الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 5 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


هذه الكلمات جاءتنى فى قصيدة لشاعر المغرب «ناس حدهوم أحمد» تبعث على تحدى الأقدار فى مختلف الأقطار، والطيران كما فى الأحلام فوق الجبال والبحار.

أحيانا، دون سبب، أجد نفسى عاجزة عن الطيران، أخطر الأشياء تصيبنا دون سبب، منها الحزن والفرح أو اليأس والتحدى أو الاستسلام والمقاومة، بعد أن تقع الإصابة، نفكر فى المرض، ونبحث عن طبيب ليكتب الدواء ويقبض الثمن، هذا منطق الطب فى السوق الحرة، لم أؤمن بالمهنة منذ تعلمتها، لا نكتشف الخداع إلا بعد أن نعرفه، لم أذهب لطبيب إلا وأعطانى الدواء الخطأ، وتزول أمراضى جميعا حين أعود لطبيعتى الأولى قبل النظام التعليمى.


لا يقضى على عقولنا (منذ طفولتنا) إلا المدرسة، والنشيد فى الطابور: «الله.. الملك.. الوطن».



هذا الثلاثى المقدس المترابط منذ نشوء العبودية: طبقة الأسياد فى الدولة، والجنس الآخر الأدنى فى العائلة.



قضيت الأمس بقلب ثقيل يحمل أحزانى الطفولية، لا يوجع القلب مثل أحزان الطفولة، فهى الأحزان الحقيقية، الكاشفة لخداع المدرسين والأساتذة والأطباء والأدباء والفلاسفة ورجال الدين وغيرهم من الأسياد، لا يصعد إلى طبقة الأسياد إلا من يدوس الأجساد ويمص دم العبيد والنساء والأطفال.



أطرد الكون خارج بيتى حين أدخل، لا أرد على جرس الباب أو التليفون، اكتسبت مناعة ضد الأجهزة المتكلمة، منها التليفون «المحمول» فوق أجساد البشر لا يفارقهم فى الفراش أو المرحاض، وأجهزة الإرسال والاتصال والبث والدش، ينتصبون فوق الأسطح كرؤوس نووية للتجسس، وجهاز التليفزيون العتيق منذ ١٩٦٠، أصبح يرقد فوق رف بالمطبخ، مغطى بحجاب كامرأة حزينة، والتليفون «الأرضى» يشاركه المصير الأليم، لكنه سافر الوجه، تتهلل أساريره حين أرفع سماعته، لأطلب الفول السودانى من المقلة بمصر القديمة، أقزقز الحبات اللذيذة المحمصة بنار الفرن، مع الرشفات المعتقة الرقيقة كقلب الأم، والموسيقى تأتينى من بعيد قبل نشوء الكون، يسرى اللحن صافيا حنونا كالدم فى العروق، تفهمه الطيور والأفيال والخيول، دون حاجة إلى لغة أو دين أو هوية.



التعليقات تأتينى (على مقالاتى) نبعا متواصلا من الإلهام: «فؤادة العراقية» قلمها كالسيف يواصل التحدى للمؤامرات فى العراق، وشاعر المغرب «ناس حدهوم أحمد» يواصل الطيران ويقول:



لازلنا أحياء ولكن بشكل آخر



لا زلنا شبابا ونحن شيوخ



لا زلنا نعبئ الريح لصالحنا



قصت أجنحتنا لكننا لا زلنا نطير



ونبكى من شدة الفرح الحزين



ولا زالت مصر حاضرة من خلال طه حسين،



ولا زلنا نحب خليل جبران



.....



ولازالت (الكاتبة...) تحرك أحلامنا وخيالنا



فنبدع بكل عفوية وتلقائية



ونمرح فى سماء الحلم والثورة



........



لم أنشر القصيدة كاملة بطبيعة الحال، وأشكر الشاعر لأنه تذكر اسمى مع طه حسين وخليل جبران، فى زمن تختفى فيه أسماء الكاتبات تحت طبقات القشرة الأبوية، وأتفق معه فى أن أقلامنا كسروها لكننا نواصل الكتابة بلا أقلام، وأنهم صادروا الورق وقطعوا الكهرباء فأصبحنا نكتب بلا ورق ولا ضوء، وبتروا أصابعنا فأصبحنا نكتب بأصابع تنمو بعد البتر، ونحلق فى الكون بأجنحة تولد من الأذرع المقطوعة.

لم أقابل الشاعر إلا عبر كلماته، وهو بالمغرب بعيدا، لكنه يبدو أقرب من كثيرين قريبين، تؤكد قصيدته أن للتحدى قوة خارقة للطبيعة، تهزم الحكومات من كل الأقطار، فى حربهم ضد العقول المبدعة، وقصقصة الأجنحة، والخنق والشنق، والسجن والنفى وتشويه السمعة وقضايا الحسبة.

انهزمت أجهزة القمع القديمة والحديثة، فى الماضى البعيد والقريب، وسوف تنهزم فى الحاضر والمستقبل، ولن تنجح فى مطاردة الطيور المغردة فوق البحار، أو القبض على الأفكار المحلقة فوق الجبال والأفلاك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مأأكثر الشعراء ولاشعر
عبد الله اغونان ( 2014 / 5 / 26 - 01:09 )

أعجبك الشاعر لأته مدحك

لكن ما ليس شعرا بل كلام مياشر نثري كالمعتاد ليس فيه فرادة أسلوب ولاجديد معنى

لازالت مصر حاضرة من خلال طه حسين

طبعا يقصد مازالت

هل مصر حاضرة أم وقعت في حيص بيص؟ وتوقف الابداع عند طه حسين كتب سيرة

الأيام أعمى يقود المبصرين وعلمنا أن كل الشعر الجاهلي منحول موضوع وكأننا لم نقرأ

اعترافات حماد الراوية ولا نقد ابن سلام الجمحي ولاأستاذ طه حسين مرجليوت؟؟

من يقرأ كتاب طه حسين/ مستقبل الثقافة في مصر. ويعاين الواقع الثقافي المصري الراهن

وتكالب مثقفين على الوقوف في ظل الدبابات العسكرية وأرائك قنوات الفلول يعذر طه

حسين لأنه لايرى ... أقصد بالبصيرة والحدس ونور القلب





2 - قصت أجنحتنا
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 6 / 2 - 01:01 )
أقف إجلالا للأديبة والمفكرة نوال السعداوي
المرأة المناضلة من أجل حريتها وحرية المرأة في كل مكان
لأنها ضد الطغيان ضد الإستبداد ضد أفكار الظلام وأعداء الإنسانية
أقف إجلالا لطفولتها اللامعة البريئة
أقف إجلالا لكفاحها وعذابها وصمودها ولصبرها ومثابرتها على
الإستمرار في تنوير الناس غير مبالية بما أصابها من أعداء الحرية
ذاقت السجن دفاعا عن المرأة في كل مكان وذاقت الإهانة من أهل
الحقد والكراهية
حاضرت واستمع إليها الناس الأحرار مثلها في بلاد الحرية وكتبت
بقلمها الذهبي تتحدى به خفافيش الكهوف ونالت محبة الناس وتعلمت
على يدها أجيال مصرية وعربية واستلمت منها مشعل الحرية
نوال بنت مصر العظيمة لم تفكر إلا في تحرير شعبها ووطنها العربي
نوال الطبيبة عالجت الأجساد والأرواح
تجولت بكتبها ومؤلفاتها في كل الوطن العربي واستحقت وسام الحب
والمجد والتقدير
أما أنت يا أغونان مجرد خفاش لا يستحق إلتفاتة العظماء


3 - قصت
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 6 / 2 - 01:21 )
تعقيبا على تعليق أغونان على مقال الأديبة والمفكرة السيدة نوال السعداوي
أقول بأن تعليقك لم يكن يملك ذرة واحدة من الصواب لأنه يحمل خلفيات ناتجة عن حقد وكراهية للفكر الحر وكان أولى بك أن تنتقل إلى منابر أخرى ظلامية تستجيب لمرضك وعلتك شافاك الله
وهي أي تلك المنابر ستستجيب لما يناسبك من أفكار منسجمة مع
ضالتك
أما مصر والدبابات وإلى غير ذلك من تفاهات الكلم فهذا لا علاقة له بالموضوع لأن السيدة نوال ليست لا من طينة الدبابات ولا من فلول الإستبداد بل بالعكس فإن السيدة الفاضلة نوال كرست نفسها للنضال
في سبيل بناء وطن حر بكرامة الحرية
أما عن كوني لست شاعرا فأنت غير مخول لكي تكون وصيا على الشعر وأهل الشعر فأنت بعيد كل البعد عن هذا الفن
وما رأته السيدة شعرا حتى ولو كان مجرد رد فإنها بالفعل رصدت فيه شاعرية
وهل أنت من سيعلم الأديبة نوال كيف يكون الشعر ؟
فليكن لك ولو القليل من الخجل


4 - قصت
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 6 / 2 - 13:24 )
درس للخفاش
.................
من طبيعة الخفافيش
أن يؤذيهم النور
فلا حياة لهم إلا داخل ظلمة الكهوف
يرفرفون فقط في الحلكة ورطوبة البرد
لا يقوون على العيش في ضوء الشمس

أما الطيور المغردة
كائنات تشقشق للصباحات ترقص للأشجار
تعشق الغدران
وترى الأفق بعين القلب
فتطير نحو السماء مبتهلة
تصلي لولادة الكون
ولسلام الطبيعة الخضراء

هكذا طبيعة الإنسان
فيه من هو هزار
وفيه من هو خفاش

اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن