةً فقد تحديتُ السنينَ ، ولولاكِ يا شمس الصيفِ الحنون ، هل كنتُ أجرؤ ؟ حتى
على خلعِ جواربي التي صارت جزءً من قدمي .
ما اجملها هذه الريح التي بدأت تخفف من سرعتها لتتأرجح وأوراقِ الزيزفونِ،تزيحَ بعض ما تحمّلَتْ
وما تحملتُ من سخونة الجو وكم زادتها عذوبةً هذه الظلال الحريرية ،حتى خِلتُها وكأنها تدور بأنغامِ
الأغنياتِ السويدية التي تتغنى للصيفِ . والسويديون حين يشمّونَ خبرَ نسمةِ دفءٍ واحدة يبدأونَ
بالبشائرِ في جرائدهم وفي أخبارهم ، تبدأ أغانيهم التي تدور عشقاً للصيفِ ولدفءِ الصيف .
كل الأغاني هنا للصيف أثناء التجمعات والحفلات العامة التي تقام في هذا الموسم في المناطق
المكشوفة والمناطق السياحية والباركات .. هذا الصيف الذي يحرك القلوبَ هنا
لتصير أغنياتِ حبٍّ عذبةٍ .

تذكرتُ أغنية فؤاد سالم والتي منها ..أتنيسن وياج إخذيني ، هذه الأغنية التي كنتُ أتذكرها وأنا أسير
في الشارع الطويل من بيتنا لأصل إلى الشارع العام لآخذ سيارة إلى مدرستي ، وكان ذلك في شهر
نيسان .كان الحَرُّ يأخذني والعرق يتصببُ من جبيني ، كنتُ أبتسم وأنا أتذكر الأغنية أتنيسن وياج
إخذيني وكنتُ أقول أين أنتَ يا فؤاد سالم . وطبعاً نيسان في بلدنا يعني الربيع ، ولكنه وفي أحيانٍ
كثيرة لم يكن يرحم .
لا أدري لِمَ ؟ يخيل إليّ إني لم أسمع صوتكِ يمامتي ،
فوا الله لم يجرّ خطاي إلى هذا المكان إلاّ صوتكِ الحنون
والذي كان قبل قليل يدور في كل ما حولي
أهو الزعل الذي أبعدكِ يمامتي
أم إن الشمسَ التي أخذت تحتد لم يحتملها قلبكِ الرقيق
أم أين أنتِ ؟
لكن العصافيرَ عادتْ لزقزقاتِها الجميلة التي هي دوماً تُسعدني وها هي تقترب
ولكن يا إلهي نسيتُ أن أضع أي شئٍ حلوٍ في حقيبتي فسامحيني يا صديقةَ دروبي
أعتقد إن الشمسَ بدت أكثر حدةً فحتى إبنةُ الشمسِ لم تعد تحتمل ، وقد يكون مزاج الكبارِ الذي
يتغير أوَ ليس كذلك يا شمس الصيفِ العذبةِ أم إنكِ لا توافقيني فأنتِ الصبيةُ والفتيةُ دوماً
لكني أرى السويديون مثلكِ بوجوههم الباسمةِ رغم حدّةِ وسخونةِ الهواء .أقوياء هم وثابتون وفيهم
الكثير من إصراركِ ، ومهما كان فأنتِ الأبدية ورغم كل ما فيهم وفينا
يا شمس الصيفِ العاشقةِ الصبية .
جميلةٌ أنتِ يا شمسَ الحياة نزعتِ عن قلبي كل حيرةٍ ، كل دقّةِ ألمٍ كانت قد أتعبتني تسببَ فيها من
حقد على الحياةِ ،حقد حتى على شمسها الحنون ،على السائرينَ حباً لدربِ الشمسِ
سامحهم الله وسامحَ دروبَنا التي أرَتنا الكثير
يا شمسَ الحب
كُتبت 23 ـ 5ـ 2014
في ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي