الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تناقضات البناء

عبدالله خليفة

2014 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية



أي دولة عربية خليجية تشكو من خلل التركيبة الاقتصادية– السكانية، فقد كان ثمة أعدادٌ معينةٌ من السكان، ذاتَ أشكالٍ من العمل والحِرف والإنتاج، وجاءتْ فوائضٌ ماليةٌ كبيرة غيّرتْ الأبنيةَ الاقتصادية بأشكالٍ غير مدروسة، وتشكلت أسواقٌ كبيرةٌ فهائلة أكبر من مستويات العمالة كمًّا وكيفاً.
القطاعاتُ العامةُ لجأتْ إلى جلبِ العمالة الأجنبية بمستوى معين، والقطاعات الخاصة لجأت إلى ذلك بمستويات أكبر.
السكان العرب الخليجيون استفادوا من الفوائض المالية بطرق وكميات مختلفة، الذين في القمم استفادوا كثيراً وحصلوا على مليارات ووجهوها إلى الغرب والشرق، حيث المحافظ النقدية والأسهم والشركات، باحثين عن الأمان النقدي والدفء السياسي.
الذين في الوسط حصلوا على مئات الملايين ووظفوها في الداخل والخارج، وحيث يكون الربح هم معه، فإذا كان الربح لا يتناقض مع عروبية وخليجية العمالة فلا بأس وإذا كان يتناقض معها فالأمر غير ذلك.
العاملون والحِرفيون والفئات الوسطى الصغيرة حصلوا على ما يسد رمقهم ويشكل بيوتهم ويواصل نمو نسلهم ويمتعهم قليلاً.
جرت الأمور بعفوية واسعة، وكانت وفرة النقد تُصلحُ بعضَ الأخطاء، وتسدُ بعضَ الأفواه، وتخفي بعض السلبيات، وظهرت دولٌ مهمة، وصعدتْ اقتصادياتٌ بصور لم يسبق لها مثيل.
لكن الوفرة لم تبق، أُفتعلتْ حروبٌ، واتسعتْ النفقات العسكرية وتضخمت الأجهزة، وبدأتْ تلوحُ الأزماتُ الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وكانت الدول الصغيرة ذات الميزانيات الأقل، هي الأكثر احتداماً بالصراعات.
الدول الخليجية الكبيرة بميزانياتها أو بجغرافيتها، تأتي مشاكلها من الغزو الخارجي غالباً، فليس الغزو العراقي أو هجوم القاعدة سوى أعمال حربية من الخارج. فهي ليست من نسيج البلد ولا من تطور أو تراجع في نموه الاجتماعي السياسي، بل هي أعمالٌ مغامرة لشخصيات مصابة بجنون العظمة وبغياب العقل، لكنها قد تتوالى مع عدم فهم البُنى الاقتصادية الاجتماعية ومعرفة الاختلالات فيها وتغييرها.
وكانت الحروب هي الأكثر استنزافاً للميزانيات الخليجية وما يترتب عليها من عسكرة ومن توجه رساميل كبيرة إلى غير ما يصبُّ في نمو الاقتصاديات التي تضمرُ شيئاً فشيئاً.
ويغدو(التحدي) الإيراني هو حلقة أخرى من جنون العظمة السياسي، مترافقاً مع طائفية شعبية مُستغلَّة من قبل دكتاتوريات وقوى غربية، تتوحد في الرغبة بالتهام النفط العربي الخليجي. هي هنا مُبرَّرة أكثر من الغزو الإرهابي، ومستندة على ادعاءات حقوق، دون أن تهتم بحلول عقلانية لأن غرضها هو الاستنزاف المالي.
لكن الاستنزاف الأعمق يأتي من داخل البُنى الاقتصادية– الاجتماعية: هياكل إدارية متضخمة، تعكس خللاً في قوى العمل العربية الخليجية، عبر نشوء عمالتين مختلفتين: عمالة عربية خليجية ذات قيمة أكبر، فتصطدم بأجور أقل، العمال الخليجيون يجعلهم مستوى المعيشة والتربية وطبيعة الحياة أن يرفضوا أجوراً تتناقض مع هذا المستوى، مع سوقهم الخاصة. وهذه العمالة تستوعبها أكثر أجهزةُ الدول توظيفاً فتتضخم وتؤزم، وتتوجه إلى العمل الصناعي الحرفي اليدوي بشكل قليل.
في حين تغدو العمالة الأجنبية ذات القيمة الأقل قابلة بأجور أقل، وتغدو مُستنزِفة للاقتصاد والجهود لتطوير الحياة الاقتصادية والعلمية والمهنية والوحدات الوطنية ووضع البيئة وسلامة اللغة العربية وتعاضد الأمة العربية.
سوقان متضادتان، سوقٌ عربية خليجية هادرة للمال، سوق أجنبية دقيقة مُستنزفة للمال.
تغدو هذه الاختلالات في الأبنية الاقتصادية اختلالات في السياسة حين تتداخل عمليات استنزاف الاقتصاديات الخليجية مع الطائفية السياسية، والعسكرة، ومطامح الدول المصدِّرة للعمالة، والسلع. وقوى الاستنزاف والاستغلال حراكها سريع في حين جهود الإصلاحات والتغييرات لمصلحة الناس والتطور غير متسارعة كتلك.
هي مشكلاتٌ مركبةٌ محتاجة إلى عقلياتٍ جدلية استيعابية إصلاحية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟